دفع النمو أثناء أزمات السيولة «2 من 2»


عند تراجع الإنفاق الاستهلاكي الشامل أو شح السيولة في المصارف لأسباب تتعلق برفع سعر الفائدة وتنامي معدلات التضخم، نرى أن هذه المرحلة لا تستجيب لها الشركات إلا متأخرا باستثناء القطاع المالي، أي ما قبل إعادة توزيع الموارد اقتصاديا الديناميكي أثناء الدورات الاقتصادية الهابطة التي تنال من جميع قطاعات الأعمال بنسب متفاوتة، لذا كثير من الرؤساء التنفيذيين وبعض الأعمال الصغيرة والمتوسطة لا تستعد لهذه المرحلة إلا بعد تدهور التدفقات النقدية، أي أن الأعمال بعد ذلك تنزلق نحو التسعير التضخمي وتنقل التكلفة إلى عملائها بشكل شامل وتقل المبيعات وتتراجع الهوامش، وتصبح الأعمال عالقة بين المطرقة والسندان.

قلة من المديرين التنفيذيين لديهم الخبرة في التعامل مع التضخم الركودي الذي يصحبه تراجع في النمو الاقتصادي، لكن في المقابل نرى أن الشركات التي تدرس مخاطر التسعير التضخمي تصمم زيادات الأسعار بشكل مدروس لكل عميل وقطاع ومنتج، بعكس الممارسة السائدة التي تستخدمها الأسواق التقليدية التي تعتمد على زيادة الأسعار الشاملة، لهذا نرى أن دراسة مدى استعداد المستهلكين للدفع اقتصاديا تهمل في الأغلب من الشركات والحكومة، وهنا يأتي دور صناع السياسات الاقتصادية لتصميم سياسات تبقي القطاع العائلي مستعدا دائما للدفع للأسواق عبر مجموعة واسعة من الأدوات، مثل الضرائب ورسوم الأعمال وحماية الوظائف وكلها تصنف سياسات احتوائية.

أما سياسات النمو الاقتصادي تتطلب مستويات مختلفة من توفير السيولة للأسواق وبتكاليف متدنية إلى أقصى ما يمكن وفق ظروف كل بلد، سواء من خلال السياسات المالية أو تغيير آجال الائتمان مقابل خفض تكلفة التمويل للأعمال والأسر، وعلى الرغم من ذلك لا توجد وصفة ملائمة لجميع الاقتصادات لكن دول الخليج ـ على سبيل المثال ـ لديها القدرة على توليد نمو معاكس لتباطؤ النمو العالمي من خلال الإنفاق على البنية التحتية الاستراتيجية، ولا سيما أن من يقود اقتصادات الخليج هو الاقتصاد الحكومي.

كما أن الحكومات لديها خيارات أخرى للسيطرة على الأسعار التضخمية من خلال تصميم دعم للشركات B2B وليس B2C، أي الشركات التي تبيع للشركات وليس للأفراد مع مراقبة حركة تراجع الأسعار أو استقرارها، ويفضل أن يكون الدعم من خلال خفض تكلفة الأعمال الكلية، لكن مع الأسف أن الأسواق المحتكرة التي ليس لديها نظام منافسة صارم ستبتلع الدعم وتعيد التسعير بمستويات أعلى من السابق بسبب تشوه السوق وضعف المنافسة.

أخيرا، لا يمثل التضخم وشح السيولة وضعف النمو تحديا للتجاريين فحسب بل مشكلة جوهرية لدى المسؤولين عن الإدارة الاقتصادية، لذا الحل يكمن في تحسين كفاءة قدرة التنفيذيين في الشركات بحيث يسعرون المعاملات بطريقة غير شمولية للنجاة من الانكماش، في مقابل أن تحسن الاقتصاد ودفع النمو مرتبطان بجودة السياسات النقدية والمالية، إضافة إلى رفع كفاءة الإدارة التجارية والمنافسة على مستوى عدد المتنافسين والحد من المضاربة واختلالات السوق في جانبي العرض والطلب ومراقبة استعداد الأسرة للدفع دائما.

*نقلا عن صحيفة "الاقتصادية".

تاريخ الخبر: 2023-02-18 18:18:28
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 78%
الأهمية: 98%

آخر الأخبار حول العالم

بانجول.. المغرب والـ “إيسيسكو” يوقعان على ملحق تعديل اتفاق المقر

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-05 18:25:06
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 62%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية