محطات مسار العائلة المقدسة بالقاهرة الكبري.. احتفالية ثقافية
محطات مسار العائلة المقدسة بالقاهرة الكبري.. احتفالية ثقافية
حراك ثقافي وتعاون بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني حول المشروع القومي إحياء مسار العائلة المقدسة.. ففي الأسبوع الماضي عرضنا علي صفحات جريدة وطني ندوة ثقافية في رحاب المجلس الأعلي للثقافة, وهذا الأسبوع تعاونا مثمرا بين جمعية محبي التراث القبطي ومركز الحضارة وإبداع الطفل بمصر الجديدة, حيث أقيمت يومي الأحد والاثنين من الأسبوع الماضي, بمركز الحضارة في مصر الجديدة, وتضمنت الاحتفالية محاضرات علمية وفقرات ترانيم وأغاني وطنية بصوت كورال مارمرقس وكورال سمعان الشيخ.
وإلي جانب هذا البرنامج الثري, تم افتتاح معرض فني يضم أعمالا متنوعة من الأيقونات من أعمال 34 فنانا وأعمال النسيج والكليم المصري.. وشارك في الافتتاح نيافة الحبر الجليل الأنبا مارتيروس أسقف عام كنائس شرق السكة الحديد, والأستاذ الدكتور مصطفي جاد عميد معهد الفنون الشعبية, والأستاذ الدكتور أسامة عبدالوارث مدير متحف الحضارة وإبداع الطفل وعضو المجلس التنفيذي للمجلس الدولي للمتاحف, والمهندس سامي متري رئيس جمعية محبي التراث القبطي, والأستاذة الدكتورة شذي إسماعيل أستاذة الآثار والفنون القبطية بكلية سياحة وفنادق جامعة حلوان ومدام رينيه يعقوب ـ أحد الأعمدة الأساسية من أعضاء جمعية محبي التراث القبطي.
بدأت الجلسة الافتتاحية بكلمة ترحيب من الأستاذ الدكتور أسامة عبدالوارث مدير متحف الحضارة وإبداع الطفل قال فيها: يتشرف مركز الحضارة والإبداع باستضافة هذه الاحتفالية الثقافية عن مسار العائلة المقدسة بالقاهرة الكبري علي مدي يومين, وأرحب بتشريف نيافة الحبر الجليل الأنبا مارتيروس لهذا المكان الذي أضفي عليه من بركاته ودعواته ولقائه مع السادة الحضور وأرحب أيضا بالأستاذ الدكتور مصطفي جاد عميد معهد الفنون الشعبية والمهندس سامي متري رئيس جمعية محبي التراث القبطي.
واستهل كلمته: أرحب بكم جميعا في هذا المكان الذي طالما يجمع الأسرة المصرية في احتفالاتها ومنتديات الثقافية. ونحن نعتبر هذا المركز إحدي المنارات لجمعية التراث القبطي والتي تحتضن لقاءاتها.. وأتمني للجميع أن نشهد خلال اليومين لقاءات وحاضرات علمية يستفيد منها الحضور وتضيف لنا بصمة مضيئة أخري عن هذا المسار الذي نتمني أن يكون مسارا روحيا لكل مسيحيي العالم.
ومن جمعية محبي التراث القبطي, افتتحت مدام رينيه يعقوب ـ سكرتير عام الجمعية ـ الجلسات النقاشية والمحاضرات ورحبت بالتعاون مع مركز الحضارة والإبداع من أجل إقامة هذه الاحتفالية وقامت بالتعريف برؤية الجمعية وإنجازاتها وبدء نشاطها عام 1998م بهدف وطني لإلقاء الضوء علي مرحلة زمنية من تاريخ مصرنا الحبيبة ـ وهي المرحلة القبطية من بداياتها في القرن الثاني قبل الميلاد إلي القرن السابع بعد الميلاد وهي فترة غنية بالروح المصرية الشعبية بسمات الشعب المصري. كذلك تنمية الوعي بأهمية التراث القبطي أنه تراث لكل المصريين من خلال إقامة الندوات التثقيفية والمؤتمرات والرحلات وزيارات أماكن الآثار القبطية. إضافة إلي تشجيع الدراسات والأبحاث وكل ما يتعلق بالدراسات في ظل هذه الحقبة التاريخية.
في نفس السياق رحب المهندس سامي متري ـ رئيس الجمعية ـ بالحضور, وشرح برنامج الاحتفالية ـ التي استمرت علي مدار يومين ـ وأوضح أن الهدف من هذا الحدث هو فتح المجال لتناول موضوع مسار العائلة المقدسة في نقاط القاهرة الكبري من زوايا مختلفة ورؤي تاريخية وسياحية وفنية, علي أمل أن نقوم بإقامة احتفالات أخري لباقي نقاط المسار. ونوه أن الجمعية تحتفل أيضا بتخريج مجموعة من الشباب الفنانين واجتيازهم مرحلة تعلم الفن بما أسفر عن إنتاج المعرض الموجود في هذه الاحتفالية.
الجلسة الأولي: ملف التراث اللامادي أمام اليونيسكو
بدأت الجلسة الثقافية الأولي بعنوان ترشيح ملف العائلة المقدسة علي القائمة التمثيلية للتراث الإنساني ومقررها الدكتورة ميرفت ثابت ـ استشاري الترميم بوزارة الآثار.
وألقي الكلمة الأستاذ الدكتور مصطفي جاد ـ عميد معهد الفنون الشعبية ـ وجاءت كلمته للحضور عن أحداث مهمة متعلقة بمسار العائلة المقدسة خلال الثلاث سنوات والنصف سنة الماضية.. وأوضح أنه في علم التراث يوجد ما يعرف بالتراث الشعبي أو الفولكلور وهذا التراث يتم فيه دراسة العادات والتقاليد الخاصة بكل شعب ـ من ألعاب, مأكولات, ملابس, أمثال, رقص شعبي..
في عام 1945 نشأت مؤسسة اليونيسكو لحفظ السلام في العالم وجاءت اليونيسكو عام 1972 باتفاقية اسمها اتفاقية التراث العالمي والتي تهتم بأي تراث موجود في أي بلد في العالم وتسعي للحفاظ عليه أو ترميمه أو تسجيله عالميا ضمن بياناتها. وكانت لها يد في إنقاذ معبد فيلة من الغرق.
في عام 2003 اكتشفوا تراثا ثقافيا غير مادي فقاموا بإبرام اتفاقية لصون التراث الثقافي غير المادي وهو الذي يحافظ علي العادات والتقاليد وكل التراث الشعبي لأي دولة. ومصر بمشاركاتها في هذه الاتفاقية عام 2005م قامت بعمل قائمة حصر لكل موضوعات التراث الشعبي الموجود في بلدنا, ثم يتم تقديم قائمة الصون العاجل للتراث الذي يقترب من الاندثار مثل حرفة صناعة البردي.. ويوجد قائمة اسمها القائمة التمثيلية ويندرج تحتها السيرة الهلالية ولعبة التحطيب وفن الأراجوز وأيضا الاحتفالات الشعبية المرتبطة بالعائلة المقدسة.
شرح الدكتور جاد للحضور كيف تم العمل ورصد كل الاحتفالات المتعلقة بالعائلة المقدسة ـ بدءا من احتفال دخول العائلة المقدسة مصر وتاريخه الأول من يونيو مرورا بكل احتفال ثابت له تاريخ آخر علي مسار العائلة المقدسة, وكذلك الاحتفالات الشعبية التي تخص العذراء مريم.. من أول العريش, تل بسطا, القاهرة, الشرقية, الصعيد إلي أن وصلنا لجبل الطير ودير المحرق ودير درنكة في أسيوط.
وتم تحرك فرق بحثية ورصد من وزارة السياحة والآثار ووزارة الثقافة لكي نتحرك وسط المجتمع في تلك النقاط ونسمع منهم خبراتهم عن هذه الاحتفاليات ونرصد كل تفاصيل الاحتفالات, وذلك لتقديم بحث كامل لليونيسكو عن هذه الاحتفالات الشعبية من تراث مصر الشعبي.. ومن هنا يعرف العالم كله هذا التراث المصري وينتج عن ذلك زيارات سياحية تحدث رواجا اقتصاديا وعائدا سياسيا وتنمويا.
ومن ضمن المطلوب لتسليم هذا الملف كان فيلما تسجيليا مدته 10 دقائق للتعبير عن الاحتفالات الشعبية خارج الكنيسة, وتعبر عن الشعب ببساطته.
