ما زال غالبية المصريين يذكرون سعر صرف الدولار الأمريكي في بلادهم عند 3.7 جنيه مطلع الألفية الحالية، ونسب تضخُّم لا تتعدى 3 بالمئة متوسطاً سنوياً.

الجنيه واصل تراجعه التدريجي أمام الدولار خلال السنوات اللاحقة وصولا إلى متوسط سعر صرف 5.5 جنيه للدولار مع ظهور الأزمة المالية العالمية عام 2008.

وواصل الجنيه تراجعه مع اندلاع ثورة يناير/كانون الثاني، امتداداً لفوز الرئيس الراحل محمد مرسي، ثم تولي الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر منتصف 2014، حينما بلغ سعر صرف الدولار 7 جنيهات.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2016، أقرّت مصر تعويماً كاملاً لسعر صرف الجنيه مع انتعاش السوق الموازية، ليستقرّ السعر الرسمي عند متوسط 17 جنيهاً، ثم صعد الجنيه إلى متوسط 15.7 لكل دولار حتى مطلع 2022.

تطورات 2022

مطلع العام الماضي كان الجنيه المصري مستقراً بين 15.5 و15.7 لكل دولار واحد، قبل أن تندلع الحرب الروسية-الأوكرانية، التي فاقمت أزمات الاقتصاد المصري.

في 24 فبراير/شباط 2022 بدأت شرارة الحرب في شرق أوروبا، ومعها ارتفعت أسعار السلع الأساسية، كالغذاء والطاقة بأنواعها، والمواد الخام، وسط حمائية تجارية نفّذها عديد من الدول، فاقمت أزمة ارتفاع الأسعار.

رافق ذلك تخارجات واسعة لاستثمارات الأجانب في أدوات الدَّين المصرية (سندات وأذونات)، نتج عنها خروج النقد الأجنبي من السوق المصرية، بموازاة ارتفاع كلفة الواردات المصرية من الخارج كإحدى تبعات التضخم.

وتعتمد مصر كثيراً على الاستيراد لتوفير حاجتها من الغذاء، بصدارة القمح والحبوب، إلى جانب مشتقات الوقود بأنواعه، مع ارتفاع سعر برميل النفط فوق 100 دولار للبرميل، حتى أغسطس/آب الماضي.

وتشير تصريحات وزير المالية المصري محمد معيط إلى تخارج 23 مليار دولار من السوق المصرية عقب الحرب الروسية-الأوكرانية، بموازاة ارتفاع كلفة الواردات بـ90 بالمئة، من متوسط 5 مليارات دولار شهرياً إلى 9.5 مليار.

في مارس/آذار 2022 بدأت تظهر تبعات شُحّ النقد الأجنبي في مصر، الأمر الذي دفع البنك المركزي المصري إلى تحريك سعر صرف الجنيه هبوطاً إلى متوسط 18.5 جنيه لكل دولار، بدلاً من متوسط 15.7.

رافق هذا التحريك فرض بعض القيود على الواردات المصرية من الخارج، في محاولة لخفض خروج النقد الأجنبي على شكل كلفة الواردات.

في ذلك الوقت طلبت مصر مساعدة صندوق النقد الدولي لدخول برنامج إصلاح اقتصادي جديد يرافقه قرض مالي بقيمة 3 مليارات دولار، من إجمالي حزمة تمويل تستهدف مصر توفيرها من الدائنين تبلغ 12 مليار دولار.

واصل الجنيه تراجعه البطيء أمام الدولار حتى أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مسجلاً مستوى 19.3 جنيه لكل دولار واحد.

ويبدو أن تحريك سعر الصرف والوصول إلى سعر مرن للجنيه أمام الدولار، كان مطلباً رئيسياً لصندوق النقد الدولي، الذي دعا في أكثر من مناسبة لتحقيق هذا البند.

وحصلت مصر في أكتوبر الماضي على موافقة مبدئية من الصندوق للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، يُصرف على شرائح لمدة 46 شهراً قادماً.

وفي نهاية أكتوبر الماضي نفذت مصر تحريكاً جديداً للجنيه، ليبلغ سعر الصرف 24.3 لكل دولار واحد، وهو السعر الذي أنهت به مصر العام الماضي 2022.

في 16 ديسمبر الماضي وافق مجلس المديرين لصندوق النقد الدولي رسمياً على إقراض مصر 3 مليارات دولار، مما سمح بصرف شريحة فورية بقيمة 347 مليون دولار.

وفي الأسبوع الأول من 2023، نفذت مصر تحريكاً إضافياً لسعر الجنيه هبوطاً، ليبلغ سعر الصرف بحلول نهاية تعاملات أمس الخميس 27.2 جنيه، في وقت بلغ فيه سعر الدولار في السوق الموازية 33 جنيهاً.

ولا يبدو أن البنك المركزي المصري سيتوقف عن تحريك سعر الصرف، وصولاً إلى تساويه مع سعر السوق الموازية، بين 29 و33 جنيهاً لكل دولار.

TRT عربي - وكالات