في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم نشرت مجموعة "ديسكلوز" الفرنسية المختصة في الصحافة الاستقصائية، تحقيقاً كشفت فيه تورط الجيش الفرنسي في ارتكاب جرائم في مصر، حيث كان يقود عملية سيرلي لتمشيط وكشف الجماعات الجهادية شرق البلاد. انتهى الأمر بهذه العمليات إلى استعمالها من طرف النظام المصري في تصفية مدنيين.

عقب ذاك أعلنت وزيرة الجيوش الفرنسية، فلورانس بارلي، أنها ستقود بحثاً في ملاباسات ما أورده تحقيق "ديسكلوز"، للوقوف على انزياحات محتملة حاذت بالمهمة سيرلي عن هدفها. بحث انتهى بتقرير ينكر وجود أي من تلك المخالفات، ما أدانه الصحفيون متهمين الحكومة بالكذب والتستر على الجريمة.

"سيرلي" بين الإنكار والإدانة!

أيام قليلة بعد نشر "ديسكلوز" تحقيقها عن العملية سيرلي، استدعى نائب حركة "فرنسا الأبية" باستيان لاشو رئيس الوزراء جان كاستيكس للاستجواب تحت قبة الجمعية الوطنية الفرنسية، مخاطباً إياه: "فرنسا مكنت النظام المصري من تسجيلات استعملها في قصف المدنيين (...) سيدي رئيس الوزراء اشرح لنا ذلك!".

غير أن الجواب لم يأت من بين شفاه كاستيكس، بل من فلورانس بارلي وزيرة الجيوش التي أجابت بالقول: "بحثاً داخلياً جرى فتحه، من أجل الوقوف على مدى التزام القائمين على تلك العملية بقواعد إجرائها على طول فترة سريان العملية".

ثلاث أشهر بعدها، فلورونس بارلي ترد على مراسلة من "ديسكلوز" حول نتائج التحقيق، بأنه لم يأت بمفاجآت جديدة وأن البحث الداخلي خلص إلى أن "العملية جرت في إطار واضح وباحترام لكل الضوابط التي تحكمها". وبعدها صنف التقرير النهائي للبحث تحت بند "السر الوطني".

رد أدانته مجموعة "ديسكلوز" الصحفية، واصفة التقرير النهائي بـ"المهزلة". وقالت في بيانها يوم الثلاثاء: "منذ نشر تحقيقنا حول عملية سيرلي والحكومة ترفض محاسبة المسؤولين عما حدث خلالها، بالمقابل تعمل على شل النقاش العام بذريعة السر الوطني".

تسجيلات الرعب

وتعود أطوار القصة إلى شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حينما نشرت "ديسكلوز" تحقيق "تسجيلات الرعب"، الذي بحث في وجود انتهاكات لحقوق الإنسان تورط فيها الجيش الفرنسي خلال عملية سيرلي التي نفّذها في مصر بشراكة مع جيشها.

وكان هدف هذه العمليَّة السريَّة تأمين 1200 كيلومتر من الشريط الحدودي الليبي-المصري من اختراقات "الإرهابيين"، وتغطية نحو 700 ألف كيلومتر مربَّع من الصحراء بطلعات جوية استطلاعية لرصد تحركات "الجماعات الإرهابية" المحتمَلة.

غير أن المعلومات التي كانت تخلص إليها عملية التمشيط الجوي تلك، كانت تنقل من الجانب الفرنسي إلى نظيره المصري، الذي كان يستعملها في قصف مدنيين يعملون في تهريب البضائع إلى ليبيا. بالمقابل لم تكشف العملية عن وجود مخاطر "جماعات رهابية" بمنطقة الصحراء الشرقية المصرية.

TRT عربي