تسرب الغاز من خطي نورد ستريم... تبادل الاتهامات بين الغرب وروسيا وخبراء يحذرون من "قنبلة مناخية"


إعلان

تبادلت موسكو وعواصم غربية الاتهامات بشأن الجهة التي تقف وراء تسرب "غير مفسر" للغاز في موقعين من الذي يربط روسيا بألمانيا في بحر البلطيق، غداة الإعلان عن تسرب للغاز في "نورد ستريم 2"، حسب ما أعلنت الثلاثاء السلطات الدانماركية والسويدية، ما أثار شكوكا حول أعمال تخريبية استهدفت الخطين الخارجين عن الخدمة بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا.

فبعد اتهام كييف لموسكو بشكل مباشر بالوقوف وراء "الهجمات الإرهابية المدبرة" ووسط تلميحات أخرى من مسؤولين غربيين وتهديدات ووعيد، دعت موسكو الأربعاء الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الكشف عما إذا كانت بلاده تقف وراء الحادث.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في تلغرام: "في 7 فبراير/شباط 2022 قال جو بايدن إن نورد ستريم سينتهي أمره إذا غزت روسيا أوكرانيا. بايدن ملزم بالإجابة عما إذا كانت الولايات المتحدة نفذت تهديدها". كما أعلنت زاخاروفا: "تعتزم روسيا الدعوة إلى اجتماع رسمي لمجلس الأمن الدولي في إطار الاستفزازات المتعلقة بخطي أنابيب الغاز نورد ستريم 1 و2".

  • "سوف نكون قادرين على القيام بذلك"

وكان بايدن تعهد حينها خلال مؤتمر صحفي جمعه بالمستشار الألماني أولاف شولتز في واشنطن: "بوضع حد" لخط أنابيب نورد ستريم 2 الذي تستخدمه روسيا لنقل الغاز إلى أوروبا عبر ألمانيا، إذا تم غزو أوكرانيا. لكن بايدن لم يوضح طريقة تعطيل هذا الخط الذي يمر تحت بحر البلطيق. وقال في رده عن سؤال لأحد الصحافيين: "نحن سوف.. أعدك.. سوف نكون قادرين على القيام بذلك".

من جهة أخرى، حذر الاتحاد الأوروبي الأربعاء من أي هجوم على منشآت الطاقة التابعة له في بيان صادر عن مسؤول السياسة الخارجية جوزيف بوريل، الذي أكد: "أي عبث متعمد بمنشآت الطاقة الأوروبية غير مقبول بتاتا وسيقابل برد قوي وموحد". كما شدد بوريل على أن "كل المعلومات المتوافرة تشير إلى أن تسرب الغاز (الحاصل في خطي الأنابيب نورد ستريم 1 ونورد ستريم 2 في بحر البلطيق) ناجم عن عمل متعمد".

بدوره، قال ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف الناتو الأربعاء بأن تسريبات خطي أنابيب نورد ستريم عمل تخريبي، مضيفا أنه ناقش حماية البنية التحتية الحيوية في بلدان الحلف مع وزير الدفاع الدانماركي. وكتب على تويتر: "ناقشت تخريب خط أنابيب نورد ستريم مع وزير الدفاع مورتن بودسكوف". وأضاف: "ناقشنا حماية البنية التحتية الحيوية في بلدان حلف شمال الأطلسي".

هذا وأكدت واشنطن الثلاثاء استعدادها لمساعدة حلفائها الأوروبيين بشأن أمن الطاقة بعد الحادث، وقالت إنها تنظر فيما إذا كان السبب يعود لعملية تخريب. كما أفاد وزير الخارجية أنتوني بلينكن بأن بلاده تنظر في تقارير تفيد بأن حالات التسرب "نجمت عن هجوم أو تخريب ما". وأضاف: "إذا تأكد ذلك، فهو لا يخدم مصلحة أحد".

وكانت رئيسة الوزراء الدانماركية ميتي فريدريكسن قالت مساء الثلاثاء إن تسرب الغاز الكبير الحاصل في خطي الأنابيب نورد ستريم 1 و2 في بحر البلطيق ناجم عن "عمل متعمد" و"ليس حادثا". وأفادت خلال مؤتمر صحفي: "الرأي الواضح الصادر عن السلطات هو أنه كانت أعمالا متعمدة. نحن لا نتكلم عن حادث".

  • أوروبا تتوعد بـ"أقوى رد ممكن"

كما قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الثلاثاء إن الحادث هو "عمل تخريبي". وكتبت على تويتر: "لقد تحدثت مع (رئيسة الوزراء الدانماركية ميتي) فريدريكسن عن الفعل التخريبي الذي استهدف نورد ستريم، معتبرة أنه من الأهمية بمكان التحقيق في هذه الأحداث وجلاء كل ملابساتها وأسبابها". وحذرت لاين من أن "أي تعطيل متعمد لبنية تحتية للطاقة في أوروبا هو غير مقبول وسيؤدي إلى أقوى رد ممكن".

واعتبرت كييف الثلاثاء بأن الحادث هو "هجوم إرهابي مخطط له" من موسكو "ضد الاتحاد الأوروبي"، لكن بدون أن تقدم أي براهين. وكتب مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولياك على تويتر: "إن تسرب الغاز على نطاق واسع من نورد ستريم 1 ليس إلا هجوما إرهابيا مخططا له من قبل روسيا وعملا عدوانيا ضد الاتحاد الأوروبي".

خط أنبوب الغاز "نورد ستريم 2" الذي يربط روسيا بألمانيا. استوديو غرافيك فرانس ميديا موند
  • تحذيرات استخباراتية وقنبلة مناخية

وكانت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) قد حذرت منذ أشهر الأوروبيين من هجوم محتمل ضد خطي نورد ستريم، حسب ما قالت جريدة وأيضا مجلة دير شبيغل نقلا عن مصادر رسمية.

وأوردت الصحيفة الأمريكية: "أصدرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تحذيرا غير محدد في يونيو/حزيران لعدد من الدول الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا، حيال هجمات محتملة ضد خطي أنابيب الغاز نورد ستريم اللذين يضخان الغاز الطبيعي من روسيا، وفق ما ذكر ثلاثة مسؤولين كبار على دراية بالمخابرات الثلاثاء".

أما فقالت: "علمنا (الثلاثاء) من الدوائر الأمنية بأن السي آي إيه سبق حذرت الحكومة الفدرالية (الألمانية) في الصيف من هجوم مماثل تحديدا. فهل لم تأخذ المستشارية هذه التحذيرات على محمل الجد؟ كعادتها، لم تشأ الحكومة الفدرالية التعليق على كل ما يتعلق بالمعلومات الاستخباراتية".

من جهة أخرى، تساءلت صحف ومواقع غربية ومنها : هل يمكن اعتبار تسرب الغاز في نورد ستريم.. قنبلة مناخية؟ وحذرت الصحيفة من عواقب بيئية وخيمة ناجمة عن الأضرار التي طالت خطي نورد ستريم في بحر البلطيق، خصوصا تسرب غاز الميثان وهو غاز دفيء قوي بشكل خاص يساهم في تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري.

في نفس الشأن، قال وزير الطاقة والمناخ الدانماركي دان يورغنسن في مؤتمر صحفي إن كوبنهاعن تقدر أن يستمر تسرب الغاز من خطوط الأنابيب غير المشغلة ولكن الممتلئة بالغاز "أسبوعا على الأقل" حتى نفاد غاز الميثان المتسرب من الأنابيب تحت الماء. وحذر من تسرب "ملايين الأطنان من غاز مكافئ لثاني أكسيد الكربون" في الغلاف الجوي. وأكد أن الغاز المنبعث وهو الميثان سوف يولد "عواقب وخيمة" على البيئة والمناخ حسب ما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية.

فإذا، من المستفيد من وقف ضخ الغاز الروسي إلى أوروبا عبر خطي نورد ستريم؟ ما التداعيات الاقتصادية وهل هي فعلا "قنبلة مناخية"؟ ولماذا لم تؤخذ تحذيرات وكالة المخابرات المركزية على محمل الجد؟ أسئلة يجيبنا عنها كل من ناصر جبارة صحافي مختص في الشؤون الأوروبية، ود. عمر الرداد خبير استراتيجي ومحلل سياسي.

  • من المستفيد من وقف ضخ الغاز الروسي إلى أوروبا عبر خطي نورد ستريم؟

يرى ناصر جبارة بأن المستفيدين من وقف تدفق إمدادات الغاز الروسية إلى أوروبا عبر خط نورد ستريم كثيرون. ويقول ههنا: "بالدرجة الأولى أعتقد أن جميع الجهات أي الحكومات أو غير الحكومات تلك المعنية ببيع الغاز إلى أوروبا هي مستفيدة من توقف الخطين. لا أعفي الأمريكيين من أن يكونوا أيضا مستفيدين. ولكن أيضا روسيا قد تكون مستفيدة من ذلك، هذا الكلام يبدو متناقضا، صحيح لأن روسيا معنية بالحصول على عائدات مالية من خلال بيع الغاز إلى أوروبا ولكن هي أيضا في الوقت ذاته، معنية بأن تمارس ضغوطا اقتصادية على الدول الأوروبية وإغراق اقتصاداتها في أزمات اقتصادية ومالية قد تنعكس على الشارع وعلى الوضع السياسي واستقرار هذه الدول. هناك مستفيدون آخرون مثل أوكرانيا التي قد تعزز بذلك دور خط دروجبا السوفياتي الذي يمر عبر أراضيها وينقل الغاز أيضا من روسيا إلى أوروبا الغربية. كما أن الأتراك يمكن أن يكونوا مستفيدين من ذلك لأن وقف نورد ستريم بخطيه يعني أن يستفيد خط ترك ستريم الذي ينقل أيضا الغاز من روسيا إلى أوروبا عبر البحر الأسود. لكن أيضا المستفيد هو كل جهة تريد أو هي معنية بأن يدخل الاقتصاد الألماني تحديدا وهو الأكبر في أوروبا في أزمات".

كما يرى د. عمر الرداد بأن السيناريوهات تتعدد ويقول: "قبل أن نتحدث عن المستفيد من وقف ضخ الغاز الروسي إلى أوروبا، يجب التحدث عن الأطراف الخاسرة. حيث تكاد روسيا تتقاسم هذه الخسارة مع الأوروبيين إذ أنها لا شك باتت تفتقد إلى سوق مهم جدا حيث يشكل الغاز الروسي 40 بالمئة من حاجات أوروبا. أيضا أوروبا كانت مستفيدة من القرب الجغرافي والأسعار التفضيلية التي تقدمها روسيا بدلالة الارتفاعات التي تقارب 500 بالمئة عما كانت عليه قبل الحرب الأوكرانية. وبالتالي تتعدد سيناريوهات المستفيدين في هذا الإطار. لكن لا يخفى أن أمريكا حققت إنجازا بدفع وتطوير سياقات الحرب إلى هذه الصيغة وهو ما عزز رغبة الانتقام بين روسيا وأوروبا بمعنى أن القطيعة تزداد ليس على الصعد العسكرية والسياسية بل أن عناوينها الرئيسية هي الاقتصاد بالدرجة الأولى. ثم إن التيار الذي يستهدف قطع العلاقة بين روسيا وأوروبا وتحديدا ألمانيا في إطار الغاز هو بريطانيا والولايات المتحدة اللتين تتخذان موقفا أكثر تشددا تجاه روسيا وتحاولان محاصرتها اقتصاديا وسياسيا بالإضافة للجانب العسكري عبر الحرب في أوكرانيا".

  • ما هي تداعيات الحادث الاقتصادية وهل نحن أمام "قنبلة مناخية" فعلا؟

يقول الخبير في الشأن الأوروبي ناصر جبارة: "في الوقت الراهن يبدو لي أن التبعات الاقتصادية ليست كثيرة لأن الخطين متوقفان حيث إن نورد ستريم 1 متوقف عن ضخ إمدادات الغاز الروسية منذ أغسطس/آب 2022. إذا فالتداعيات لن تكون كبيرة في وقت تبحث الدول الأوروبية وألمانيا عن مصادر بديلة للطاقة الروسية، وهذه استراتيجية أوروبية نافذة للاستغناء عن موسكو من خلال تنويع الموارد والاعتماد على الغاز المسال. وبالنسبة للتداعيات على المناخ فبالطبع قد يتحول هذا الحادث إلى كارثة مناخية تحديدا لأن المسألة تتعلق بانبعاثات غاز الميثان السام جدا حتى إنه أخطر من غاز ثاني أكسيد الكربون. هذا الحادث يمثل تهديدا بيئيا واقتصاديا" في آن.

