ماري آن ده ڤيشي-شامرون، ماركيز دو دفان

عودة للموسوعة

ماري آن ده ڤيشي-شامرون، ماركيز دودفان

ماري دودفان

ماري آن ده ڤيشي-شامرون، ماركيز دودفان Marie Anne de Vichy-Chamrond, marquise du Deffand (عاشت 1697 - 23 سبتمبر 1780) كانت سيدة مجتمع فرنسية وراعية للفنون وصاحبة أشهر صالون أدبي في تاريخ فرنسي.

وكانت قدامى الصالونيات يخيلن المسرح على كره. فمدام جوفران ماتت عام 1777 كما تجاوز القول. أما مدام دودفان فقد أوشكت حتى تتم اجتياز القرن من أوله لآخره، فقد دخلت التاريخ بوصفها إحدى خليلات الوصي على العرش(43). وافتتحت صالوناً اتصل نشاطه من 1739 إلى 1780، وكانت قد خسرت معظم سباع الأدب، إذ ظفرت بهم جولي دلسبيناس والصالونات الجديدة، وقد عثر هوراس ولبول-الذي قدم إلى مدام دودفان لأول مرة في 1765-تشكيلتها من الشيوخ الأرستقراطيين مملة لا تثير اهتمامه. "إنني أتناول عشائي هناك مرتين جميع أسبوع، وأحتمل عشراءها المملين كلهم لأجل خاطر الوصي على العرش"(44)، وهويعني ذكرياتها المرحة لفترة الوصاية الرائعة تلك التي قررت طابع المجتمع الفرنسي والأخلاق الفرنسية طوال الستين عاماً التالية. أما هي ذاتها (في تعبير هوراس) "فلذيذة (في الثامنة والستين)، تواقة لفهم ما يجري جميع يوم توقي لما جرى في القرن الماضي".

وقد أحب بفكرها إعجاباً مفرطاً-لأنه لم يلتق قط بمثل هذا الذكاء اللامع في نساء إنجلترا مازلن مقهورات مكبوتات-حتى لقد ألف حتى يلم بها جميع يوم، وقدم لها من التحية والإطراء ما بدا معيداً شبابها المضىي. وأفردت هي له مقعداً خاصاً يحجز له دائماً، ووفرت له التدليل بكل لون من ألوان اهتمام المرأة ورعايتها. وإذ كان في طبيعتها بعض الذكورة، فإن رقته الأنوثية تقريباً لم تسوءها. واستطاعت وهي عاجزة عن رؤيته حتى تشكل صورتها عنه كما يشتهيها قلبها ثم أحبت تلك الصورة. أما هوفلم يستطع قط وهوالمبصر حتى ينسى شيخوختها وعجزها البدني. وحين عاد إلى إنجلترا راحت تدبج له رسائل فيها من حرارة الحب ما يقرب مما في رسائل جولي دلسبيناس إلى جيبير، مكتوبة بأروع ما أبداه ذلك العصر من نثر. وقد حاولت ردوده على رسائلهاأن تكبح فرحتها، وكان يقشعر فرقاً إذا خطر له ما قد يعمله كتاب إنجلترا الهاتىون (مثل سلوين) بمثل هذه الأكلة المثيرة لشهية الهاتى. واحتملت لومه، وأكدت حبها من جديد، ووافقت على حتى تسميه صداقة، ولكنها أكدت له ان الصداقة في فرنسا كثيراً ما تكون أعمق وأقوى من الحب. "أنني ملكك أكثر مني ملك نفسي... وددت لواستطعت حتى أبعث إليك بروحي بدلاً من رسالة. وأني لأبذل السنين من عمري عن طيب خاطر لأضمن وجودي على قيد الحياة حين تعود إلى باريس "وقد شبهته بمونتيني "وهذا أسمى مديح في وسعي حتى أخصك به، لأني لا أجد فكراً يعدل فكره إنصافاً ونصوعاً"(45).

ثم عاد إلى باريس في أغسطس 1767. وانتظرته في انفعال العذارى "أخيراً، أخيراً، لم يعد يفرقنا بحر. لا أستطيع حتى أحمل نفسي على حتى أصدق حتى رجلاً له شأنك في الحياة، ويداه على عجلة حكومة عظمى، وإذن على عجلة أوربا، وفي وسعه.. حتى يهجر جميع شيء ليحضر ويرى عرافة عجوزاً في ركن دير. أنه حقاً لأمر بالغ السخف، ولكنني مسحورة... فتعال يا مفهمي! ليس هذا حلماً-فأنا أفهم ـإنني صاحية-سأراك اليوم!" وأوفدت مركبتها ليستقلها، فوافاها على الفور. وظل ستة أسابيع يطربها بحضوره ويحزنها بتحذيراته. فلما عاد إلى إنجلترا لم تستطع حتى تفكر إلا في رجوعه إلى باريس، "ستجعل غروبي أجمل وأسعد كثيراً من ظهيرتي أوفجري. حتى تلميذتك، المطيعة طاعة طفل، لا أمنية لها إلا حتى تراك"(46).

