عاشت المملكة العربية السعودية ليلة السبت على وقع هجوم بالطائرات المسيرة استهدف منشآت نفطية التابعة لشركة أرامكو، من بينها محطة للغاز ومرافق بنية تحتية أخرى في جنوب المملكة. واتهمت السلطات السعودية جماعة أنصار الله الحوثي اليمنية، المدعومة إيرانياً، بالوقوف خلف هذا العمل العدائي.

ووقع الهجوم قبل ساعات من إعلان الشركة العملاقة عن أرباحها عام 2021، في وقت تمرّ فيه أسواق النفط العالمية بحالة من التخبط على وقع الغزو الروسي لأوكرانيا واحتمال تأثر إمدادات الطاقة بسبب الحرب الدائرة منذ نحو شهر.

وأخلت الخارجية السعودية مسؤوليتها من أي اضطراب قد يصيب صادرات البلاد جراء هذه الهجمات، فيما قرأ فيه بعض المحللين تهديد المملكة بورقة النفط لزيادة الضغط الدولي على جماعة الحوثي. الأمر الذي يدفع إلى السؤال عن مدى قدرة شركة أرامكو على إرباك الأسواق العالمية للذهب الأسود.

ضغط وتهديد

جاء في بيان وزارة الخارجية السعودية يوم الاثنين، أن الرياض لن تتحمل مسؤولية أي نقص في إمدادات النفط بالأسواق العالمية في ظل الهجمات التي تتعرض لها منشآتها من مليشيات الحوثي. وأردف محذراً مما "يترتب على الهجوم آثار وخيمة على قطاعات الإنتاج والمعالجة والتكرير، وسيفضي ذلك إلى التأثير في قدرة المملكة الإنتاجية وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها، الأمر الذي يهدّد أمن واستقرار إمدادات الطاقة للأسواق العالمية".

وأضاف: "تؤكد المملكة أهمية أن يعي المجتمع الدولي خطورة استمرار إيران في تزويد المليشيات الحوثية بتقنيات الصواريخ البالستية والطائرات المتطورة دون طيار التي تستهدف بها مواقع إنتاج البترول والغاز ومشتقاتهما في المملكة".

وتعيش المملكة السعودية تحت ضغط كبير لرفع إنتاجها من النفط، تزامناً مع الهجوم الروسي على أوكرانيا، وسعي الدول الغربية لاستعمال الذهب الأسود أداةً لتكبيد موسكو خسائر اقتصادية. وفشلت كل المباحثات في دفع السعودية إلى ذلك، بما فيها زيارة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون للمملكة يوم الأربعاء 16 مارس/آذار.

ونقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" عن ديفيد روبرتس، الخبير في شؤون الخليج بالجامعة الملكية بلندن، اعتباره الموقف الصادر عن الخارجية السعودية سيعاً لحشد الضغط الدولي ضد جماعة الحوثي، وأنهم "يعززون دفاعهم عن أي ردّ عسكري سيوجَّه ضد الحوثيين بحجة أنهم يفعلون ذلك لصالح أمن سلاسل توريد النفط العالمية".

كيف تستطيع أرامكو إرباك سوق النفط العالمية؟

تطفو المملكة العربية السعودية فوق أحد أكبر الاحتياطيات العالمية من النفط، بنحو 266 مليار برميل ويمثل ذلك 15.7% من الاحتياطي العالمي. ويبلغ إنتاجها الحالي 9.932 مليون برميل يومياً، حسب أرقام منظمة أوبك لشهر ديسمبر/كانون الثاني الماضي، أي ما يمثل ثلث الإنتاج العالمي من النفط، الذي يُقدَّر بـ27.882 مليون برميل يومياً، وفقاً لذات الأرقام.

فيما تبلغ صادرات النفط السعودية أكثر من 7 ملايين برميل يومياً، ويتحكم عملاق النفط المحلي أرامكو في هذا الإنتاج والصادرات تماماً، إذ تُعَدّ أكبر شركة نفط في العالم، إذ تبلغ قيمتها السوقية تريليونَي دولار. وأعلنت الشركة زيادة في أرباحها برسم سنة 2021 قُدّرَت بـ124%، بما يعادل 110 مليارات دولار.

وحسب هذه المعطيات فإن أرامكو تقتطع ثلث السوق العالمية للنفط، وبالتالي سيؤثّر أيّ ارتباك في سلسلة إنتاجها مباشرةً في تلك السوق، كما حدث سنة 2019 حين دفعت الهجمات الحوثية حينها إلى توقُّف كمية من إمدادات الزيت الخام بنحو 5.7 مليون برميل يومياً، أو نحو 50% من إنتاج شركة أرامكو، إضافةً إلى مليارَي قدم مكعَّب من الغاز المصاحب.

TRT عربي