حصار عكا 1831
حصار عكا 1831، وقع أثناء الحرب الوهابية المصرية 1831.
خلفية
كانت عكة محصنة بأسوار متينة وتحميها عدة أبراج من الشرق والشمال . أما من جهة البحر فكانت الأسوار أقل متانة من السوار القائمة من جهة البر . والمياه المجاورة لها قليلة العمق لا تسمح للسفن الكبيرة بالرسوعلى مقربة منها . وكانت جميع الحصون في حالة جيدة . وقد وصفت حصون عكاء في كثير من الخط المعاصرة . وممن تناولها بالإفاضة الأستاذ أسد رستم . وكانت حامية المدينة مؤلفة من ثلاثة ألاف مقاتل ومعهم مدفعية قوية وكميات وفيرة من المؤن والذخيرة والمياه والطعام , تكفي الحامية لحصار طويل الأمد . وبالإختصار كانت استحكامات عكا غاية في المنعة بعد الإصلاح الذي ضمها عقب انسحاب الفرنسيين منها .
الحصار
وفي يوم 26 نوفمبر (1831) استهل إبراهيم باشا محاصرة عكا فاستبسلت حاميتها في الدفاع عنها – وقد امتاز العكاويون بروح قتال وبمعنوية عالية إلى نهاية القتال – وانتصرت حامية بعض الأبراج على المصريين ، مما حدا إبراهيم باشا حتى يطلق نيران مدفعيته علهيا أياما متواليات لكن بدون جدوى . وفي هذه الأثناء أوفد محمد علي إلى عكا مهندسا قديرا تولى إدارة أعمال الحصار بكل دقة . وقد تمكن المصريون . بالرغم من شدة مقاومة الحامية ، من فتح ثغرتين في الجهة الشرقية من السور ، وأمطروا المدينة وابلا من القنابل والرصاص ، برا وبحرا ، فجريت المدينة ومات الكثيرون من رجالها . ومع ذلك استمرت تدافع بكل شجاعة . وصبت المدافع المصرية النيران على أسرارها ونجحت في فتح ثلاث ثغرات ولكن بدون أثر . وفي خلال تبادل النيران أصيبت بعض السفن بتلف كبير ، الشيء الذي دفع إبراهيم باشا على القيام بهجوم عام . ولكن قبيل شروعه في تطبيق خطته نادى عبدالله باشا إلى التسليم فأبى . استعصمت عكا على الجيش المصري ، وانقضت ثلاثة أشهر بدون معارك تستحق الذكر ، فارتأى إبراهيم باشا الصمود قبالتها بينما تقدمت بعض وحداته – كما قلنا – واستولت على صور وصيدا وبيروت وطرابلس في الشمال . ولما وضح فوز ابراهيم باشا العسكري ، وتقدمه الخاطف ، واستيلائه على ثغور الشام الخرى ، وهي مفاتيح ينفذ منها الفاتح إلى داخلية البلاد .
كانت عكا على جانب عظيم من المنعة، ولا غروفهي التي اعجزت نابليون منذ نيف وثلاثين سنة عن فتحها، وقد زاد احمد باشا الجزار في استحكاماتها القديمة بعد انسحاب الفرنسيين من سورية فصارت امنع مما كانت، فكان عبد الله باشا مطمئنا الى امتناعه بها، واثقا من عجز الجيش المصري عن اقتحامها، وكانت حامية المدينة مؤلفة من ثلاثة آلاف مقاتل، فاعتزم ان يدافع عناه دفاع المستميت.
زحف الجيش المصري على عكا وضرب عليها الحصار منذ يوم 26 نوفمبر واشهجرت العمارة المصرية في حصارها من البحر، فكان الحصار مضروبا عليها برا وبحرا، واطلقت مدافع البر والبحر قنابلها على اسوار عكا وحصونها، ولكن الحصون جاوبتها بنار حامية واحدثت اضرارا ببعض السفن المصرية مما اضطرها الى الرجوع للاسكندرية لاصلاح ما اصابها من العطب، فاستعصت عكا على الجيش المصري، وانقضت ثلاثة أشهر دون حتى ينال منها منالا، واخذ ابراهيم باشا في خلال هذه المدة يحتل المواقع الهمة في ولاية صيدا وما حولها، فاحتلت فرقة من الجنود المصرية بقيادة حسن بك المانسترلي وصور وصيدا وبيروت وطرابلس واحتلت كتيبة اخرى مدينة القدس وكان الجيش حدثا هبط ببلدة سلمت له بدون قتال.
موقف هجريا
اضطربت هجريا امام زحف الجيش المصري، وبادرت في بادئ الامر الى ارسال مندوب عنها الى محمد علي باشا يطلب اليه الكف عن القتال، وكان الباشا يفهم بارتباك احوال هجريا وعجزها عن حشد جيش يصد زحف الحملة المصرية، فاخذ يماطل في الجواب، وتظاهر بالاخلاص للدولة العثمانية، وفي الوقت نفسه ارسل الى ابراهيم باشا يأمره بمواصلة الحرب بالاخلاص للدولة العثمانية، وفي الوقت نفسه ارسل الى ابراهيم باشا يامره بمواصلة الحرب وتشديد الحصار على عكا حتى يفتحها قبل ان يصل الجيش الهجري لنجدتها اذا فكرت هجريا في امدادها.
وقد حشد الباب العالي نحوعشرين الف مقاتل تحت قيادة عثمان باشا اللبيب والي طرابلس وعهد اليه حمل الحصار.
فزحف الجيش العثماني يرمي اليها، وضم اليه جميع من لقبهم في طريقه من جموع الاكراد والعرب.
فهم ابراهيم باشا بتحرك هذا الجيش، فعقد مجلسا حربيا من نخبة ضباطه واركان حربه يتدبر في الامر، فاستقر رايه على ان يهجر حول عكا القوة الكافية لمتابعة الحصار، وان يتحرك بالجزء الآخر من جيشه ليصادم الجيش الهجري في الطريق، ويتغلب عليه قبل حتى يصل الي عكا.
تقدم عثمان باشا يقود بضعة آلاف من جنوده وانتهز فرصة اشتغال ابراهيم باشا في حصار عكا فهاجم طرابلس التي كانت تحتلها حامية مصرية فدخل المدينة، ولكن جنود الحامية ردوا المهاجمين على اعقابهم، على حتى مركزهم لم يلبث ان تحرك بازدياد قوات الاعداء وصارت طرابلس مهددة بسقوطها في يد الهجر، فبادر ابراهيم باشا الى نجدتها وسار اليها بطريق الساحل فلما اقترب منها ارتد عنا عثمان باشا.
المصادر
- ^ الرافعي, عبد الرحمن (2009). عصر محمد علي. القاهرة، مصر: دار المعارف.