وفي 30 مارس 1773 طلب إليها حتى تكف عن الكتابة(47). ثم لانت قناته واستؤنفت الرسائل بينهما. وفي فبراير 1775 طلب إليها حتى ترد إليه جميع رسائله، فامتثلت، مع إلماعة رقيقة إلى رغبتها في حتى يرد إليها رسائلها "سيكون لديك ما يكفي لإنارة أحاسيسك الحارة مدى طويلاً حتى أضفت إلى رسائلك جميع الرسائل التي تلقيتها مني وسيكون هذا إنصافاً ولا ريب، ولكني أهجر هذا الأمر لحكمتك"(48). ولم يبق من رسائله الثمانمائة إليها غير تسع عشرة، أما رسائلها فقد احتفظ بها كلها، ونشرت بعد موت ولبول. وحين سمع حتى معاشها توقف عرض حتى يعوضه من إيراده الخاص، ولكنها لم تر ضرورة لهذا.

وقد زاد انهيار غرامها من قتامة ذلك التشاؤم الطبيعي لامرأة فقدت ألوان الحياة ولكنها عهدت أموالها الضحلة والعميقة. فقد استطاعت حتى في عامها، حتى أتنفذ ببصيرتها خلال الظاهر الأنيق لتصل إلى أنانية البشر التي لا يدركها التعب. وقد سألت ولبول "يا مفهمي المسكين، ألم تلق غير الوحوش، والتماسيح، والضباع،يا ترى؟ أما أنا فلا أرى غير الحمقى، والبله، والكذابين، والقوم الحاسدين، والغادرين أحياناً.. حتى جميع من أراه هنا يذبل روحي. فلست أجد في أحد فضيلة، ولا إخلاصاً، ولا بساطة"(49). ولم يبق لها غير إثارة من إيمان ديني يعزيها. ومع ذلك فقد واصلت حفلات عشائها، مرتين في الأسبوع عادة، وكثيراً ما كانت تتغذى خارج مسكنها، ولوهروباً من سأم أيام مظلمة كالليالي.

وأخيراً كفت عن التشبث بالحياة بعد حتى درست حتى تكرهها، وراضت نفسها على تقبل الموت. وكانت الأمراض التي تبتلي بها الشيخوخة قد تفاقمت واصطلحت عليها، فشعرت وهي في الثالثة والثمانين بأنها أضعف من حتى تقاومها. واستدعت كاهناً وأسلمت نفسها للأمل دون كبير إيمان. وفي أغسطس 1780 بعثت بآخر رسالة إلى ولبول تقول:

"إنني اليوم أسوأ حالاً... ولست أخال لهذه الحال معنى إلا النهاية. وليس في من القوة ما يكفي للإحساس بالخوف، وبما أنه قدر على ألا أراك مرة أخرى فليس لدي ما أسف عليه... فسل نفسك يا صديقي ما استطعت. ولا تبتئس لحالتي... وسوف تأسف علي، لأن المرء يطيب له حتى يعهد أنه محبوب"(50).

وماتت في 23 سبتمبر تاركة لولبول أوراقها وكلبها.

وواصلت الكثيرات غيرها من الصالونيات هذا التقليد الجليل: السيدات دودتو، ودبينيه، ودني، ودجنليس، ولكسمبور، وكوندورسيه وبوفليه، وشوازيل، وجرامون، وبوهارنيه (زوجة عم لجوزفين)، يضاف إليهن جمعاً آخر صالونات ما قبل الثورة، وهوصالون مداد نكير العظيم. وقد بدأت حوالي 1770 حفلات استقبالها في الجمعة من جميع أسبوع، ثم أضافت الثلاثاء بعد ذلك وفيه كانت الموسيقى هي الغالبة على الندوة؛ وهناك قسمت المدعوين للعشاء حرب جلوك-بلتثيني حزين، ثم وحدت بينهم الآنسة كليرون بتلاوتها فقرات من أحب أدوارها التمثيلية إليها. وفي الجمع كان رواد الصالون يلتقون بديدرو، ومارمونتيل، وموريليه، ودالامبير (بعد موت جولي)، وسان-لامبير، وجريم (بعد موت مدام دبينيه)، وجبون، وزينال، وبوفون، وجويبير، وجالياني، وببجال، وأنطوان توما صديق سوزان الأديب الأثير لديها. وفي أحد هذه الاجتماعات (أبريل 1770) طرقت فكرة إقامة تمثال لفولتير. هناك كان ديدرويكتت هرطقاته، وهناك كاد يصبح رجلاً مهذباً مصقولاً. وخط إلى مدام نكير يقول "مما يؤسفني حتى الحظ لم يواتني بمعهدتك في وقت أسبق، وإلا لكنت بلا ريب بعثت في إحساساً بالنقاء والرقة يسري من نفسي إلى خطي"(51). ولم يبد غيره رأيهم فيها بمثل هذا الثناء. فمارمونتيل مثلاً، وهوالذي ظل صديقاً لها خمسة وعشرين عاماً، وصف سوزان في مذكراته بهذه العبارات: "لم تؤت شيئاً من مفاتن الشابات الفرنسيات لجهلها بآداب باريس وعادتها.. فلا ذوق في لباسها، ولا يسر في حركاتها، ولا سحر في أدبها، وكان ذهنها، كما كان تعبير وجهها، ثابتين ثباتاً مفرطاً بحيث أفتقد الخفة والرشاقة. وكان أكثر صفاتها جاذبية هي المجاملة، والإخلاص، ورقة الفؤاد"(52). ولم تحبها نساء الطبقة الأرستقراطية. مثال ذلك حتى البارونة دوبركيرش التي زارت آل نكير مع الغراندوق بول في 1782 لم تر فيها "ببساطة أكثر من مربية"(53)، أما المركيزة دكريكي فقد مزقتها إرباً في صفحات مشحونة بالغل الظريف(54)، ولا بد حتى مدام نكير أوتيت الكثير من الخصال الطيبة حتى ظفرت بحب جبون الدائم، ولكنها لم تتغلب تماماً على تراثها الكلفني إطلاقاً، فظلت متزمتة صارمة التدين رغم ثرائها، ولم تكتسب قط ذلك المرح الراقي الذي تسقطه الرجال الفرنسيون من النساء.


الهامش


المصادر

ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)

وصلات خارجية

  • Works by or about ماري آن ده ڤيشي-شامرون، ماركيز دودفان in libraries (WorldCat catalog)
  • Archival material relating to Madame du Deffand listed at the UK National Register of Archives
تاريخ النشر: 2020-06-04 05:27:11
التصنيفات: Pages with citations using unsupported parameters, Salons, مواليد 1697, وفيات 1780, اشخاص من بورگونيه, كفيفون

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

اجتماع بين وزيري خارجية السعودية وإيران في بكين استكمالاً لا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-05 18:24:10
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 55%

توقيف 14 عنصر دعم للجماعات الإرهابية في ظرف أسبوع

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-05 18:24:23
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 61%

الجزائر تسترجع مخطوطة إسلامية نادرة يرجع تاريخها إلى عام 1659

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-05 18:24:55
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 58%

قضية 1025 سيارة محجوزة ل”طحكوت” تعود للواجهة

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-05 18:24:37
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 64%

دولة أوروبية قد تدخل ملف البرتغال وإسبانيا والمغرب لتنظيم مونديال 2030

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-05 18:23:46
مستوى الصحة: 70% الأهمية: 77%

المتعاملون مدعوون لسحب رخص الاستيراد

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-05 18:24:34
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 61%

قيادي فلسطيني يدعو لشد الرحال إلى القدس والدفاع عن الأقصى

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-05 18:24:19
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 61%

تطورات جديدة في قضية "لخصم" وعامل "صفرو" وهذا ما قررته المحكمة

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-05 18:23:48
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 74%

محاكمة ترامب.. دليل مبسط لما تعنيه لائحة اتهام الرئيس الأمري

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-05 18:24:05
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 53%

بنك الجزائر بصدد وضع النصوص التطبيقية المتعلقة بتأسيس مكاتب الصرف

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-05 18:24:29
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 56%

توفير وجبات الإفطار والسحور للطلاب الأجانب في رمضان

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-05 18:24:31
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 52%

سكيكدة: تسويق أزيد من 73 قنطارا من اللحوم المستوردة منذ بداية رمضان

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-05 18:25:15
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 50%

تركيا تتوعد بعدم السماح لحزب العمال الكردستاني بالتمركز شمال

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-05 18:23:50
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 58%

بوتين: دعم أمريكا للثورات الملونة وراء الأزمة الأوكرانية الح

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-05 18:24:00
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 50%

مشروع الفوسفات المدمج محور لقاء “عرقاب” والصينين

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-05 18:24:26
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 62%

تركيا: تصاعد حدة التوتر السياسي مع اقتراب انتخابات 14 مايو

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-05 18:25:25
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 93%

شبهة تواطؤ في مباراة دورية بالسودان انتهت بـ«15» هدفا

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-05 18:24:41
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 66%

السودان في «6 أبريل».. المقاومة ترفع مستوى الحراك لمحاصرة الانقلاب

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-05 18:24:39
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 61%

طهران ترحّب بدعوة واشنطن إلى دعم حل سياسي في اليمن

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-05 18:23:56
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 56%

سلطات انقلاب السودان تعلن عطلة رسمية تزامناً مع احتجاجات مرتقبة

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-05 18:24:43
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 50%

بعد اقتحام الأقصى.. إطلاق نار على موقع عسكري تابع للاحتلال ف

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-05 18:24:14
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 61%

الداخلية تطلق خدمة إصدار تصريح العمل الإلكترونى

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-05 18:23:48
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 36%

تحميل تطبيق المنصة العربية