خلف أيمن الظواهري أسامة بن لادن في زعامة تنظيم القاعدة الإرهابي بعد سنوات كان فيها عقل التنظيم المدبر وواضع استراتيجياته، لكن افتقاره إلى الشخصية المؤثرة ومنافسة تنظيم داعش الإرهابي للقاعدة عاقا قدرته على شنّ هجمات كبيرة على الغرب.

وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن في بثّ تليفزيوني مباشر مساء الاثنين، إن الظواهري (71 عاماً) قُتل في غارة أمريكية بطائرة مسيرة. وقال مسؤولون أمريكيون إن الهجوم وقع يوم الأحد في العاصمة الأفغانية كابول.

وفي السنوات التي أعقبت مقتل بن لادن عام 2011، قتلت الضربات الجوية الأمريكية عدداً من نواب الظواهري، مما أضعف قدرته على التنسيق على الصعيد العالمي.

وكان رأى بأم عينيه القاعدة وقد باتت مهمشة فعلياً بسبب ثورات الربيع العربي عام 2011.

وعلى الرغم مما عُرف عنه من أنه شخصية متصلبة ميالة إلى الخلاف، نجح الظواهري في رعاية جماعات تابعة للقاعدة على نحو غير وثيق في جميع أنحاء العالم، التي نشأت كحركات تمرد مدمرة.

تاريخ الظواهري

كانت المرة الأولى التي سمع فيها العالم عنه عندما وقف في قفص بقاعة المحكمة بعد اغتيال الرئيس المصري أنور السادات عام 1981.

حينها أعلى الظواهري، الذي كان مرتدياً جلباباً أبيضَ شأنه شأن المتهمّين الآخرين الذين أغضبهم اتفاق السلام الذي أبرمه السادات مع إسرائيل، صوته بالقول إنهم ضحوا ومستعدون لمزيد من التضحيات "حتى انتصار الإسلام".

وقضى الظواهري حكماً بالسجن ثلاث سنوات بتهمة حيازة سلاح بلا سند من القانون، لكنه بُرّئ من التهم الرئيسية.

ذهب الظواهري، الذي درس الجراحة ليكون أحد الأسماء المستعارة له الطبيب، إلى باكستان لدى إطلاق سراحه حيث عمل مع الهلال الأحمر في علاج المقاتلين الجرحى في أفغانستان الذين كانوا يقاتلون القوات السوفييتية.

وتَعرَّف خلال تلك الفترة إلى بن لادن، وهو سعودي ثريّ انضمّ إلى المقاومة الأفغانية.

وتَولَّى الظواهري قيادة "الجهاد الإسلامي" في مصر عام 1993، وكان شخصية بارزة في حملة منتصف التسعينيات للإطاحة بالنظام و"إقامة دولة إسلامية خالصة". وقُتل خلال الحملة تلك كثر من 1200 مصري.

وشنّت السلطات المصرية حملة قمع على "الجهاد الإسلامي" بعد محاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك في يونيو/حزيران 1995 في أديس أبابا. وردّ الظواهري بإصدار أمر بشنّ هجوم عام 1995 على السفارة المصرية في إسلام آباد. واصطدمت سيارتان مليئتان بالمتفجرات ببوابات المجمع، مما أدى إلى مقتل 16 شخصاً.

وفي عام 1999 حكمت محكمة عسكرية مصرية غيابياً على الظواهري بالإعدام. وبحلول ذلك الوقت كان قد ساعد بن لادن على تشكيل تنظيم القاعدة.

وفي تسجيل مصوَّر بثّته قناة الجزيرة عام 2003، ظهر الرجلان يمشيان على سفح جبل صخري، وهي صورة كانت المخابرات الغربية تأمل معها أن توفّر أدلة على مكان وجودهما.

تهديدات

كان يُعتقد لسنوات أن الظواهري يختبئ على الحدود بين باكستان وأفغانستان.

وهذا العام حدّد المسؤولون الأمريكيون أن عائلة الظواهري (زوجته وابنته وأطفالها) انتقلوا إلى منزل آمن في كابول وحددوا بعد ذلك هوية الظواهري في الموقع نفسه، حسبما قال مسؤول كبير بالإدارة.

وقال المسؤول إنه قُتل في هجوم بطائرة مسيَّرة عندما خرج من شرفة المنزل صباح الأحد، ولم يُصَبْ أحد بأذى.

وتولى الظواهري قيادة القاعدة في عام 2011 بعد أن قتلت قوات من البحرية الأمريكية بن لادن في مخبئه بباكستان. ومنذ ذلك الحين دعا مراراً إلى "الجهاد العالمي"، مع وجود بندقية "إيه كيه-47" بجانبه في أثناء رسائله المصورة.

وفي تأبين لابن لادن، وعد الظواهري بمواصلة الهجمات على الغرب، لكن ظهور تنظيم داعش الإرهابي الأكثر تشدداً في 2014-2019 في العراق وسوريا أثار نفس القدر من اهتمام سلطات مكافحة الإرهاب الغربية بالقاعدة إن لم يكن أكثر.

وعلى المستوى العملي، يُعتقد أن الظواهري متورط في بعض من أكبر عمليات القاعدة، إذ ساعد على تنظيم هجمات عام 2001 الإرهابية، عندما استُخدمت طائرات خطفتها القاعدة لقتل ثلاثة آلاف شخص في الولايات المتحدة.

وكان لطبيب العيون المصري البالغ 71 عاماً دور محوري في الهجمات على السفارة الأمريكية في كل من كينيا وتنزانيا عام 1998، وفي هجمات 11 سبتمبر 2001 التي تسببت في مقتل نحو ثلاثة آلاف شخص في الولايات المتحدة.

وواجه اتهامات بالضلوع في تفجير سفارتَي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998، ورصد مكتب التحقيقات الاتحادي (إف بي آي) 25 مليون دولار مكافأة لمن يُدلِي بمعلومات تقود إليه.

عائلة بارزة

لم ينشأ الظواهري في الأحياء الفقيرة بالقاهرة، مثل آخرين انجذبوا إلى جماعات متطرفة وعدت بالدفاع عن قضايا نبيلة. فقد وُلد الظواهري عام 1951 لعائلة بارزة في العاصمة المصرية، وكان حفيدا لشيخ الأزهر.

ونشأ الظواهري في ضاحية المعادي الراقية بالقاهرة، وهو مكان يفضله الرعايا من الدول الغربية التي ينتقدها، كما أنه نجل أستاذ لعلم العقاقير.

ووصفه الأشخاص الذين درسوا معه في كلية الطب جامعة القاهرة في السبعينيات بأنه كان شابّاً مُفعَماً بالحيوية يذهب إلى السينما ويستمع إلى الموسيقى ويمزح مع الأصدقاء.

وقال طبيب درس مع الظواهري رفض الكشف عن اسمه: "عندما خرج من السجن كان شخصاً مختلفاً تماماً".

TRT عربي - وكالات