ويشارك في هذا الملف تقارير من كل الجهات المخلتفة في مصر من وزارات وأمن وشعب هذه المناطق وجمعيات المجتمع المدني أيضا. كذلك يتضمن الملف أسئلة كثيرة جدا وشرحا تفصيليا استغرق عامين ونصف للانتهاء منه.
روي جاد علي الحضور أن ملف مسار العائلة المقدسة المقدم لليونيسكو كان من أهم الملفات المقدمة كتراث لامادي, ومن النقاط المؤثرة في إعداد هذا الملف أنه من ضمن الطلبات المطلوبة لتقديم الملف كانت توقيعات المجتمع المحيط بالملف المعني تسليمه, وهنا وجدنا أكبر عدد توقيعات من دولة واحدة في تاريخ اليونيسكو لهذا الملف المبارك, فوصلوا إلي 500 توقيع, ففي غلب الملفات التي قدمت لم يسلم أكثر من مئة توقيع.
ثم تم عرض فيلم تسجيلي لشرح الاحتفالات المختلفة في كل نقاط مسار العائلة المقدسة, ورصد هذا الفيلم طرق الاحتفالات المختلفة من زفة الأيقونات ومسرحية تجسد العائلة المقدسة وهي تتحرك في أرض مصر علي الحمار.
الجدير بالذكر أن كل من رصد وقام بإعداد هذا الملف هم من شبابنا المصريين الذين يهتمون بتوثيق التراث المصري الغني.. وفي نهاية كلمته أعلن عن انتظار إعلان نتيجة هذ الملف الذي استغرق سنوات, رسميا في شهر ديسمبر.
الجلسة الثانية: مشروعات علي نقاط مسار العائلة المقدسة
جاءت الجلسة الثانية بعنوان محطات رحلة العائلة المقدسة بالقاهرة الكبري ومقررها الأستاذة هدي خزام وألقي المحاضرة الأستاذ الدكتور سامي صبري.
أكدت الكلمة علي أهمية تطوير تخطيط المنطقة المحيطة لكل نقطة علي مسار العائلة المقدسة, لتكون جاذبة للسياحة وتوفر للمجتمع المحيط خدمات تجعله يعرف ويقدر الأثر الموجود بجواره.
بدأ الدكتور سامي صبري بشرح بعض أمثلة مشروعات مقترحة في بعض نقاط مسار العائلة المقدسة أو نقاط ظهرت فيها العذراء مريم بالقاهرة الكبري.
وتكلم الدكتور عن مشروع في منطقة الزيتون التي ظهرت بها العذراء مريم في قبة الكنيسة الأثرية, في أبريل 1968م ولما تأكد الرئيس جمال عبدالناصر من هذا الظهور, أهدي أرض الجراج إلي الكنيسة للتوسع بأبنية, فبنيت الكنيسة الكبيرة هناك. وجاء بعدها فرصة لعمل مشروع تخطيطي لمنطقة كنيسة العذراء, فقمنا بدراسة الوضع الراهن من المباني المحيطة من مساكن ومبان تعليمية وغيرها ودراسة حالات المباني, واستطعنا عمل تصميم معبر عن أهمية المكان بما يتناسب مع بركة ظهور العذراء مريم بحيث يتيح الفرصة لكبار الزوار والسياح التوفد علي المكان مع تقديم خدمات للمجتمع المحيط.
والمشروع الثاني الذي تم عرضه كان مشروع مقترحا بالمطرية عند نقطة شجرة مريم والبئر المقدسة.. وكان هذا المشروع مخططا لربط الشجرة والبئر بالكنيسة الكاثوليكية الموجودة بجوارها والتي يوجد بها شجرة ولبدة من الشجرة الأصلية التي استظلت تحتها العذراء مريم والطفل يسوع المسيح.
وعرض الدكتور صبري رسومات المشروع المقترح للمنطقة وشرح كيفية عمل هذه الأعمال من رصد ورسم ودراسة الخرائط التاريخية للرجوع لأصل المنطقة إن أمكن.
وروي لنا كيف تم إنقاذ الجيل الثالث من شجرة مريم الأصلية بعد تعرضها لدمار وضعف شديدين, وتم إعادتها لحالة جيدة إلي أن أثمرت مرة أخري.
وعرض سريعا مشروعات تخطيطية لتطوير نقاط من المسار منها: مسطرد والمعادي ومشروع كنيسة أبي سرجة ومشروع حارة زويلة بمصر القديمة.
الجلسة الثالثة: جهود الدولة في توثيق التراث المادي واللامادي
تناولت الجلسة الثالثة جهود الدولة في توثيق التراث المادي وغير المادي برحلة العائلة المقدسة, ومقررها الأستاذة الدكتورة شذي إسماعيل, وألقي المحاضرة الدكتور أحمد النمر من المكتب العلمي التابع لوزير السياحة والآثار.
وتناولت محاضرته الكلام عن ما تم من قبل الدولة في ملف مشروع العائلة المقدسة قال: بدأنا بعملية توثيق هذا المسار ومن أهم ما توصلنا له أننا استطعنا تقسيم التراث الخاص بالمسار لتراث غير مادي وتراث شفهي, والقسم الثاني كان التراث المادي المرتبطة بالآثار والمباني من كنائس وأديرة مرتبطة بالعائلة المقدسة.
أما العنصر الثالث: فكان الاحتفالات الشعبية التي تقام في ذكري دخول العائلة المقدسة مصر وأيضا وقت الاحتفالات بمواسم العذراء مريم, وهذا الملف هو ما تولاه الدكتور مصطفي جاد وقدمه لليونيسكو.
وخرج من كل هذا البحث والرصد 20 نقطة بها تراث مادي وتراث غير مادي ومنها نقاط بها آثار تابعة لوزارة الآثار.
الاهتمام بالمسار بدأ عام 1998م, وتم عمل وقتها مشروعات في المطرية, ثم توقفت وعاد تسليط الضوء عليه 2015م وبدأ وقتها دراسة المشروع بشكل أوسع لأن أغلب تلك النقاط موجودة في مناطق بها نسيج عمراني مزدحم, فكان يجب إعادة تأهيل لمناطق كثيرة للزيارات السياحية.
بدأنا برقمنة المواقع والرفع المساحي والجغرافي والمعماري للنقاط, ثم توالت عملية الترميمات والتطوير بشكل عام.
وتعاونت جهات كثيرة لإتمام هذا المشروع منها وزارة السياحة والآثار ووزارة التنمية المحلية ووزارة الثقافة والكثير من الوزارات المعنية لاستكمال الاحتياجات وتضافرت كثير من الجهات لإنجاز هذا المشروع إيمانا بقيمته العالية وتأثيره الإيجابي علي السياحة.
وتم تطوير نقاط كثيرة ورفع كفاءتها وتحسين البنية التحتية فيها منها: نقطة تل بسطا, وسمنود حيث تم ترميم شامل للكنيسة وإعادة تأهيل الطريق المؤدي للكنيسة, ومنطقة أديرة وادي النطرون ـ التي تعرضت لسيول من عدة سنوات وتدمير كبير في مبانيها وفي الطرق المحيطة بها, وكذلك شجرة مريم بالمطرية والبئر المقدسة بكنيسة أبي سرجة بمصر القديمة تم العمل علي المياه الجوفية التي ملأت المغارة الأثرية بها وتم ترميم الكنيسة كلها, أيضا منطقة الطير التي تم تطوير الطرق المؤدية لها وإعادة تأهيل المباني والأسوار من حول الكنيسة الأثرية, والعديد من النقاط الأخري.
وأخيرا قامت الدولة بتقديم ملف التراث غير المادي لليونيسكو حتي يعرف العالم قيمة هذا الكنز.
الجلسة الرابعة: رؤي تاريخية وأثرية وفنية في نقاط المسار
جاءت الجلسة الرابعة بعنوان رؤي أثرية, فنية وتاريخية لمحطات رحلة العائلة المقدسة بالقاهرة الكبري. ومقررها الأستاذ الدكتور ماجد فهمي, وألقت المحاضرة الأستاذة الدكتورة ماري ميساك.
وبدأت كلمتها بالتركيز علي نقاط المسار بالقاهرة الكبري وكيفية الاستفادة من هذه النقاط بما يتناسب مع قيمتها.
وأكدت ميساك أنه يجب أن نصيغ رؤية تكون فعالة وتشجع القائمين علي المشروع لتنفيذها علي أرض الواقع في هذا المشروع القومي الذي هدفه تنمية المجتمع المحيط بكل نقاط مسار العائلة المقدسة, وأن الاستفادة من محطات هذا المسار غير كافية وغير مرضية مقارنة بقيمة هذا المسار الروحية, وبقيمته السياحية التي يمكن أن يكون لها مورد اقتصادي هائل لو تم تسويقه جيدا وبالشكل الصحيح.
