القوة تي

عودة للموسوعة

القوة تي هي ذراع العمليات لمهمة اشهجر فيها الجيش الأمريكي والبريطاني، لتأمين أهداف فهمية وتقنية صناعية ألمانية قبل حتى تدمرها قوات العدوالمنسحبة أوحتى يدمرها الناهبون، وهذا في المراحل الأخيرة من الحرب العالمية الثانية وتَبِعاتها المباشرة. كان من أهدافها أيضًا ضبْط الموظفين المهمين، والتعامل مع الأهداف السانحة غير الرئيسية إذا وُجدت. يمكن وصف هذا الجهد بأنه جهد تجاري وتقني موازٍ لسعي «رجال الأنصاب التذكارية» وراء الكنوز الفنية والمالية.

أُنشئ هذا البرنامج لسلْب ما لألمانيا المهزومة من أصول ثقافية، لإعاقة قدرتها على المنافسة بعد الحرب في المجال السياسي والاقتصادي، وتعزيز الدول التي صارت تلك الأصول تحت إدارتها. لم يكن معلومًا حينئذ حتى من أهداف قوة تي أيضًا منع وقوع التقنيات النازية المتقدمة في يد الاتحاد السوفييتي، بتدمير جميع ما يتعذر نقله قبل وصول القوات السوفييتية. وعلى هذا يمكن حسبان نشاطات قوة تي بداية للحرب الباردة. عملياتها في ألمانيا غالبًا ما اكتنفها البطش والبغي، إذ بلغت أحيانًا حد الاختطاف. ما زالت قليلةً جدًّا المعلومات المتاحة للعامة عن نشاطات الوحدة.

تألفت قوة تي من 3,000 «محقِّق»، إلى جانب آلاف من كتائب المشاة والمهندسين القتاليين. كانت نشاطاتها من أكبر «العمليات الاستغلالية» التي أجراها الحلفاء. كان من مهماتها أيضًا الحيلولة دون تدمير البنية التحتية، التي من قبيل الاتصالات الهاتفية النافعة لقوات الاحتلال ولإعادة بناء ألمانيا.

تأسيسها

كان تأسيس قوة تي متصلًا بغزوالحلفاء لأوروبا في «عملية أوفرلورد».

«أثناء تخطيط الغزو، أَسست القيادة العليا لقوات حملة الحلفاء ‹فرقة تي الفرعية› -و(تي) هنا رمز لحدثة (هدف) بالإنجليزية- بقسم ‹جي 2› الاستخباراتي، لتخطيط استغلالٍ استخباراتي للأهداف الفهمية والصناعية. تألفت في الأول منخمسة ضباط أمريكيين و3 بريطانيين و13 من المجندين والمجندات. في عشية اختراق ألمانيا في فبراير 1945، أَسست القيادة العليا ‹فرقةَ الأقسام الخاصة الفرعيةَ› لتنسيق عمليات ‹فرقة تي الفرعية› وما اتصل بها من فرق فرعية أخرى وأقسام تابعة لِجِي 2. حينئذ زُوّدت فرقة تي الفرعية بعنصر ميداني هو‹قوة تي 6800› التي بلغت عدّتُها في إبريل 1,700 رجل، أضيف إليهم لاحقًا أفراد من ‹مركز السيطرة الوزارية› المعنيّ بعملية ‹جولدكاب›، لتبلغ القوة أكثر من 2,000 رجل. في مايوويونيوضمت القوة 1,000 محقق آخر.»

أُمر أفراد قوة تي «بتحديد المعلومات القيّمة وتأمينها واستغلالها، سواء كانت في صورة وثائق أوأشخاص أومعدات قيّمة لجيوش الحلفاء». كانت وحدات قوة تي متصلة بالمجموعات الحربية الثلاث الموجودة في الجبهة الغربية: المجموعة الحربية الأمريكية السادسة، والمجموعة الحربية الحادية والعشرين، والمجموعة الحربية الأمريكية الثانية عشرة. كان يَختار أهدافَ قوة تي ويرشحها «اللجنة الفرعية المشهجرة للأهداف الاستخباراتية». كانت وحدات القوة حرة الحركة خفيفة التسلُّح. كان في قواتها البريطانية سريّتان من كتيبة باكينجهامشير، إلى جانب كتيبة فوج الملك الخامسة (ليفربول). وكان في قواتها الأمريكية مشاة ومهندسون قتاليون، منهم كتيبة المهندسين القتاليين 1269.

الحرب العالمية الثانية

كانت وحدات قوة تي ترافق الوحدات القتالية عند استيلائها على المنشآت الصناعية، أوكانت تأتي بُعَيْدها للسيطرة. كانت مكلفة بحماية المنشآت من النهب أوالتخريب، والحيلولة دون إزالة الوثائق أوهرب الموظفين المهمين. كانت إذا سيطرت على منشأة، أفهمت اللجنة الفرعية المشهجرة للأهداف الاستخباراتية، فترسل اللجنة من فورها محققين. غلب على أساليبهم البطش والبغي:  «كانت أساليبهم كأساليب الجيستابو: مسؤولون يخطفون أهدافًا بالليل على حين غرة، من دون تقديم أي إثباتات شخصية». ما تعذر حمله، دُمر وفُرِّق ضمه. في الأسابيع الأخيرة من الحرب خُطف من الضحايا عدد لا تعيين له، وبعد الحرب خُطف في بريطانيا وحدها ما بين 500 و1,500 إنسان.

من النشاطات الرئيسة لوحدات قوة تي: مهمة ألسوس التي كانت في المراحل الأخيرة من الحرب العالمية الثانية للاستيلاء على عناصر حيوية من مشروع الطاقة النووية بجنوب غرب ألمانيا. فاستولت على: مفاعل نووي تجريبي شغّال، وسبائك يورانيوم، وماء ثقيل، وعشرات من فهماء الذرة البارزين وموظَّفيهم، منهم فيرنر هايزنبيرج.

فيخمسة مايو1945 أُريد حرمان الاتحاد السوڤييتي من ميناء دافئ المياه، فاقتحمت إحدى وحدات قوة تي أراضي عُينت ليغزوها الجيش الأحمر، واستولت على مدينة كيل. في ذلك الوقت كان قد اتُّفق على شروط استسلام القوات الألمانية في هيث لونيبورج، وبموجبها أُمرت قوات الحلفاء بعدم تجاوز باد زجبرج شمالًا، وعلى رغم هذا أُذِن لمجموعة قوة تي التي كان يقودها الرائد توني هيبرت بالتقدم إلى كيل والسيطرة على ما فيها من أهداف. لم تكن قوة تي عالمة حتى ذلك الإذن صدر خطأ، فدخلت المدينة دون لقاءة معارضة، وسيطرت على الأهداف المحددة. كان في المدينة قوة ألمانية متينة طلبت منها قوة تي الاستسلام، لكنها كانت آبِيَة له، حتى أمرهم به اللواء كارل دونِتس.

أمثال هذه الأعمال العدوانية -كتصرف هيبرت وقوة تي، والقصف الاستباقي لشركة أُوِرْجِزيلشافت المعالِجة للمواد الذرية في أورانينبورج- مُمْكن حسبانها بداية الحرب الباردة، وهي -إلى جانب نطاق العمليات وطبيعتها- من مسببات قلة المعلومات المتاحة للعامة عنها وعن دورها حتى الآن.

بعد الحرب

في ألمانيا بعد الحرب كُلفت قوة تي بخطف فهماء ورجال أعمال ألمانيين، ويُزعم حتى برنامجًا آخر شبيهًا اضطَر رجال أعمال ألمانيين إلى السفر إلى بريطانيا ليستجوبهم خصومهم التجاريون، ولاحتجازهم إذا امتنعوا عن كشف الأسرار التجارية. لم تعطِّل هذه الاختطافات التعافي الألماني حسب، وإنما أيضًا مكنت البريطانيين من استغلال العلوم التقنية الألمانية في بناء اقتصادهم بعد الحرب، وحرمت السوڤييتيين منها.

على سبيل المثال: حصل مصنع كورتولدز على أحدث معلومات الألياف الصناعية، واستغل مصنع دورمان لونج معلومات ومعدات من شركات «هيرمان جورينج للأشغال الحديدية»، وحتى شركات الفحم البريطانية حصلت على نادىئم لأسقف المناجم من جبال هارز. وأما من الناحية العسكرية، فقد جُمعت معلومات كثيرة كانت لتكون خطيرة حاسمة لولم تنته حرب الشرق الأقصى سريعًا.

وبعيدًا عن هذا، حصلت تداعيات سياسية واقتصادية أكبر، منها التحرير المبكر الهامّ لمدينة كيل، الذي منع الروسيين من ضم ولاية شليسفيش هولشتاين وشبه جزيرة يوتلاند إلى منطقة نفوذهم، كما عملوا -مؤقتا- بجزيرة بورنهولم الدنماركية. ظل دور القوة سرًا حتى وقت قريب جدًّا، فلم يطْلع خبرها إلا بعد نشر كتاب شون لونجدين «قوة تي: السباق إلى أسرار الحرب النازية، 1945» في سبتمبر 2010.

المراجع

  1. ^ The Guardian: How T-Force abducted Germany's best brains for Britain نسخة محفوظة 29 مارس 2019 على مسقط واي باك مشين.
  2. Ziemke, Earl F. ed., The US Army in the Occupation of Germany, 1944–1946, 1975.. US Army Publication, Page 314. نسخة محفوظة ثلاثة أبريل 2019 على مسقط واي باك مشين.
  3. ^ Allison, William H: 1269th Engineer Combat Battalion History نسخة محفوظةخمسة مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  4. ^ Judt, Matthias; Ciesla, Burghard (1996). . Routledge. صفحة 63. ISBN . مؤرشف من الأصل في 26 يناير 2020.
  5. ^ Stewart, Payne (30 August 2007). "How Britain put Nazis' top men to work". The Telegraph. مؤرشف من الأصل في 14 ديسمبر 2018. اطلع عليه بتاريخ 01 سبتمبر 2009.
  6. ^ Gimbel, John (1990). . Stanford University Press. صفحات 3–4. ISBN . مؤرشف من الأصل في 26 يناير 2020.
  7. ^ Bellamy, Matthew J. (2005). . McGill-Queen's Press. صفحات 109–110. ISBN . Profiting the crown: Canada's Polymer Corporation, 1942-1990
  8. ^ Cobain, Ian, The Guardian: How T-Force abducted Germany's best brains for Britain "Usually an NCO arrives without notice at the house or office of the German and warns that he will be required. He does not give him any details of the reasons, nor does he present his credentials. Some time later the German is seized (often in the middle of the night) and removed under guard. This procedure savours very much of the Gestapo methods and, quite apart from causing great and unnecessary inconvenience to the individual and to the industry employing him, it is bound to create feelings of alarm and insecurity." نسخة محفوظة 29 مارس 2019 على مسقط واي باك مشين.
  9. ^ Jones, Gwilym Thomas (2001). . General Store Publishing House. صفحات 102–104. ISBN . مؤرشف من الأصل في 26 يناير 2020.
  10. ^ A diary of ‘T’ Force operations in KIEL نسخة محفوظة 23 October 2014 على مسقط واي باك مشين. ARCRE—Archive research & document copying
  11. ^ Cobain, Ian, The Guardian: [1] "Herbert Morrison, lord president of the council, told the prime minister, Clement Attlee: 'It is most important at this formative stage to start shaping the German economy in the way which will best assist our own economic plans and will run the least risk of it developing into an unnecessarily awkward competitor.'" نسخة محفوظة 29 مارس 2019 على مسقط واي باك مشين.
  12. ^ "Fight for the Files: Captured German Records after World War II". 2002. Panel at the German Studies Association, San Diego, California, October 3–6, 2002. Co-sponsored by the German Historical Institute, Washington, DC. GHI Bulletin. Number 32, Spring, 2003. Page 145.
  13. ^ US Archives and Records Service. (1) SHAEF, CofS, to distribution, sub: Establishment of FIAT, 31 May 45, in OPD, 336, sec. V, Class 104-. (2) Memo, Hqs, US Gp CC, for Distribution, sub: Establishment of FIAT, US Gp CC, 14 Jul 45, in USFET SGS 322.
تاريخ النشر: 2020-06-01 18:19:22
التصنيفات: العلوم والتكنولوجيا خلال الحرب العالمية الثانية, إيان فليمنج, وحدات وتشكيلات عسكرية للجيش البريطاني في الحرب العالمية الثانية, وحدات وتشكيلات القوات المسلحة الأمريكية العسكرية في الحرب العالمية الثانية, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, مقالات يتيمة منذ أكتوبر 2019, جميع المقالات اليتيمة, مقالات يتيمة (الولايات المتحدة), جميع المقالات التي بحاجة لصيانة, بوابة الولايات المتحدة/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

اقتصادي / الأسهم البريطانية تغلق على انخفاض

المصدر: وكالة الأنباء السعودية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-14 19:44:50
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 50%

تقرير : الصين تعزز مشروع طريق الحرير الجديد عبر المغرب

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-14 20:10:48
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 38%

الولايات المتحدة تسجّل 855,805 إصابات جديدة بفيروس كورونا المستجد

المصدر: جريدة الرياض - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-14 19:40:03
مستوى الصحة: 64% الأهمية: 75%

وفاة شخصين وإصابة 10 آخرين في حريق بمصفاة للنفط في ميناء بالكويت

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-14 20:11:00
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 41%

عام / أمطار على مدينة الرياض

المصدر: وكالة الأنباء السعودية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-14 19:44:53
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 68%

حارس مرمى جزر القمر بن بوانا يتوج بجائزة "رجل المباراة" أمام المغرب

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-01-14 20:13:52
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 53%

بريطانيا: إلغاء فحص PCR للمسافرين إلى إنجلترا - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-14 19:41:33
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 54%

عام / أمطار على منطقة الباحة

المصدر: وكالة الأنباء السعودية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-14 19:44:44
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 66%

بالاتفاق.. الشباب لا يخسر - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-14 19:41:34
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 62%

أبرز مواصفات وأهداف القمر الاصطناعي النانوي «ديوا – سات 1»

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-14 19:48:09
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 61%

جازان: ضبط أكثر من طن من مادة القات المخدر - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-14 19:41:36
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 52%

حصري.. تفاصيل لقاء بنسعيد بشبيبات الأحزاب الممثلة في البرلمان

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-14 19:39:59
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 69%

اجتماعي / جمعية رعاية الأيتام بطريف تنظم دورة تدريبية في مبادئ الحاسب الآلي

المصدر: وكالة الأنباء السعودية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-14 19:44:47
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 51%

عام / "الأرصاد": أمطار رعدية على محافظتي الأكحل ووادي الفرع

المصدر: وكالة الأنباء السعودية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-14 19:44:59
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 67%

تحميل تطبيق المنصة العربية