تنطلق اليوم أعمال الاجتماع الوزاري الـ32 لتحالف منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" والمنتجين المستقلين "أوبك +"، ويسبقه الاجتماع الوزاري 44 للجنة المراقبة للتحالف برئاسة كل من الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة، وألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي، ويعقد الاجتماع عبر الفيديو وسط متابعة دولية واسعة.
ومن المنتظر أن يحدد الاجتماع سياسات الإنتاج للمجموعة بعد انتهاء اتفاق خفض الإنتاج المطبق على مدى أكثر من عامين بسبب أزمة جائحة كورونا، ووسط توقعات بخفض جديد للإنتاج في أكتوبر والشهور التالية.
وتوقع محللون نفطيون استمرار التقلبات السعرية للنفط الخام خلال الأسبوع الجاري بعد خسائر واسعة في الأسبوع الماضي، هي الأسوأ في أربعة أسابيع، بسبب المخاوف من التباطؤ الاقتصادي وعودة الإغلاق في الصين، وهو ما دفع خام برنت إلى خسارة 8 في المائة، والخام الأمريكي 6 في المائة في الأسبوع الماضي.
وذكر المختصون أن هناك حالة من عدم اليقين تحيط بالطلب وتطوراته في الفترة المقبلة، وهو على الأرجح ما سيدفع تحالف "أوبك +" إلى الانتظار حتى اتضاح الموقف في السوق، وذلك قبل إعلان تخفيضات محتملة للإنتاج.
وأشاروا إلى ترقب التحالف وضع إمدادات النفط من روسيا التي يمكن أن تنخفض عن المستويات الحالية بمجرد دخول حظر الاتحاد الأوروبي على واردات النفط الخام والوقود الروسي المنقولة بحرا حيز التنفيذ الكامل في أوائل 2023، إضافة إلى قضية وضع الاتحاد الأوروبي حدا أقصى لسعر بيع النفط والغاز الروسيين.
وفي هذا الإطار، يقول روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش أيه" لخدمات الطاقة "إن اجتماع وزراء تحالف (أوبك +) قد يسهم في استقرار القطاع خلال الأسبوع الجاري، خاصة إذا نجح في التوافق على إقرار خفض جديد لمستويات الإنتاج، وهو ما قد يعيد التوازن إلى الأسعار".
وأوضح أن الخسائر في ختام الأسبوع الماضي كانت مدفوعة من عدة عوامل، أبرزها عمليات الإغلاق الجديدة في الصين وتكثيف المخاوف من الركود والتوقعات القوية بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيستمر في رفع أسعار الفائدة الرئيسة، ما أدى إلى انخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوى حول 90 دولارا.
بدوره، ذكر دامير تسبرات، مدير تنمية الأعمال في شركة تكنيك جروب الدولية، أن "أوبك" لديها قناعات قوية ومتفائلة برسوخ أساسيات السوق، وبقدرة الأسعار على التعافي مجددا، حيث ترى "أوبك +" أن الطلب على النفط قوي وسيظل كذلك حتى نهاية العام الجاري على الرغم من ضعف البيانات الاقتصادية في الصين وتجدد مخاطر الإغلاق وتباطؤ نشاط المصانع، كما انخفضت أيضا بشكل متزامن الواردات النفطية في الهند.
ورجح أن يقوم الاجتماع الوزاري بتقييم أوضاع السوق وتأثير المخاطر الجيوسياسية في أساسيات العرض والطلب ومن ثم تحديد كيفية المضي في التعاون بين "أوبك" والمنتجين المستقلين، حيث انتهت المجموعة بالفعل بحلول نهاية أغسطس الماضي من جميع التخفيضات الإنتاجية الهائلة التي بدأت مع أزمة الجائحة في مايو 2020 كما جعلت الحرب في أوكرانيا تحالف "أوبك +" يسجل مستويات إنتاج أقل من الهدف الجماعي للمجموعة في أغسطس الماضي بنحو 2.9 مليون برميل يوميا.
من ناحيته، أوضح بيتر باخر، المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة، أن حالة من عدم اليقين في الأسواق تسببت في مزيد من التقلبات السعرية، حيث يراهن البعض على خفض جديد، بينما يتوقع آخرون تثبيت الإنتاج، وأن تحافظ "أوبك +" على هدف إنتاج النفط لأكتوبر عند المستوى نفسه، كما في سبتمبر الجاري.
وأشار إلى أن مصافي التكرير في آسيا تتوقع خفضا لأسعار البيع في أكتوبر وسط ضعف الطلب على الوقود وزيادة المنافسة بين المنتجين على توفير الإمدادات للأسواق الآسيوية، لكن في المقابل نجد قناعة وإصرارا من جانب منظمة أوبك، بأن الطلب على النفط قوي وسيظل كذلك حتى نهاية العام الحالي.
بدورها، تتفق إرفي ناهار، مختص شؤون النفط والغاز في شركة "أفريكان ليدرشيب"، مع رؤية "أوبك"، بأن أساسيات السوق جيدة والسوق مزودة بشكل جيد ولا يوجد نقص يمثل أزمة في المعروض، لافتة إلى أن عمليات البيع الأخيرة لم تعكس الأساسيات، لكن كانت مدفوعة بالخوف من الركود وعوامل معنوية أخرى.
ونوهت بأن مخاوف الطلب مرتبطة ببيانات الصين، حيث تبين في يوليو الماضي تراجع إنتاجية النفط الخام في المصافي الصينية إلى أدنى مستوى منذ ذروة الوباء في مارس 2020 وسط انقطاع غير مخطط له في المنشآت وانخفاض معدلات المعالجة في مصافي التكرير المستقلة بسبب تراجع هوامش التكرير، كما أن عمليات الإغلاق الجديدة الأسبوع الماضي في عديد من المدن الكبيرة لا تساعد الطلب أيضا.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، ارتفعت أسعار النفط، الجمعة، رغم أنها سجلت انخفاضا أسبوعيا بفعل مخاوف من فرض قيود لمكافحة كوفيد - 19 في الصين وضعف نمو الطلب العالمي.
وزادت العقود الآجلة لخام برنت 1.20 دولار أو 1.3 في المائة إلى 93.56 دولار للبرميل، بينما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط 1.16 دولار أو 1.3 في المائة إلى 87.77 دولار للبرميل.
وتراجعت عقود الخامين 3 في المائة، في الجلسة السابقة إلى أقل مستوى في أسبوعين، وسجل خام برنت انخفاضا أسبوعيا بنحو 8 في المائة، كما سجل خام غرب تكساس الوسيط التراجع بنحو 6 في المائة خلال الأسبوع.
وذكر تقرير "بيكر هيوز" الدولي أن إجمالي عدد منصات الحفر النشطة في الولايات المتحدة انخفض بمقدار خمس منصات هذا الأسبوع، حيث انخفض إجمالي عدد الحفارات إلى 760 هذا الأسبوع - 263 منصة أعلى من عدد الحفارات هذه المرة في 2021.
وأشار التقرير إلى انخفاض حفارات النفط في الولايات المتحدة بمقدار تسعة هذا الأسبوع، لتصل إلى 596. وارتفعت منصات الغاز بمقدار أربع لتصل إلى 162، بينما ظلت الحفارات المتنوعة على حالها عند اثنين.
ولفت إلى انخفاض عدد الحفارات في حوض بيرميان من ستة إلى 342 هذا الأسبوع، كما ارتفع عدد الحفارات في "إيجل فورد" بنسبة 1 إلى 71، وارتفعت منصات النفط والغاز في "بيرميان" بنسبة 92 أعلى مما كانت عليه في هذا الوقت من العام الماضي.
ونوه بانخفاض إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع في الأسبوع المنتهي في 26 أغسطس، حيث انخفض إنتاج النفط الخام الأمريكي بمقدار 3.3 مليون برميل يوميا للأسبوع الثاني على التوالي، وذلك وفقا لآخر تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأسبوعية، عند 418.3 مليون برميل، وأصبح مخزون النفط الخام الأمريكي الحالي أقل بنسبة 6 في المائة من متوسط الأعوام الخمسة لهذا الوقت من العام.
وأوضح التقرير أن مخزونات البنزين 1.2 مليون برميل للأسبوع المنتهي في 26 أغسطس، تراجعت على الرغم من أن الانخفاض كان أقل من الأسبوع السابق، فيما يكافح النفط لتعويض الخسائر من مخاوف الطلب المرتبطة بالركود وموجة جديدة من عمليات إغلاق في الصين بسبب جائحة كورونا.