فرخشنيط

عودة للموسوعة

فرخشنيط (بالفرنسية: Fraxinet)‏ هومسقط حصن أسسه العرب المسلمون القادمون من الأندلس في سنه 889 ميلادي في المسقط الحالي لمدينة لاكارد فرنيه التابعة لإقليم بروفنس ألب كوت دازور بجنوب شرق فرنسا. تمكن العرب من المكوث في هذا الحصن حتى سنة 973 ميلادي حيث تمكن الملك وليام الأول من بروڤانس من إخراجهم من المنطقة على إثر معركة تور تور.

بداية الاحتلال

في عام 891 ميلادي هبط على شاطئ بروفانس – بجنوب فرنسا – 20 بحارًا أندلسيًا كانت سفينتهم قد تحطمت بعمل عاصفة هواتى لتُلقي بهم الريح على ذلك الشاطئ الذي يقع في خليج القديس تروبزر. تسللوا وهم لا يعهدون بأي أرض هم، صعدوا علي تلة حصينة مغطاة بأشجار كثيفة وتحوي آثار حصن قديم يُسمي “فراكسينيتوم”. استقروا لبعض الوقت في ذلك الحصن الذي أسموه: “فَرْخَشَنيط” نسبة إلى نبات المران (باللاتينية: Fraxinus) المنتشر بكثافه في تلك المنطقة، الشيء الذي جعل منها غابة حصينة.

وما حتى استتب لهم الأمر وأعادوا بناء الحصن حتي قاموا بغاره علي احدي القري المجاورة في محاوله لاستكشاف المكان وصالوا وجالوا في الأنحاء، وبعد حتى درسوا المنطقة جيدًا ارسلوا احدهم إلى “الأندلس” برسالة إلى الخليفة عبد الرحمن الناصر وعرضوا عليه الأمر وكيف وجدوا تلك الأرض وحال أهلها من اختلاف مع الأمراء والنبلاء المالكين لتلك القري، فأوفد مع الرسول مائه من الرجال ليتحقق من الأخبار الواردة له من تلك الأراضي في بلاد بروفانس، ومن هنا بدا مجد مدينه مسلمة أسسها مولدون الأندلسيون؛ مدينه حكمت جبال الألب وأجزاء من سويسرا. إنها إمارة “فرخشنيط”.

كانت تلك البداية لاحدي إمارات أوروبا المسلمة، إمارة خشاها الجميع وتوجست منها روما خيفة. لا يوجد في المراجع العربية الكثير عنها ولكن وجدت الكثير من الكتابات لرهبان تلك الأنحاء، كتابات ظلت محفوظه بأديرة نائيه تقص علينا كيف من الممكن أن كان “ساراكينوس” وهولفظ اطلق علي العرب لكونهم غالبًا سمر الألوان. وقيل أنها محرفه عن “سرا كنو” التي هي المسلمون بلغه الروم، وقد ذكر الرحالة ابن بطوطة في رحلته حتى قيصر القسطنطينية سال عنه: هل هوسراكنو،يا ترى؟ أي مسلم.

السيطرة على المنطقة

يظهر جليًا في تلك الآثار والمخطوطات حتى المسلمين لم يكن هدفهم سياسيًا أوامتدادًا جغرافيًا فقط، كانوا لصوصًا وقطاع طرق – هكذا تم وصفهم في المصادر الغربية – أما في المصادر العربية القليلة يذكر ويسجل ابن حوقل حتى المنطقة كانت عامره بمزارع المسلمين، الذين يرجع اليهم الفضل في الكثير من الإبداعات في الزراعة والصيد في المنطقة. ويدل حطام السفن في المنطقة حتى فرخشنيط من الممكن كانت مركزًا ذا شان في التجارة مثلما كانت صاحبة الريادة في البحر باسطولها القوي المدعوم من الأندلس.

يَذكر محرر يوميات دير «نوفاليز» الذي يقع علي مقربه من بروفانس حتى بدء الغارات للمسلمين علي النواحي القريبة من مدينتهم كانت في عام 906 وقد ذكر انه تم اجتياح القري من جماعات المسلمين وإخضاع أهلها للإمارة وقد روي علي حد وصفه “جرائم ترتعد لها الفرائص وفظاعات ارتكبها المسلمون”، وبعد حتى تم إخضاع جميع القري والمدن بين نهري البووالرون، توجه المسلمون لبناء أبراج تقع علي الطرقات الرئيسية والمرتفعات المحيطة بها تمكنهم من رؤية الطرق لمسافات بعيده وتكون أبراج إشارة ومراسلة بالنيران في أوقات كثيره وبذلك اصبح المسلمون يتحكمون في طرق التجارة والحج من والي روما عبر مداخل جبال الألب.

وتذكر بعض الوثائق حتى المسلمين قاموا ببتر الطرق علي بعض الحجاج وفرضوا عليهم رسومًا لعبور الطريق، وفي عام 921 لم يكن هناك سوي طريق واحد فقط لا يخضع للمسلمين وهومعبر سان برنار، ذلك الطريق الضيق بين الجبال الشاهقة، ومما يذكر أيضًا في السجلات طلب ملك انجلترا والدنمارك المسمي “كنوت” من رودولف ملك “بروغند” ان يؤمن طريق سان برنار للحجاج الإنجليز مخافة من المسلمين المسيطرين علي المنطقة. وقد كانت أوروبا وخاصه تلك المنطقة مجرد ممالك تتكون أحيانًا من مدينه واحده فقط. فلمقد يكونوا علي قلب رجل واحد بل يقومون بالإغارة والفتك ببعضهم البعض مما سهل للمسلمين حتى ينزلوا للوادي الخصيب في سان برنار ويسيطرون عليه بسهوله ويقيمون عليه أبراجهم القوية التي كانت تحوي خزائن الأسلاب التي نقلت بعد ذلك إلي فرخشنيط، ومنها إلي ميناء بلنسية في الأندلس ثم أودعت في خزائن قرطبة.

نهاية فرخشنيط

بعد ان قويت شوكة المسلمين واصبحوا مصدر تهديد للمسيحيين واصبحت الكل يرتعد منهم في أوروبا كان علي احدهم حتى يتصدى لهجمات تلك العصابات كما يصفونهم، فقام الكونت هوجوصاحب بروفانس بالتصدي لهم وطلب المدد من القسطنطينية، وبالعمل وصلته السفن ذات النيران الإغريقية والتي هجمت علي ميناء “فرخشنيط” ودمرت أسطولها بينما قام هوبحصار المدينة وقامت معارك شرسه وكاد حتى يظفر بتلك الحرب ويقضي علي المسلمين، لكن اتىته الأخبار حتى الكونت برنغار يسعى لدخول “لومبارديا” ويسلب الملك من تحت قدميه فعاد وهجر الحصار وعاهد المسلمين الذين اصبحوا حلفاءه بعد تلك الواقعة. وكانت المعاهدة تنص علي تامين المسلمين لجبال الألب وإبقاء نفوذهم علي ما كان لهم، علي حتى يصدوا أي هجوم محتمل عليه يأتي عبر الجبال.

وبذلك استطاع المسلمون حتى يعيدوا تحصيناتهم مره أخرى ويعالجوا ما كان في إمارتهم من ثغرات. وبقي الحال كما هوعليه لفتره كبيره من الزمن، وكانت الطامة الكبري للإمارة حين أغاروا علي ركب رجل دين من أكبر رجال عصره، القديس مايولوس، وكان يقود قافله كبيره من الحجاج تعبر ممر سان برنار، فهاجمهم العرب وأخذوهم سبايا ونهبوا جميع ممتلكاتهم. وتستفيض القصص في كرامات مايولوس، التي اهّلته ليرسـَّم قديسًا لاحقًا. ولم يطلقوا سراحهم حتي حصلوا علي فديه كبيره.

وكان لهذه الحادثة اثر كبير في نفوس الأوروبيين، ودفعت الملك وليام الأول حفيد هوجومن بروڤانس لحشد جيوش أوروبا والاتجاه لفرخشنيط. وتلاقي الجمعان في “معركة تور تور” والتي انهزم فيها جيش المسلمين واجتاحت القوات المدينة التي تحولت إلى ركام ولم يبق سوي آثار ضئيله منها.

لم تحظ بأهمية كبري في خط التاريخ الإسلامي ولم يذكرها المؤرخون العرب بشكل مشروح بل تجاهلوها مع أنها تعتبر فتحًا إسلاميًا في بلاد الغال (فرنسا)؛ من الممكن لانشغالهم بتدوين الثورات في الأندلس منذ دخول المسلمين فيها حتي خروجهم منها، وانشغال الحكام بقمع الثورات المتتالية وكفاحهم للحفاظ علي دولتهم، وربما اعتبروها حمله متواضعه مقارنه بحملات وفتوحات إسلامية أخرى. لكن أكثر من تحدث عنها وبشكل تفصيلي هو“liudprand” رجل دين من إيطاليا قام بتدوين هذه الحملة وقت حدوثها في القرن 10، والتي اعتبرها بعض المؤرخين الأوروبيين غاره من غارات القراصنة.

