كيف يمكن أن ننقذ الحياة الزوجية من الفشل؟
كيف يمكن أن ننقذ الحياة الزوجية من الفشل؟
حينما تنتهي احتفالات الزفاف, ويتقدم المدعوون لتهنئة العروسين والدعاء لهما بالتوفيق والنجاح, يجد الزوجان نفسيهما وجها لوجه بمفردهما. دون عين الرقباء. ولا يخطر علي بال أحدهما لحظة أن الحياة الجديدة التي تنتظرهما يمكن أن تتحول إلي جحيم لا يحتمل, وأن العش السعيد الذي بذلا غاية جهدهما في تكوينه وتأثيثه سوف يتحول إلي سجن ذي قضبان غليظة, يكتم أنفاسهما ويتمنيان اليوم الذي يستطيعان الخروج منه.
ومن الطبيعي أن يتوقع الإنسان أن يجد السعادة والهناء في الحياة الزوجية. ولكن واقع الحياة والأحداث اليومية, تثبت أن أكثر من نصف المتزوجين يفشلون في زواجهم ولا يتذوقون طعم السعادة التي طالما حلموا بها. غير أن عددا كبيرا منهم حرص علي أن تستمر مظاهر الحياة الزوجية بينهما أمام الناس والأطفال والمجتمع لسبب أو لآخر.
ولكن هل من المتوقع أن ينجح كل زواج أو يفشل كل زواج, وما هي مقومات النجاح, وما هي أسباب الفشل! هل هناك مقومات محددة؟ أو أسباب معينة؟ أم أن كل زواج محتمل النجاح. ومحتمل الفشل! وإذا كان احتمال الفشل يواجه كل زواج. فهل من الإنصاف والعدل أن نصارح كل اثنين مقبلين علي الزواج بأن أمامهما نصف فرصة للنجاح. ونصف فرصة للفشل! أم نفرش لهما طريق الأماني بالورود. ونتركهما يعتقدان أن الحياة الزوجية أكيدة النجاح. والسعادة. وأن فرصتهما مؤكدة للنجاح!
من الظلم بالطبع أن نضع أمام عيون الزوجين. وهما علي أعتاب الحياة الزوجية فرص الفشل التي قد تواجههما. ومن الخطأ أيضا أن نخفي عنهما احتمالات الفشل ولا نقدم لهما إلا احتمالات النجاح والسعادة. وأن علماء النفس أنه من الخطأ أن نقول أن مسألة الزواج حظ, وأن الحظ هو الذي يفشل الحياة الزوجية, ومن الخطأ أيضا أن نقول إن الجياة الزوجية مثل العلبة المغلقة, لا ندري ما الذي بداخلها بالضبط, ربما فتحناها فوجدنا بداخلها السعادة, وربما كان بداخلها الفشل.
وعلم النفس يؤكد أن فهم المقومات النفسية للزواج, والتربية السليمة في المنزل, والفهم الصحيح لطبيعة الحياة الزوجية, هي الأسس السليمة للزواج الناجح. وكل زواج يمكن أن يكون زواجا ناجحا, وكل زواج تعرض للفشل, وكاد أن تنهدم جدرانه, يمكن إنقاذه من براثن الفشل, فلا توجد أبدا حالات ميئوس منها إلا إذا كان الزواج قد قام علي أساس غير سليم.
والأسس السليمة التي يجب أن يبني عليها الزواج حتي تتوافر له عوامل النجاح, أسس بسيطة وواضحة, أولها فهم معني الزواج والحياة الزوجية, فالحياة الزوجية ليست مجرد متعة ونزهات وملابس وزيارات وهدايا وانطلاق. يمكن أن تتوافر كل هذه الأشياء في الحياة الزوجية, ولكنها ليست الجوهر علي الإطلاق. فالحياة الزوجية مشاركة ومساهمة في تحمل أعباء ومسئوليات إنشاء بيت وأسرة, وتستلزم هذه المشاركة إنكار الذات والتضحية والابتعاد نهائيا عن حب الذات والأنانية. هناك أهداف جميلة ولتحقيقها يجب أن ينسي كل شريك نفسه, ويبذل غاية جهده من أجل تحقيق هذه الأهداف, والإنسان العادي يكد, ويكافح, ويتنازل عن الكثير من رغباته لكي يحقق هدفه في الحياة, وبناء حياة زوجية أهم وأبقي من الأهداف الفردية في الحياة, إن ابتسامة طفل وسعادته, تساوي الكثير من الجهد والتعب والتفاني.
والحياة الزوجية مشاركة في كل شيء, في الأيام الحلوة والمرة, في السعادة والشقاء, في النجاح والفشل, في الصحة والمرض, في الأخذ والعطاء.
والحياة الزوجية تفاهم وحب وتعاطف يجب أن يبني كل شيء فيها علي التفاهم السليم الصريح الواضح. وأن يكون الحب هو الذي يرفرف علي سماء البيت والتعاطف بين أفراده يمحو كل أثر للفشل.
وثاني أسس الحياة الزوجية, أن يتم الزواج بناء علي الرضي والاقتناع, فلا يجب أن يقدم الرجل و المرأة علي الزواج لمجرد الارتباط بالأسرة والزواج أو لمجرد أن الظروف والمجتمع اضطرتها لهذا الزواج. لابد أن يقتنع الرجل بأن هذه الزوجة هي أفضل من تصلح له. وأن سعادته سوف تكون إلي جوارها, وأنه لا يمكن أن يستغني عنها, وكذلك المرأة. أما الزواج بغير رضي واقتناع فلابد أن يصحبه بعد عدة شهور أو سنوات شعور بالندم والضيق والنفور والرغبة في التحرر من قيوده.
وثالث هذه الأسس, الصراحة التامة في كل شيء بين الخطيبين قبل إتمام الزواج. يجب أن يتصارح الإنسان في كل شيء. في السن, والدخل, والرغبات, والهوايات, والمرض, والمشاعر, حتي لا يشعر أحدهما بأنه خدع, وأنه كان ضحية كذب أو تضليل.
وآخر هذه الأسس, الفهم النفسي السليم للعلاقات الزوجية, وهذا يستلزم أن يفهم كل شريك نفسية شريكه وميوله ورغباته وحاجاته النفسية.
ومتي توافرت كل هذه الأسس, أمكن بناء حياة زوجية سليمة يمكن أن نتوقع لها كل نواحي النجاح. ومهما صادفها من مشكلات أو عقبات, تبدوغيوما تهدد بالفشل, أمكن إنقاذ الزواج والتغلب علي المشكلات والسير بالحياة الزوجية بعيدا عن المخاطر.
وهكذا يؤكد علم النفس أن نجاح الزواج ممكن, وأن توقي الفشل ممكن, وأن كل زواج يتهدده الفشل ممكن إنقاذه.. مهما بدا ذلك صعبا, فقط. يجب أن نتعب أولا وندقق أولا, ونحسن الفهم والاختيار لنتجنب الندم واليأس والفشل.