تواجه القارة الأوروبية أزمة كبرى جراء التهديدات الروسية بوقف إمدادات الغاز عن خط الرئيسي في ألمانيا، حيث تسعى دول الكتلة الأوروبية لتأمين احتياجاتها قبل فصل الشتاء والذي يشهد ارتفاعا كبيرا في استهلاك الغاز من أجل التدفئة، وبدأت الحكومات وعلى رأسها الحكومة الألمانية في توجيه الأوامر للمواطنين من أجل خفض الاستهلاك وترشيده في فصل الشتاء.

خوف في أوروبا من ضعف كميات الغاز وترشيد استهلاك في ألمانيا

وأكدت وكالة "بلومبرج" الأمريكية، أن أسعار الغاز في أوروبا قفزت بصورة كبيرة، حيث تثير خطة التخفيضات الروسية الأخيرة مخاوف الإمدادات، وارتفعت أسعار الغاز الأوروبية بعد تحرك موسكو لإغلاق خط أنابيب رئيسي، مما أدى إلى تصعيد المخاوف من توقف الإمدادات لفترات طويلة، مما جعل ألمانيا تبحث مرة أخرى في كمية الوقود الروسي التي يمكنها الاعتماد عليها.

وتابعت أن أسعار الغاز ارتفعت في أوروبا بعد تحرك موسكو لإغلاق خط أنابيب رئيسي أدى إلى تصعيد المخاوف من توقف الإمدادات لفترات طويلة، مما جعل ألمانيا تسعى لحساب مقدار الوقود الروسي الذي يمكنها الاعتماد عليه هذا الشتاء.

وأضافت أن العقود الآجلة المعيارية ارتفعت بنسبة تصل إلى 16%، مما أدى أيضًا إلى ارتفاع أسعار الكهرباء إلى مستويات قياسية جديدة، وسيتوقف خط أنابيب نورد ستريم الرئيسي لمدة ثلاثة أيام من الصيانة في 31 أغسطس، مما يثير مرة أخرى مخاوف من أن الرابط لن يعود إلى الخدمة كما هو مخطط له بعد الأشغال، وكانت أوروبا في حالة قلق شديد بشأن الشحنات عبر الرابط لأسابيع، مع استئناف التدفقات عند مستويات منخفضة جدًا فقط بعد إغلاقها للعمل الشهر الماضي.

وحذرت ألمانيا موسكو من إمكانية خفض الإمدادات بشكل أكبر، وكررت دعوتها للحفاظ على الطاقة وترشيد الاستهلاك، حيث قال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك: "لدينا شتاء حرج للغاية أمامنا مباشرة، يجب أن نتوقع من بوتين أن يواصل خفض الغاز".

وأشارت الوكالة إلى أن السلطات الأوروبية حذرت مرارًا وتكرارًا من إمكانية الإغلاق الكامل للإمدادات الروسية حيث ينتقم الكرملين من العقوبات المفروضة بسبب حربه في أوكرانيا، حيث تبحث ألمانيا، أكبر مستهلك للغاز في أوروبا، عن بدائل ولكن من غير المرجح أن تكون قادرة على استبدال جميع الواردات الروسية. تعمل الأمة وغيرها في القارة على عكس سياسات الطاقة من خلال الاعتماد بشكل أكبر على الفحم وإعادة المحطات النووية لأنها تتطلع إلى تجنب النقص.

أويل برايس: أوروبا في وضع حرج للغاية قبل الشتاء

وبحسب موقع "أويل برايس" الأمريكي، فقد ارتفعت أسعار الغاز القياسية في أوروبا بنسبة 14% في ثلاثة أيام فقط إلى مستوى قياسي جديد، مواصلة الاتجاه التصاعدي من الأسابيع الأخيرة، حيث يرتفع الطلب على الغاز لتوليد الطاقة وسط موجات الحر واستمرار إمدادات خطوط الأنابيب الروسية عند مستويات منخفضة، بينما يندفع الاتحاد الأوروبي، لملء خزانات الغاز قبل الشتاء الذي سيشهد تقنين الطاقة والغاز، وإغلاق الصناعات للإنتاج، ودفع الأسر أسعارًا باهظة للتدفئة والكهرباء.

وتابع أن أوروبا في وضع حرج للغاية، لكن أسعار الغاز الطبيعي آخذة في الارتفاع في الولايات المتحدة وآسيا أيضًا، بسبب أن الطلب على الغاز مرتفع، والإنتاج ثابت في أمريكا، بينما يعود كبار المشترين الآسيويين إلى سوق الغاز الطبيعي المسال لتأمين الإمدادات لفصل الشتاء، نظرًا لأن الغاز الطبيعي المسال أصبح الآن سلعة عالمية، فقد ارتفعت أسعار الغاز القياسي والغاز الطبيعي المسال الفوري في جميع أنحاء العالم. ويمكنهم القفز أعلى حتى عندما يقترب موسم التدفئة أو فصل الشتاء.

قال أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك، هذا الأسبوع، إن مؤشر الغاز الأوروبي يتم تداوله الآن بما يعادل 410 دولارات للبرميل من النفط الخام، مما يسلط الضوء على "التأثير الاقتصادي المنهك على المنطقة".

وأشار الموقع، إلى أن أسعار الغاز القياسية هذه تؤثر على الصناعات في ألمانيا وبقية أوروبا، حيث أعلنت الشركات عن توقف الإنتاج أو تقليصه "حتى إشعار آخر" وسط ارتفاع تكاليف الطاقة، وحذرت الصناعات من أن انخفاض الإنتاج والعمليات قد يؤدي إلى انهيار سلاسل التوريد والإنتاج، تسعى الحكومات جاهدة لتأمين ما يكفي من الغاز لفصل الشتاء بينما تمشي على حبل مشدود بين تخفيف أعباء التكلفة على الأسر وتجنب الانهيار الصناعي وموجة من شركات الطاقة المفلسة.

وتابع أنه نتيجة لأزمة الغاز وموجة الحر التي تقيد العرض والإنتاج من مصادر الوقود الأخرى، تستمر أسعار الكهرباء للعام المقبل في الارتفاع في أوروبا، حيث قفزت أسعار الطاقة الألمانية، المعيار الأوروبي، إلى أكثر من 508 دولارات (500 يورو) لكل ميجاواط- ساعة يوم الثلاثاء وهو رقم قياسي جديد.

وأضاف الموقع أنه على الرغم من عمليات التخزين الأسرع من المعتاد، فإن ألمانيا لن يكون لديها سوى ما يكفي من الغاز الطبيعي لتغطية شهرين ونصف الشهر من الاستهلاك هذا الشتاء إذا أوقفت روسيا عمليات التسليم تمامًا.

وأوضح أنه مع اقتراب فصل الشتاء، قد تشهد أسعار الغاز الطبيعي مزيدًا من الارتفاع مع استمرار انخفاض المعروض الروسي، وزيادة الطلب على الغاز الطبيعي المسال، وعدم اندفاع المنتجين الأمريكيين لزيادة الإنتاج.

فوربس: أزمة كبرى في أوروبا تلقي بظلالها في آسيا

بينما أكدت شركة "فوربس" الأمريكية، أن أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا وآسيا ارتفعت بشكل كبير بعد أن أعلنت شركة جازبروم الروسية عن خطط لإغلاق خط أنابيب رئيسي مؤقتًا.

وتابعت أن المسئولين الأوروبيين يخشون على نطاق واسع من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يقطع الإمدادات رداً على العقوبات الغربية ودعم أوكرانيا.

وأضافت أن التكتل الأوروبي يعتمد بشكل كبير على صادرات الطاقة الروسية، وخاصة الغاز، وهو الأمر الذي أعاق قدرته على معاقبة موسكو بشكل فعال وتقديم جبهة موحدة ضد الحرب. 

وأشارت إلى أن الوضع في أوروبا أدى أيضًا إلى ارتفاع تكاليف الوقود في آسيا، حيث يتبارى مستوردون رئيسيون للغاز الطبيعي مثل اليابان وكوريا الجنوبية لتأمين الإمدادات في وقت أبكر من المعتاد بسبب مخاوف من تعرضهم للضغط بسبب زيادة الطلب الأوروبي في وقت لاحق من العام.