مع بداية عام جديد يحسن أن يكون للإنسان منهج وخطوات مدروسة فيما سيفعله بإذن الله في هذا العام؛ لأن عجلة الزمن تدور والعمر يمضي، فالاعتبار بمرور الأيام مطلب شرعي أمرنا الله به سبحانه وتعالى، فقال تعالى: «فاعتبروا يا أولي الابصار»، وأجمل شيء ونحن نستقبل العام الجديد أن نتفاءل بالخير ونستبشر بأن القادم أفضل، فننطلق بروح جديدة عملا بمنهج النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عائشة رضى الله عنها قالت:(لقد كان صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن ويكره الطيرة «التشاؤم»).
وعن هذا المنهج النبوي يحدثنا الشيخ عمر البسطويسى من علماء الأزهر فيقول: إن الأيام والليالي خزائن للأعمال محفوظة شاهدة بما فيها من خير وشر فطوبى لعبد اغتنم وقته فيما يقربه إلى الله وشغل نفسه بالطاعات واجتنب المعاصي واتعظ بتقلبات الأمور والأحوال قال تعالى: «يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار».
وقال أبو الدرداء رضى الله عنه: (يا ابن آدم أنت أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك)، فالعاقل من يتبصر بما مضى في الليالي والأيام ويعتبر بما فيها من أحداث ومواعظ فيقرر استغلالها فيما يفيد لأن كل ماضٍ قد يسترجع إلا العمر .
ويضيف : ما أجمل ونحن نستقبل العام الجديد بأن نتفاءل بالخير ونستبشر بأن القادم أفضل فننطلق بروح جديدة روح الأمل والتحدي وهذا منهج النبي صلى الله عليه وسلم فقد كانت نظرته صلى الله عليه وسلم للمستقبل نظرة تفاؤل نظرة تبعث على الأمل في النفس مع ما مر به من محن ومصائب ونكبات وآلام.
وكان صلى الله عليه وسلم يغضب عند غياب التفاؤل عند بعض أصحابه عند اشتداد الأزمة، فعن خباب بن الأرت رضى الله عنه قال: شكونا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة في ظل الكعبة.
وقد لقينا من المشركين شدة. فقلنا: ألا تدعو الله لنا، فقال صلى الله عليه وسلم :(لقد كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له فى الأرض فيجعل فيها فيجاء بمنشار فيوضع فوق رأسه فيشق اثنين فلا يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون).
أيضا كان صلى الله عليه وسلم يصاحبه التفاؤل في كل أحواله مع الطموح والأمل كارها للتشاؤم فعن عائشة رضى الله عنها قالت: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت للرسول صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد من أحد؟، قال: «لقد لقيت من قومك ما لقيت فكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسى على ابن ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أفق إلا في قرن الثعالب.
فرفعت رأسي فإذا سحابة قد أظلتني فنظرت فيها فإذا فيها جبريل عليه السلام فناداني، فقال: إن الله سمع قول قومك، وما ردوا عليك، وقد بعث لك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. قال: فناداني ملك الجبال فسلم على وقال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربي إليك لتأمرني بأمرك، فإن شئت أطبق عليهم الأخشبين.
فقال: صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا».
فعلينا أن نبدأ العام بالتفاؤل وترك الكآبة والأمل وقد قيل تفاءلوا بالخير تجدوه. ثم بعد التفاؤل يأتي التخطيط السليم للأعمال لأن له أثراً في نجاح الفرد في دراسته أو عمله أو حياته الخاصة والعامة، فغياب التخطيط أبرز عناصر الفشل وصدق القائل: (ليس تحديد الهدف هو أهم ما في الأمر الأهم هو خطة السعي وراء تحقيقه والالتزام بهذه الخطة وأيضاً يقال إذا فشلت في التخطيط فقد خططت للفشل.
ويختتم: هذه دعوة للوقوف مع النفس لمعرفة ما نريد وما ينبغي عمله سواء في عباداته ومراجعة سلوكياته مع الآخرين في التعامل مع محاولة التجديد لأنه أمر مطلوب وباب لطرد الملل، فالنفس تحتاج إلى التجديد ببن الحين والآخر.
اقرأ ايضًا | هل يجوز للمسلم شراء شجرة الكريسماس؟.. علي جمعة يجيب| فيديو
