شرح مشكل الآثار
عودة للموسوعةيعد كتاب شرح مأزق الآثار للإمام الطحاوي كتابًا مفيدًا في أحاديث الأحكام وأدلة المسائل الخلافية، صنفه صاحبه مرتبًا على الخط والأبواب الفقهية، وذكر فيه الآثار المأثورة عن رسول الله في الأحكام التي يتوهم حتى بعضها ينقض بعضًا، وبين ناسخها من منسوخها، ومقيدها من مطلقها، وما يجب به العمل وما لا يجب، مع سوق الآثار التي يتمسك بها أهل الخلاف، وبيان سندها ومتنها، وأقوال الصحابة والأئمة والفهماء فيها. وقد شرح الكتاب بدر الدين محمود بن محمد العيني (855هـ)، واعتنى بأسماء رجاله زين الدين المعروف بابن الهمام (661هـ) كما شرحه أبوالحسين محمد الباهلي (321هـ ).
نبذة عن المؤلف
محدث الديار المصرية وفقيهها أبوجعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة بن عبد الملك، الأزدي الحجري المصري الطحاوي الحنفي، ولد في سنة تسع وثلاثين ومائتين ( 239هـ) بـ قرية (طحا) بصعيد مصر. ونشأ في أسرة فهم فأبوه محمد كان أحد الفهماء المحدّثين الذين روي عنهم الطحاوي، وأمه أخت الإمام المزني صاحب الشافعي، وقد كان للمزني أثر كبير عليه، حيث تفقه علي يده وعنه أخذ الممضى الشافعي، ثم تحول إلى ممضى الحنفية. ارتحل إلى الشام في سنة ثمان وستين ومائتين (268هـ)، فلقي القاضي أبا خازم قاضي دمشق وأخذ عنه الفقه، واتصل بأحمد بن طولون، فكان من خاصته، ورجع إلى مصر في سنة تسع وستين، وإليه انتهت رياسة أصحاب أبي حنيفة بمصر، وبرز في فهم الحديث وفي الفقه وجمع وصنف المصنفات الحسان، ومنها: "شرح معاني الآثار"، و"بيان السنّة "، و"المحاضر والسجلات"، و"شرح مأزق الآثار"، و"أحكام القرآن"، و"المختصر" في الفقه، و"اختلاف الفقهاء"، و"العقيدة" المشهورة.
توفي الإمام الطحاوي سنة إحدى وعشرين وثلثمائة (321هـ)، ليلة الخميس مستهل ذي القعدة بمصر، ودفن بالقرافة، وقبره مشهور بها.
الهدف من الكتاب
يُعدّ كتاب الإمام الطحاوي في بيان المشكل من أعظم خطه التي صنفها للفوز للسنة وللردّ على الذين يطعنون في السنة. "رأى الإمام الطحاوي حتى بعض نصوص الشرع بينها تعارض ظاهري بحيث إنها تبدوعند المقارنة بينها متناقضة، ولكن مرد هذا التناقض قد يحدث لأن بعضها ينسخ بعضًا أويخصصه أويقيد مطلقه أوقد يكون أحد النصين المتعارضين ثابتا والآخر ليس كذلك...
فكانت همة المؤلف ترتكز على دفع هذا التعارض المتوهم، فبين ذلك بكافة الأساليب، ولكي ييسِّر على المنتفع بالكتاب الوصول إلى بغيته، فقد رتب الكتاب على الأبواب، والتي بلغت (1002) وبدأ ذلك بـ: " باب ما قد روي عن رسول الله في أشد الناس عذابًا يوم القيامة ". وختم الكتاب بـ: " بيان مأزق ما روي عن رسول الله في نهيه عن الإقعاء في الصلاة ما هو؟!".
ولم يخصّه بنوع معيّن من الأحاديث، بل أودعه من الأحاديث التي رآها معضلة خفيّة المعنى، سواء أكانت تلك الأحاديث في العقيدة، أوالتفسير، أوالفقه، أواللغة، أوالفضائل.
منهج الكتاب
(كان منهج الطحاوي فريدًا من نوعه في طرائق دفع الإشكال عن الحديث، فهويلجأ إلى وضع جميع حديثين ظاهرهما التعارض في موضوع واحد إلى جوار البعض في باب واحد، ليتبعها بمرويات أخرى في الباب بما صح عنده من أسانيد، ثم يجري دراسة مقارنة بينها جميعًا، بما يشبه بالتفسير الموضوعي أوبمنهج التجميع أوالتنقيح عند الأصوليين ليستخلص من المقارنة في نهاية المطاف ما يؤدي إلى اجتهاده من معانِ، ومن طرق لإزالة الإشكال، أوتعارض ظاهري بين الأحاديث، وهويتعرض في ذلك لسائر أنواع المشكل بأسبابها المتنوعة، ولكن أغلب الإشكالات عنده بسبب التعارض الظاهري، لذلك فإن كتابه أقرب إلى مصنفات اختلاقي الحديث من هذا الوجه، ويدفع الطحاوي الإشكال باتباع أساليب مختلفة، فهوتارة يعمد إلى التوفيق بين الحديثين وذلك بالشرح وتوجيه المعنى وهوالأكثر، ونارة يحمل الإشكال ببيان النسخ، وأحيانا لا يجد مناصا لحمل الإشكال إلا بتضعيف أحد الحديثين ورده، إلى غير ذلك.
وبهذا المنهج استطاع الأمام الطحاوي حتى يجمع بين شرح المعنى وبيان الأحكام في الحديث النبوي، وإزالة الإشكال عنه في وقت واحد.
وهذا المنهج نفسه اتبعه الطحاوي في كتابه الآخر وهوشرح معاني الآثار، مع الاختلاف في موضوع الكتابين، فهذا الأخير موضوعه شرح الأحكام الفقهية الواردة في السنة: عبادات -معاملات، مع الترجيح بينها في النهاية على ممضى الإمام أبي حنيفة في الغالب، فمنهج أبي جعفر الطحاوي في كتابيه أشبه بمنهج أبي جعفر الآخر وهوابن جرير الطبري، في كتابه تهذيب الآثار، ولعل الأول اقتبس المنهج من الأخير.
مقدمة الكتاب
أما بعد، فإن الله جَلَّ وَعَزَّ بعث نبيه محمدًا خاتما لأنبيائه الذين كَانَ بعثهم قبله صلوات الله عليه وعليهم وسلامه ورحمته وبركاته، وأنزل عليه كتابا خاتما لخطه التي كَانَ أنزلها قبله، ومهيمنا عليها، ومصدقا لها، وأمر فِيهِ من آمن به بهجر حمل أصواتهم فوق صوته، وهجر التقدم بين يدي أمره، وأفهمهم أنه قد تولاه فيما ينطق بقوله عَزَّ وَجَلَّ: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى {3 إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى {4 ) ~[سورة النجم: 3-4].
وأمرهم بالأخذ بما آتاهم به، والانتهاء عما نهاهم عنه بقوله عَزَّ وَجَلَّ: ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)) ~[سورة الحشر: 7].
ونهاهم حتىقد يكونوا معه كبعضهم مع بعض بقوله تعالى: ((وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ سورة)) ~[الحجرات: 2].
وحذرهم فِي عملهم ذلك إذا عملوه حبوط أعمالهم وهم لا يشعرون، وحذر مع ذلك من خالف أمره بقوله عَزَّ وَجَلَّ: ((فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) ~[سورة النور:63].
نطق أبوجعفر: وإني نظرت فِي الآثار المروية عنه بالأسانيد المقبولة التي نقلها ذووالتثبت فِيها، والأمانة عليها، وحسن الأداء لها، فوجدت فِيها أشياء مما يسقط معهدتها والفهم بما فِيها عن أكثر الناس، فمال قلبي إلى تأملها، وتبيان ما قدرت عليه من مشكلها، ومن استخراج الأحكام التي فِيها، ومن نفي الإحالات عنها، وأن أجعل ذلك أبوابا، أذكر فِي جميع باب منها ما يهب الله عَزَّ وَجَلَّ لي من ذلك منها، حتى آتي فيما قدرت عليه منها كذلك، ملتمسا ثواب الله عَزَّ وَجَلَّ عليه، والله أسأله التوفيق لذلك، والمعونة عليه، فإنه جواد كريم، وهوحسبي، ونعم الوكيل.
مختصرات الكتاب
- مختصر مأزق الآثار.
قيل أنَّ مؤلف الكتاب: أبوالوليد الباجي (ت:474هـ)، (والسليم حتى الذي حققه هوالإمام ابن رشد الجد (ت:520هـ) وليس الباجي كما هومشهور).
- المعتصر من المختصر من مأزق الآثار.
مؤلف الكتاب: يوسف بن موسى الحنفي (ت:803هـ)
الفرق بين كتاب شرح معاني الآثار وكتاب شرح مأزق الآثار
الفرق بينهما حتى (مشكل الآثار) في الأحاديث التي فيها إشكال في معانيها مع المعارضة لغيرها، أومع عدم المعارضة، ويسميه بعضهم "مختلف الحديث"، وفيه مؤلفات مختصرة ومتوسطة مثل: "اختلاف الحديث" للإمام الشافعي، مع خلاف بينهم في كونه كتابًا مفردًا أومن الخط التي تضمنها "كتاب الأم"، كذلك "مختلف الحديث" لابن قتيبة، و(مشكل الآثار) للطحاوي هذا مطوَّل.
أما (شرح معاني الآثار) فهوكتاب معروف من خط السنة، يجمع فيه الأحاديث، ويعلق عليها الطحاوي بما يخدم ممضىه الحنفي، والله أفهم.
مصارد خارجية
- المخطة الكاملة الحديثة - كتاب (شرح مأزق الآثار)
- المخطة الوقفية - كتاب (المعتصر من المختصر من مأزق الآثار)
مراجع
- ^ مسقط نداء الإيمان نسخة محفوظة 24 يناير 2019 على مسقط واي باك مشين.
- ↑ انظر : سير أعلام النبلاء - المضىي - ط. دار الحديث- القاهرة - (ج 11 -ص361). :- ط الرسالة (ج15/ ص27).
- ↑ انظر: طبقات الفقهاء - المؤلف: أبواسحاق الشيرازي - المحقق: إحسان عباس - الناشر: دار الرائد العربي، بيروت - لبنان -الطبعة: الأولى، 1970م - (ص: 142).
- ^ انظر: وفيات الأعيان - ابن خلكان - المحقق: إحسان عباس - الناشر: دار صادر - بيروت - (ج1/ ص71).
- ↑ انظر: الأعلام للزركلي - الناشر: دار الفهم للملايين - الطبعة: الخامسة عشر- (ج1/ ص 206).
- ^ انظر: الثقات ممن لم يقع في الخط الستة - قاسم بن قُطْلُوْبَغَا - تحقيق: شادي بن محمد بن سالم آل نعمان - الناشر: مركز النعمان للبحوث والدراسات الإسلامية وتحقيق التراث والترجمة صنعاء، اليمن - (ج2/ ص 37).
- ^ انظر: تاج التراجم -المؤلف: ابن قطلوبغا - المحقق: محمد خير رمضان يوسف - الناشر: دار القلم - دمشق - (ص: 101).
- ^ انظر: المؤتلف والمختلف لابن القيسراني - المحقق: كمال يوسف الحوت - الناشر: دار الخط الفهمية - بيروت- الطبعة: الأولى - (ص: 52).
- ^ انظلر: تاريخ دمشق لابن عساكر - المحقق: عمروبن غرامة العمروي - الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - (ج5/ ص369).
- ^ انظر: وفيات الأعيان - ابن خلكان - المحقق: إحسان عباس - الناشر: دار صادر - بيروت - (ج1/ ص 72).
- ^ مخطة طالب الفهم - عبدالعزيز الطريفي- جود ريدرز نسخة محفوظة 14 ديسمبر 2018 على مسقط واي باك مشين.
- ^ كتاب (تعارض الأدلة الشرعية في الفكر الإسلامي)، لإبراهيم شوقار، ص98-99
- ^ مسقط إسلام ويب نسخة محفوظة 26 مايو2020 على مسقط واي باك مشين.
- ^ مقدمة الشيخ أبي الأجفان رحمه الله (ص48-66)
- ^ مسقط الشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس نسخة محفوظةستة أبريل 2018 على مسقط واي باك مشين.
- ^ مسقط د. عبد الكريم الخضير نسخة محفوظةسبعة أغسطس 2019 على مسقط واي باك مشين.
التصنيفات: كتب الحديث, كتب الطحاوي, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, Pages using deprecated image syntax, بوابة الإسلام/مقالات متعلقة, بوابة التاريخ الإسلامي/مقالات متعلقة, بوابة كتب/مقالات متعلقة, بوابة الحديث النبوي/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات