"الحذر لا يمنع قدر"، مثل عربي قديم ينطبق على المسؤول الأول عن مكافحة كورونا في الولايات المتحدة الأمريكية ومدير معهد الحساسية والأمراض المعدية الأمريكي أنتوني فاوتشي، الذي أصيب بفيروس كورونا المستجد كوفيد 19، أمس الأربعاء، رغم كل احتياطات السلامة التي يتبعها، إلا أن حالته مستقرة وسيباشر العمل من المنزل.

عدواة مع الرئيس

فاوتشي صاحب الـ81 عاما، كان عدو الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ويتحدث عنه باعتباره السبب الرئيسي في جعل أمريكا الأولى في إصابات كورونا بالعالم لعدم إدارته الحالة الصحية في البلاد بشكل صحيح، وتطور الأمر في تأييد حملات عزله من منصبه بمساعدة نواب جمهوريين، ولكنه خاف من تنفيذ الإقالة لأن وسائل الإعلام لن تصمت على هذا الفعل في ظل محاربة الجائحة.

أثناء تواجد ترامب في الحكم تحدث في مكالمة هاتفية مع أعضاء حملته الانتخابية حول وضع كورونا قائلا: "الناس سئموا من فاوتشي ومن كل هؤلاء الأغبياء، فاوتشي رجل لطيف إنه في المنصب منذ 500 عام، إنه كارثة لو أخذت بنصيحته لكان هناك أكثر من 500 ألف حالة وفاة بسبب فيروس كورونا"، وكان يرى ترامب ضرورة تغيير طرق مواجهة الفيروس في الولايات المتحدة، إلا إن فاوتشي كان يخبره دائما بأن هذا هو التصرف السليم.

اتهامه لترامب

ورد فاوتشي على تصريحات ترامب متهما الإدارة الأمريكية بالتباطؤ في التعامل مع الأزمة، قائلا: "كنّا سننقذ العديد من الأرواح لو كنّا سارعنا في إقفال المنشآت العامة" بحسب تصريحاته لشبكة "سي إن إن الأمريكية"، وتأخرت أمريكا في الإغلاق خشية تأثر الاقتصاد وتوفير إعانات بطالة وهو الأمر الذي اضطرت لفعله فيما بعد ولكن بعد ارتفاع الإصابات بشكل مخيف، كما وصف حديث ترامب بأن ارتداء الكمامات ليس ضروريا بأنه حديث غير مفيد، وبناء على هذه التصريحات لم يستغرب إصابة ترامب بفيروس كورونا المستجد.

تنفس الصعداء

ذكر البروفيسور أنتوني فاوتشي أنه أصبح حرا بعد ترك ترامب البيت الأبيض وتولي الرئيس جو بايدن الذي وصفه بأنه "قيصر الجائحة" ليتمكن من الحديث "دون خوف" لأن الإدارة الجديدة تدعم الشفافية والأمانة فيما يخص كورونا وهذا كان يسبب مشاكل للإدارة السابقة.

تهديدات ومضايقات

تعرض فاوتشي وأسرته للتهديد بسبب تصريحاته العلانية التي كانت ضد الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب وسياتها في التعامل مع الفيروس، ما دفعه لاستئجار رجال أمن لحمايته هو وبناته، وحزن فاوتشي لهذا الأمر لأنه لم يكن يتخل وقوع هذا الأمر وأصيب بالدهش لأن من يعترضون على حديثه يقفون ضد مبادئ صحة عامة تركها سيهدد حياة الجميع.

تعرض فاوتشي وزوجته اختصاصية علم الأحياء الدكتورة كريستين غرادي وبناته الثلاثة لمخاطر مستمرة لكنه كان صاحب النصيب الأكبر، لأنه عمل خلال فترة انتشار وباء فيروس نقص المناعة المكتسبة "الإيدز" في ثمانينات القرن الماضي، ورأى بعينه صورته تحرق ويطلق عليه المتظاهرون لقب "القاتل" وسط إلقاء قنابل الدخان أمام مكتبه.