الهيدروجين الأخضر: محرّك جديد لإنقاذ الاقتصاد التونسي


من جهة أولى ولفضائله التي ستحدد ملامح الاقتصاد الأخضر والمستدام القادر على إنقاذ الكوكب.
وبالتالي، لبدء عملية «إزالة الكربون» وتقليل انبعاث ثاني أكسيد الكربون CO2، الملوث للغاية والمسبب الرئيسي للاحتباس الحراري، أوصت جميع قرارات مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2021) 26(COP ومؤتمر مؤتمر باريس لتغير المناخ 2015 (COP21) سابقًا بالهيدروجين، باعتباره المصدر الأخضر للطاقة القادر على استبدال الطاقات الملوثة مثل الغاز أو الديزل أو الفحم وخفض درجة الحرارة في غضون 20 عامًا بمستوى بين 1 إلى 1.5 درجة.
قرارات ثابتة مصحوبة بمجموعة من التدابير التي اتخذتها السلطات الأوروبية من خلال آلية تعديل حدود الكربون (CBAM) التي تنص على إنشاء البصمة الكربونية (Carbon Foot Print) علامة تجارية نظيف لجميع المصدرين إلى أوروبا والولايات المتحدة. علامة يمكن أن تعاقب بعض البلدان المصدرة ولكنها في المقابل تمثل فرصة كبيرة لتونس.

بعد مشاركتي في قمة الهيدروجين الأخضر (Green Hydrogen Summit) التي عقدت في هيوستن في الفترة من 15 إلى 16 فبراير 2022، كان لديّ 32 عامًا من الخبرة في الصناعات البترولية والبتروكيماوية الدولية، ما مكنني أن أشهد على إمكانات الهيدروجين كشكل جديد من أشكال الطاقة القادرة على تحويل تونس إلى «إلدورادو « للطاقة ولتكون بمثابة علامة خضراء لجميع المصدرين التونسيين.

ففي الواقع، يستخدم الهيدروجين حاليًا كمكون كيميائي في صناعات التكرير والبتروكيماويات والصناعات الثقيلة، وهو مليء بخصائص الطاقة حيث أن 1 كجم تعادل 2 إلى 3 أضعاف الطاقة المستخرجة من الغاز الطبيعي أو البنزين أو البترول. على هذا النحو، يمكن تحويل الهيدروجين إلى طاقة نظيفة تحترم البيئة وتنطبق على جميع الممارسات، وقبل كل شيء بديل للطاقات الملوثة مثل النفط أو الكيروسين أو الغاز أو البنزين.

يعتبر الهيدروجين، الناتج من عدة عمليات كيمائية، في رأي جميع الخبراء، مصدر الطاقة المستقبلي، وإذا كان إنتاجه من فصل الوقود الأحفوري ملوثًا مثل الطاقات الأخرى، فإن إنتاجه من الماء والكهرباء يعتبر أنظف أشكال إنتاج. إذْ يمكن إنتاج الهيدروجين الأخضر بالاعتماد على تقنية التحليل الكهربائي للماء. فيفصل المحلل الكهربائي جزيء الماء (H2O) إلى ثنائي الهيدروجين (H2) والأكسجين (O) دون أي تأثير على البيئة حيث لن يكون هناك انبعاث لغاز ثاني أكسيد الكربون أو ارتفاع لدرجات الحرارة، وهو السبب في الاحتباس الحراري الذي يهدد الكوكب.
وبمتوسط 300 يوم من أشعة الشمس في السنة، نعتزم تطوير هذا القطاع الجديد من خلال الاستثمار في إنتاج الهيدروجين الأخضر من الطاقة الكهروضوئية وطاقة الرياح وحتى طاقة الكتلة الحيوية. عملية ستسمح لنا بتحرير أنفسنا من الاعتماد على الطاقة التقليدية، وتنقية تونس والعالم من التلوث، بحيث نكون مساهمين في توفير العلامة التجارية الخضراء لجميع مصدرينا إلى أوروبا والولايات المتحدة.

