قال الدكتور حسن الصغير، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، إنَّ احتفال الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء باللغة العربية فى يومها العالمى يأتى انطلاقًا من فضل ومكانة اللغة العربية فى ديننا الحنيف، فقد شرف المولى -عز وجل- هذه اللغة تشريفًا عظيمًا كبيرًا ساميًا منذ أن نزل الوحى على سيدنا محمد ، فهى لغة القرآن والتنزيل، كما شرفها سبحانه بأنه تكفل بحفظها كفالته بحفظ كتابه الكريم، وجعلها لغة العلم والعقل والبيان.
ونادى الأمين العام لهيئة كبار العلماء خلال الملتقى العلمى الرابع عشر لهيئة كبار العلماء فى الجامع الأزهر، جموع الأمة العربية والإسلامية بتحمل أمانة الحفاظ على اللغة والاعتزاز بها ودراستها والترجمة إليها والترجمة منها للتواصل مع علوم الدنيا والآخرة عند الأمم.
فقد أدرك سلفنا الصالح هذا الأمر فانطلقوا بعقولهم باحثين عن العلم بلغتهم العربية؛ بل إن الأعاجم منهم من دخلوا الإسلام فحفظوا القرآن وأتقنوا العربية وفكروا بها وألفوا بها وترجموا إليها فأضافوا إلى الحضارة حضارة وإلى الرقى رقيًّا، فكانت الأمة وكان مجدها وعزها إيذانًا بشهادة التاريخ بأنه لا عزة للأمم ولا خصوصية ولا قيمة ولا تفرد ولا تميز لها إلا باعتزازها بلغتها.
ودعا إلى تنشئة الأجيال على حفظ القرآن الكريم وتعلم اللغة العربية، والحفاظ عليها نقية وعدم خلطها بغيرها، والحاجة إلى مناهج فى التعليم تحافظ على هُوية الأمة وخصوصيتها، وحاجتنا إلى علماء وإلى مجامع تقوم بترجمة العلوم والمصطلحات العلمية إلى اللغة العربية لأنه لا سبيل إلى رفعة الأمة إلا بذلك.
وأمامنا الأمم المتحضرة والمتقدمة الآن كل منهم يحافظ على هويته بالحفاظ على لغته والاعتزاز بها؛ ويأبى أحدهم أن يدرس علما من العلوم المعاصرة أو التجريبية إلا بلغته، لأن اللغة «دلالة الهُوية»، ولكن هنا للأسف نجد من يقلل من اللغة ويريد لها أن تذوب وتذهب ريحها.
وقال عبد الحميد مدكور، الأمين العام لمجمع اللغة العربية، إن اللغة العربية لا يصح أن نقتصر فى الاحتفال بها على يوم كل عام؛ بل يجب أن نحملها فى قلوبنا، وأن نجعلها على ألسنتنا، وأن نسكنها عقولنا وذاكرتنا.
ونستحضرها فى كل مقام، تعبيرًا عن مشاعرنا وتسجيلًا لخواطرنا، وبيانًا لعلومنا ومعارفنا التى نكتبها، موضحا أن اللغة العربية شرف الله بها العالم أجمع وشرف نبيه بنزول القرآن الكريم بلسان عربى مبين.
وأوضح أن اللغة العربية تحتاج منا إلى جهد كبير فى الدفاع عنها، وصبر وتحمل لكل ما يقال عنها على غير الحقيقة، وتتهم به بغير عدل، موضحًا أننا إذا حملناها وأحسنا حملها؛ فإننا سنرفع مقامنا برفعة مقامها.
ونعلو إلى الآفاق بعلوها، ونرتقى آفاقا عليا فى كل مجال بلسانها وفصاحتها وبلاغتها، ونقدح من بحرها العميق الذى ليس له نظير فى اللغات؛ زيادة فى مفرداته وجودة تراكيبه، وانتظام قواعده، وتفكر فى البيان والجمال الذى يعرفه من أحس حلاوة هذه اللغة وذاق طعمها، وارتقى بمقامها بما يجيده منها وبما يحسن به التعلم منها.
وأشار الأمين العام لمجمع اللغة العربية، إلى أن كل التراث الإنسانى تُرجم إلى اللغة العربية، ووسعته تلك اللغة وعبرت عن كل علومه، فهى المفتاح الذى تُدرس به سائر العلوم التى عرفتها البشرية، موضحًا أن اللغة العربية التى تربت على القرآن الكريم وسنة نبيه العظيم تفتقت على علوم ما كان للناس عهد بها قبل أن يُنزَّل القرآن الكريم.
فهى تعبر عن سياق ثقافى وعلمى وإبداعى يجب أن يكون الناس عليه، مؤكدًا أن اللغة العربية لغة فخر ومجد وعراقة وإبداع، يجب علينا أن نعود إلى أصلنا العربي، وإلى هذه الدرة الغالية التى حملناها من أجدادنا؛ لتكون هى المجد للإسلام وللعروبة كلها.
وأكد الدكتور حسن يحيى، مدير عام شئون هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أنَّ هذا الملتقى جاء فى مكان عتيق عريق عزيز على نفوس المسلمين وأهل العلم وهو الجامع الأزهر، وبمشاركة كوكبة كريمة من العلماء الذين مارسوا اللغة العربية تأليفا ودرسًا وتدريسًا وصاغوا من أساليبها وتراكيبها بيانًا يهدى الناس سبل الرشاد.
وقد كان الأزهر على مدار تاريخه حاميًا وحارسًا أمينًا للغة العربية وصفاء معينها، مستشهدًا بقول الشاعر الأزهرى الدكتور علاء جانب: أنا من أتيت من الحجاز أميرة * وسكنت من بعد الحجاز الأزهر.
