شهد العالم المعاصر في العقود الأخيرة ظهور عالم افتراضي، إلى درجة أن دولة انفصلت بهذا الأسلوب عن الولايات المتحدة في 23 أبريل 1982، بل وأعلنت الحرب عليها!

بدأت هذه الأحداث الحقيقية التي أفضت إلى واقع افتراضي، حين أقامت السلطات الأمريكية دورية حدودية على طريق الولايات المتحدة السريع 1، وهو يربط أرخبيل فلوريدا بالبر الأمريكي الرئيس. الهدف كان محاربة تهريب المخدرات والمهاجرين غير الشرعيين.

السلطات المحلية في مدينة "كي وييست" اشتكت مرات عديدة من الإزعاجات التي تسببها هذه الدورية بما في ذلك الاختناقات المرورية الكبيرة في الطريق السريع، وإعاقة تدفق السياح والمسافرين، إلا أن السلطات الفيدرالية الأمريكية لم تعر تلك الشكاوى أي اهتمام.

 عمدة مدينة "كي ويست"، أعلن في 23 أبريل 1982 الأرخبيل، جمهورية مستقلة، بحجة أن السلطات الأمريكية أقامت نقطة تفتيش حدودية بينها والبر الرئيس، وأصبح دينيس واردلو أول رئيس لهذه الدولة الجديدة.

الطريف أن عمدة المدنية يعد أن قرأ إعلان الانسحاب من الولايات المتحدة، أعلن الحرب عليها. وفي إشارة رمزية كسر رغيف خبز كوبي قديم على رأس رجل يرتدي زي البحرية الأمريكية!

وما أن مرت دقيقة على ذلك التمرد الرمزي حتى أعلن دينيس واردلو الاستسلام، وطالب بمساعدة اجنبية بقيمة مليار دولار.

السلطات الأمريكية لم تصدر عنها في العلن أي موقف تجاه ما حدث، إلا أن الدورية، محل الخلاف، أزيلت من مكانها، فيما استمرت الضجة حول هذه القضية لعدة أيام في وسائل الإعلام الأمريكية.

أطلق على الدولة الجديدة اسم جمهورية "كونش" نسبة إلى سكان جزر البهاما من أصل أوروبي، وهم يشكلون القسم الأكبر من السكان المحليين.

كان إعلام استقلال جمهورية "كونش" يهدف إلى "تسليط الاضواء"، واجتذاب سياح جدد إلى فلوريدا كيز، وهي سلسلة من الجزر المرجانية على الطرف الجنوبي من شبه جزيرة فلوريدا بين خليج المكسيك والمحيط الأطلسي.

راقت الفكرة للسلطات المحلية، فنظمت عام 1995 عملية "غزو" لأراضي الولايات المتحدة بواسطة أسطول صغير من السفن المدنية ووسفن إطفاء الحرائق. جاءت تلك الخطوة احتجاجا على إغلاق حديقة تورتوجاس الجافة المحلية.

تلك الأحداث الرمزية غطتها وسائل الإعلام الأمريكية المحلية في أنحاء البلاد. وعلى الرغم من تسوية مشكلة الحاجز "الحدودي"، إلا أن دولة "كونش" لم تختف من الوجود، وفي كل عام يحتفل سكان المنطقة بيوم الاستقلال، ويزداد في هذه المناسبة تدفق السياح ما رفع من معنويات السكان، وزاد من تمسكهم بـ"استقلالهم"، حيث أصبح يتم استصدار جوازات سفر للسياح وتأشيرات، فيما تسمى السلطات المحلية الولايات المتحدة "الأقاليم الشمالية".

مظاهر هذا النوع من الاحتجاجات في مدينة ""كي ويست" تواصل، حيث أضيف في عام 1995، شعار على رصيد الجمهورية الجديدة يقول: "دائما بروح المرح، وأحيانا بالغضب".

المصدر: RT