الحكومة الفرنسية تريد قانوناً جديداً يسهل ترحيل الأجانب غير المرغوب بهم عن أراضيها


مرة جديدة، يعود ملف المهاجرين إلى واجهة الأحداث في فرنسا، وهذه المرة من زاوية كيفية العمل لتسريع ترحيل الأجانب الذين صدرت بحقِّهم مذكرات قضائية، ورغم ذلك ينجحون في البقاء على الأراضي الفرنسية. وتفيد الأرقام الرسمية بأن 120 ألف أمر ترحيل يصدر كل عام عن الجهات المختصة، ولكن ما يُنفَّذ منها لا يزيد على 10 %. وهذا يعني عملياً أنه خلال 5 سنوات، هناك نصف مليون أجنبي إضافي يقيمون على الأراضي الفرنسية ولا تحقُّ لهم الإقامة. من هنا فإن الحكومة الفرنسية بصدد التحضير لمشروع قانون سيُعرَض، بداية العام المقبل، على مجلسي النواب والشيوخ، وغرضه معالجة هذا الوضع ورفع العراقيل والعوائق القانونية والعملية التي تحُول دون تنفيذ قرارات الترحيل. وتجدر الإشارة إلى أنه منذ عام 1980 جرى استصدار 28 قانوناً يتناول الأجانب والهجرات بشكل عام.
حقيقة الأمر أن استشعار حاجة الحكومة لقانون جديد يبين إما قصوراً في التنفيذ، وإما أن تغير المزاج الشعبي بشأن ملف الهجرات، وتحديداً استقواء التيار اليميني المتطرف الذي انعكس بوصول 89 نائباً عن حزب «التجمع الوطني» الذي تقوده مارين لوبن، المرشحة السابقة لرئاسة الجمهورية، يدفعان الحكومة للتشدد في موضوع الأجانب. وغرضها، إضافةً إلى توفير مزيد من الفعالية، حماية نفسها من الانتقادات التي تتعرض من اليمين بجناحيه الكلاسيكي والمتطرف الذي يتهمها بـ«الميوعة» في التعاطي مع ملف بالغ الخطورة. وجاءت تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون، في مقابلة تلفزيونية، في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث ذكر أن نصف الجُنح والجرائم المرتكَبة في العاصمة الفرنسية هو من فعل «أجانب لا يتمتعون بوضع قانوني أو هم بانتظار الحصول على تأشيرة إقامة». وأمس، قال وزير الداخلية جيرالد دارمانان إن ما أشار إليه ماكرون «ينطبق على أكبر 10 مدن في فرنسا»، مضيفاً، في حديث لصحيفة «لو موند»، نُشر اليوم، أن الأجانب في فرنسا يمثلون 7 % من إجمالي عدد السكان، إلا أنهم مسؤولون عن 19 % من الجنح والجرائم. وخلاصته أنه «من العبث التعمية وعدم رؤية هذه الظاهرة».
إزاء هذه الظاهرة، يستشعر وزير الداخلية الحاجة لقانون جديد يتوقع أن يُرفع لمجلس النواب بداية العام المقبل حتى يتم إقراره في الربع الأول منه. وقبل ذلك، يتعين عرضه على مجلس الوزراء في الأسابيع القليلة المقبلة. وفي الأساس، كان مقرراً أن تجري العملية في الخريف الحالي. وعلى أية حال، تبدو الأمور واضحة بالنسبة لمضمون مشروع القانون الجديد الذي سيندرج تحت مسمى «الهجرات واللجوء»، وهو ما عرضه في المقابلة المُشار إليها والتي سيشكل موضوع ترحيل الأجانب عصبها الأساسي. وتجدر الإشارة إلى أن الملف المذكور شكّل سبباً في التباعد بين باريس و3 عواصم مغربية (الجزائر والرباط وتونس) بسبب ما اعتبرته باريس «تلكؤاًۛ» من العواصم المعنية في الاستجابة لطلبات الترحيل لمواطنيها. ورداً على ذلك، قررت باريس خفض تأشيرات الدخول الممنوحة لمواطني هذه البلدان، بمن فيهم السياسيون بنسبة النصف. وكانت عملية قتل الفتاة «لولا»، ابنة الـ12 عاماً، منتصف الشهر الماضي على يديْ مواطنة جزائرية قد صدرت بحقِّها مذكرة ترحيل ولكن بقيت من غير تنفيذ، الشرارةَ التي أعادت هذا الملف إلى الواجهة وأثارت جدلاً سياسياً عنيفاً داخل البرلمان وخارجه.
بَيْد أن الترحيل وإن كان موضوعه «حامياً»، إلا أن وراءه مسألة أوسع وتتناول كيفية التعامل مع ازدياد أعداد الأجانب باطراد على الأراضي الفرنسية. وبحسب دارمانان، فإن «الأجانب سيشكلون في السنوات المقبلة ما نسبته 10 % من السكان، ومن ثم علينا أن نعرف ما النسبة التي نريدها على الأراضي الفرنسية، وما نطلبه من الأجانب ليجري انخراطهم في المجتمع الفرنسي، وكيف نسيطر على ما يسمى الهجرة العائلية؛ أي عملية لمّ شمل العائلات التي تشكل نسبة 50 % من تدفق الهجرات، بينما تلك الخاصة لأغراض العمل لا تزيد نسبتها عن 10 %». ويريد دارمانان رفع الميزانية المخصصة للاندماج بنسبة 24 % لأنه مفتاح النجاح، وذلك عن طريق إتقان اللغة الفرنسية واقتباس القيم الفرنسية، وأيضاً العمل.
في هذا السياق يقول وزير العمل أوليفيه دوسو إن هيئات أرباب العمل «تطالبنا بتسهيل توظيف الأجانب، ونحن سوف نقدم لهم حلولاً في مشروع القانون الجديد». ومما هو مقترح إعطاء تأشيرة إقامة خاصة بالعمل والسماح لأجانب بألّا يتمتعوا بوضع قانوني وتسوية وضعهم في حال كانوا يشغلون وظيفة مباشرة ومن غير تدخُّل رب العمل.
ما يريده دارمانان، بدايةً، هو «مزيد من الفعالية» في تنفيذ مذكرات الترحيل؛ وذلك من خلال عدة تدابير، أولها «تليين» القانون الذي يعطي المطلوب ترحيله حق تقديم اللجوء إلى القضاء والهيئات المعنية التي أحصاها وزير الداخلية، وأفتى بأن عددها يصل إلى 12 إجراء، ومن ثم يريد خفضها إلى 4 فقط. والغرض من ذلك تقصير المدة الفاصلة بين صدور مذكرة الترحيل وتنفيذ مضمونها. ومن التدابير التي يقترحها تسجيل الأشخاص المطلوب ترحيلهم على «لوائح الأشخاص المطلوبين». كذلك يريد تعديل القانون الذي يمنع ترحيل الأشخاص الذين وصلوا إلى فرنسا قبل سن الـ13 عاماً وإناطة قرار الترحيل بقاضٍ منفرد بدل مجمع قضاة إلا في الحالات الاستثنائية... وأخيراً فإن دارمانان يأخذ بعين الاعتبار حالة السوريين والأفغان الذين لن يرحلوا بسبب الأوضاع الأمنية في هذين البلدين.
هل سيكون القانون المرتقب ناجعاً؟ السؤال مطروح، وتعاقب القوانين التي تعالج كلها ملف اللاجئين والنازحين؛ وآخِرها ما يسمى قانون «الانفصالية الإسلاموية» يدل على أن المسألة بالغة التعقيد. ويرى الاختصاصيون أن تدفق الهجرات لن يتوقف ما دامت الأزمات ناشبة، سواء أكانت في شكل حروب أو أزمات معيشية واقتصادية أو بيئية، ومن ثم فإن تطور الأوضاع خارج فرنسا وداخلها سوف يستدعي حكماً قوانين جديدة.


تاريخ الخبر: 2022-11-02 12:23:41
المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 83%
الأهمية: 99%

آخر الأخبار حول العالم

إسبانيا تُنظم جائزة أفضل لاعب إفريقي في "لاليغا إي أيه سبورتس"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 18:26:05
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 55%

"موصيبة".. أسترازينيكا تعترف بآثار جانبية للقاحها ضد "كورونا"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 18:25:58
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 56%

"كامب نو" يبقي سيرجي روبيرتو في برشلونة لعام إضافي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 18:25:42
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 55%

"كامب نو" يبقي سيرجي روبيرتو في برشلونة لعام إضافي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 18:25:50
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 56%

"موصيبة".. أسترازينيكا تعترف بآثار جانبية للقاحها ضد "كورونا"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 18:25:52
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 67%

إسبانيا تُنظم جائزة أفضل لاعب إفريقي في "لاليغا إي أيه سبورتس"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 18:26:00
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 61%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية