"سير سير سير".. هتاف ملهم تردده جماهير المنتخب المغربي في ملاعب مونديال قطر، وقد كان مفتاح الانتصارات في مبارياته حتى فاز السبت على البرتغال بهدف دون رد، ليحقق تأهلاً تاريخياً لنصف نهائي البطولة الأبرز والأضخم في عالم الساحرة المستديرة.

في لحظة، صمت مطبق يلف أرجاء الملعب، عيون جماهير "أسود الأطلس" نحو مكان واحد، "الكابو" (قائد الجمهور)، تُرفع الأيادي وتتوقف الأنفاس. أما الآذان ففي تركيز تام تنتظر إشارة من صاحب الطبل، ولا صوت يعلو على خفقان الانتظار.

ضربة قوية تدوي من الطبل تخطف قلوب المنافس، وبعدها بصوت واحد ومنظم تهتف الجماهير "سير.." وتعاد لمرات "سير.. سير.. سير" وبإيقاع سريع حتى تصل إلى تصفيق الجميع.

"سير سير سير"، كلمة من العامية المغربية تحمس "أسود الأطلس" وتنعش روحهم الكفاحية على المستطيل الأخضر، وتعني "تقدم إلى الأمام" لتهز شباك المنافس بتسجيل الأهداف.

"البيت" ثم "الثمامة" فـ"المدينة التعليمية" ثلاثة ملاعب احتضنت مباريات المغرب، وكان الهتاف السحري حاضراً على مدار دقائقها وتساءل معه المشاهدون عبر شاشات التلفاز عن سر هذه الكلمة "سير" ومعناها.

وهي كلمة السر التي دعا المدير الفني للمنتخب المغربي وليد الركراكي الجماهير لترديدها، ما دفع "أسود الأطلس" إلى الزئير في الميدان، بعد أن شحنت بطاريات كفاحهم البدني والفني لمواصلة التحدي والصمود أمام المنافسين حتى بلغوا نصف نهائي المونديال للمرة الأولى عربياً وإفريقيّاً.

ولضبط إيقاع الأهازيج كان "سوق واقف" وسط العاصمة القطرية الدوحة مركزاً لتجمع الجماهير المغربية والعربية لإعادة ترديد الهتاف السحري "سير سير سير" وفق نغم موسيقي واحد يخيف المنافس ويشحذ همم كتيبة الركراكي لتسجيل الأهداف.

وتصنع الجماهير المغربية الحدث في مونديال العرب بحضورها الكبير وشعاراتها المتنوعة خلال المباريات، فمرة تصدح بـ"الشبكة" (سجلوا في الشباك) ومرة بـ"جيبوها يا لولاد" (حققوا الفوز يا أبطال).

بداية الهتاف

تعود قصة هذا الهتاف الشهير (سير/سِرْ أمر لفعل سار) إلى أن الركراكي كان يطلب من الجماهير منذ بداية مشواره التدريبي مع نادي الفتح الرباطي المغربي ترديد هذه الكلمة لأنها تحفزه هو واللاعبين.

وفي يونيو/حزيران 2014 عُيّن الركراكي مدرباً لنادي الفتح لمدة 3 مواسم، فاز خلالها بلقب "كأس العرش" عام 2014 وبطولة الدوري في 2016، وحاز هو لقب أفضل مدرب خلال العام نفسه.

ومن الرباط إلى نادي الوداد الرياضي انتقل الهتاف مع الركراكي بعد منتصف 2021، وخلال موسم واحد فاز بلقب دوري الأبطال وبطولة الدوري وبلغ نهائي "كأس العرش".

ومنذ بداية رحلة "أسود الأطلس" في المونديال تحول "سير سير سير" إلى الهتاف المفضل للجماهير المغربية والعربية بل وأيضاً الأجنبية.

وفي تصريحات صحفية سابقة قال الركراكي: "من حين إلى آخر أريد أن أسمع (سير) لأنها تعجبني وتحفزني أنا أولاً. تدفعني إلى الركض وتساعد اللاعبين على الركض أكثر، وأتمنى أن ترددوها لأنها تسعدني".

ومتوجهاً إلى الجماهير أردف: "حتى وإن ضيّع اللاعب الكرة فلا مشكلة في ذلك.. بل كرروا (سير) وواصلوا التشجيع، لأن الشعب حين يكون متفائلاً وله ثقة بنا فسننتصر".

وقبل بلوغه نصف النهائي فاز المغرب على إسبانيا بثلاثة أهداف دون مقابل عبر ركلات الترجيح وأصبح أول منتخب إفريقي يتأهل لربع النهائي منذ أن فعلتها غانا في بطولة جنوب إفريقيا عام 2010.

ومن المحيط إلى الخليج عمّت الفرحة الجماهير المغربية والعربية ببلوغ "أسود الأطلس" نصف النهائي مع آمال بعبور فرنسا (الديوك) الأربعاء إلى النهائي بل والفوز بالكأس في 18 ديسمبر/كانون الأول الجاري على وقع الهتاف السحري "سير سير سير".

TRT عربي - وكالات