الأدب السلوڤاكي
الأدب السلوڤاكي هوأدب سلوڤاكيا.
مضت على الشعب السلوڤاكي قرون طويلة من دون حتىقد يكون له دولته القومية ولغته المكتوبة إذ كان عبر التاريخ تابعاً دائماً إلى إحدى الامبراطوريات الكبرى المهيمنة في وسط أوربا، والتي كانت تحاول بشتى وسائل الترغيب والترهيب حتى تذيبه في بوتقتها، وتنسيه خصوصيته القومية. ومع ذلك امتلك الشعب السلوفاكي تراثاً أدبياً شفوياً، يتألف في معظمه من أغان وأناشيد وطنية وبطولية ترتبط بمقاومة الغزوات العثمانية على أراضيه، إلى جانب كثير من الحكايات والبالادات البطولية والهجائية حول قطّاع الطرق الذين حاولوا بأسلوب روبن هود حتى يحققوا نوعاً من العدالة الاجتماعية، أوحول كثير من النبلاء والإقطاعيين الذين انسلخوا عن أصولهم السلوفاكية لصالح النمسا أوالمجر. أما لغة جيرانهم التشيكية فلم يعدّها السلوفاكيون أجنبية، بسبب الأصول المشهجرة للغتين، وبسبب التداخل المعيشي كجارين، فاستخدموها منذ ما بعد الحركة اللوثرية البروتستنتية في الأدب الديني تحديداً، بصفتها فصحى متطورة، مقارنة بالسلوفاكية التي لم تبدع كتابتها الخاصة بعد. وبالتالي فإن الأدب السلوفاكي الدنيوي بالمفهوم الحديث لم يظهر إلا منذ نهاية القرن الثامن عشر، بعد حتى نجح الباحث اللغوي أنطون برنولاك Anton Bernolák في وضع قواعد الكتابة السلوفاكية بين عامي 1787 و1790. وفي هذا السياق تعد الرواية التعليمية «مغامرات وخبرات الشاب رُنيه» (1785) René mlandenca prihodi a skúsenosti للمحرر يوسف إيگناس بايزا Josef Ignác Bajza، وحوارية المحرر يوراي فاندلي Juraj Fándly الموجهة ضد الأديرة ورجال الدين في عام 1789 أولى ثمار الأدب السلوڤاكي في لغته المكتوبة. كما يعد الشاعر يان هولي (1785-1849) Ján Holly أبرز ممثلي ثقافة الأمة السلافية وذلك في ملحمتيه «سڤاتوپلوك» (1833) Svatopluk و«كيريلوس ومثوديوس» (1835) Cirillo-Metodiada اللتين نظمهما على الوزن السداسي، ومجّد فيهما ماضي الأمة السلافية. ومع نهايات القرن الثامن عشر ظهرت بوادر حركة صحفية ومسرحية إلى جانب تأسيس الجمعيات الأدبية والفهمية. وفي عام 1830 عرضت مسرحية «كوكوركوڤو» Kokurkovo للمحرر يان چالوپكا Ján Chalupka التي ظهر فيها لأول مرة ابن المدينة السلوفاكي الواعي بانتمائه في لقاءة المنسلخين عن أصلهم.
وفي أربعينيات القرن التاسع عشر قامت المدرسة الإنجيلية في پرسبورگ Pressburg (العاصمة الحالية براتيسلاڤا) بدور كبير في نشر الرومنسية (الإبداعية) التي تتغنى بالشعب ولغته وأدبه في أوساط الشباب. وكان رائد هذه الحركة القائد السياسي والباحث الأدبي لودُڤيت شتور L’udovit Stúr الذي تمكن في عام 1851 حتى يجمع السلوفاكيين كافة على اختلاف انتماءاتهم الطائفية حول اعتماد لهجة أواسط سلوفاكيا لغة السلوفاكيين جميعاً، مما أدى إلى ازدهار الشعر الشعبي؛ وكان أبرز ممثليه ساموچالوپكا (1812-1883) Samo Chalupka، إلى جانب يانكوكرال Janko Král مؤسس البالادا الفنية السلوفاكية. أما أبرز أدباء تيار الشعبية الرومانسية فهوبلا جدال أندريه سلادكوڤيتش (1820-1872) Andrej Sládkovic بملاحمه المتعددة التي ارتقت بالشعر إلى مصاف الفن فأسست للأدب الحديث، إلى جانب يان كالينچياك (1822-1871) Ján Kalinciak على مستوى السيرة القصيرة والطويلة والرواية ومن أهمها رواية «تجديد» (1860)Restavracia . وبعد النكسة المروعة التي عاناها السلوفاكيون إثر فشل ثورة 1848 خفتت حدة الاندفاع القومي. وكان لابد من انتظار قدوم أجيال أدبية جديدة احتكت بالحركات الأدبية في الشرق والغرب وتمثلتها. وكان من أبرز وجوه الفترة اللاحقة الأديب والسياسي سڤتوزار هوربان-ڤايايانسكي (1847-1916) Svetozár Hurban-Vajansky على صعيد الشعر والرواية والسيرة، وهڤيزدوسلاڤ (1849-1921) في الشعر والسيرة والمسرح؛ وكوكوتشين (1860-1928) Kukucin على صعيد الرواية الريفية ذات التوجه الواقعي الانتقادي؛ ويوسف گريگور تايوڤسكي (1874-1940) J.G.Tajovsky المتأثر بتشيخوڤ وگوركي على صعيد المسرح.
اغتنى الأدب السلوفاكي في فترة ما بين الحربين العالميتين، بعد تأسيس جمهورية تشيكوسلوفاكيا وانفراج الأزمة القومية بتأسيس الجامعات والمنظمات الثقافية والصحافة الأدبية ووضع المناهج المدرسية السلوڤاكية، بتنوع واسع على صعيد الأشكال الفنية وبتعدد المدارس والتيارات الأدبية والفكرية، فبرزت الواقعية إلى جانب الطبيعية والتعبيرية والعدمية، وكان أحد أبرز الموضوعات المطروقة هوالحرب وجدواها على كافة الصعد وتأثيرها في حياة الفرد، سواء في النثر أوفي الشعر أوفي المسرح. وبتأثير ثورة 1917 الاشتراكية في روسيا ظهر في الأدب السلوفاكي تيار الأدب الثوري البروليتاري ممثلاً بمجموعة «داف» Dav ومجلتها التي روجت للواقعية الاشتراكية، التي هيمنت بقوة السلطة الشيوعية في فترة أدب ما بعد الحرب العالمية الثانية، في حين قُمعت التيارات الأخرى مُتهمة بالشكلانية وبالتوجهات البرجوازية، مما أدى إلى هجرة عدد من الكتّاب أوإلى سجنهم أوإلى صمتهم. وفي حالات قليلة تجرأ بعض الكتّاب المعارضين للنظام الشمولي على نشر بعض أعمالهم في الخارج، إما باللغة السلوفاكية أومترجمة إلى الألمانية أوالإنكليزية أوالفرنسية. ووصل الصراع بين الأدباء والسلطة إلى ذروته إثر دخول قوات حلف وارسوپراگ عام 1968 لقمع الانفراج السياسي الثقافي الاقتصادي الذي سُمي «ربيع پراگ» آنئذ، وقد طال المنع حتى مجموعة «داف» نفسها التي عارضت الممارسات السوفييتية. وفي أثناء هذه الفترة التي امتدت حتى عام 1989 حين لاحت مؤثرات سياسة البيريسترويكا (إعادة البناء) السوفييتية في بقية المعسكر الاشتراكي ظهرت أعمال كثيرة في مختلف الأنواع الأدبية تستوحي روح الواقعية الاشتراكية مدافعة عن العدالة الاجتماعية وحقوق المواطن الفرد في إطار الجماعة المنتجة، ولكن من دون حتى تتقيد بصورة البطل الإيجابي حسب منظري السلطة. ومن أبرز وجوه تلك الفترة تتاركا Tatarka، ومناكوMnacko، وميناك Minác، وتازكي Tazky الذين تعرضوا لشتى أنواع الملاحقة والمنع والسجن والنفي. ومن جهة أخرى نُشر كم كبير من الأعمال التي انساقت وراء إيديولوجية السلطة ونادىيتها في نوع من المثالية العمياء. أما بعد عام 1989 ومع انهيار الاتحاد السوفيتي وسياسة تطبيع العلاقات الثقافية فقد عادت المؤسسات والروابط والمنتديات الثقافية إلى سابق نشاطها، ماقبل الهيمنة السوفييتية، وبرزت أجيال جديدة على صعيد الشعر والنثر والمسرح والنقد تبحث عن آفاق جديدة بمعالجة القضايا ذات الأهمية الراهنة محلياً وأوربياً وعالمياً.
انظر أيضاً
- تاريخ سلوڤاكيا
- الشعر السلوڤاكي
- النثر السلوڤاكي
المصادر والهامش
- نبيل الحفار. "السلوفاكي (ال -أدب-)". الموسوعة العربية.
وصلات خارجية
- Zlatý fond denníka SME - Slovak digital library (سلوڤاكية)
- Slovak literature in English translations, Slovak Studies Program, University of Pittsburgh
- Slavic Literature Resources from the Slavic Reference Service, University of Illinois, Urbana-Champaign
