قوى منتجة forces produtives مادية، يحدد الاقتصاد التقليدي عوامل أساسية تشكل في مجموعها المقدرة الإنتاجية لمجتمع ما، وهوما يسمى القوى المنتجة, وهي: الموارد الطبيعية، القوة العاملة، ورأس المال، والفن الإنتاجي (التقنية) وتتناسب قوة الاقتصاد والمقدرة الإنتاجية، تبعاً لمدى توافر القوى المنتجة من الناحية الكمية ومستواها النوعي وتقدمها التكنولوجي.

وتؤدي النفقات العامة، أي رؤوس الأموال بصورة مباشرة أوغير مباشرة إلى زيادة المقدرة الإنتاجية من خلال تنمية القوى المنتجة كماً ونوعاً. وتدفع النفقات الاستثمارية أي النفقات الإنتاجية إلى زيادة وتراكم رأس المال من خلال تكوين رؤوس أموال عيينة جديدة ومن ثمّ إلى نمووتطور القدرة الإنتاجية على المدى الطويل، ومن ثم تحدث زيادةمباشرة في الدخل القومي.

وتختلف المذاهب الاقتصادية الرأسمالية والاشتراكية، في النظر إلى دور القوى المنتجة وآثارها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فالاقتصاديون الرأسماليون يركّزون اهتمامهم في الخطة الاقتصادية، على مؤشرات مرتبطة بمستوى تطور القوى المنتجة من الوجهة الاقتصادية فحسب، ويكتفون باستخلاص مؤشرات النموالاقتصادي الحاصلة على عوامل الإنتاج، متجاهلين تأثير العلاقات الاجتماعية وعلاقات الإنتاج، في حين يشير بعضهم إلى إعاقة العلاقات الاجتماعية القديمة لعملية التقدم الاقتصادي من دون اعتبارها مسألة جوهرية في عملية التطور الكامل للمجتمع.

القوى المنتجة والعمل

ويؤثر نموالقوى المنتجة، والثورة الفهمية والتقنية، في زيادة تمركز الإنتاج الذي يظهر من خلال تجميع عمليات الإنتاج في مجمّعات إنتاجية ضخمة ومتكاملة، ويرتبط هذا التمركز بتطور القوى المنتجة وتقسيم العمل والمجال والتعاون في مجال الإنتاج، كما يعكس الاتجاهات المهمة للثورة الفهمية والتقنية.

وعلى هذا الأساس، يرجع أصحاب النظريات الرأسمالية التخلف في البلدان النامية إلى عوامل تتعلق بوتائر نموالإنتاج المتدني وتزايد عدد السكان والأسواق الضيقة ومستوى الصحة والتعليم وأثر التنطقيد والأعراف في إعاقة النمو، وأشاعوا نظرية (الحلقات المفرغة) من دون حتى يشيروا إلى علاقات الإنتاج التي تعدها المذاهب الاشتراكية ولاسيما الماركسية سبباً جوهرياً في إعاقة تطور القوى المنتجة وحمل إنتاجية العمل.

ولايرى أصحاب النظريات الرأسمالية حتى تطور القوى المنتجة له علاقة مباشرة بالنظام السياسي للمجتمع؛ فهونتيجة خيارات اقتصادية واجتماعية واستثمارات وقرارات، فالأمر أمر موارد تحرك من أجل غايات محددة وأن تغيرات قوى الإنتاج تعود حصراً إلى وسائل النشاط الاقتصادي، وأن أمر الحكم والسياسة تحكمها إرادة الأفراد والأحزاب في المجتمع، وأن القوى المنتجة هي التي تتطور فقط من دون حتى يؤدي ذلك بالضرورة إلى تغيير علاقات الإنتاج.

تعريف القوى المنتجة في الاتحاد السوفياتي الماركسي اللينيني

وعلى عكس نظريات الرأسمالية، فقد أولت المذاهب الاشتراكية، ولاسيما الماركسية، الدور الحاسم في التطور التاريخي للمجتمعات إلى القوى المنتجة. فهي حسب التفسير المادي أدت إلى تغييرات جذرية في علاقات الإنتاج، ومن ثم في مجمل النظم السياسية والاجتماعية التي سادت في عصور مختلفة. من المشاعية البدائية إلى المجتمع العبودي، ثم الإقطاعي، فالرأسمالي وصولاً إلى الاشتراكي في حركة متقدمة عبرت عنها تقنية أدوات الإنتاج.

حسب ما يرى ماركس فإن أسلوب الإنتاج يحكمه عنصران مترابطان، وهما القوى المنتجة التي تضم الطبيعة (الموارد الطبيعية) والإنسان الذي يمثّل قوة العمل، وأدوات الإنتاجالتي ترمز إلى ملكيتها الاقطاعية، الرأسمالية وتقنيتها. والعنصر الآخر هوعلاقات الإنتاج.

وقد عدّ حتى القوى المنتجة ليست أكثر عناصر الإنتاج حركة وثورية فحسب، بل هي العنصر الحاسم في تطور الإنتاج فكما تكون القوى المنتجة تكون علاقات الإنتاج. ومن ثمّ فإن تغير أسلوب الإنتاج يؤدي حتماً إلى تغير النظام الاجتماعي كله، وإلى تغير الأفكار والنظم السياسية وفي فترة ما من التطور ينشأ التناقض بين القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج، ويعود ذلك إلى أنهما يتطوران بطرق وبوتيرة مختلفة؛ فأدوات الإنتاج والتطورات التقنية الحاصلة عليها تتطور بسرعة أكبر من علاقات الإنتاج التي تحكمها ملكية هذه الأدوات، وبذلك تحدث الهوة بين عنصري الإنتاج، تؤدي إلى التناقض والخلل، وهذا ما يدفع إلى الصراع بين طبقة العمال (قوة العمل) وبين مالكي أدوات الإنتاج (إقطاعي، رأسمالي).

