اهتم الباحثون الألمان بالدراسات العربية الإسلامية منذ عهد مبكر فقد ثبت حتى مارتن لوثر كان من الذين تأثروا بالفكر الإسلامي حينما تمرد على الكنيسة الكاثوليكية في روما، ولكن موقف لوثر كان عدائيا جداً من الإسلام وبخاصة الدولة العثمانية. وقد تميز المستشرقون الألمان بالجدية في البحث حتى اصطبغت الدراسات الإسلامية في أوروبا في وقت من الأوقات بالصبغة الألمانية. ويقول في ذلك الدكتور السامرائي "ومع جميع هذا فإن المدرسة الألمانية وحدها أظهرت اهتماما فهميا جادا بالإسلام في وقت مبكر عن غيرها من المدارس الاستشراقية الأوروبية000"([1]) وذكر أمثلة على هذا الاهتمام بالمخطوطات وبالتاريخ الإسلامي حيث ظهر كتاب مغازي الواقدي وبدأ تحقيق كتاب الطبري، وظهرت جهود بروحدثان في كتابه ’تاريخ الأدب العربي‘.

وما زال الاستشراق الألماني مزدهراً في الكثير من الجامعات، وقد لحق الاستشراق الألماني غيره في الاهتمام بالقضايا المعاصرة فقد قدم المستشرق راينهارد شولتز محاضرة في شهر سبتمبر 1986 في جامعة برنستون بالولايات المتحدة بعنوان ’الإسلام السياسي في القرن العشرين‘.

تاريخ الاستشراق الألماني

الألمانيون والنمسويون) توفي في أوكسفرد في غرة القرن العشرين 28 ت1 1900 العلامة الألماني الكبير (وليم ماكس مولر) (W. Max Muller) كان معظم شغله باللغات الهندية واللقاءة في أصول اللغات. وقد نقل إلى الإنكليزية كتاب القرآن مع خط الشرق الدينية. كان مولده في ديساو(Dessau) سنة 1823 فيستة كانون الأول.

وفي 18 آب من السنة 1903 أنتقل إلى جوار ربه في برلين الأستاذ الشهير (فردريك ديتريشي) (Fr. ll. Dieterici) كان مولده في مدينة برلين فيستة تموز 1821 وساح في شبابه في جهات الشرق ثم تعين في وطنه كأستاذ العربية سنة 1850 فثبت في تعليمه عدّة سنين. وله تآليف عربية متعددة منها معجم عربي ألماني وشرح ألفية ابن مالك وصنف كتاباً في الشعر العربي ونشر نخباً من يتيمة الدهر للثعالبي ومن ديوان المتنبي. ودرس خصوصاً تأليف العرب الفلسفية كالفارابي وأخوان الصفا فنشر منها بعضاً ونقل بعضاً إلى الألمانية. وفي برلين توفي الرحالة المستشرق (وتسشتين) (Joh. Gottfr. Wetzstein) ولد في 19 شباط 1815 وتوفي في 17 ك2 1905 تعين قنصلاً لدولته في دمشق وله سياحة في جهات حوران وجبل الدروز سنة 1860 ونشر بعض ما وجده فيها من الكتابات.

وفي كانون الثاني من السنة عينها توفي أيضاً (فرنسيس جوزف شتاينجاس) (F. J. Steingass) كان ضليعاً باللغتين الفارسية والعربية. فمن منشوراته قاموس عربي إنكليزي ونقل قسماً من مقامات الحريري إلى الإنكليزية وخط عن تاريخ الخطوط والكتابات السامية. ولد في فرنكفورت في ألمانية وتوفي في إنكلترا. وفي العام التالي في 25 ك2 1906 فقدت النمسة أحد فهمائها المستشرقين الكاهن (غوستاف بيكل) (G. W. Bickell) علّم زمناً طويلاً اللغات الشرقية في كلية إنسبروك وفينة وبرز خصوصاً في تفهم اللغة السريانية فنشر فيها خطاً جليلة كديوان إسحاق النينوي والترجمة الكلدانية لكليلة ودمنة وهي التي سبقت ترجمة عبد الله ابن المقفع العربية وقابل بين الترجمتين. كان مولده فيسبعة تموز 1838 وارتد عن البروتستانية إلى الكثلكة.

وممن ذاع اسمهم في هذه الحقبة ثم حل أجلهم الدكتور (مورتس شتاينشنايدر) (Mortiz Steinschnieder) المولود في 30 آذار 1816 والمتوفى في برلين في 24 ك 2 1907. قد نشر قوائم غاية في غاية في الإفادة عن الخط العربية المنقولة إلى اللاتينية وعن التأليف اليونانية التي نقلها العرب إلى لغتهم. وله جدول واسع للتأليف التي خطها المسلمون والنصارى واليهود في صحة أديانهم وفي تفنيد أديان سواهم. وكذلك سرد قائمة جميلة لما نشره العرب في الرياضيات والعلوم الفلكية. وله تأليف آخر في الآداب العربية وانتشارها بين اليهود طبعه سنة 1902 بالألمانية.

وزاد عليهم شهرة (إدوارد جليزر) (E. Glaser) الذي ولد في بوهيمية في 15 آذار 1855 وتوفي في مونيخ فيسبعة أيار 1908. رحل إلى بلاد اليمن ووصف كثيراً من أحوالها وآثارها ونشر كتابات حميرية قديمة أوقفتنا على أخبار ملوكها التبابعة وأخبار ملوك الحبش الذين استولوا على اليمن بعد نكبة نجران واستشهاد أهلها النصارى في عهد ذي نؤاس الملك اليهودي.

أهم المستشرقين الألمان

1- يوهان جاكوب ريسكه Johann Jakob Reiske (1716-1774)

يعد رايسكه مؤسس الدراسات العربية في ألمانيا حيث بدأ تعليم نفسه العربية ثم تفهم في جامعة ليبزيج Leipzig وانتقل إلى جامعة ليدن لدراسة المخطوطات العربية فيها كما اهتم بدراسة اللغة العربية والحضارة الإسلامية وإن كان له فضل في هذا المجال فهوالابتعاد بالدراسات العربية الإسلامية عن الارتباط بالدراسات اللاهوتية التي كانت تميز هذه الدراسات في القرون الوسطى (الأوروبية).

2- يوليوس ڤلهاوزن Jullius Wellhausen (1844-1918)

تخصص في دراسة التاريخ الإسلامي والفرق الإسلامية، من أبرز إنتاجه تحقيق تاريخ الطبري، وألف كتاباً بعنوان ’الإمبراطورية العربية وسقوطها‘ ومن اهتماماته بالفرق الإسلامية تأليف كتابيه ’الأحزاب المعارضة في الإسلام‘ وكتابه ’الخوارج والشيعة‘ وخط عن الرسول صلى الله عليه وسلم في كتابه ’تنظيم محمد للجماعة في المدينة‘ وكتابه ’محمد والسفارات التي وجهت إليه‘.

3- ثيودور نولدكه Theodor Noldeke (1836-1930)

ولد في هامبرج في 2مارس 1836 ودرس فيها اللغة العربية ودرس في جامعة ليبزيج وفينا وليدن وبرلين. عيّن أستاذاً للغات الإسلامية والتاريخ الإسلامي في جامعة توبنجن، وعمل أيضاً في جامعة ستراستبرج. اهتم بالشعر والجاهلي وبقواعد اللغة العربية وأصدر كتاباً بعنوان ’مختارات من الشعر العربي‘ من أبرز مؤلفاته كتابه ’تاريخ القرآن‘ نشره عام 1860 وهورسالته للدكتوراه وفيه تناول ترتيب سور القرآن الكريم وحاول حتى يجعل لها ترتيباً ابتدعه. ذكر عبد الرحمن بدوي حتى نولدكه يعد شيخ المستشرقين الألمان.

4- كارل بروحدثان Carl Brockelmann (1868-1956)

ولد في 17 سبتمبر 1868في مدينة روستوك، بدأ دراسة اللغة العربية وهوفي الفترة الثانوية، ودرس في الجامعة بالإضافة إلى اللغات الشرقية اللغات الكلاسيكية (اليونانية واللاتينية) ودرس على يدي المستشرق نولدكه. اهتم بدراسة التاريخ الإسلامي وله في هذا المجال كتاب مشهور ’تاريخ الشعوب الإسلامية‘ ولكنه مليء بالمغالطات والافتراءات على الإسلام.([2])

ومن أشهر مؤلفاته كتاب ’تاريخ الأدب العربي‘ الذي ترجم في ستة مجلدات وفيه رصد لما خط في اللغة العربية في العلوم المتنوعة من مخطوطات ووصفها ومكان وجودها.

5- جوسف شاخت Josef Schacht (1902-1969)

ولد في 15مارس 1902، تفهم اللغات الشرقية في جامعة برسلاووليبتسك، انتدب للعمل في الجامعة المصرية عام 1934لتدريس مادة فقه اللغة العربية واللغة السريانية. شارك في هيئة تحرير دائرة المعارف الإسلامية في طبعتها الثانية. عهد شاخت باهتمامه بالفقه الإسلامي ولكنه صاحب إنتاج في مجال المخطوطات وفي فهم الكلام وفي تاريخ العلوم والفلسفة.

6- آنا ماري شميل Annemarie Schimmel (1922)

من أشهر المستشرقين الألمان المعاصرين بدأت دراسة اللغة العربية في سن الخامسة عشرة وتتقن الكثير من لغات المسلمين وهي الهجرية والفارسية والأوردو. درّست في الكثير من الجامعات في ألمانيا وفي الولايات المتحدة الأمريكية وفي أنقرة، اهتمت بدراسة الإسلام وحاولت تقديم هذه الفهم بأسلوب فهمي موضوعي لبني قومها حتى نالت أسمى جائزة ينالها محرر في ألمانيا تسمى جائزة السلام. ولكن بعض الجهات المعادية للإسلام لم يرقها حتى تنال هذه الباحثة المدافعة عن الإسلام في وجه الهجمات الغربية عليه حاولوا حتى يمنعوا حصولها على الجائزة.

وقد استوعب مكانة هذه المستشرقة العلاّمة والداعية المسلم في أوروبا الدكتور زكي علي منذ أكثر من أربعين سنة حين خط يقول "وعلى رأس المحررين لمجلة ’فكر وفن‘ الأستاذة الألمعية الدكتورة آن ماري شميل المتخصصة في دراسة محمد إقبال حكيم وشاعر باكستان ..وترجمت إلى الألمانية له ديوان ’جاويد نامة‘ وكتاب ’رسالة المشرق عن الفارسية‘ وهي أستاذة بجامعة بون وغيرها ومن أكابر فهماء ألمانيا... وتنصف الإسلام والمسلمين كثيراً جزاها الله خيراً." ونطق عنها أيضاً أنها أصدرت الكثير من الخط منها كتاب ’محمد رسول الله‘صلى الله عليه وسلم بسطت فيه مظاهر تعظيم وإجلال المسلمين لرسول الله صلى الله عليه وسلم ([3]). وقد امتدحها رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا بأنها ما زالت تواصل كتاباتها الموضوعية وترجماتها عن الإسلام.([4])

الحواشي

[1] - الفهرس الوصفي ،ص 17)

[2] -انظر كتاب .عبد الكريم علي باز .افتراءات فيليب حتّي وكار بروحدثان على التاريخ الإسلامي. (جدة:تهامة للنشر، 1403-1983)

[3] -عبد اللطيف الجوهري. من أعلام النادىة في أوروبا: العلاّمة الدكتور زكي علي.(جدة: عالم الفهم 1418-1988)ص123 والموضوعة التي خطها الدكتور زكي علي نشرت في مجلة البريد الإسلامي في 25/6/1963. ولما رشحت لنيل جائزة السلام ظهرت أصوات يهودية ومعادية للإسلام والمسلمين تتهم المستشرقة بشتى الاتهامات، وقد توفت قريباُ وخط عنها الشيخ أحمد زكي يماني وهويرى أنها أسلمت ولكنها كانت تخفي إسلامها.

[4] -عكاظ ، عدد 10961، ربيع الآخر 1417، (16أغسطس 1996م)

المصادر