في آذار (مارس) العام الماضي، رصد قطب العقارات السويدي روجر أكيليوس تحديات مستقبلية للشركة التي أسسها قبل ثلاثة عقود وقرر بيع نسبة من الأسهم الخاصة به.
ركبت شركة أكيليوس ريزدنشال بروبرتي موجة ارتفاع أسعار العقارات وانخفاض أسعار الفائدة. الآن، قدم قطب العقارات البالغ من العمر 77 عاما خطة بسيطة "لحماية الأرباح الحالية" إلى مجلس الإدارة، بيع الأصول وسداد الديون. كتب في رسالة بريد إلكتروني إلى أعضاء مجلس الإدارة، "سنبيع الأصول في ستوكهولم، ومالمو، وكوبنهاجن، وهامبورج وبرلين".
بعد ستة أشهر، أبرمت الشركة صفقة لبيع نحو 30 ألف شقة في ألمانيا، والدنمارك والسويد لشركة هيمستادن بوستاد السويدية العقارية المنافسة، التي استخدمت ما يعادل أكثر من ستة مليارات دولار من الديون الجديدة لإتمام صفقة تزيد قيمتها على عشرة مليارات دولار.
قال ديفيد شنابس، كبير المحللين في شركة كريدت سايتس للأبحاث، "ضاعفت شركة هيمستادن حجم محفظتها الاستثمارية واقترضت للقيام بذلك. في ذلك الوقت، كنت أفكر، واحد من هؤلاء الأشخاص على حق والآخر ليس كذلك".
بعد مرور عام، مع ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم المتصاعد الذي يشكل خطرا يهدد الملاك المثقلين بالديون، يبدو أن الخطوة التي اتخذتها "أكيليوس" كانت في محلها.
في الوقت نفسه، يشعر مستثمرو السندات، الذين أقرضوا شركات العقارات الأوروبية في الأعوام الأخيرة أموالا طائلة بعوائد منخفضة جدا، بالقلق حيال هذه الشركات. الخسائر على السندات العقارية تجاوزت سوق سندات الشركات الأوسع هذا العام.
فضيحة حوكمة بارزة في مجموعة أدلر الألمانية للعقارات السكنية ألقت بظلالها على القطاع، ومنذ أن أنهى البنك المركزي الأوروبي برنامجه لشراء السندات في تموز (يوليو)، توقف إصدار الديون الجديدة.
قال أكيليوس لصحيفة "فاينانشال تايمز"، "أسعار الفائدة المنخفضة هذه ليست طبيعية. يمكنك أن تلعب مع البنوك المركزية إلى حد ما لكن لا يمكنك اللعب مع السوق بأكملها لعدة أعوام. طبيعة الاقتصاد ستأخذ بثأرها".
الآن بعد أن تلاشى تدفق الأموال الرخيصة، فإن بعض شركات العقارات الأوروبية المثقلة بالديون تخاطر بالجنوح.
بعد أن مثلت أقل من نسبة مئوية من سندات الشركات الأوروبية المستحقة في 2012، شكلت الديون العقارية نحو 6 في المائة من السوق بحلول العام الماضي، وفقا لتحليل من شركة ليجال أند جنرال إنفستمنت مانجرز.
شجع نقص المعروض من المنازل والنمو السكاني في القارة الشركات على النمو عن طريق الاقتراض. ازداد الطلب على العقارات السكنية فقط خلال الجائحة، ومع توافر الديون الرخيصة بسهولة، كان المستثمرون العقاريون على استعداد لشراء عقارات جديدة بعوائد إيجار منخفضة تاريخيا.
إضافة إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، أصبح لدى الملاك الآن تكاليف أعلى للوقود، والمواد والعمالة. ثم هناك السؤال الأهم حول كيفية تعامل المستأجرين مع ارتفاع الإيجارات، بالنظر إلى الضغط الحالي على الدخول.
