قال الكاتب أيمن الحكيم في كتابه “الحرفوش”: على مدار أكثر من ثلاث عقود هي عمري لم أجد صدفة أفضل من كوني أنا والزعيم نتشارك في نفس يوم الميلاد، فعلى مدار حياتي الزحمة وعلاقاتي الشاسعة في العائلة والدراسة والعمل والأصدقاء لم يصادفني قط شخص في نفس يوم ميلادي إلا عادل إمام، وهو ما يجعلني أشعر بالتميز حقيقة وربما اتنبأ لنفسي أحياناً بنفس المستقبل المنفرد في مجالي.
كما انفرد هو في مجاله بما لم يصل إليه أحد مثله، وإذ وجدت دار نشر إنسان، تنظم احتفالًا بذكرى ميلاده لتتحدث فيه عن ٦٠ عامًا من العطاء وهو ما تحدث عنه الكاتب أيمن الحكيم في أحدث مؤلفاته( الحرفوش) سعيت للحضور، خاصة وقد وجدت المتحدث هو الفنان الكبير محمد أبو داود الذي حرص بدوره على الالتزام بالحضور رغم ارتباطه بتصوير عمل فني واستيقاظه ما يقرب من ٤٠ ساعة، وهي عادة الفنانين أصحاب الرسالة بالأخص وهي الالتزام أولًا.

بدأت الندوة بحديث الكاتب أيمن الحكيم عن كلمة(الحرفوش) _عنوان كتابه_ ولأنها مصطلح مملوكي يعني أولاد البلد، ثم تحدث عن عادل إمام والمواقف التي جمعته به إذ ذكر احتفاظه في مكتبته مثلا بكل ما قيل عنه مدحًا كان أو هجاء وعندما سُئل عن ذلك قال أن الرهان الحقيقي هو حب الجمهور وشباك التذاكر أما نقاد الهجاء فيضحكونه أكثر من استفزازه، ويعتبر الفنان الكبير ليس مجرد ممثل وإنما زمن كامل.

ثم تحدث الفنان محمد أبو داود عن سعادته عند قراءة الكتاب وتفاصيله الجميلة على حد وصفه وبدأ يحكي قصة معرفته بالزعيم عادل إمام من خلال المسرح أولا حيث عمل مع والده الممثل الراحل حسن أبو داود منذ التاسعة من عمره، وتحدث عن طبيعة عادل إمام كمشاغب منذ طفولته بل كزعيم للمشاغبين، وتحدث أيضا عن أوقات عصيبة عصفت فيها المواقف بعلاقته بعادل إمام ولكن رغم ذلك كان يحب صراحته الزائدة.

وعن تاريخ الزعيم عادل إمام قال الفنان محمد أبو داود: “بداية عملي معه كانت في فيلم (أمهات في المنفى)، والذي اتجهت بعده للإخراج، ثم فيلم (الإرهابي) وقدم مسرح أكثر بعد ذلك مثل (مدرسة المشاغبين) و(قصة الحي الغربي) التي توقفت بعد هجاء سعيد صالح ويونس شلبي للرئيس السادات ليعود بعدها سمير خفاجي لمدرسة المشاغبين مرة أخرى حتى قدم بعدها الجزء الثاني المتمثل في ( العيال كبرت) والتي رفض فيها عادل إمام مشاركة الفريق نفسه وقرر تقديم عمل منفصل فكان(شاهد مشافش حاجة)، ثم ( الواد سيد الشغال)، ثم ( الزعيم) لتتوالى نجاحاته بتفرد، وجدير بالذكر أن سمير خفاجي كان الأب الروحي والداعم لكل هذا الجيل ماديا ومهنيا ومعنويا”.

ثم تسارع الحضور للمناقشة عن حياة الزعيم الشخصية وملامح شخصيته مزاياه وعيوبه وعلاقته بمن حوله فأجاب الفنان محمد أبو داود:” تميز عادل إمام بالالتزام الشديد الصارم وجعله فوق أي اعتبارات أخرى؛ فعندنا توفى والده قبل العرض بساعتين أصر على تقديم العرض للجمهور في موعده ولم يرد تأجيله ويقول أنها أكثر مرة استطاع إضحاك الجمهور حتى إذا ما انتهى صارحهم بفاجعته ليستمر بعدها تصفيق حاد قرابة النصف ساعة، وكذلك عندما توفي الفنان الراحل مصطفى متولي قام بمراسم دفنه وتلقي العزاء ثم فتح العرض في اليوم التالي لشديد التزامه تجاه جمهوره وتجاه رسالته المقدمة لهم ويعتبره فوق أي ضغط نفسي وعصبي يمر به الفنان”.

وعن حياة عادل إمام السياسية، قال الفنان محمد أبو داود:” لقد انتمى للشيوعيين وسرعان ما انفصل عنهم ثم الإخوان وانفصل عنهم ولكنه يصنف يساريًا صادق كلا من (صلاح حافظ ويوسف إدريس ولويس عوض وفرج فودة الذي تبرع له بالدم بعد محاولة اغتياله وألهمه بعدها بتقديم فيلم(الإرهابي)، ولكن ظل حبه لعبد الناصر وأهل بيته جلياً حتى بعد وفاة جمال عبد الناصر حيث كان يختص امرأتان بتحية خاصة على مسرحه والدته والسيدة تحية عبد الناصر.

جدير بالذكر أنه بكى فرحا عندما لوح له عبد الناصر من سيارته عندما رآه بالشارع فلم يكن يتخيل أن الرئيس الراحل يعرفه حق المعرفة”.

وتناولت الكلمة الأستاذة زينب حسن الإمام: “من السهل أن أثير عاطفتك لكن من الصعب جعلك تضحك، وعادل إمام خريج كلية الزراعة لم يدرس تمثيل وإنما امتلك الموهبة، وإذ لم تصقل الموهبة بالدراسة فستظل مجرد موهبة”.

وهنا تحدث الفنان محمد أبو داود عن الرائع الراحل حسن الإمام رائد التصوير لأفلام كاملة من أول لقطة.

أما عن فكرة كتابة الزعيم لمذكراته ذكر الفنان محمد أبو داود بأنه كانت هناك مشاريع لذلك من تنفيذ “رجائي العش” وبموافقة الزعيم ولكنه تردد لارتباط المذكرات لديه باعتزال صاحبها وهو ما كان يراه لا يزال مبكرًا بعد فلن تخرج للنور.

وقالت الصحفية (جيهان الغرباوي): إن خلال سفرها لأي دولة عربية كانت تلقى حفاوة غير عادية عندما يعلمون أنها مصرية ولفظا “من بلد عادل إمام”.

وسأله أحد الحاضرين عن تقمص محمد إمام التام لشخصية والده، فقال: إن الشخص العادي يتأثر بعادل إمام وحركاته ولزماته فما بالنا بابنه ورغم ذلك رأى أن محمد إمام موهبة مختلفة وتمنى له التوفيق والنجاح.

واختتم الفنان محمد أبو داود حديثه بأن عادل إمام إنسان بحق وفي مواقف عدة لمسها فهو أول من نفذ سياحة خاصة به سميت سياحة مصر عادل إمام، والتي كان يخصص فيها طيران للعرب راغبي حضور عرضه وهو الذي قدم فقط ٥ مسرحيات وأعمال سينمائية أكثر لكنه يظل أكثر ممثل يقف على المسرح لمدة طويلة فلقد ظل قرابة الأربعين عاما يعمل على المسرح بشكل متواصل وبدون انقطاع حتى تأثرت صحته بذلك.