تارح والد النبي إبراهيم، اتى ذكره صريحاً في التوراة. وُلد له إبراهيم وهوفي السبعين من عمره، عاش مئتان وخمسة وسبعين سنة، ومات بحران، وقد اختلف الفقهاء المسلمون حوله لاختلافهم حول شخصه، ففيهم من يراه موحدًا وبينهم من يراه كافرًا.

عند اليهود والنصارى

نظرة الفقهاء المسلمين

اختلف الفقهاء المسلمون حول إنسان والد النبي إبراهيم، ومرد الاختلاف يعود حول العلاقة التي تربط آزر - شخصية مذكورة في القرآن - بإبراهيم، وقد ورد ذكر آزر صريحًا في الآية  وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ  ، وفسّر بعض الفقهاء حتى المقصود بهذا الاسم هوتارح أبوإبراهيم، بينما جملة من الفقهاء الآخرين ردّوا على ذلك بقولهم حتى آزر ما إلا جد إبراهيم لأمه أوعمّه.

عند أهل السنة والجماعة

• نطق أبوالليث السمرقندي في تفسيره للآية: { وَإِذْ قَالَ إبراهيم لاِبِيهِ ءازَرَ وكان اسم أبيه تارح بن ناخور بلغة قومه، وبلغة غيرهم كان آزر. ونطق السدي : كان اسم أبيه آزر. إلى غير ذلك نطق الكلبي. ونطق بعضهم : لم يكن آزر اسم أبيه، ولكن كان اسم كبير أصنامهم. فنطق أبوه لإبراهيم : ربي آزر. فنطق إبراهيم على وجه التعجب : آزر. ونطق مجاهد : آزر ليس اسم أبيه، وإنما هواسم صنم. ونطق الضحاك عن ابن عباس : إذا في هذه الآية تقديماً فكأنه نطق : أتتخذ آزر أصناماً آلهة يعني : أتتخذ الصنم إلهاً. وينطق : آزر بلغتهم المخطئ الضال. ومعناه : { وَإِذْ قَالَ إبراهيم لاِبِيهِ يا آزر المخطئ أتتخذ أصناماً آلهة. وقرأ الحسن ويعقوب الحضرمي : { ءازَرَ بالضم ويكون معناه : وإذ نطق إبراهيم لأبيه : يا آزر. والقراءة المعروفة بالنصب لأنه على ميزان أعمل. ينصرف فصار نصباً. وهوبموضع الخفض. ولأنه اسم أعجمي فلا ينصرف.
• قوله تعالى : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ ءَازَرَ... فيه ثلاثة أقاويل :

1. أحدهما : حتى آزر اسم أبيه، نطقه الحسن، والسدي، ومحمد بن إسحاق، نطق محمد : كان رجلاً من أهل كوتى قرية من سواد الكوفة.
2. والثاني : حتى آزر اسم صنم، وكان اسم أبيه تارح، نطق مجاهد.
3. والثالث : أنه ليس باسم، وإنما هوصفة سب بعيب، ومعناه معوج، كأنه عابه باعوجاجه عن الحق، نطقه الفراء.

فإن قيل : فكيف يصح من إبراهيم - وهونبي - سبَّ أباه،يا ترى؟ قيل : لأنه سبّه بتضييعه حق الله تعالى، وحق الوالد يسقط في تضييع حق الله.

• قوله عز وجل: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ آزَرَ قرأ يعقوب " آزر " بالحمل، يعني: " آزر " والقراءة المعروفة بالنصب، وهواسم أعجمي لا ينصرف فينتصب في موضع الخفض. نطق محمد بن إسحاق والضحاك والكلبي: آزر اسم أبي إبراهيم وهوتارخ أيضا مثل إسرائيل ويعقوب وكان من كوثى قرية من سواد الكوفة، ونطق مقاتل بن حيان وغيره: آزر لقب لأبي إبراهيم، ومسماه تارخ. ونطق سليمان التيمي: هوسب وعيب، ومعناه في كلامهم المعوج، وقيل: معناه الشيخ الهِمُّ بالفارسية، ونطق سعيد بن المسيب ومجاهد: آزر اسم صنم، عملى هذاقد يكون في محل النصب تقديره أتتخذ آزر إلها.
• في { آزر أربعة أقوال:

1. أحدها : أنه اسم أبيه، روي عن ابن عباس، والحسن، والسدي، وابن إسحاق.
2. والثاني : أنه اسم صنم، فأما اسم أبي إبراهيم : فـتارح، نطقه مجاهد : فيكون المعنى : أتتخذ آزر أصناماً،يا ترى؟ فكأنه جعل أصناماً بدلاً من آزر، والاستفهام معناه الإنكار.
3. والثالث : أنه ليس باسم، إنما هوسبّ بعيب، وفي معناه قولان. أحدهما : أنه المعوَّج، كأنه عابه نريغه وتعويجه عن الحق، ذكره الفراء. والثاني : أنه المخطئ، فكأنه نطق : يا مخطئ أتتخذ أصناماً،يا ترى؟ ذكره الزجاج.
4. والرابع : أنه لقب لأبيه، وليس باسمه، نطقه مقاتل بن حيان. نطق ابن الأنباري : قد يغلب على اسم الرجل لقبه، حتىقد يكون به أشهر منه باسمه، والجمهور على قراءة { آزر بالنصب. وقرأ الحسن، ويعقوب بالحمل. نطق الزجاج : من نصب، فموضع { آزر خفضٌ بدلاً من أبيه؛ ومن حمل عملى النداء.

• { ءَازَرَ اسم أبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان من أهل « كوثى » قرية من سواد الكوفة، أوآزر ليس باسم بل سب وعيب معناه : « معوج »، كأنه عابه باعوجاجه عن الحق، وضاع حق أبوته بتضييعه حق الله تعالى، أوآزر اسم صنم وكان اسم أبيه « تارح ».
• { وَإِذْ قَالَ إبراهيم لأَبِيهِ ءازَرَ هوعطف بيان لأبيه، وفي خط التواريخ حتى اسمه تارح فقيل هما فهمان له كإسرائيل ويعقوب، وقيل الفهم تارح وآزر وصف معناه الشيخ أوالمعوج، ولعل منع صرفه لأنه أعجمي حمل على موازنه أونعت مشتق من الآزر أوالوزر، والأقرب أنه فهم أعجمي على فاعل كعابر وشالخ، وقيل اسم صنم يعبده فلقب به للزوم عبادته، أوأطلق عليه بحذف المضاف. وقيل المراد به الصنم ونصبه بعمل مضمر يفسره ما بعده أي أتعبد آزر ثم نطق : { أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً تفسيراً وتقريراً. ويدل عليه أنه قرئ «أزراً»، تتخذ أصناماً بفتح همزة آزر وكسرها وهواسم صنم. وقرأ يعقوب بالضم على النداء وهويشير على أنه فهم.
• نطق الضحاك، عن ابن عباس: إذا أبا إبراهيم لم يكن اسمه آزرُ، إنما كان اسمه تارح. رواه ابن أبي حاتم. ونطق أيضا: حدثنا أحمد بن عمروبن أبي عاصم النبيل، حدثنا أبي، حدثنا أبوعاصم شبيب، حدثنا عِكْرِمة، عن ابن عباس في قوله: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ آزَرَ يعني بآزر: الصنم، وأبوإبراهيم اسمه تارح، وأمه اسمها مثاني، وامرأته اسمها سارة، وأم إسماعيل اسمها هاجر، وهي سرية إبراهيم.

إلى غير ذلك نطق غير واحد من فهماء النسب: إذا اسمه تارح. ونطق مجاهد والسدي: آزر: اسم صنم. قلت: كأنه غلب عليه آزر لخدمته ذلك الصنم، فالله أفهم. ونطق ابن جرير: ونطق آخرون: "هوسب وعيب بكلامهم، ومعناه: مُعْوَج" ولم يسنده ولا حكاه عن أحد. وقد نطق ابن أبي حاتم: ذُكر عن مُعْتَمِر بن سليمان، سمعت أبي يقرأ: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ آزَرَ نطق: بلغني أنها أعوج، وأنها أشد حدثة نطقها إبراهيم، عليه السلام. ثم نطق ابن جرير: والصواب حتى اسم أبيه آزر. ثم أورد على نفسه قول النسابين حتى اسمه تارح، ثم أجاب بأنه قد يحدث له اسمان، كما لكثير من الناس، أوقد يكون أحدهما لقبا وهذا الذي نطقه جيد قوي، والله أفهم. واختلف القراء في أداء قوله تعالى: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ آزَرَ فحكى ابن جرير عن الحسن البصري وأبي يزيد المدني أنهما كانا يقرآن: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً معناه: يا آزر، أتتخذ أصناما آلهة. وقرأ الجمهور بالفتح، إما على أنه فهم أعجمي لا ينصرف، وهوبدل من قوله: { لأبِيهِ أوعطف بيان، وهوأشبه. وعلى قول من جعله نعتا لا ينصرف أيضا كأحمر وأسود. فأما من زعم أنه منصوب لكونه معمولا لقوله: { أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا تقديره: يا أبت، أتتخذ آزر أصناما آلهة، فإنه قول بعيد في اللغة؛ لأن ما بعد حرف الاستفهام لا يعمل فيما قبله؛ لأن له صدر الكلام، كذا قرره ابن جرير وغيره. وهومشهور في قواعد العربية. والمقصود حتى إبراهيم، عليه السلام، وعظ أباه في عبادة الأصنام، وزجره عنها، ونهاه فلم ينته، كما نطق: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً أي: أتتأله لصنم تعبده من دون الله، { إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ أي: السالكين مسلكك { فِي ضَلالٍ مُبِينٍ أي: تائهين لا يهتدون أين يسلكون، بل في حيرة وجهل وأمركم في الجهالة والضلال بين واضح لكل ذي عقل سليم.

عند الشيعة

يرى الشيعة حتى آزر عم إبراهيم وليس أباه وأبوه اسمه تارح، ذلك لأنهم ينزهون أجداد النبي من الشرك والكفر ويعتقدون حتى أجداد النبي إلى آدم كانوا موحدين. نطق الشيخ الطبرسي، بعد نقل ما مر من كلام الزجاج: وهذا الذي نطقه الزجاج يقوى ما نطقه أصحابنا حتى آزر كان جد إبراهيم لأمه، أوكان عمه من حيث صح عندهم حتى آباء النبي صلى الله عليه وآله إلى آدم كلهم كانوا موحدين، وأجمعت الطائفة على ذلك انتهى. أقول: الأخبار الدالة على إسلام آباء النبي صلى الله عليه وآله من طرق الشيعة مستفيضة بل متواترة، وكذا في خصوص والد إبراهيم قد وردت بعض الأخبار، وقد عهدت إجماع الفرقة المحقة على ذلك بنقل المخالف والمؤالف، وهذا الخبر صريح في كون والده آزر فلعله ورد تقية وبسط القول فيه وفي سائر خصوصيات قصصه موكول إلى كتابنا الكبير.

وهذا نقل من السيوطي ويبين فيه أنه ممضىه وممضى الرازي:

أنهما لم يثبت عنهما شرك بل كانا على الحنيفية دين جدهما إبراهيم كما كان على ذلك طائفة من العرب كزيد بن عمروبن نفيل وورقة بن نوفل وغيرهما وهذا المسلك مضىت إليه طائفة منهم الإمام فخر الدين الرازي: فنطق في كتابه كتاب أسرار التنزيل ما نصه: قيل إذا آزر لم يكن والد إبراهيم بل كان عمه واحتجوا عليه بوجوه: منها حتى آباء الأنبياء ما كانوا كفارا ويدل عليه وجوه: منها قوله تعالى  الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ  وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ   قيل معناه أنه كان ينقل نوره من ساجد إلى ساجد وبهذا التقدير فالآية دالة على حتى جميع آباء محمد كانوا مسلمين وحينئذ يجب البتر بأن والد إبراهيم ما كان من الكافرين إنما ذاك عمه أقصى ما في الباب حتى يحمل قوله تعالى  وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ   على وجوه أخرى. وإذا وردت الروايات بالكل ولا منافاة بينها وجب حمل الآية على الكل ومتى صح ذلك ثبت حتى والد إبراهيم ما كان من عبدة الأوثان ثم نطق: ومما يشير على حتى آباء محمد ما كانوا مشركين قوله لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات. ونطق تعالى (إنما المشركون نجس) فوجب حتى لاقد يكون أحد من أجداده مشركا. هذا كلام فخر الدين الرازي بحروفه، وناهيك به إمامة وجلالة فإنه أمام أهل السنة في زمانه والناصر لممضى الأشاعرة في عصره. وعندي في نصرة هذا المسلك وما مضى إليه فخر الدين الرازي أمور: أحدها مرشد استنبطته مركب من مقدمتين: الأولى حتى الأحاديث السليمة على حتى جميع أصل من أصول النبي من آدم إلى أبيه عبد الله فهومن خير أهل قرنه وأفضلهم. والثانية حتى الأحاديث والآثار دلت على أنه لم تخل الأرض من عهد نوح أوآدم إلى بعثة النبي ثم إلى حتى تقوم الساعة من ناس على الفطرة يعبدون الله ويوحدونه ويصلون له وبهم تحفظ الأرض ولولاهم...

يجوز حتى ينطق للعم (أب) كما اتى في كتاب الله حتى يعقوب (ع) عندما حضره الموت كان يوصي أبناءه قائلاً ما تعبدون من بعدي، فكان جواب أبنائه أنهم يعبدون إلهه وإله آبائه إبراهيم وإسماعيل وإسحاق. فنرى أنهم ذكروا إسماعيل (ع) من ضمن آباء يعقوب (ع) فهماً أنه عمه. الدليل قوله تعالى  أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَـهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ  . وإسماعيل كان عم يعقوب، ولكن العم بمنزلة الأب بدليل ما روي عن النبي أنه نطق : « عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ ». ودخل إسماعيل في الآباء لأنه عمٌّ. وقد نطق النبي في العباس : « ردوا علي أبي، إني أخاف حتى تعمل به قريش ما عملت ثقيف بعروة بن مسعود ». ونطق عنه في موطن آخر : « هذا بقية آبائي ». وقوله : { إبراهيم وإسماعيل وإسحاق عطف بيان لقوله : { آبَائِكَ وإسماعيل، وإن كان عماً ليعقوب ؛ لأن العرب تسمى العمّ أباً.

شجرة العائلة

المراجع

طالع كذلك