جسدت شركة أدلر التجاوزات التي حدثت في أعوام التسهيلات الائتمانية. من خلال سلسلة من عمليات الاستحواذ القائمة على الاستدانة، حولت الشركة غير المعروفة نفسها إلى تكتل مترامي الأطراف امتلك 70 ألف شقة في ألمانيا.
خلف ذلك كان سيفديت كانر، قطب العقارات النمساوي الذي أشرف على ثاني أكبر إفلاس عقاري في ألمانيا عن عمر يناهز 35 عاما. من الناحية النظرية، كان له دور سلبي في شركة أدلر، بعد أن بنى حصة في الشركة عبر مؤسسة عائلته الاستثمارية، لكن في صناعة العقارات المترابطة في أوروبا، لم يكن سرا أنه كان مشاركا بشكل كبير في المجموعة.
في 2020، أخبر أحد المبلغين عن المخالفات الجهات التنظيمية والمقرضين أن كانر كان يخفي تورطه في شركة أدلر عبر "هياكل معقدة مبهمة". بعد ذلك في 2021، نشرت شركة فايسروي ريسيرش تقريرا شديد النقد عن شركة أدلر وصلتها بكانر.
كشفت المراجعة التدقيقية اللاحقة لحسابات شركة أدلر التي أجرتها شركة كيه بي إم جي عن أدلة كثيرة على أن كانر لم يكن له دور كبير في عملية صنع القرار في شركة أدلر فحسب، بل تلقى أيضا مدفوعات من الشركة.
في نيسان (أبريل) من هذا العام، رفضت "كيه بي إم جي" التوقيع على حسابات شركة أدلر ثم تخلت عن عملها بصفتها مدقق لحساباتها. لم تجد شركة أدلر بديلا حتى الآن. في الشهر الماضي، وجدت هيئة الرقابة المالية الألمانية "بافين" أن شركة أدلر قد بالغت في حساباتها لـ2019 بما يصل إلى 233 مليون يورو.
ردا على مراجعة "كيه بي إم جي"، قال رئيس شركة أدلر إنه لم يتم الكشف عن أي "تزوير وخداع". قال كانر إن التقرير "دحض مزاعم شركة فايسروي التي تضر بسمعة الشركة وشؤونها المالية".
لكن هذه الحادثة أثبتت أنها مضرة بحاملي سندات "أدلر". بعض السندات في كومة ديونها التي تزيد على سبعة مليارات يورو يتم تداول بما يزيد قليلا على 50 سنتا على اليورو. كما أنها كانت بمنزلة إنذار عام للمستثمرين.
قال جابرييل فوا، مدير محفظة استثمارية في "ألجبريس"، "وضع شركة أدلر له بعض التأثيرات المعدية، لأن المستثمرين يعيدون تقييم ما اعتقدوا أنه خطر على معاش سنوي آمن - حيث إنه أكثر خطورة في الوقت الحالي".
بالنسبة إلى البعض، تشير المشكلات في شركة أدلر إلى وجود مشكلات حوكمة أوسع عبر عالم العقارات الأوروبية.
في شباط (فبراير) الماضي، وجهت شركة فايسروي نيرانها إلى شركة إس بي بي السويدية للعقارات، مدعية أن شركة الإسكان "المدعومة بالديون" بالغت في قيمة أصولها وتضارب المصالح في مجلس إدارتها. نفت شركة إس بي بي مزاعم شركة فايسروي في بيانات صحافية.
تركزت بعض انتقادات شركة فايسروي على كومة الديون "الهائلة" للشركة. قام البائع على المكشوف بحساب نسبة "القروض إلى القيمة" الخاصة بشركة إس بي بي، مقياس الصناعة للدين إلى الأصول، بنحو 70 في المائة تقريبا، إذا كانت السندات الهجينة التي أصدرتها عبارة عن ديون، وليست أسهما.
على الرغم من أن هذا كان أعلى كثيرا من 46 في المائة التي أبلغت عنها شركة إس بي بي في النصف الأول من 2022، إلا أن الشركة قالت إن تصنيف القروض الهجينة على أنها أسهم "ليس بالأمر غير المعتاد" في العقارات. لم تفقد سنداتها قيمة كبيرة مثل تلك التي أصدرتها شركة أدلر.
في ألمانيا، تتخذ شركة فونوفيا - أكبر شركة عقارية في الدولة وأكبر مساهمة في شركة أدلر - خطوات لتخفيف الضغط على ميزانيتها العمومية.
مع تباطؤ أسواق الديون، حيث تراجعت إصدارات سندات الشركات الجديدة 16 في المائة في أوروبا في النصف الأول من 2022، أخبر رولف بوخ، الرئيس التنفيذي لشركة فونوفيا، المحللين في مكالمة أرباح أخيرا أن الشركة ستبيع أصولا بقيمة 13 مليار يورو "بأسرع ما يمكن" لتوفير النقد.
قال فيليب جروس، المدير المالي لشركة فونوفيا، "لا الأسهم الجديدة ولا السندات الجديدة تعد خيارات عملية في هذه السوق".
يتوقع المصرفيون أن تفرغ الشركات الأخرى جعبتها من العقارات لخفض الديون إلى مستويات أكثر قابلية للإدارة، لكن في حين يبتعد البعض عن السوق، فإن البعض الآخر على استعداد للشراء.
أنفقت شركة هيمستادن، ثاني أكبر شركة عقارات سكنية في أوروبا، 217 مليون يورو أخرى لشراء أكثر من ألفي منزل من شركة ساتو الفنلندية في نيسان (أبريل).
قال كريستيان فلادلاند، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة هيمستادن، إن نقص الإسكان في جميع أنحاء أوروبا يعني أن "أساسيات الاستثمارات السكنية" لا تزال قوية.
لكن المستثمرين أقل ثقة. في حين تبلغ الآن نسبة القروض إلى القيمة في شركة أكيليوس ريزدنشال بروبرتي، وهو مقياس الصناعة للديون إلى الأصول، 9 في المائة، فإن النسبة في شركة هيمستادن تجاوزت 45 في المائة في نتائج الربع الثاني.
قال فيليب ديوكس، رئيس السندات العالمية في شركة إدارة الأصول كاندريام، "لسنا إيجابيين كثيرا فيما يتعلق بالعقارات في سياق ارتفاع أسعار الفائدة. لدى القطاع كثير من الديون".
أضاف فوا من "ألجبريس" أنه كان قلقا بشأن القطاع العقاري. قال، "كانت العقارات تستفيد من الرفع المالي كثيرا. إنها دورية للغاية".
مع ذلك، فإن الشركات ليست قلقة للغاية بشأن سداد الديون حتى الآن، لأن القليل من السندات سيحين موعد استحقاقها قبل نهاية 2023 و2024. قال مصرفي، "ما تحتاج إليه لزيادة الشعور بالقلق هو محفز. إذا تحركت وكالات التصنيف بشكل استباقي مع شخص ما، أو إذا واجه شخص ما صعوبة في دفع الإيجارات أو إذا تمت إعاقته بموجب اللوائح الحكومية".
لكن مع تدهور الظروف، فإن المجموعات التي لديها فرص أقل للحصول على النقد قد تواجه صعوبات في إعادة تمويل الديون. قال مصرفي آخر، "ربما يؤدي ذلك إلى الاندماج داخل القطاع، مع تعرض الأسماء الأصغر للمتاعب ويتم الاستحواذ عليها خلال العام أو العامين المقبلين".
لم ينته مستثمر آخر طويل الأجل من البحث عن فرص في العقارات الأوروبية. وفقا لروجر أكيليوس، "في نهاية الأزمة، ستكون هناك فرص كثيرة للحصول على عقارات في مواقع جيدة في الأعوام الثلاثة أو الأربعة المقبلة".