إبراهيم العجلوني
إبراهيم العجلوني، أديب أردني ومحرر صحفي، تأثر بالمدرسة التراثية التي أحياها الأديب الرافعي، ولد بمدينة الصريح شمال الأردن، نشر أبرز مؤلفاته (أحزان مسيحية) التي تعتبر بمثابة سيرة شخصية أدبية ورغم حتى الأديب العجلوني عند جمهرة النقاد أديب إسلامي لكنه موسوعي الفكرة تجول في ثقافات الشعوب وأديانها، له عمود شبه يومي في جريدة الرأي الأردنية.
« من منطقاته»
هل سليم ان فرويد الذي قبل عضوية مجلس الجامعة العبرية عام 1935، والذي كان يعتقد ان الصندوق القومي اليهودي كان اداة عظيمة ومباركة في مسعاه لاقامة وطن حديث «في ارض آبائنا القديمة» كما يقول، والذي نطق فيه جاكيوس شيموني، كما اتى في محاضرة لادوارد سعيد بعنوان «فرويد وغير الاوروبيين» انه - اي فرويد - وهيرتزل تقاسما العالم اليهودي فيما بينهما.. هل سليم انه «لم تكن لديه اية فكرة على الاطلاق عما كان يمكن ان يحدث بعد عام 1948» كما يمضى ادوارد سعيد في محاضرته المذكورة اعلاه، وانه «لم يتوقف الا بصورة موجزة جدا عند مدى القوة والعنف في الغالب اللذين قد يتصف بهما رد عمل عرب غير اوروبيين بالتأكيد على التجسيد القسري للهوية اليهودية» وانه «ظل معظم الوقت - على اعجابه بهرتزل - مترددا ومشوشا ازاء ما تعنيه الصهيونية نفسها»؟تلك اسئلة يصعب ان نتكتمها على الرغم من محبتنا الكبيرة لفقيد الفكر الانساني ادوارد سعيد، الذي جعل من كتاب فرويد «موسى والتوحيد» محور محاضرته التي اصدرتها دار الآداب في كتاب عام 2004م، مع تعقيب للاكاديمية الانجليزية اليهودية «جاكلين روز»،واذا كان ادوارد سعيد يرى ان فرويد قد «اصر، لدى قيامه بسبر الاغوار الاثارية القديمة للهوية اليهودية، على ان هذه الهوية لم تبدأ بذاتها، بل خرجت، بالاحرى، من ارحام هويات اخرى (مصرية وعربية).. وأنه (اي فرويد) «قام باستنفار الماضي غير الاوروبي لتقويض اية محاولة ممضىية يمكن ان تبذل على صعيد ارساء الهوية اليهودية على قاعدة اساسية سليمة، دينية كانت ام فهمانية»، فإننا سنظل نتساءل (على الرغم من غموض معنى القاعدة السليمة للهوية فيما نقلناه هنا) عن اسباب كتابة «موسى والتوحيد» - وهوآخر خط فرويد - الذي تقاسم وهيرتزل بمعنى من المعاني العالم اليهودي، والذي كان عضوا في مجلس الجامعة العبرية كما تقدم، وصاحب الحماسة العظيمة لاقامة وطن حديث «في ارض آبائنا القديمة» كما نطق، إذا «موسى والتوحيد» فيما قد نخلص اليه من امره دعوة ذكية (ضمنية) لاستيعاب وقبول يهود الغرب في المشرق العربي الاسلامي، وذلك تحت ذريعة ان الهوية اليهودية انما خرجت من ارحام هويات اخرى عربية اومصرية، وانه لا غرابة في عودتها إلى احضانها ولوكان ذلك بطريقة دموية استيطانية قسرية. ثم إذا افتراض الجهل بفرويد حين يتعلق الامر بفلسطين وما سيكون فيها من استعمار استيطاني، وافتراض انه لم يكن يتصور ما سيكون من رفض العرب للكيان الصهيوني الدخيل - هذا الرفض الذي قد تغيبه بعض الظروف ثم لا يلبث ان يتجلى بقوة واصرار - وافتراض انه كان معجبا بهرتزل و«مشوشا ازاء ما تعنيه الصهيونية».. جميع اولئك مما نحتسبه اخطاء جسيمة في التفكير، اولعلها ان تكون «مجاملات» على حساب الحقيقة، ودليلا قائما - ومؤسفا في آن - على ان لكل جواد كبوة، ولوكان في حجم ادوارد سعيد الذي نحب، ونقدر، ونستذكر دائما.-عن الراي 18/6/2006
