باحث إنجليزي: أم كلثوم أجادت التعامل مع الأنظمة السياسية للحفاظ على شهرتها

حاول الباحث الإنجليزي سام أويرز، الحاصل على بكالوريوس في دراسات الشرق الأوسط من جامعة كامبريدج، في رسالة التخرج الخاصة به عن أم كلثوم، إنه يتناول علاقة أم كلثوم بالأنظمة السياسية المختلفة بدءًا من الملك فاروق مرورًا بعبد الناصر ثم بالسادات، فضلًا عن دراسته لأساليبها في إدارة أعمالها ومواقفها السياسية وميولها الفكرية. 

رأى أويزر، أن أم كلثوم لم تكن مطربة عادية، فهي ظاهرة متكاملة إذ حافظت على مكانتها وشهرتها لمدة تفوق أربعين سنة، ومن ثم فقد اهتم بمحاولة تفسير نجاح أم كلثوم في إطار التاريخ السياسي.

ولفت، خلال حواره مع أستاذ التاريخ خالد فهمي عبر قناته على "يوتيوب"، إلى أن كثيرين فسروا نجاح أم كلثوم كفنانة بما اتخذته من إجراءات استراتيجية في عملها، من حيث اختياراتها للمطربين والملحنين الذين عملت معهم، لكن أيضا العوامل سياسية التي شهدتها فترة وجودها  كان لها أثر في مسيرتها الفنية. 

شهدت أم كلثوم أحداثًا كبرى مثل قيام الحرب العالمية الثانية، وحرب 1948، وحرب 1956، وحرب 1967، وكذلك 1973، وكانت تتعامل مع المتغيرات لتحافظ على شهرتها، وهو ما عدّه الباحث علامة على ذكاءها وعبقريتها. 

أم كلثوم والملك فاروق

أشار أويزر إلى أن معظم الكتاب الذين تناولوا علاقة أم كلثوم بالملك فاروق اعتمدوا على ما قدمته من أغاني، وهو ما قد يكون مضللًا بدرجة كبيرة في التفسير، إذ قالت في إحدى أغنياتها "وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا" وهو ما فسره البعض بأنها تشجع الوفد ضد الملك، ولكن في أوقات أخرى نجد أغاني لها لمؤازرة الملك وتأييده، وبالتالي فالأغاني لا تفسر كواليس العلاقة. 

ولفت الباحث إلى أنه أثناء الحرب العالمية الثانية، وبينما كان الصراع مشتعلًا بين الملك وحكومة الوفد، ذهب الملك لأم كلثوم في حفلة لها بالنادي الأهلي ومنحها نيشان الكمال، وهو من أهم الأوسمة التي تمنحها الحكومة لشخصيات عامة، فما كان من أم كلثوم إلا أن عبرت عن امتنانها وإعجابها بالملك، ولكن كواليس هذا الحدث تكشف أكثر مما قد تبدو عليه. 

وضح الباحث ذلك بقوله: لقد شرح المستشار الصحفي للملك في ذلك الوقت كريم ثابت أن زيارة الملك لأم كلثوم في هذه الليلة كانت محاولة منه لاستعادة سلطته وشعبيته بعد أن أبعدته حكومة الوفد عن الظهور في وسائل الإعلام، فمنحه ذلك الوسام لأم كلثوم كان بغرض أن تنقل الإذاعة حديث أم كلثوم عنه أملًا في استعادة بعض من شعبيته. 

وأضاف: كان من حق الملك بعد ذلك أن يقرر في زواج أم كلثوم، فبعد اعتراض بعض من هوانم القصر على منح الوسام لأم كلثوم لأنها فلاحة، حاول الملك فرض سيطرته وإعادة الانسجام مع العائلة، فاعترض على زيجتين لأم كلثوم؛ الأولى من شريف صبري باشا والثانية من الملحن محمود الشريف، وفي الحالتين رضخت أم كلثوم.  

أم كلثوم وعبد الناصر

أشار الباحث إلى أن علاقة أم كلثوم بعبد الناصر بدأت قبل أن يصبح رئيسًا، ففي حرب فلسطين 1948 وحينما كان عبد الناصر مع الجيش في الفلوجة، طلب من وزير الحربية وقتها أن تغني أم كلثوم أغنية "غلبت أصالح في روحي" فلبت أم كلثوم الطلب.

وتابع: حينما عاد عبد الناصر والجنود من الحرب، أقامت لهم أم كلثوم حفلة شاي في الزمالك،  وروت في مقال لها، أنها حينما رأت عبد الناصر لمحت بريقًا في عنيه، وحينما قامت الثورة كانت مقيمة في الإسكندرية، فعادت إلى القاهرة في أول الثورة، وفهمت في وقت مبكر أن مركز القوة سيكون في يد الضباط وأنهم سيحكمون مصر.

وبيّن الباحث أن صداقة وثيقة ربطت بين عبد الناصر وأم كلثوم فكانت تلجأ إليه في أي مشكلة أو طلب، فمثلًا حينما طلب البعض منع أم كلثوم من الغناء في الإذاعة لأنها من العهد البائد، رفض عبد الناصر بحسم قائلًا إن استطعنا أن نهدم الأهرامات لأنها من العهد البائد يمكننا أن نمنع أم كلثوم من الغناء.

وأضاف: كانت أم كلثوم صديقة لعبد الناصر وزوجته، إذ أنها كانت بمثابة السيدة الأولى في وقت لم يكن هذا الدور الرسمي موجودا في مصر، فكان هناك ود وتبادل مصالح لأن عبد الناصر فهم جيدًا أنها مهمة لمشروعه، ومن ثم فقد كبر دورها وصار أكثر علانية بعد النكسة. 

أما في عهد السادات فتغيرت تلك العلاقة الودية، وخسرت أم كلثوم الكثير من حماية الدولة، إذ كان بينها وبين جيهان السادات خلافات كبيرة، فخسرت باختفاء سلطة عبد الناصر، وهو ما يبين أن أم كلثوم كانت بحاجة إلى المناصب كورقة ضمان تحمي بها مسيرتها الفنية. 

الإيمان بالوطنية

نوّه الباحث بأن مختلف التيارات حاولت أن تستحوذ على شعبية أم كلثوم سواء العلمانيين والإسلاميين واليسار واليمين، فكل منهم كان يؤول أعمالها الفنية من منظوره الخاص ليُثبت أنها تابعة لهم، ولكن الحقيقة أنها احتفظت بقيمها الخاصة التي من الصعب تصنيفها في إطار معين. 

وأضاف:ما توصلت إليه أن أم كلثوم كانت وطنية جدا، حتى وإن تغير شكل تعبيرها عن هذه الوطنية، إلا أنها ظلت تدافع عن وطنها في مواجهة أي تهديد خارجي سواء كان هذا التهديد هو الإنجليز أو الصهيونية، كما أنها آمنت بفكرة المؤسسات كطوق نجاة للمجتمع المصري، وهي قناعة تشكلت لدى كثير من المثقفين في هذا الوقت.   

تاريخ الخبر: 2023-02-22 15:23:10
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 48%
الأهمية: 57%

آخر الأخبار حول العالم

"طاس" تكشف جديد قضية مباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 15:27:13
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 55%

"طاس" تكشف جديد قضية مباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 15:27:15
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 53%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية