ابن الجامد الدمياطي
ابن جامد الدمياطي هوعبد المؤمن بن أبي الحسن بن شرف بن الخضر بن موسى التوني الحافظ شرف الدين الدمياطي (613-705هـ/1216-1305م) فقيه شافعي ومؤرخ. عاش حياته في القرن السابع الهجري الذي حفل بالأحداث الجسام التي شغلت العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه، ومن أبرزها وأخطرها سقوط الخلافة العباسية في بغداد على يد هولاكوعام 656هـ وما تبعه من موجات الغزوالخارجي للبلاد الإسلامية من التتار والمغول والصليبيين، وقد تميزت هذه الفترة مع جسامة الأحداث السياسية التي سقطت فيها، بوجود جمهرة من أعيان أهل الفهم والفقه والحديث، وكان لهم بصمات واضحة في الحياة السياسية والفهمية والاجتماعية، وأثر كبير في سير الأحداث.
النشأة
ولد بتُونَةَ وهي قرية من أعمال دمياط، يعهد مكانها اليوم بكوم سيدي عبد الله بن سلام في جزيرة بحيرة المنزلة، التي تعهد قديما ببحيرة تِنِّيس أواخر سنة 613هـ.
بدأ حياته الفهمية في بلده فتشاغل أولاً بالفقه، فحفظ كتاب «التنبيه» للإمام إبراهيم بن علي الشيرازي الشافعي (393-476هـ) ثم طلب الحديث بعد حتى ولج العشرين من عمره فسمع على الأخوين أبي المكارم عبد الله، وأبي عبد الله الحسين ابني منصور السعدي، بإشارة وتوجيه من أبي عبد الله محمد بن موسى النعمان.
وفي سنة 636هـ انتقل إلى الإسكندرية فسمع الجم الغفير والعدد الكبير من الأعلام، وخاصة أصحاب الحافظ أبي طاهر عماد الدين أحمد بن محمد.. السِّلَفي (ت576هـ). ثم قدم القاهرة، ولازم الحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذري (ت656هـ) فسمع عليه وأخذ عنه الحديث رواية ودراية حتى صار معيداً له، وتابع الأخذ عن شيوخها، والسماع عليهم والانتفاع بهم.
وفي عام 643هـ حج وزار الحرمين الشريفين، وأخذ عن فهمائهما، ثم ارتحل عام 645هـ إلى الشام فسمع لشيوخ دمشق وحماة وحلب وماردين، ثم ارتحل إلى بغداد، وفيها خرج لآخر خلفاء العباسين المستعصم بالله (ت.656هـ) أربعين حديثاً.
وكانت أكثر إقامته في دمشق والقاهرة، وفيها نشر فهمه وانتفع منه الكثيرون، وبلغ من شأنه أنه وقع وأملى في حياة شيوخه، وقد جمع معجماً ذكر فيه مشايخه في هذه الأقطار التي زارها، ممن أخذ عنهم وانتفع بهم، فأربى عددهم على ألف وثلاثمئة شيخ، استوعب ذكر معظمهم صاحب النجوم الزاهرة في مؤلف خاص أسماه «المنهل الصافي» وفي هذا يقول: سمع خلائق استوعبنا أسماء غالبهم في ترجمته في «المنهل الصافي».
ومن أبرزهم وفي طليعتهم الحافظ المنذري، وشهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي المعروف بأبي شامة (ت 665هـ) وشيخ الإسلام سلطان الفهماء عبد العزيز بن عبد السلام (ت665هـ).
وقد تولى الدمياطي التدريس في المدرسة الظاهرية التي أنشأها الملك الظاهر بيبرس بالقاهرة وتم بناؤها عام 662هـ، وهوأول من درَّس للمحدثين بالمدرسة المنصورية.
وقد سمع منه جمهور كبير من الفهماء الأعلام ومن أشهرهم: ابن العديم (ت660هـ) وابنته شهدة (ت709هـ) والإمام محي الدين النووي (ت676 هـ) وعلي بن محمد اليونيني (ت 701هـ) وابن تيمية (ت728هـ) والقونوي (ت729هـ) وفهم الدين الأخنائي: محمد بن أبي بكر بن عيسى (ت732هـ) وابن سيد الناس فتح الدين محمد بن محمد اليعمري الإشبيلي (ت734هـ) وفهم الدين البرزالي الدمشقي (ت739هـ) والحافظ المزي(ت742هـ) وشمس الدين المضىي(ت748هـ) وكان من أكثرهم صحبة وملازمة له الإمام تقي الدين السبكي (ت656هـ).
ولقد تكونت شخصيته الفهمية الفذة من خلال الجولات في طول البلاد وعرضها والتقائه بجهابذة العصر وأعلامه، إضافة إلى الاستعداد الفطري، وعمره المديد، وطول الدأب وصدق الطلب، وتميز بالعمق والدقة والتنوع والشمول فكان بحق موسوعة فهمية جذبت إليها الأنظار وتحدث عنها أقرانه وتلاميذه ومعاصروه، وتداولت أخبارها خط التراجم وموسوعات الأعلام، فقد سماه أبوحيان: أثير الدين النحوي (ت745هـ) «حافظ المشرق والمغرب»، ونطق الفهم البرزالي: أبومحمد القاسم بن محمد (ت.739هـ) «آخر من بقي من الحفاظ، وأهل الحديث، وأصحاب الرواية العالية والدراية الوافرة».
مصنفاته
هجر الدمياطي في المخطة الإسلامية مجموعة كبيرة من المصنفات، تدل على علوكعبه واتساع محيطه لكافة العلوم والفنون الشرعية، وصلنا الكثير منها، طبع بعضها وبقي الآخر مخطوطاً، فيها الكبير والمتوسط والصغير، وفيها الجديد المبتكر والحواشي والشروح والتعليقات، وقد جمعت من خط التراجم وفهارس المخطات، ومعاجم الشيوخ.
ومن مؤلفاته:
- «أخبار بني نوفل»،
- «أخبار عبد المطلب بن عبد مناف»،
- «الأربعون الإبدال في تساعيات البخاري ومسلم»
- «الأربعون الحلبية في الأحكام النبوية»،
- «الأربعون المتباينة بالإسناد المخرجة على السليم من حديث أهل بغداد»،
- «أسماء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم»،
- «التسلي والاغتباط بثواب من تقدم من الإفراط»،
- «ذكر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأولاده وأسلافه»،
- «الذكر والتسبيح عقيب الصلوات»
- «السيرة النبوية»،
- «قبائل الخزرج» (أخبار قبائل الأوس والخزرج)، والمائة التساعية في الموافقات والإبدال العالية»،
- «المجالس البغدادية»،
- «المجالس الدمشقية»،
- «المختصر في سيرة سيد البشر» (اختصر فيه سيرة ابن هشام)، و«معجم شيوخ الدمياطي» (شيوخه الذين التقاهم وانتفع بهم بالشام والحجاز والعراق والجزيرة وديار مصر).
المصادر
- هشام برهاني. "الدمياطي". الموسوعة العربية.
المراجع
- تاج الدين السبكي، طبقات الشافعية، تحقيق الحلووالطناحي (دار أحياء الخط العربية، القاهرة 1966م).
- شمس الدين المضىي، سير أعلام النبلاء (مؤسسة الرسالة، بيروت 1417هـ/1996م).
- ابن حجر العسقلاني، الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، تحقيق محمد سيد جاد الحق (دار الخط الحديثة، مطبعة المدني).