أهل الذمة هومصطلح فقهي إسلامي يقصد به كلا من النصارى واليهود أهل الكتاب وأصحاب الديانات الأخرى الذين يعيشون تحت الحكم الإسلامي أوفي البلاد ذات الأغلبية المسلمة.

تعريف

والمقصود بأنهم "أهل ذمة" هوكونهم تحت الحماية الإسلامية ومسؤولية الدولة. ولا تقصر الشريعة الإسلامية تلك المسؤولية على الدولة فقط ولكن تصرفها أيضا على المواطن المسلم فلا يجوز للمسلم الاعتداء أوالإساءة لأحد من أهل الذمة تحت عذر أنه من غير المؤمنين بالقرآن أوبرسول الإسلام محمد بن عبد الله وإنما أوضحت الشريعة حتى مسألة الإيمان يحاسب عليها الله وحده يوم القيامة.

نطق رسول الله: "من اغتال معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها لتوجد من مسيرة أربعين عاما"

ومن المواقف التاريخية التي تؤكد تحكيم المسلمين لتلك النصوص وعدم التغاضي عنها موقف ابن تيمية عندما فاوض المغول على أسرى من المدنيين قد أسروهم في هجماتهم على المدن في سوريا. وقد حاولوا تسليم الأسرى المسلمين فقط دون أهل الكتاب والاحتفاظ بهم كعبيد فنطق لهم المفاوض: أهل الذمة (يقصد أهل الكتاب) قبل أهل الملة (يقصد المسلمين) أي أنه يطلب تسليم المسيحيين واليهود قبل المسلمين. قبلت مدرستان من أصل أربع مدارس للشريعة الإسلامية، وهي الحنفية والمالكية، حتىقد يكون المشركون من غير العرب مؤهلين للحصول على وضع أهل الذمة. وبموجب هذا المبدأ، اضطر المشركون العرب للاختيار بين التحول إلى الإسلام أوالموت.

سياسة الجزية

الجزية من جزى يجزي، إذا كافأ عما أسدى إليه، وهي مال يدفعه أهل الكتاب، ومن يلحق بهم، إلى المسلمين لقاء حق أوخدمة أوواجب يقوم به الطرف الأخر، وقد فرضت في لقاء حتى يقوم المسلمون بحمايتهم، حيث لم يكن مسموحا لأهل الكتاب بالانتظام بالجيش. وذلك لأن أهل الكتاب هم جزء من الدولة الإسلامية، يعيشون في كنفها، ويستمتعون بخيراتها، والدولة الإسلامية عليها حتى تكفل لهم الحماية والأمن وسبل المعيشة الكريمة.

كذلك فإنه واجب على المسلم القتال والجهاد دفاعا عن البلاد بينما الذمي له الأمن والحماية، فالجزية جزاء حمايتهم وكفايتهم، فهم يكفون مؤنة القتال مع المسلم، فالدولة الإسلامية لها حدود وثغور، وتحتاج إلى مقاتلين يدافعون عنها ويحافظون على حدودها، ويؤمنون أهلها، والذي يقوم بهذا الدور إنما هم المسلمون، لأنهم يؤمنون بمبدأ دولتهم ويفهمون حتى الجهاد فرض عليهم، ويفهمون ما للجهاد من فضل يزيد عن أجر صائم النهار وقائم الليل، فهم يجاهدون عن عقيدة، وليس ثمة شيء من هذا لدى أهل الكتاب، لذا لا يجبرهم الإسلام على حتى يقاتلوا مع المسلمين، وكيف يجبر الإسلام أناسا على حتى يحملوا أرواحهم على أكفهم في سبيل دين لا يؤمنون به، وبمبادئ لا يعتنقونها ،يا ترى؟ ومن ثم خفف عنهم عبء القتال بأنفسهم، فبقى اللقاء حتى يقدموا شيئا من أموالهم في سبيل حماية الدولة التي يعيشون في كنفها وظلالها.

وفي الحاضر أتيحت الفرصة لأهل الكتاب حتى يقاتلوا مع المسلمين، فسقطت عنهم الجزية، لأنها شرعت في لقاء الدفاع عنهم، فبقيامهم بواجب الدفاع عن أنفسهم مع الدولة الإسلامية الكبرى التي يعيشون في ظلالها، فإن الجزية تسقط عنهم. وإذا كان الإسلام قد فرض جزء قليلا من المال على أهل الكتاب يؤخذ باسم الجزية، فإنه قد فرض على المسلمين تبعات أكثر وأوسع.

من يُعفى من الجزية

أعفى الإسلام من أداء الجزية النساء والصبيان والمساكين والرهبان وذوي العاهات، فلا تجبى الجزية من امرأة ولا فتاة، ولا صبي، ولا فقير، ولا شيخ، ولا أعمى، ولا أعرج، ولا راهب، ولا مختل في عقله. بل زاد الإسلام فتكفل بالإنفاق على من شاخ وعجز من أهل الذمة. وهذا هوخامس الراشدين عمر بن عبد العزيز يخط إلى عدي بن أرطاة عامله على البصرة:

كما تسقط الجزية عن الذمي إذا أسلم، وتُفرض عليه الزكاة كسائر المسلمين.

ارتباطها بالدفاع عن أهل الكتاب

ترتبط الجزية بتأمين أهل الكتاب، ولذلك يجب رد الجزية لأهلها عند عدم تحقيق الأمن. ويمكن الحكم على مدى اعتراف المسلمين الصريح بهذا الشرط من تلك الحادثة التي سقطت في حكم الخليفة عمر. لما حشد الإمبراطور هرقل جيشا ضخما لصد قوات المسلمين، كان لزاما على المسلمين نتيجة لما حدث، حتى يركزوا جميع نشاطهم في المعركة التي أحدقت بهم. فلما فهم بذلك أبوعبيدة قائد جيش المسلمين، خط إلى عمال المدن المفتوحة في الشام يأمرهم بأن يردوا عليهم ما جبي من الجزية من هذه المدن، وخط إلى الناس يقول: «إنما رددنا عليكم أموالكم؛ لأنه بلغنا ما جمع لنا من الجموع وإنكم قد اشترطتم علينا حتى نمنعكم وإنا لا نقدر على ذلك، وقد رددنا عليكم ما أخذنا منكم ونحن لكم على الشرط، وما خطنا بيننا وبينكم إذا نصرنا الله عليكم.» وبذلك ردت مبالغ طائلة من مال الدولة، فنادى المسيحيون بالبركة لرؤساء المسلمين، ونطقوا: "ردكم الله علينا ونصركم عليهم (أي على الروم)، فلوكانوا هم لم يردوا علينا شيء وأخذوا جميع شيء بقي لنا".

الجزية عبر التاريخ

لم يستحدث المسلمون الجزية بل سبقهم لها يونان أثينا الذين فرضوها على سكان سواحل آسيا الصغرى حوالي القرن الخامس قبل الميلاد، لقاء حمايتهم من هجمات الفينيقين، وفينيقية يومئذ من أعمال الفرس، فهان على سكان تلك السواحل دفع المال في لقاء حماية الرؤوس.

كما فرضها الرومان على الأمم التي اخضعوها، وكانت أكثر بكثير مما وضعه المسلمون بعدئذ، فإن الرومان لما فتحوا (فرنسا) وضعوا على جميع واحد من أهلها جزية يختلف مقدارها ما بينتسعة جنيهات، و15 جنيها في السنة، أونحوسبعة أضعاف جزية المسلمين.وكانت تؤخذ من الأشراف، عنهم وعن عبيدهم وخدمهم. وكان الفرس أيضا يجبون الجزية من رعاياهم.

وقد ورد في العهد القديم الذي يؤمن به اليهود والنصارى عن نبي الله داود: «وقهر أيضا الموآبيين وجعلهم يرقدون على الأرض في صفوف متراصة، وقاسهم بالحبل. فكان يقتل صفين ويستبقي صفا. فأصبح الموآبيين عبيدا لداود يدفعون له الجزية»،» كما ورد أيضا عن النبي سليمان:«فكانت هذه الممالك تقدم له "سليمان" الجزية وتخضع له جميع أيام حياته.»»

أول عهد ذمة مع المسلمين

أول عهد استخدم فيه المسلمون حدثة (الذمة) هوعهد رسول الله إلى نصارى أهل نجران، فقد خط لهم:

ونجد مثل ذلك النص في كتاب خالد بن الوليد إلى أهل الحيرة وقد أقره الخليفة عمر بن الخطاب، واعتبره الفقهاء - بتعبير الإمام القاضي أبي يوسف صاحب أبي حنيفة - نافذا على ما أنفذه عمر إلى يوم القيامة.

فالذمة هي ذمة الله ورسوله، وليست ذمة أحد من الناس. بقاؤها لضمان الحقوق لا إهدارها، ولاحترام الدين المخالف للإسلام لا لإهانته، ولإقرار أهل الأديان على أديانهم ونظمها لا لحملهم على الزهد فيها أوالرجوع عنها. ومع ذلك فهي عقد لا وضع.

حساسية الاسم

ويثار من حين لآخر اعتراض بعض المسيحيين على هذا الاسم "أهل الذمة" ويعتبرونه انتقاصا منهم، وهنا نرى رد عالم من فهماء المسلمين وهوالشيخ يوسف القرضاوي حيث يقول: «يجب حتى نراعي هنا مقاصد الشارع الحكيم، وننظر إلى النصوص الجزئية في ضوء المقاصد الكلية، ونربط النصوص بعضها ببعض، وها هوالقرآن يقول:{لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم حتى تبروهم وتقسطوا إليهم إذا الله يحب المقسطين الممتحنة:8. فهذا هوالأصل، وهوالدستور. إذا وجدنا أهل الذمة اليوم يتأذون من هذه الحدثة (أهل الذمة). ويقولون: لا نريد حتى نسمى أهل الذمة، بل نريد حتى نسمى (مواطنين). فبماذا نجيبهم،يا ترى؟ وجوابنا: حتى الفقهاء المسلمين جميعا نطقوا: إذا أهل الذمة من أهل دار الإسلام، ومعنى ذلك بالتعبير الحديث أنهم: (مواطنون)، فلماذا لا نتنازل عن هذه الحدثة (أهل الذمة) التي تسوءهم، ونقول: هم (مواطنون)، في حين حتى عمر تنازل عما هوأبرز من حدثة الذمة؟! تنازل عن حدثة (الجزية) المذكورة في القرآن، حينما اتىه عرب بني تغلب، ونطقوا له: نحن قوم عرب نأنف من حدثة الجزية، فخذ منا ما تأخذ باسم الصدقة ولومضاعفة، فنحن مستعدون لذلك. فتردد عمر في البداية. ثم نطق له أصحابه: هؤلاء قوم ذووبأس، ولوهجرناهم لالتحقوا بالروم، وكانوا ضررا علينا، فقبل منهم ونطق: هؤلاء القوم حمقى، رضوا المعنى وأبوا الاسم»

مراجع

وصلات خارجية

• أحكام أهل الذمة من الشبكة الإسلامية.
• نظام أهل الذمة. رؤية إسلامية معاصرة من مسقط إسلام أونلاين