إن مسببات الخلل الجوهرية تعود إلى نظام ملكية أدوات الإنتاج المتمثل بالملكية الخاصة، فهوالذي يؤدي إلى استغلال قوة العمل وتراكم الثروة بيد الرأسماليين والإقطاعيين الذين يصوغون علاقات اجتماعية وسياسية تناسبهم، ولذلك فإن الحل يتمثّل بإحلال الملكية العامة محل الملكية الخاصة. وإزالة طبقة الرأسمالية والبرجوازية، وإحلال الطبقة العاملة أصحاب قوة العمل للسيطرة على القوى المنتجة وتسخيرها لمصلحة الشعب كله وإقامة علاقات إنتاج جديدة، في إطار نظام اشتراكي يمثّل فترة انتنطق نحوالشيوعية.

ونتيجة هذه الأفكار والنظريات المتناقضة حول دور القوى المنتجة في تطور المجتمعات اتخذت وضعيات متباينة في الأنظمة السياسية التي انبثقت عنها، سواءً منها الأنظمة الرأسمالية أم الاشتراكية.

تعدُّ القوى المنتجة في النظام الرأسمالي عوامل في تنمية رأس المال وتحقيق الأرباح للطبقة البرجوازية المالكة لأدوات الإنتاج، ولذلك فإن النظام السياسي المنبثق عنها اعتمد منهج الليبرالية، الاقتصادية والاجتماعية، الذي ارتكز على مبدأ الحرية الفردية والملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، وحرية تثمير رؤوس الأموال وانتنطقها، واقتصاد السوق ومبدأ المنافسة، وحسبان طبقة العمال تبيع قوة العمل لقاء أجورها.

ولذلك فإن أسلوب الإنتاج لا علاقة له بالأوضاع الطبقية للقوى الاجتماعية؛ لأن لكل منها دور في عملية الإنتاج.

غير حتى منهج الليبرالية لم يستطع الاستمرار في تجاهل الآثار الاجتماعية التي تهجرها عملية الإنتاج وفق الأسلوب الرأسمالي فظهرت الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية التي تؤمن بالأفكار الإصلاحية وتعتمد الوسائل الديمقراطية السلمية لتحقيق برامجها الاجتماعية وضمان مصالح الطبقات الفقيرة، واستطاعت حتى تشيع نوعاً من العدالة الاجتماعية والتعاون الطبقي والحيلولة دون دخولالتناقض والصراع بين الطبقات دورة العنف الثوري.

وحقق هذا النهج تطوراً في بنية النظام الرأسمالي لصالح الطبقات الاجتماعية الكادحة، عن طريق أنظمة ضمان اجتماعي وصحي، يضمن مستوى مناسباً لمعيشة أفرادها في إطار توجهات السوق الرأسمالية.

أما النظام الاشتراكي الذي اعتمد المنهج الماركسي طريقاً للبناء الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بالوسائل الثورية للتغيير، وتحقيق عملية التلاؤم بين القوى المنتجة المتطورة وبين علاقات الإنتاج الجديدة القائمة على الملكية العامة لأدوات الإنتاج فقد أصبحت الطبقة العاملة قوة الثورة والتغيير وقيادة الفترة التاريخية في الانتنطق من النظام الرأسمالي إلى الشيوعية عبر ديكتاتورية البرولتياريا التي تقضي على الاستغلال الطبقي وتسلط الطبقة البرجوازية....

القوى المنتجة والقوى المدمرة

الحتمية قوة منتجة

See article: Theory of Productive Forces

القوى المنتجة والتكنولوجيا كأدوات

القوى المنتجة والإنتاجية

نقد التكنولوجيا

المصادر

• [1]
• Karl Marx, The Poverty of Philosophy
• Karl Marx, The German Ideology
• Karl Marx, "The Trinity Formula", chapter 48 in volume ثلاثة of Marx's Capital.
• Josef V. Stalin, Dialectical and Historical Materialism.
• G. A. Cohen, Karl Marx's Theory of History: A Defence.
• Perry Anderson, Arguments within English Marxism.
• Isaac I. Rubin, Essays on Marx's Theory of value.
• Bertell Ollman, Alienation: Marx's Conception of Man in Capitalist Society.
• Kostas Axelos, Alienation, Praxis and Techne in the Thought of Karl Marx.
• Peter L. Berger, Pyramids of Sacrifice.
• John Kenneth Galbraith, The New Industrial State.
• Jacques Ellul, The Technological Society.
• Leo Kofler, Technologische Rationalität im Spätkapitalismus.
• Anwar Shaikh, "Laws of Production and Laws of Algebra: The Humbug Production Function", in The Review of Economics and Statistics, Volume 56(1), February 1974, p. 115-120.
• Francisco Louça and Christopher Freeman, As Time Goes By; From the Industrial Revolutions to the Information Revolution.
• David F. Noble, Progress Without People: In Defense of Luddism
• Institute of Economics of the Academy of Sciences of the U.S.S.R. (1957). Political Economy: A Textbook. London: Lawrence and Wishart.
• Marx, Karl (1867 | 1967). Capital Vol. I. New York: International Publishers.