في هذا البحث سيتم التطرق لنقاط المسار في القاهرة الكبري, منها: منطقة المطرية حيث شجرة مريم, ومنطقة الزيتون حيث ظهرت العذراء مريم للمصريين جميعا, وحارة زويلة بمصر القديمة والمعادي ومسطرد.
نحتاج تحديد نقطة القوة لكل موقع من النقاط, فكل نقطة تشتهر بتاريخها أو تميزها الفني أو الأثري لكي نتعامل مع مميزات كل نقطة وإبرازها أمام السائح وتخطيط حملة الجذب مع شركات السياحة علي حسب تلك القوي.
شجرة مريم بالمطرية يمكن عمل دعاية بقصتها وتاريخ زيارات البركة التي جاءت إليها, وكذلك يمكن الترويج الفني لها بالأيقونات المعاصرة الموجودة في النقطة, وكذلك ممكن دمج تاريخ المنطقة المحيطة بتاريخ جامع المطراوي والمسلة الفرعونية والقصر الموجود هناك.
وإذا تناولنا منطقة الزيتون وظهور العذراء مريم, التي ممكن أن تكون جاذبة للسياحة الخارجية مثل لورد في فرنسا والتي تجذب حجاجا كثيرين إليها.. وممكن العمل علي الدعاية لها بترويج أثري فني وتاريخي وممكن نشجع حتي زيارة قصر القبة هناك. هذه المنطقة قوية سياحيا, لكن تحتاج لتكاتف رجال الأعمال والمجتمع المدني مع الدولة لتطويرها.
وإذا وصلنا إلي مصر القديمة فهناك الجذب السياحي في تاريخ وجود العائلة المقدسة بمغارة أبي سرجة, وفي الأيقونات نجد في هذه المنطقة حصن بابليون خلف العائلة المقدسة وهذا يعطينا تاريخا قديما نتكلم عنه أيضا من خلال الفن, وكذلك الأثر الواضح في جمال المبني من الداخل في أعمال الخشب والرخام الجميلة الموجودة, وخارجيا في كل عناصر المبني القديم والعمارة وتخطيط الكنيسة في العصر المسيحي المبكر.
ثم ننتقل إلي حارة زويلة, ونشاهد الاكتشاف الحديث بها وهو صهريج ماء قديم, وشكل الكنيسة وأعمدتها والأيقونات الموجودة بها.. فبحسب تصنيفاتنا اليوم نستوفي المحاور الثلاثة, فنيا وتريخيا وأثريا. لكن تحتاج إلي تنميتها في محيط الكنيسة, لكي تكون مهيئة للزيارات السياحية.
ومنطقة المعادي وتراثها غير المادي والمعجزة التي حدثت هناك, وأيقونة السيدة العذراء والإنجيل الأثري المكتشف في النيل, وتاريخ تحرك العائلة المقدسة من السرداب الموجود.. يمكن دمج السياحة من هنا بالسياحة النيلية للتحرك للصعيد.
وأخيرا منطقة مسطرد ومغارة المحمة, وأيقوناتها الشهيرة بفنها النادر.. فهي تحتاج إلي ترميم للكنيسة وتنمية للمنطقة المحيطة.
مهم جدا ترميم الأثر المادي في كل نقطة والتركيز علي رؤية كل نقطة منهم لتحقيق الجذب السياحي المناسب لكل نقطة, ويكون لنا خطة استراتيجية لجذب السياحة وعمل خطة تسويق.
الجلسة الخامسة: العائلة المقدسة في المتحف القبطي
جاءت الجلسة الخامسة بعنوان رحلة العائلة المقدسة كما صورت من خلال مجموعات المتحف القبطي. ومقررها مدام رينيه يعقوب, وألقت المحاضرة الأستاذة جانيت جاد الكريم.
واستهلت كلمتها عارضة كيفية تأسيس المتحف القبطي ومن الذي فكر أن يجمع قطعا من التراث القبطي في مكان وكيف أنشئ كيان للآثار القبطية. أول من فكر لعمل هذا الكيان كان جاستون ماسبيرو عالم الآثار خلال القرن الـ19 وبالفعل خصص قاعة في المتحف المصري. وفي عام 1897 أرسل ـ كبير مهندسي الحفاظ علي الآثار العربية ـ ماكس هيرمز رسالة لحسين باشا فخري وزير الأشغال العامة ومفادها أن الفن الإسلامي أصبح له متحف, أما الفن القبطي فمن المنتظر وجود متحف له.. ولاقي هذا الطلب القبول عام 1898م وعرضوا الفكرة علي البابا كيرلس الخامس, ولكن الأعمال توقفت.. وهنا يأتي دور مرقس سميكة باشا الذي كان لديه نفس الفكرة وبدأ يجمع تبرعات كثيرة ليستطيع عمل كيان للتراث القبطي وكان أكبر متبرع في ذلك الوقت الأمير حسين كامل.
في عام 1910م اكتمل بناء المتحف القبطي وبدأ بدورين وكان به سبع قاعات فقط, أما الآن فهو به 26 قاعة غير مكان العرض المكشوف.
ولا ننسي دور الأستاذ مرقس سميكة باشا وكيف كان يجمع القطع الأثرية في عهد البابا يوساب الثاني.. حتي أن المتحف أصبح يحافظ علي آثار تكاد تكون ليس لها مثيل مثل آثار باويط (آثار قبطية شمال غرب أسيوط).
ومن الكنوز القبطية التي تذكر حياة العائلة المقدسة عبر حياة المسيح كلها, منها الأيقونات ويعبر فيها الفنان عن رموز كثيرة بألوانها الطبيعية, ومشاهد تراثية عن رحلة الطفل يسوع عبر الأراضي المصرية.
وثاني عنصر من مقتنيات المتحف القبطي هو المخطوطات التي تسرد التاريخ منها مخطوط إنجيل متي لنهرين قبطيا وعربيا مفتوحا علي الأصحاح الثاني الذي يذكر ظهر الملاك ليوسف النجار وأمره أن يأخذ الصبي وأمه ويهرب إلي مصر.
ومخطوط عجائب السيد المسيح منذ الطفولة عندما كان في مصر من القرن الـ18, وكذلك توجد ميامر عن معجزات السيدة العذراء. وثالث عنصر هو النسيج الذي يصور هروب العائلة المقدسة إلي مصر.
واستمرت الأستاذة جانيت في شرح كنوز أثرية من مقتنيات المتحف القبطي, منها أيقونات فريدة عن السيد المسيح في الهيكل وهو طفل, وأيقونة ميلاد يوحنا المعمدان.
الجلسة السادسة: رحلة العائلة المقدسة.. رؤية سياحية
الجلسة السادسة بعنوان رحلة العائلة المقدسة.. رؤية سياحية ومقررها مدام رينيه يعقوب, وألقي المحاضرة الأستاذ الدكتور نادر ألفي.
وبدأ كلامه بالتحدث عن أنماط السياحة وعرف مسار العائلة المقدسة ضمن نمط السياحة الدينية.
وقام بتعريف السياحة الدينية بشكل عام, التي تعتبر في مصر معابد يهودية وآثارا مسيحية وآثارا إسلامية. وتعتبر السياحة الدينية حول العالم من أعلي الأعداد سياحيا بسبب الهدف الروحي الذي يتوجه إليه السياح.
وأكد علي أن المسئولين عن تنمية هذا المسار, هم الوزارات والكنيسة ورجال الدين والمجتمع المدني, كذلك الهيئات وشركات السياحة والفنادق والمنتجعات وأيضا الفنانين من رسامين ونحاتين وصناع السينما ومدرسي المدارس والصحافة والإعلام.. وكلهم لهم دور كبير في الترويج لهذا المسار..
هدفنا هو الوصول إلي نقطتين هما: تنمية المجتمع والاقتصاد من أجل أن يفيد كل منهما الآخر. ويجب علينا إحداث زخم عالي ليصل كلامنا لكل مصر وليس لفئات معينة فقط. ويجب دراسة الأسواق السياحية التي ممكن تتكالب علي هذه المزارات.
أيضا يجب أن نزيل كل المعوقات في كل نقطة بالتفصيل, فبرغم جهود الدولة الملحوظ لكن علينا استكمال احتياجات كل مكان مجتمعيا وفنيا.
قدم الدكتور نادر اقتراحات لتحسين نقاط المسار, حيث تحتاج النقاط إلي استكمال بيانات من رسومات وصور ورصد الواقع, وكذلك الترويج السياحي لتلك النقاط وأيضا السعي لخلق موارد ذاتية تميز موقعا من المواقع والعمل علي تنمية المناطق اقتصاديا.
وأنهي كلامه بأهم شيء وهو تكاتف الأطراف وفهمها ووعيها لدورها في جميع الاتجاهات لإحداث تنمية مستدامة ومؤثرة.
توصيات الاحتفالية الثقافية
في آخر فعاليات الاحتفالية تم فتح باب المناقشة للخروج بمجموعة من التوصيات يمكن أن توجه إلي المسئولين عن هذا المشروع القومي:
التركيز علي النقاط الأقل شهرة في مسار العائلة المقدسة ودراستها جيدا لرفع قيمتها وجذب السياح إليها.
تسليط الضوء علي المجتمع المدني ودعوته للتكفل بمسئولية توعية المجتمع حول كل النقاط.
تعديل المناهج بإضافة مادة عن زيارة العائلة المقدسة لمصر.
التنسيق مع وزارة السياحة لتجنب أنماط السياحة التقليدية والعمل علي تعديل وتغيير السياحة بأفكار جديدة لتشجيع زيارات متنوعة وتشجيع تعدد الزيارات من قبل الزوار من خارج مصر.
العمل علي الوعي المجتمعي بالآثار المحيطة بهم, وتشجيعهم لمعرفة قيمة هذا المكان وإشراكهم في وظائف حول المكان.
توثيق آثار نقاط المسار بشكل علمي, حتي يتم توحيد المعلومات.
الاستغلال الأمثل لكل نقطة علي المسار ليعرفها الزائر ويفهم كل جوانبها الفريدة.
يجب علي كل فرد في موقعه أن يدرك أهمية مسئوليته لتوصيل المعلومة.
توعية الأطفال وتقديم مادة لهم من الأفلام المتحركة عن هذا المسار.
مخاطبة الشباب لمعرفة ما يجذبهم للتواجد في المسار.
مطالبة وزارة السياحة والآثار لاستكمال المخطط الاستثماري للإعلان عنه لرجال الأعمال والمجتمع المدني للمساهمة في المشروعات المطلوبة.
الكورال يترنم من أجل السلام علي أرض مصر
في فقرة فنية ضمن الاحتفالية قدمها كورال مارمرقس وكورال سمعان الشيخ في فقرة ترانيم وألحان وأغان وطنية تضمنت أغاني مصرية وترانيم منها لحن أبؤورو, يارب مصر بتندهلك , مبارك شعبي مصر, احفظ بلادنا يارب, بارك بلادي..
وترسيخا للهوية المصرية تغني الكورال بالنشيد الوطني باللغة القبطية والعربية.. وهذا النشيد أعده باللغة القبطية نيافة الأنبا ديمتريوس أسقف ملوي ورئيس قسم اللغة القبطية بمعهد الدراسات القبطية مع أخته تاسوني أنجيل باسيلي زوجة المتنيح القديس القمص بيشوي كامل, في عام 1986م.
تكريمات
في لافتة شكر ومحبة من جمعية محبي التراث القبطي تم تكريم كل من شارك في إتمام هذه الاحتفالية ومنهم: الأستاذ الدكتور أسامة عبدالوارث, والمهندس سامي متري, والأستاذة الدكتورة شذي إسماعيل ومدام رينيه يعقوب سكرتير عام الجمعية, ومقررين الجلسات منهم الدكتور ميرفت ثابت, الدكتورة هدي خزام.
والسادة المحاضرين وهم: الأستاذ الدكتور مصطفي جاد, الأستاذ الدكتور سامي صبري, والدكتور أحمد النمر, والدكتورة ماري ميساك والدكتور نادر الألفي والأستاذة جانيت جاد الكريم من المتحف القبطي.. وكذلك تم تكريم أعضاء فريق الكورال وفنانين المعرض الفني.
وتم أيضا تكريم صحفيي وطني علي مجمل أعمالهما الصحفية في ملف العائلة المقدسة والمشاركة في هذا الاحتفال أيضا كأعضاء مؤسسة مصر المباركة والتي تهتم بالخدمة المجتمعية في نقاط هذا المسار وتهتم أيضا بالترويج لهذا المشروع القومي داخل مصر وخارجها.