فى كتابه «حسين رياض.. الفنان صاحب الألف وجه»، الصادر مؤخرًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، نجح الدكتور عمرو دوارة فى استعادة مسيرة الفنان الكبير حسين رياض، من خلال الاقتراب من العالم الإبداعى الرحب لهذا الرائد الكبير؛ بهدف تسجيل وتوثيق بعض إسهاماته وإبداعاته.

وبخلاف المقدمة، يشتمل الكتاب على ثمانية فصول، يتضمن الفصل الأول «السياق التاريخى والفنى»، الذى تأثر به وأثر فيه والمناخ العام لإسهاماته الفنية، ويتضمن الفصل الثانى «السيرة الذاتية والمسيرة الفنية الثرية» لهذا الفنان القدير خلال مراحل حياته المتتالية، بالإضافة إلى توثيق لأهم مظاهر التكريم ولمجموعة الجوائز التى حصل عليها، فى حين يتضمن الفصل الثالث «الإسهامات الفنية» لهذا الفنان بمختلف القنوات الفنية، وتم تخصيص الفصل الرابع لمجموعة إبداعاته فى مجال التمثيل المسرحى، والفصل الخامس لمجموعة إبداعاته فى مجال التمثيل السينمائى.

أما الفصل السادس، الذى جاء بعنوان «رؤى وكلمات من القلب»، فيتضمن مجموعة مختارة من أقواله التى وردت ببعض الأحاديث الصحفية والبرامج الإعلامية، التى توضح خبراته الفنية ووجهة نظره فى الفن والحياة بصفة عامة، والفصل السابع جاء بعنوان «شهادات نقدية»، ويشتمل على مجموعة كبيرة من الشهادات النقدية بأقلام نخبة من كبار النقاد والمتخصصين الذين تناولوا بعض عروضه، أو بعض الشهادات الإنسانية والفنية التى سجلها عنه مجموعة من زملائه الفنانين حول مسيرته الفنية بصفة عامة، وأخيرًا يختتم الكتاب بالفصل الثامن الذى يتضمن أهم النتائج والسمات العامة لهذا الفنان القدير.

بالنسبة لسيرته الذاتية، كشف الدكتور عمرو دوارة عن أن عشق حسين رياض فن التمثيل بدأ حينما كان والده يصطحبه مع شقيقيه «مصطفى» و«محمد فؤاد» فى طفولتهم إلى فرقة «سلامة حجازى» ليشاهدوا المسرحيات معه، إلا أن موهبته بدأت تظهر وتتأكد من خلال مشاركته بعروض المسرح المدرسى بالمرحلة الثانوية.

لم يوافق والده على فكرة احتراف ابنه التمثيل، وأصر على التحاقه بالكلية الحربية مثل باقى أفراد العائلة، وبالفعل اضطر فى البداية إلى الرضوخ لرغبة والده والتحق بالكلية الحربية، ولكن عشقه للتمثيل كان أقوى فانتهز أول فرصة، وكانت أول إجازة له من الكلية الحربية، وقرر تغيير مساره وإعلان تمرده.

وحسب د. دوارة؛ فإن عائلته كانت تمثل له كل حياته، وشخصية الأب الحنون التى برع فى تجسيدها فى السينما- كما يذكر أبناؤه- لم تختلف أبدًا عن شخصيته كأب فى الواقع، حتى إن أبناءه الثلاثة كانوا يشعرون أحيانًا وهم يشاهدونه على الشاشة فى طفولتهم بأنه يخاطبهم ويتكلم ويجلس معهم.

ويستطرد عمرو دوارة: «كان حسين رياض أبًا حنونًا فى بيته إلى أقصى درجة، وظل محتفظًا بوجهه البشوش خفيف الظل، وبقلبه الطيب الذى يسعد بأبسط الأشياء، ويغضب أيضًا لأبسط الأشياء، ولكن غضبه لم يصل يومًا إلى حد الثورة، كانت عصبيته شديدة، ولكنها لا تصل أبدًا إلى حد الصراخ أو الحديث بصوت عالٍ متشنج، ولكنها كانت أقرب للتوتر، فقد كان يجيد التحكم فى انفعالاته وثوراته وقت الغضب، ولا يلبث أن يهدأ سريعًا».

لم تكن مسيرة حسين رياض الإنسانية هينة، ومن أكثر المواقف الصعبة التى تعرض لها وأثرت فيه وفاة والدته، وقد بكاها كثيرًا لشدة ارتباطه بها، وظل يتذكرها ويتذكر مواقفها الإيجابية ونصائحها له طوال أيام حياته.

ويعترف له الجميع بفضل مساندته عددًا كبيرًا من الفنانين فى بداية مشوارهم الفنى، خاصة إذا شعر بموهبتهم، ومن الأسماء التى حرص على مساندتها فى بداياتها واعتبرهم بمثابة أولاده كل من الفنانين: فاتن حمامة، ماجدة، عمر الحريرى، هند رستم، عمر الشريف، صلاح قابيل، حسن يوسف، عبدالحليم حافظ، وزبيدة ثروت.

أما بالنسبة لمسيرة حسين رياض الفنية، فكان لتشجيع الرائد الكبير شيخ المخرجين عزيز عيد وإعلان إعجابه بموهبة وصدق إحساس هاوى التمثيل حسين رياض، عندما شاهده أثناء تأديته أحد الأدوار بالمسرح المدرسى أثر كبير فى تغيير مسار حياته، خاصة بعدما نصحه بضرورة الاستمرار فى طريق التمثيل بعد حصوله على شهادة الكفاءة «الثانوية العامة»، وبالفعل تنازل عام ١٩١٦ عن حلم الالتحاق بالكلية الحربية، وقرر أن يهب حياته للفن ويتفرغ تمامًا للتمثيل استجابة لتلك النصيحة الغالية.