يأتي مشروعنا لتركيب وحدات إنتاج الهيدروجين في تونس في سياق تدعيم السيادة الطاقيّة من خلال الاستفادة من أيامنا المشمسة، ومن خبرتنا ومن مرور خط أنابيب الغاز الذي يعبر تونس باتجاه أوروبا لنتموقع كمزود لهذا الشكل الجديد من الطاقة، خاصة وأن عمالقة السيارات مثل TOYOTA وBMW و

AUDI وMERCEDES قد بدأوا هذا التغيير نحو الهيدروجين والذي يوفر استقلالية أكثر من الكهرباء. وقد أصبحنا نشهد في في فرنسا وفي كل مكان تقريبًا في أوروبا، ظهور أكشاك الهيدروجين لتحل محل محطات الشحن الكهربائي، خاصة وأن الهيدروجين يتكيف تمامًا مع احتياجات المركبات كثيفة الاستهلاك للطاقة ومركبات البضائع الثقيلة ووسائل النقل العام.

إن الرهان بالنسبة إلى تونس هائل ونجاحها يرقى إلى مستوى تطلعات المستهلكين الذين يتعرضون يوميا للضغط المتزايد بسبب ارتفاع أسعار الوقود، والدولة التي تخصص الجزء الأكبر من ميزانيتها للتعويضات، وللجهات الاقتصادية التي ستستفيد من العلامة الخضراء، التي أصبحت ضرورية لجميع الصادرات ومنظومات النقل العام، المتسببة في ارتفاع نسب التلوث وتدهور الظروف المعيشية.

بكثافة طاقة عالية (1 كجم من الهيدروجين يجعل من الممكن تخزين 3 أضعاف الطاقة التي ينتجها 1 كجم من البنزين و100 مرة أكثر من البطاريات الكهربائية) يستخدم هيدروجين كناقل للطاقة وكوقود. للهيدروجين إمكانيات ضخمة كطاقة نظيفة جديدة، كما يتضح من المبالغ التي تخصصها أكبر دول العالم لتطويره وإنتاجه. تخصص فرنسا 7 مليارات يورو لإنتاج الهيدروجين، كطاقة بديلة للنقل والصناعة، ولكن أيضًا كحصن قوي ضد التلوث وعلامة على قدرتها على إنجاح التحول البيئي وفقًا لقرارات مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2021.

مع الالتزام بـ «إزالة الكربون» كشرط أساسي لمواجهة التحديات المناخية الجديدة لعام 2035، يمثل الهيدروجين بتطبيقاته المتعددة في النقل وإنتاج الكهرباء والتنقل والصناعات التحويلية، أبرز بدائل الطاقات الأخرى ومطلوب منه اليوم أن يصبح الجوهر والمحرك الأساسي للاقتصاد الأخضر الجديد.
نحن على مفترق طرق لبدء تحولنا البيئي وتحرير أنفسنا من الاعتماد على الطاقة التقليدية الملوثة وجعل تونس «إلدورادو» ومساهمًا في العلامة التجارية الخضراء.

وفي انتظار تطوير شكل الذهبي من الهيدروجين، والذي سأتحدث عنه مرة أخرى، علينا أن نستفيد من مقدراتنا الطبيعية، والهدايا الإلهية المتمثلة في الشمس والرياح والمياه للمضي قدمًا وجعل هذا البلد الصغير بلدًا مبتكرا ومنتج رئيسيا لأشكال جديدة من الطاقة.

تاريخ الخبر: 2022-03-02 12:18:48
المصدر: جريدة المغرب - تونس
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 57%
الأهمية: 55%

آخر الأخبار حول العالم

الصين: مصرع 36 شخصا اثر انهيار طريق سريع جنوب البلد

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:25:10
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 62%

الصين تعتزم إطلاق المسبار القمري “تشانغ آه-6” في 3 ماي

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:25:15
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 54%

توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:25:13
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 59%

وفاة حسنة البشارية أيقونة «الجزائر جوهرة» - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:24:06
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 60%

أمريكا: أب يجبر طفله على الركض حتى وفاته - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:24:05
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 60%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية