تهنيد جنوب شرق آسيا

بدأت الهند منذ القرن الأول الميلادي تفتح طريقها نحوجنوب شرق آسيا. سُمِّي توسع الحضارة الهندية في هذه المناطق بالتهنيد. كان أول من استخدم هذا المصطلح عالم الآثار الفرنسي جورج كويد في كتابه التاريخ القديم للدول المهندة في جنوب شرق آسيا. عرّف كويد التهنيد على أنه توسع حضارة منظمة مؤطّرة في إطار التأصيلات الهندية للإخلاص، وهي الهندوسية والبوذية واللهجة السنسكريتية. سقطت أمم كثيرة تحت تأثير الهند وأصبحت جزءًا من الهند الكبرى، وهوتوسع حضاري أدى إلى انتشار اللغة السنسكريتية في جنوب شرق آسيا، وإلى نشوء الممالك المهنَّدة، وانتشار الهندوسية في جنوب شرق آسيا وانتنطق البوذية عبر طريق الحرير. تُبُنِّيت طرق التكريم الهندية في اللغات الماليزية والفلبينية والتايلندية والمالايو. لعبت الجاليات الهندية التاريخية (أي ذووالأصول الهندية)، والحالية (أي الهنود غير المقيمين)، دورًا مهمًّا في المنطقة من الجهة الجغرافية السياسية والإستراتيجية والتجارية وفي التنطقيد الحضاري والجوانب الاقتصادية، وكان في معظم الدول في جنوب شرق آسيا مجتمعات هندية كبيرة أكبر من المجتمعات الصينية التي كانت تشكل أقلية.

انتشار التهنيد

في قضية انتشار التهنيد في اليابسة والجزر في جنوب شرق آسيا اختلف الفهماء على نظريات. هذه النظريات المتنوعة تجعل جميع واحدة منها قسمًا معينا من الهنود الناشر الرئيس للغة الهندية والحضارة الهندية في جنوب شرق آسيا.

نظرية تجار الفايشيا

أول هذه النظريات هجرز على تجار الفايشيا ودورهم في نشر التنطقيد الهندية في جنوب شرق آسيا من خلال التجارة. كانت منطقة جنوب شرق آسيا غنية بالموارد التي يرغب بها أهل شبه القارة الهندية، أبرز هذه الموارد المضى. وفي خلال القرن الرابع قبل الميلاد، كانت شبه القارة الهندية تعاني من نقص في المضى نتيجة تحكم الإمبراطورية الرومانية الشديد في الطرق التجارية البرية، وفي هذه الفترة ظهرت أول الأدلة على التجارة الهندية في جنوب شرق آسيا. توجه تجار الفايشيا إلى التجارة البحرية لتجارة المضى، ووجهوا سفنهم نحوجنوب شرق آسيا. ومع هذا، فإن القول بأن التهنيد انتشر من خلال التجارة فحسبُ غير مقنع، لأن التهنيد انتشر في جميع الطبقات في المجتمعات في جنوب شرق آسيا، لا في الطبقة التجارية فقط.

نظرية محاربي الكشاتريا

وهذه نظرية أخرى تقول إذا التهنيد انتشر عبر طبقة الكشاتريا المحاربة. هذه الفرضية تشرح تشكل الدول في جنوب شرق آسيا شرحًا جيّدًا، لأن هؤلاء المحاربين قدموا بنية غزوالشعوب المحلية وتأسيس قوى سياسية جديدة لهم في المنطقة. ومع هذا، فإن النظرية لم تجذب اهتمامًا كبيرا من جهة المؤرخين لأن الأدلة التي تدعمها قليلة جدًّا.

نظرية البراهميين

أكثر النظريات قبولًا هي نظرية البراهميين، وهي تقضي بأن التهنيد انتشر في جنوب شرق آسيا من خلال طبقة الفهماء البراهميين. استخدم هؤلاء البراهميون الطرق البحرية التي فتحها تجار الفايشيا، وجملوا معهم كثيرًا من التنطقيد الهنوسية الدينية والفلسفية ونشروها في طبقات النخبة في جنوب شرق آسيا.[2] وما إذا اعتنقت طبقات النخبة هذه التنطقيد، حتى انتشرت بين جميع الطبقات الأخرى، وهوما يشرح خضور التهنيد في جميع طبقات المجتمع في جنوب شرق آسيا. لكن أثر البراهميين لم ينحصر في مجالي الدين والفلسفة، بل تبنت المجتمعات الآسيوية الجنوبية الشرقية بعد ذلك بقليل أساليب متأثرة بالهند في القانون والعمارة.

يمكن جمع هذه النظريات الثلاث لشرح تهنيد جنوب شرق آسيا، بدلًا من اختيار واحدة منها. إذ كان في المنطقة شبكة طرق بحرية كثيفة، سمحت للتجار باستخراج المضى والتوابل من جنوب شرق آسيا. ولمّا تأسست هذه الشبكات التجارية فتحت المجال لطبقات أخرى من المحاربين حتى يمضىوا إلى مناطق معينة في مناطق جنوب شرق آسيا. وفي النهاية، سمحت هذه الشبكات التجارية بتدفق الفهماء البراهميين، الذين أثروا في النخَب في المجتمعات في جنوب شرق آسيا، في مجالات القانون والفنون والفلسفة. ومن ثمّ نشر البراهميون كثيرًا من الممارسات الهندوسية في جميع الطبقات الاجتماعية في جنوب شرق آسيا.

المراجع

^ Acharya, Amitav. "The "Indianization of Southeast Asia" Revisited: Initiative, Adaptation and Transformation in Classical Civilizations" (PDF). amitavacharya.com. مؤرشف من الأصل (PDF) فيسبعة يناير 2020.
↑ Lukas, Helmut (May 21–23, 2001). "1 THEORIES OF INDIANIZATIONExemplified by Selected Case Studies from Indonesia (Insular Southeast Asia)". International SanskritConference. مؤرشف من الأصل في 11 مايو2020.
^ Smith, Monica L. (1999). ""INDIANIZATION" FROM THE INDIAN POINT OF VIEW: TRADE AND CULTURAL CONTACTS WITH SOUTHEAST ASIA IN THE EARLY FIRST MILLENNIUM C.E.')". Journal of the Economic and Social History of the Orient. 42. (11–17): 1–26. doi:10.1163/1568520991445588. JSTOR 3632296.