اعتداءات 13 نوفمبر 2015 بباريس: محاكمة ستبقى "حدثا قضائيا بارزا" في تاريخ العدالة الفرنسية


إعلان

سيتم الأربعاء النطق بالحكم على المتهمين في التي وقعت في مناطق متفرقة من العاصمة الفرنسية وضاحية سان دوني الشمالية، والتي خلفت 130 قتيلا. ويصب الاهتمام بشكل متميز على المتهم الرئيسي فيها صلاح عبد السلام، الناجي الوحيد من والذي طالبت النيابة بحقه عقوبة السجن المؤبد غير القابل للتخفيف.

وأكدت أوليفيا رونان محامية عبد السلام صباح الأربعاء على أمواج راديو "فرانس أنفو"، أن تلك العقوبة بمثابة "حكم بالإعدام البطيء". وهذه العقوبة هي الأشد التي ينص عليها القانون، ولم ينطق بها القضاء سوى أربع مرات منذ إدراجها في القانون الفرنسي عام 1994.

كما طلب الادعاء عقوبة السجن مدى الحياة مع 22 سنة من دون إمكان الإفراج المشروط بحق محمد عبريني، صديق طفولة بحي مولنبيك في عاصمة بلجيكا بروكسل، وعقوبة السجن مدى الحياة بحق ثلاثة متهمين آخرين هم أسامة كريم وسفيان العياري ومحمد البقالي. 

وطلب الحكم نفسه لخمسة من المتهمين الستة الغائبين وقتلوا على الأرجح في سوريا والعراق، بمن فيهم البلجيكي أسامة عطار الذي يعتقد أنه مدبر الهجمات. وطلب الادعاء أحكاما بالسجن لفترات تتراوح بين خمس سنوات وخمس وعشرين سنة بحق الآخرين.  

المحاكمة لم تقدم أجوبة على كل الأسئلة التي طرحها أطراف الادعاء المدني، لكن...  

مهما كانت العقوبات التي ستنطق بها محكمة الجنايات الخاصة في باريس على المتهمين العشرين، 14 حضوريا وستة غيابيا (بينهم خمسة يفترض أنهم قتلوا خلال الهجمات أو في عمليات أمنية بعدها)، اعتبرت جمعيات الضحايا بأن "ستبقى في الذاكرة على أنها تاريخية، إذ أنها جرت في ظروف قضائية وأمنية جيدة"، فضلا عن أنها أطول محاكمة جنائية شهدتها فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية. 

فهي على حد قول ممثلي هذه وكذلك بنظر المختصين في شؤون القضاء والعدل بفرنسا، نجاح يحسب على الديمقراطية والحضارة وانتصار على الجريمة والوحشية الإرهابية. فقد اعتبر فيليب دوبيرون رئيس جمعية 13-11-15 الذي توفي ابنه في مسرح باتاكلان أن "ما عشناه منذ 8 سبتمبر/أيلول الماضي (تاريخ بدء المحاكمة) سيبقى حدثا قضائيا بارزا" في تاريخ فرنسا، وقال لفرانس24: "كل طرف في القضية أدى دوره كما ينبغي لكي تدخل هذه المحاكمة في التاريخ من بابه الواسع".  

للمزيد-

فقد سمحت لعائلات الضحايا والناجين من المأساة بإسماع أصواتهم والشعور مجددا بألمهم، رغم أنها لم تقدم أجوبة على كل الأسئلة التي طرحها أطراف الادعاء المدني البالغ عددهم 2500 شخصا.  

ما ستبقى هي "لا شك أسماء الراحلين وروايات الضحايا" 

وقالت المحامية كامي إينوتييه في بداية جلسات الاتهام لنيابة مكافحة الإرهاب أن الجلسات كانت "تجسيدا للمصائب والندوب والروايات التي حملت لنا مرآة (...) لأناس منفتحين ومتسامحين في وجه الظلامية.. قوة الناجين في مواجهة جبن الذين قتلوا. جمال الكلمات في مواجهة اللهجة التبسيطية لخطاب مبهم إلى حد الغثيان".  

وتابعت: "ما سيبقى من ذكريات وصور وكلمات هو في الأخير "الحكم" الذي سيصدر عن محكمة الجنايات الخاصة في باريس. وأضافت أن ما ستبقى هي "لا شك أسماء الراحلين وروايات الضحايا". 

ونظرت على مدى نحو عشرة أشهر في الدور المفترض الذي لعبه هؤلاء المتهمون في الاعتداءات التي شهدتها باريس وضاحيتها سان دوني عندما فتحت مجموعات جهادية مسلحة النار على شرفات مقاه ومطاعم وهاجمت قاعة عروض باتاكلان خلال حفل موسيقي، بينما فجر ثلاثة انتحاريين أنفسهم بالقرب من ملعب "ستاد دو فرانس" خلال مباراة ودية بين منتخب فرنسا ونظيره الألماني بطل العالم 2014.  

ومنذ رفع الجلسة الأخيرة الإثنين، عزل القضاة أنفسهم في ثكنة للتداول، وسيبقى القضاة المحترفون الخمسة الذين يشكلون محكمة الجنايات الخاصة وبدلاؤهم الأربعة في هذه الثكنة "الآمنة" التي ما زال مكانها "سريا" من دون إمكانية مغادرتها حتى صدور الأحكام. 

تنظيم "الدولة الإسلامية" استغل مسالك الهجرة للوصول إلى أوروبا وتنفيذ عمليات إرهابية  

أكدت تحقيقات الشرطة وأجهزة الاستخبارات الفرنسية، والتي شاركت فيها وكالة الشرطة الأوروبية ووحدة التعاون القضائي الأوروبية، أن تنظيم "الدولة الإسلامية" استغل مسالك الهجرة للوصول إلى أوروبا وتنفيذ عمليات إرهابية.  

للمزيد-

فقد اكتشف المحققون أن معظم عناصر وصلوا إلى أوروبا قادمين من سوريا على أنهم لاجئون. وسلكوا بمعظمهم طريقا مماثلا، فوصلوا إلى اليونان بموجب جوازات سفر سورية مزورة، وعبروا في سيارات مستأجرة المجر والنمسا وألمانيا أو مروا عن طريق البلقان قبل الانتقال إلى بلجيكا.  

يعتبر المحققون الفرنسيون أسامة عطار، الذي يعتقد أنه قتل في ضربة جوية للتحالف الدولي في منطقة سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" على الحدود بين العراق وسوريا، مدبر اعتداءات باريس. 

ويعتقد أنه لعب "دورا أساسيا" في دفع قريبيه إبراهيم وخالد البكراوي إلى التطرف. فقد غادر الأخير في تشرين الثاني/نوفمبر 2014 إلى سوريا ثم عاد في كانون الأول/ديسمبر إلى بلجيكا حيث دبر مخابئ وأقام شبكة لوجستية في حي مولنبيك في بروكسل. 

ومر العديد من الجهاديين الضالعين في اعتداءات باريس، بينهم عبد الحميد أباعود المعروف بلقب "أبو عمر البلجيكي"، عبر هذه الشبكة قبل تنفيذ عملياتهم. ووصل الجهاديون القادمون من سوريا إلى بلجيكا اعتبارا من أواخر آب/أغسطس 2015 حاملين بطاقات هوية بلجيكية مزورة، فأقاموا في المخابئ التي استأجرها الشقيقان البكراوي. 

تنظيم لوجستي دقيق  

عموما، جرت هذه في جو هادئ بفضل التنظيم اللوجستي الجيد وتعامل عائلات الضحايا مع المتهمين، فضلا عن الجهود التي قامت بها هيئات الدفاع تجاه موكليهم لأجل التمسك بقواعد السلوك السليمة واحترام الإجراءات القانونية التي يفرضها القضاء. وقال فيليب دوبيرون رئيس جمعية 13-11-15 بهذا الصدد: "إن التنظيم هو بلا شك أبرز انتصار حققناها خلال هذه المحاكمة". وأشادت بما سمتها "محاكمة مثالية شاركت في نجاحها عدة جهات منها المحامون والقائمون على التنظيم وكذلك عائلات الضحايا".   

للمزيد-

وقد كان ممكنا متابعة الجلسات على المباشر من خلال راديو خاص على الإنترنت وضعته المحكمة تحت تصرف عائلات الضحايا، كما أنها استعانت بخدمات مختصة نفسية عبر الإنترنت وخصصت ألوانا محددة للتمييز بين الضحايا التي وافقت على الحديث إلى الصحافة (اللون الأخضر) والتي رفضت (اللون الأحمر).  

وأتاحت المحكمة الخاصة حيزا كبيرا لعائلات الضحايا والناجين من الهجمات للتعبير عن مواقفها (من المحاكمة) وعن معاناتها الشخصية أو العائلية منذ 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015. وقدمت لها إعانات مادية ومالية (النقل والمأوى) لأجل السفر إلى باريس وحضور الجلسات. وقد حصلت كل الأطراف التي قبلت الإدلاء بشهادتها أمام المحكمة على 42.5 يورو يوميا. 

دليل على أن الديمقراطية والعدالة هما أفضل جواب أمام الوحشية  

أخيرا، أشادت عائلات الضحايا بالعمل الجبار الذي قام به المحامون الـ 400 منذ ستة سنوات والذي سمح لها بإسماع صوتها فرديا أو جماعيا. كما أشادوا بنجاح هيئات الدفاع عن المتهمين في إضفاء جو من الهدوء على الجلسات من خلال إقناع الجميع بأنها في خدمة القانون، ما جعل برونو بونسيه الناجي من هجمات باتاكلان يقول: "هذا شيء مهم وجميل في الوقت ذاته، فهذا دليل على أن الديمقراطية والعدالة هما أفضل جواب أمام الوحشية".   

لكن البعض الآخر، مثل أرتور دينيفو رئيس جمعية "الحياة لباريس"، استاء لعدم نشر الصحافة والإعلام لبعض "شهادات الغضب أو الكراهية التي شابت الجلسات إلى جانب الخطابات الإنسانية"، مضيفا: "لقد ركزنا في بعض الأحيان على العالم الذي نريد العيش فيه بدلا عن العالم الذي نعيش فيه في الواقع".  

علاوة مزياني

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24

Download_on_the_App_Store_Badge_AR_RGB_blk_102417
تاريخ الخبر: 2022-06-29 15:16:07
المصدر: فرانس 24 - فرنسا
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 77%
الأهمية: 88%

آخر الأخبار حول العالم

التحضير لمحاكمة قادة أوكرانيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-10 09:07:04
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 93%

المقاتلون من فرنسا يحتمون بأقبية "تشاسوف يار"

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-10 09:07:03
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 96%

بعد محاولة اغتياله.. زيلينسكي يقيل المسؤول عن أمنه الشخصي

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-10 09:08:10
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 85%

حُمّى تصيب الاتحاد الأوروبي

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-10 09:07:06
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 88%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية