المغرب يلعب بأوراق مكشوفة والأوربيون يواصلون التضليل


الدار/ افتتاحية

الالتحام القوي الذي بدا على الجبهة الداخلية المغربية في مواجهة القرار المشؤوم للبرلمان الأوربي مؤخرا يبشر بأن بلادنا على السكة الصحيحة. سكّة القطع مع التبعية وتحقيق السيادة الكاملة والحسم مع هذه الممارسات الابتزازية التي اعتادت عليها بعض دول الاتحاد الأوربي، وعلى رأسها “ياحسرة” الحليف والصديق الفرنسي، الذي يتقلّب هذه الأيام بين ولائه لمغريات الغاز وحفاظه على مصالحه في المغرب، مع إحساس مرير وصعب بخسارة بعض المعارك الاقتصادية على الساحة الإفريقية. فرنسا تتصرف بمنطق “يخ منو عيني فيه”، فهي لا تريد أن تفقد ثمار العلاقة الاستثنائية التي تربطها بالمغرب على كافة المستويات، لكنها في الوقت نفسه لا تريد مغربا صاعدا منطلقا قادرا على مزاحمتها ومنافستها في الأسواق والصفقات الدولية.

لكن الجبهة الداخلية الموحدة تصدح كلها اليوم بشعار واحد “السيادة والاستقلالية خطّ أحمر”، وهذه المناورات الابتزازية التي تمارسها هذه الدول وعلى رأسها فرنسا عبر مؤسسات احترفت التآمر كمؤسسة البرلمان الأوربي، لم تعد مقبولة أبدا من أصغر طفل مغربي ناهيك عن قيادة البلاد. يجب أن يؤمن الأوربيون بأن من حق بلدان الضفة الجنوبية والشركاء من خارج الاتحاد أن يمتلكوا هم أيضا إرادة التقدم والتطور، وأن توسّع هؤلاء الشركاء وعلى رأسهم المغرب في محيطهم الإفريقي ليس أمرا معيبا في شيء، بل هو طموح شرعي ومشروع لبلد يتقاسم مع الأوربيين الكثير من قيمهم الديمقراطية والحقوقية ويعتبر مضرب المثل في ميدان الحريات في المنطقة.

كيف يصبح المغرب بين عشية وضحاها مجرما ومنتهكا للحقوق تنبغي إدانته؟ إنها مؤامرة مكشوفة للجميع، والكلّ يعلم أن الغاية من ورائها ليست حماية الحريات أو حقوق الصحافيين كما هو مزعوم. لماذا سينتظر هذا البرلمان كل هذه السنوات من أجل إصدار قرار كهذا وفي هذا التوقيت بالضبط؟ المغاربة اليوم يلعبون بأوراق مكشوفة والأوربيون لا يزالون للأسف يمارسون سياسة “تحت الطاولة”. وبالمناسبة ما نراه هذه الأيام على مستوى الردود الرسمية للمغرب يمثّل أيضا منعطفا تاريخيا في العلاقة مع الشركاء الأوربيين. القرار الذي اتخذه اليوم مجلس النواب بمراجعة علاقاته مع البرلمان الأوربي وإخضاعها لتقييم شامل يمثل خطوة تصعيدية غير مسبوقة بالنظر إلى أنها من مستوى الاعتداء الذي تتعرض له بلادنا.

الندّية والتكافؤ الذي يطالب به المغرب في تدبير العلاقات بين المغرب والدول الأوربية لم تكن مجرد شعار تم إطلاقه في الآونة الأخيرة، بل هي استراتيجية من الثوابت الجديدة التي انتقلت إليها الدبلوماسية المغربية. المغرب يعمل اليوم بشكل مباشر وصريح على إعادة رسم قواعد التعامل مع الاتحاد الأوربي للقطع مع هذا النوع من الضغوطات الموجّهة لأهداف غير معلنة. والمستجد الأكثر دلالة في وسط هذه المواجهة هو أن السلطات المغربية أضحت صريحة وواضحة في كشفها للأسباب الحقيقية لما يجري. في السابق كانت لغة الدبلوماسية كثيرا ما تطغى في مثل هذه اللحظات من التوتر، وقد تخفى عن الرأي العام الكثير من المواقف أو الحقائق التي تشوبه، لكن في هذه اللحظة التاريخية يريد المغرب أن يصحح الكثير من المغالطات التي يعمل الأوربيون على إشاعتها للتغطية على حقيقة هذه القرارات.

لذلك فإننا نؤمن بأن تماسك الجبهة الداخلية دولةً وأحزابا وشعبًا هي الضمانة الأساسية للنجاح في تجاوز هذه الأزمة الجديدة، والتصدي للمؤامرات المموّلة من جيران العقوق ضد بلادنا. وفي كل الأحوال فإن الأوربيون يدركون جيدا أن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس، فالأوراق التي يمكن أن نخرجها من حقيبتنا التفاوضية عديدة وكثيرة، وليس من مصلحة دول الاتحاد الأوربي أبدا أن تقع رهينة لمصلحة بلد واحد لم يعد يعجبه تمدّد المغرب وانطلاقه في محيطه الجغرافي والجيواستراتيجي بشكل مشروع.

تاريخ الخبر: 2023-01-23 21:26:18
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 56%

آخر الأخبار حول العالم

هيئة المعابر بغزة تنفي ما ذكرته الولايات المتحدة حول فتح الم

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-10 06:22:29
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 63%

أفضل 3 حسابات توفير بعائد نصف سنوي في البنوك - اقتصاد

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-10 06:21:08
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 60%

بايدن-خلافات-نتنياهو-غزة-رفح

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-10 06:22:02
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 59%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية