فهم التراجم ، هوالفهم الذي يتناول سير حياة الأعلام من الناس عبر العصور المتنوعة. وهوفهم دقيق يبحث في أحوال الشخصيات والأفراد من الناس الذين هجروا آثارا في المجتمع. ويتناول هذا الفهم كافة طبقات الناس من الأنبياء والخلفاء والملوك والأمراء والقادة والفهماء في شتى المجالات والفقهاء والأدباء والشعراء والفلاسفة وغيرهم. ويهتم بذكر حياتهم الشخصية، ومواقفهم وأثرهم في الحياة وتأثيرهم ويعتبر فهم التراجم عموما فرعا من فروع فهم التاريخ.

فهم التراجم عند المسلمين

اهتم المسلمون بفهم التراجم اهتماما كبيرا، وقد بدأت العناية بهذا الفهم عندهم بعد عهد الرسول محمد بزمن يسير، حيث حرص الفهماء على حماية وصيانة المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام، وهوالحديث النبوي، حرصوا على صيانته من الكذب والتزوير والغش والتلفيق والدس. فنشأ هذا الفهم كقاعدة في تلقّي الأخبار عن الناس وبالأخص فيما يتعلق بالحديث النبوي أولا ومن ثم الآثار المروية عن الصحابة والتابعين وباقي طبقات الفهماء خصوصا والناس عموما.

روى مسلم في سليمه عن مجاهد، نطق: «اتى بشير العدوي إلى ابن عباس فجعل يحدث ويقول: نطق رسول الله ، نطق رسول الله ، فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه ولا ينظر إليه، فنطق: يا ابن عباس مالي لا أراك تسمع لحديثي،يا ترى؟ أحدثك عن رسول الله ولا تسمع،يا ترى؟ فنطق ابن عباس: إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول نطق رسول الله ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعهد.»

واستمر العمل على هذه القاعدة من ضرورة فهم أحوال الرجال ناقلي الأخبار بسبب ضرورة فهم حال نقلة الأخبار النبوية، وذلك لما ينبني على هذه الفهم من قبول الأخبار، والتعبد بما فيها لله تعالى، أورد تلك الأخبار والحذر من اعتبارها ديناً.

وروى مسلم في سليمه عن ابن سيرين نطق: «لمقد يكونوا يسألون عن الإسناد فلما سقطت الفتنة نطقوا سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم»

واتىت عبارات الأئمة في بيان أهمية فهم الرواة صريحة وواضحة، وكان من الأهمية بمكان البحث في نواح تفصيلية من حياة الراوي، ونواح استنتاجية (تُستنتج من حديثه وطريقته في التحديث). ومن مباحث هذا الفهم: فهم تاريخ ميلاد الراوي، وتاريخ طلبه للفهم، وممن سمع في سِنِيِّ طلبه الفهم، ومن هم الشيوخ الذين يحدث عنهم (من منهم وقع عنه سماعاً، ومن دلس عنه شيئاً من الحديث، أوأوفد عنه)، وما مدة ملازمته لكلّ شيخ من شيوخه، وكيف كان ذاك، وكم سمع منه من الأحاديث والآثار، وكم روى عنه بعد ذلك؛ وهل في شيوخه كثير من الضعفاء والمجاهيل،يا ترى؟ ورحلاته الفهمية وما سمع بها من الحديث، أوما حدّث به؛ ومتى حدّث، وكيف كان يحدِّث،يا ترى؟ (من حفظه، أم من كتابه؛ سماعٌ أم عرض؛ ومن المستملون والوراقون الذين استخدمهم؟)، وكيف كان إقبال الناس عليه، وكم كان عدد الحاضرين عنده،يا ترى؟ وما هي الأوهام التي سقط فيها، والسَّقطات التي أُخذت عليه،يا ترى؟ ثم أخلاق الراوي وعبادته ومهنته؛ وهل كان يأخذ أجراً على التحديث،يا ترى؟ وهل كان عسِراً في التحديث، أم سمحاً بفهمه، أم متساهلاً... ؟.

وتفرّع هذا الفهم وانبثق عنه علوم كثيرة متعلّقة بهذا الباب منها فهم الإسناد، وهوفهم تفرّدته به الأمة الإسلامية عن باقي الأمم، وفهم مصطلح الحديث، وفهم الرجال من ناحية العدالة والتوثيق والضبط وفهم العلل وفهم الجرح والتعديل وغيرها.

أقسام فهم التراجم

هنالك تقسيمات متنوعة لفهم التراجم والخط الكثيرة المؤلفة في هذا الباب، فمنها:

• التراجم على الطبقات.
• التراجم على الحروف.
• التراجم على الوفيات.
• التراجم على القرون.
• التراجم على البلدان.

وقسّمهم البعض الآخر على أبواب مختلفة، منها:

• التراجم المتعلقة بمكان معيّن.
• التراجم المتعلّقة بممضى معيّن.
• التراجم المتعلّقة بفنّ معيّن من الفهم.
• التراجم المتعلّقة بشخص معيّن.
• الترجمة الذاتية.

وقد أسهب الفهماء المسلمون في التأليف في هذه الأبواب فلا يكاد يخلوا باب منها إلا وصنّفت فيه عشرات الخط.

التراجم على الطبقات والحروف

تعنى خط التراجم حسب الطبقات بذكر التراجم والتاريخ مرتّبة حسب مكانتهم وقربهم أوبعدهم عن زمن النبوّة. وعموما فإن من أبرز وأول خط التراجم حسب الطبقات هي:

• خط السيرة النبويّة: حيث أفردوا سيرة الرسول محمد بخط ومؤلفات عديدة ودونوا دقائقها وجميع مراحلها ولم يهجروا منها شاردة ولا واردة إلا وحفظوها لنا. ومن أبرز المؤلفات في هذ الباب:

1. سيرة ابن هشام
2. الشفا بتعريف حقوق المصطفى، تأليف القاضي عياض
3. الروض الأنف في شرح سيرة ابن هشام، لأبي القاسم السهيلي
4. الفصول في اختصار سيرة الرسول ، لابن كثير
5. الرحيق المختوم، صفي الرحمن المباركفوري
6. نبي الرحمة، محمد مسعد ياقوت
7. زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن القيم
8. محمد كأنك تراه، عائض القرني
9. فقه السيرة، محمد الغزالي
10. السيرة النبوية، عرض وقائع وتحليل أحداث، علي محمد الصلابي
11. نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، محمد الخضري

وغيرها.

• تراجم الصحابة:

دوّن المؤرخون تراجم أصحاب الرسول محمد فحفظوا لنا أسماءهم ودوّنوا سير حياتهم ومشاركة جميع واحد منهم مع الرسول محمد ودوره في الإسلام وأعماله ورواياته عن الرسول محمد وحددوا عدد روايات جميع صحابي على حدة وحفظوها في خط تسمى المسانيد:

1. كمسند الإمام أحمد.
2. ومسند الطيالسي.
3. ومسند بقي بن مخلد.
4. ومسند أبي يعلى الموصلي.

وبعضها سمّي بالمعاجم ومنها:

1. المعجم الكبير للطبراني.
2. ومعجم ابن الأعرابي.
3. ومعجم الصحابة لأبي يعلى الموصلي.

أما الخط التي دونت سير الصحابة فمنها:

1. الصحابة لابن منده.
2. ومعجم الصحابةلأبي نعيم.
3. والاستيعاب في فهم الأصحاب لابن عبد البر.
4. وأسد الغابة لابن الأثير.
5. والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني.

• تراجم المحدثين:

جمعوا تراجم المحدثين في خط خاصة بهم منها:

1. الطبقات الكبرى لابن سعد.
2. والطبقات لخليفة بن خياط.
3. والإرشاد في فهم فهماء البلاد للخليلي.
4. وطبقات فهماء الحديث لابن عبد الهادي.
5. وتذكرة الحفاظ للمضىي.
6. وطبقات الحفاظ للسيوطي.

وافردوا الثقات منهم بخط ومنها:

1. الثقات للعجلي.
2. وتاريخ أسماء الثقات لابن شاهين.
3. والثقات لإبن حبان.

وافردوا الضعفاء والمجروحين والوضاعين في خط ومنها:

1. الضعفاء للبخاري.
2. وأحوال الرجال للجوزجاني.
3. وميزان الاعتدال للمضىي.
4. ولسان الميزان لإبن حجر.

وغيرها من المؤلفات. ومن الخط الجامعة الكاملة في هذا البا، كتاب سير أعلام النبلاء للمضىي وكتاب البداية والنهاية لإبن كثير.

التراجم على البلدان

وهي التي تتعلق بذكر تراجم الأعيان ممن سكن أوجاور أومرّ بمنطقة أوبلد معيّن. ومن هذه الخط:

1. تاريخ بغداد للخطيب البغدادي.
2. تاريخ دمشق لإبن عساكر.
3. تاريخ بيت المقدس لإبن الجوزي.
4. تاريخ نيسابور للحاكم النيسابوري.
5. تاريخ جرجان للسهمي.

وغيرها.

التراجم على الممضى أوالعقيدة

وهي التي تذكر تراجم الإشخاص حسب انتمائهم لممضى معين. ومن هذه الخط:

1. طبقات الحنفية : مثال كتاب أخبار أبي حنيفة وأصحابه للصيمري والطبقات السنية في تراجم الحنفية للتقي الغزي.
2. طبقات المالكية : مثال كتاب ترتيب المدارك وتقريب المسالك في فهم أعلام ممضى مالك للقاضي عياض.
3. طبقات الشافعية : مثال كتاب طبقات الفقهاء للشيرازي. وطبقات الشافعية للسبكي.
4. طبقات الحنابلة : منها مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي. وطبقات الحنابلة للقاضي ابن أبي يعلى، وذيلها لابن رجب.

التراجم على فن معين من الفهم

وهي التي ترجم فيها المؤلفون للأعلام حسب تخصصهم في الفهم، أوحرفتهم أوما اشتهروا به. ومنها:

1. طبقات الحفاظ للمضىي.
2. فهم القراء الكبار للمضىي
3. طبقات المفسرين للداودي.
4. طبقات المفسرين للسيوطي.
5. الفتح المبين في طبقات الأصوليين لعبد الله بن مصطفى المراغي.
6. طبقات الصوفية للسلمي.
7. كتاب القضاة لأبي عمر الكندي.

وغيرها الكثير.

التراجم المتعلقة بشخص معين

وهي التي تختص بذكر سيرة وأحوال إنسان بذاته. ومنها:

1. مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي.
2. مناقب الإمام الشافعي خط فيها ابن كثير والبيهقي وابن أبي حاتم الرازي وابن حجر.
3. مناقب الإمام أبي حنيفة لابن المكي.
4. مناقب الإمام مالك للزواوي.

التراجم على القرون أوالمتعلقة بزمن معين

وهي التي تختص بذكر تراجم الأعيان في عصر من العصور. ومنها:

1. الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لإبن حجر.
2. البدر الطالع للشوكاني.
3. الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة للغزي.
4. خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر للمحبي.
5. سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر للمرادي.

وغيرها.

التراجم على الوفيات

وهي الخط المتعلقة بذكر تراجم الرحال حسب تأريخ وفاتهم. ومن هذه الخط:

1. الوافي بالوفيات للصفدي.
2. الوفيات لإبن رافع.
3. الوفيات لإبن قنفذ.

وغيرها.

المراجع