تبقّي من إمارة فرخشنيط بعض أسماء المدن والطرقات من بازل السويسرية إلى شاطئ فرنسا الجنوبي فنجد:

  • الماجل: وهي مدينه صغيره قرب سويسرا الإيطالية والحدثة تعني “ماء الجبل”، ونطق ابن الأثير إذا الماجل هوالماء الكثير المخزن بين الجبال.
  • المشابل: وهي قمم جبليه بجبال الألب وإما حتى تكون جمع مشبل بمعني اللبؤة أم الأشبال، أوالمشابيل جمع مشبول وهومكان تربيه الأسود.

أثر الوجود الإسلامي

الحنطة السوداء التي أتى بها الأندلسيون إلى فرخشنيط.

كان للوجود الإسلامي الأثر الإيجابي للمنطقة ومن هذه الإجابيات:

  • أدخل الأندلسيين قطران الصنوبر وأطلق عليه السكان المحليين أسم (goudron) المشتقة من العربية.
  • تقديم بعض الدروس والمهارات الطبية للقرويين اللذين يسكنون المنطقة.
  • أدخلوا كذلك بلاط الخزف والدف في المنطقة.
  • يعتقد بعض الفهماء الفرنسيين حتى الأندلسيين أدخلوا زراعة الحنطة السوداء، وقد أطلقوا على حبوبها أسمين في الفرنسية الحديثة، (بالفرنسية: blé noir)‏ أي (القمح الأسود) و(بالفرنسية: blé sarrasin)‏ وتعني (قمح الساراكينوس).

التسلسل الزمني لفرخشنيط

  • 889: عشرون أندلسي أبحروا حتى خليج سان تروبيز وتأسيس مستعمرة فرخشنيط.
  • 906: عبر الأندلسيين ممر دوفيني ومونت سينس.
  • 908: احتلال وادي سوسا.
  • 911: السيطرة على ممرات جبال الألب.
  • 929: تقدم قوات فرخشنيط إلى حدود ليغوريا.
  • 935: مقتل سعيد في معركة أكوي.
  • 940: احتلال واستعمار تولون.
  • 942: الاستيطان في نيس وغرونوبل.
  • 970: إخلاء غرونوبل، سافوا وغب.
  • 972: احتجاز القديس مايولوس عند ممر سانت برنارد الكبير.
  • 973: إخلاء فرخشنيط بعد معركة تور تور.
  • 1047: إغارة الأندلسيين على جزر رينس.

انظر أيضا

  • عبد الرحمن الناصر
  • المولدون
  • إمارة باري

مراجع

  1. ^ "معلومات عن فرخشنيط على مسقط dare.ht.lu.se". dare.ht.lu.se.

[1]

تاريخ النشر: 2020-06-01 20:29:15
التصنيفات: أماكن مأهولة تأسست في القرن 9, الإسلام في فرنسا, الحروب العربية البيزنطية, انحلالات القرن 10, انحلالات القرن 10 في فرنسا, تأسيسات القرن 9 في فرنسا, تاريخ الأندلس العسكري, تاريخ بروفنس ألب كوت دازور, جغرافيا سياسية, جغرافيا فار (إقليم فرنسي), فرنسا الوسيطة, قلاع, قلاع في إسبانيا, مقالات بحاجة لصندوق معلومات تجمع سكاني, جميع المقالات بدون صندوق معلومات, مقالات تحتوي نصا بالفرنسية, بوابة الحرب/مقالات متعلقة, بوابة الأندلس/مقالات متعلقة, بوابة الإسلام/مقالات متعلقة, بوابة العصور الوسطى/مقالات متعلقة, بوابة فرنسا/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

اتحاد بسكرة: عدوان يغيب عن سفرية خنشلة

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:25:34
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 65%

المحكمة الدستورية تقرّر إبطال إنتخاب المستشار أحمد الصغير

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:26:35
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 67%

الرابطة المحترفة: شباب قسنطينة لتأمين الريادة وتعميق الفارق

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:25:31
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 62%

مفاجأة.. ساديو ماني يغيب عن كأس العالم

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:26:45
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 50%

جيجل: مطالب بتهيئة مسالك غابية ببلدية وجانة

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:25:25
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 55%

المحكمة الدستورية تقرّر إبطال إنتخاب المستشار أحمد الصغير

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:26:30
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 51%

نظام الكابرانات يروج لخرافة الانضمام إلى دول “بريكس”

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:26:07
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 67%

تقرير..المغرب من ضمن أفضل الدول في العالم تراثا

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:26:08
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 50%

شكال وكوكبو حاضران وذيب محل شك: مدرب السنافر محتار بين بوكريت و رحماني

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:25:42
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 54%

أنصار يتكفلون بمنحة مغرية: الهلال يفتقد خدمات العمري

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:25:39
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 58%

تحميل تطبيق المنصة العربية