تضمير (خيل)

تضمير الخيل هوترويضها، وتطبيعها بالطباع الحسنة، وتعويدها النظام، وتقوية عضلاتها، وإذابة شحمها. ومن المعلوم بالضرورة حتى الخيول الأصيلة الضامرة أقدر من غيرها على السرعة وتحمل المشقة، وهي أجمل منظرًا وأبهى طلعة في سكونها وحركتها. وخلال فترة التضمير تروّض الخيول، وتُطبَّع على الطباع التي يريدها صاحبها، وتَضْمُر عضلاتها ويصلبُ لحمها ويخف ويذوب شحمها وبذلك تقوى على الجري. والتضمير أمر مألوف في العالم العربي قديمًا وحديثًا. وروي عن الرسول ³ أنه ³ كان يأمر بتضمير خيله بالحشيش اليابس شيئًا بعد شيء، وطيًا بعد طي. ويقول: (ارووها من الماء واسقوها غدوة وعشيًا، والزموها الجُلال فإنها تُلْقي الماء عرقًا تحت الجُلال، فتصفوألوانها، وتتسع جلودها). ومدة التضمير أقلها أربعون يومًا وأقصاها ستون، على حتى تكون الخيل التي يفترض أن تخضع للتضمير أصيلة ذات أوصاف كريمة، سالمة من العيوب ليست بالهزيلة ولا القادمة من سفر أوالقريبة العهد بالوضوع، وأفضل ماقد يكون ذلك في فصلي الربيع والخريف. أما الطرق المستحدثة، فهي المقسمة إلى ثلاث مراحل مدة جميع منها شهران، يلخصها قبلان غلوب في كتاب الحصان العربي الأصيل في الآتي:

الفترة الأولى

غاية هذه الفترة تعويد الحصان على السير مركوبًا، وتعويده النظام، وتقوية جسمه وعضلاته. وفي بداية هذه الفترة، ينُتقى الجواد الصالح للتضمير بشرط ألا يتجاوز عمره ثلاث سنوات، وأن تكون فيه العلامات الدالة على الأصالة… ويختار للتضمير أرض مرملة لا حجارة فيها ولا شوك ومستوية. وتبدأ هذه الفترة بالسير يوميًا لمدة ساعة في الصباح وساعة في المساء، وتزداد هذه المدة تدريجيًا حتى تصل إلى ساعة ونصف في الصباح وساعة ونصف في المساء، وذلك عند انتهاء الشهريْن.

وفي هذه الفترة يطعم الجواد الشعير ثلاث أُقَّات عند المساء، وأقة في الصباح، وقليلاً من العشب عند الظهر، ويجوز زيادة هذه الكمية قليلاً إذا عثر المضمِّر حتى الجواد عنده قابلية للأكل.

وبعد 15 يومـًا من ابتداء هذه الفترة، يجب تعريق الحصان بالكيفية التالية: يغطى بغطاء سميك (الجِلال)، ويؤخذ إلى ساحة التضمير، وهناك يعدوعدوًًا بسيطا ليبتر نحو6,000م، وتزاد سرعته قليلاً في نهاية هذه المسافة، ثم يُعرّى من غطائه، ويفرك جسده فركًا شديدًا بمناشف مسخنة على النار، أوعلى حرارة الشمس، ويُنشَّف عرقه بمكان غير معرض للرياح أوالأمطار. ويجب فرْك الجسد جيدًا، ودلك القوائم من الركبة إلى الحافر. وعندما ينشف جلد الحصان جيدًا ويرتاح، يعطى قليلاً من الماء ثم يقاد إلى إسطبله. ويجب حتى تعاد عملية التعريق هذه مرة جميع أسبوع، وهي نافعة جدًا إذ إنها تذيب الدهن من جسد الحصان.

الفترة الثانية

بعد الفترة الأولى، منهم من يريح الحصان أسبوعًا، ومنهم من يريحه أسبوعيْن، ومنهم من لا يريحه مطلقًا. وفي الفترة الثانية التي تدوم شهريْن إلى ثلاثة، يجب حتى يعدوالحصان جميع صباح عدوًا بسيطًا نحوساعتين ولمسافة 1,000م تقريبًا، وتزاد السرعة وكذلك المسافة يومًا بعد يوم حتى نهاية هذه الفترة، وفي نهاية هذه الفترة يجب حتى يصل إلى سرعته القصوى، وفيها تختبر إمكانات الحصان وقدراته. ويجب حتى يتم العدوقبل تناول الماء والغذاء. وفي هذه الفترة يُعرَّق مرة جميع عشرة أيام. وبعد انتهاء هذه الفترة يجب حتى يرتاح الحصان نحوأسبوعين، يقدم له فيهما زيادة من البرسيم والجزر والخضراوات.

الفترة الثالثة

ومدتها شهران، يُعوَّد فيهما الحصان على الجري السريع، وذلك بمرافقة خيول السبق عند التمرين. وفي هذه الفترة يتم اختبار سرعة الحصان، وتقدمه وقدراته، وفي نهايته تُعهد سرعته القصوى. وفي هذه الفترة يعرَّق مرة جميع اثني عشر يومًا، ويقدَّم له جميع ما يقدر حتى يأكله.