بدوره، يقول الخبير الاستراتيجي د. عمر الرداد: "لا شك أن حوادث تسرب الغاز، سواء ما جرى في بحر البلطيق قبل يومين أو على صعيد نورد ستريم 1 المار عبر الأراضي الأوكرانية واحتمالات تعرض هذا الخط للتخريب أو تسرب الغاز، سيترتب عنهما مشاكل وعقبات على صعيد سلامة المناخ إضافة إلى التداعيات الاقتصادية. ومقاربة المناخ في أوروبا هي مرتبطة بمسائل الأمن البيئي، ويجب أن نتذكر أن أوروبا في الإطار العام والمفاهيم العامة أعادت النظر بقضايا المناخ والبيئة بالتحول من الاعتماد على الغاز إلى الطاقة النظيفة وفق خطط كانت معدة مسبقا للتطبيق في أفق نهاية هذا العقد.  لكن نرى اليوم عودة إلى استخدام الفحم الحجري وتشغيل المحطات النووية لتوليد الكهرباء، كل ذلك في ظل العجز عن إيجاد بدائل للغاز والنفط الروسي. ويبدو أن جولة المستشار الألماني أولاف شولتز قبل يومين في دول الخليج جاءت ضمن هذا الإطار بهدف تنويع مصادر النفط والغاز، إلى جانب المساعي للاعتماد على الجزائر ونيجيريا وبعض الدول الأفريقية. هناك حديث عن بناء استراتيجيات خطوط أنابيب في هذه المناطق لإيصال الغاز إلى أوروبا".

  • ماذا عن تحذيرات وكالة المخابرات المركزية من هجوم محتمل على نورد ستريم؟

أكد ناصر جبارة وجود "تحذير من المخابرات الأمريكية بحسب المجلة الألمانية الوازنة دير شبيغل التي نقلت عن مصادر حكومية ألمانية أن السي آي إيه حذرت منذ أسابيع الحكومة الألمانية من تعرض خط الغاز نورد ستريم إلى هجمات محتملة، علما بأن هذه الهجمات الثلاث حدثت في المياه الإقليمية السويدية والدانماركية وليس في المياه الإقليمية الألمانية كما تؤكد وكالة الطاقة الاتحادية. ألمانيا في هذا الموضوع تعتبر كما السويد والنرويج أن ذلك عمل تخريبي رغم عدم اتضاح الكثير حيال التحذيرات الأمريكية السابقة، لكن الحكومة الألمانية لم تنف هذا الخبر الذي أوردته دير شبيغل بأنها تلقت بالفعل تحذيرات من وكالة الاستخبارات الأمريكية علما بأن المتحدث باسم الحكومة الألمانية لا يعلق في العادة على معلومات استخباراتية تحديدا عندما يتعلق الموضوع بأجهزة استخبارات أجنبية".

من جانبه، يرى د.عمر الرداد: "أعتقد أن هذه التحذيرات مرتبطة بسياسات وتوجهات أمريكية لكن رغم أن الولايات المتحدة لها مصلحة عبر تحذير الأوروبيين من هجوم محتمل على خط نورد ستريم، لا أعتقد أن المخابرات الأمريكية تذهب إلى هذا التحذير بدون وجود معلومات استخباراتية حقيقية لديها تمكنت من الحصول عليها عبر مصادر مختلفة بشرية وتقنية. نتذكر اليوم أن أحد أوجه هذه الحرب الشاملة بين روسيا والغرب في عناوينها الرئيسية هو المعلومات الاستخباراتية التي توفرها الأجهزة الأمريكية والأوروبية حول نوايا وتوجهات روسيا. أعتقد أنها تلعب دورا في العمليات العسكرية الجارية في أوكرانيا والتحذير من نوايا وخطط الروس العسكرية وغير العسكرية".

أمين زرواطي

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24

تاريخ الخبر: 2022-09-28 18:16:25
المصدر: فرانس 24 - فرنسا
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 83%
الأهمية: 92%

آخر الأخبار حول العالم

مركز دراسات مصري : المغرب رائد إقليمي في مجال صناعة السيارات

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 18:25:06
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 70%

مجلس الحكومة يصادق على مقترحات تعيين في مناصب عليا

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 18:25:15
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية