أبوحامد الغرناطي
أبوعبد الله محمد بن عبد الرحيم المازني القليسي الغرناطي الأندلسي (473 هـ 565 هـ - 1080 ـ 1170م). رحالة ومحرر أندلسي ولد في غرناطة، وتوفي في دمشق. نشأ وتلقى تعليمه في مدينة أقليش حتى بلغ سن النضج وتلقي الفهم على شيوخها، وعندما تجاوز الثلاثين من العمر تاقت نفسه إلى زيارة المشرق، اشتهر برحلاته التي بدأها سنة 508 هـ، 1114م برحلته إلى الإسكندرية في مصر ثم عاد إلى وطنه برحلة أخرى سنة 511 هـ، 1117م. وزار بغداد ومكث بها أربعة أعوام، وزار إيران ووصل إلى بحر قزوين ومصب نهر الڤولگا، وقام بثلاث رحلات إلى خوارزم، واشتهر بكتابه تحفة الألباب ونخبة الإعجاب. ويجمع هذا الكتاب بين الحقيقة والخيال. ولأبي حامد كتاب آخر هوالمعْرِب عن بعض عجائب المغْرِب، وهناك خط أخرى تنسب له لكنها ليست من تأليفه مثل: عجائب المخلوقات وتحفة الكبار في أسفار البحار، ولم يكن أبوحامد جغرافيا صرفًا أوعجائبيـًا خالصًا ولا رحالة فحسب، إنما هوذلك كله.
رحلاته
يعتقد بأن رحلته الأولى إلى مصر كانت بقصد الاطلاع والتزود بالمعارف الدينية. ثم عاد أبوحامد إلى الاندلس، ولكنه لم يقم فيها طويلا، إذ غادرها سنة 511هـ، ولم يعد إليها البتة، فكانت السنوات الاربع والخمسون الباقية من حياته ارتحالا مستمرا موصولا برحلته الأخيرة إلى جوار ربه. حرص الغرناطي في رحلته الثانية على ان يعود إلى مصر بطريق البحر، فمر بجزيرة سردينية، فصقلية، إلى ان وصل إلى الإسكندرية، ثم القاهرة، مما يشير على انه لم يقض وطره من مصر، فأقام بها زمنا لينتقل بعدها إلى بغداد، حيث مكث فيها اربع سنوات في رعاية الوزير يحيى بن هبيرة الذي عهد بحبه للفهم، ورعايته لأهله. دوّن الغرناطي كتابه "تحفة الألباب ونخبة الإعجاب" بالموصل سنة 557هـ
اهتمام متأخر به
اثارت رحلة الغرناطي اهتمام المستشرقين منذ نهايات القرن الثامن عشر، في الوقت الذي لم تحظ فيه باهتمام يذكر من قبل الدارسين العرب والمسلمين في القديم والحديث. وتتمتع بأهمية خاصة روايته لما رآه بعينيه، واهتمامه بالابنية والمعالم المتنوعة في المدن والأماكن التي زارها في أوروبا وآسيا. فقد قدم الغرناطي معطيات قيمة عن بعض بلدان أوروبا، فحكايته عن المجر تلقي ضوءا على أصل المسلمين المجريين وأوضاعهم، اما معلوماته عن حوض الڤولگا الأوسط والادنى، وعن شعوب القوقاز فهي ذات أهمية كبرى، كما نالت اهتماما كبيرا قصته عن تجارة العظام المندثرة التي نشطت بين سكان الفولغا وخوارزم.
وقد أيّد هذا الرأي المستعرب الكبير كراتشكوفسكي في تاريخه للأدب الجغرافي العربي، وعزا ذلك إلى حتى محيط اطلاع المؤلف لم يكن واسعاً، فهولم يبرز من مصادره إلى جانب القرآن إلا عدداً ضئيلاً جدّاً من المؤلفات، أمَّا مادته الجغرافية ففقيرة للغاية ومضطربة، كما حتى ميله للغرائب واضح ملموس حيث لا يمكن إنكاره. ولكن عرض الغرناطي في رأي كرامرز تميّز بالحيوية والتفنن، ويمكن بعد تمحيصه تمحيصاً دقيقاً استخراج نتائج طيّبة في مختلف النواحي.
المستشرق الألماني جورج جاكوب فقد رأى:
ان التحليل الدقيق لرواياته المنسوبة إلى محيط الأساطير قد يكشف في كثير منها عن أسس واقعية، وعن دقَّته الكبيرة في الملاحظة. |
كما وصف المستعرب الروسي دورن التحفة بأنها عمل في غاية الأهميّة، وانه ليمكن "استخلاص حقائق جديدة وقيّمة من بين العجائب والغرائب التي ينطوي عليها الكتاب".
لكنّ الآراء السَّابقة تختلف مع ما رآه المستشرق الفرنسي سلفستر دي ساسي الذي عدَّ الكتاب غير ذي قيمة كبيرة، وهوفي ذلك يتَّفق مع ما نطقه فانيان: من حتى تحفة أبي حامد ليست إلا "مجموعة من العجائب لا قيمة لها".
أما كراتشكوڤسكي الخبير في الجغرافية العربية فقد رأى أنه لا يمكن تجاهل الغرناطي في تاريخ الأدب الجغرافي، فهويورد أسماء رواته بدقّة، ويتحدَّث عن نفسه بضمير المتكلّم، ولهذا يمكن التفريق بسهولة بين مصادر مادّته. وكثير ممّا يورد على لسان الغير لا يمثّل في الواقع أهمية ما، وذلك لسهولة تصديقه للعجائب، واعتقاده فيها. كما يرى كراتشكوڤسكي حتى الغرناطي قدّم معطيات قيّمة عن بعض بلدان أوروبا، كذكره للألمان تحت اسم (نامس)، وحكايته عن المجر التي تُلقي ضوءاً عن أصل المسلمين المجريين ووضعهم، كما يرى حتى وصفه لروما ينطبق على القسطنطينية لا رومة نفسها.
مؤلفاته
- المعرب عن بعض عجائب المغرب
- تحفة الألباب ونخبة الإعجاب
مراجع
- ^ ابن أَبي الرَّبيِع مخطة العرب
- ^ كتابان من كلاسيكيات أدب الرحلات العربي الشرق الأوسط، تاريخ الولوج 22-05-2009
- ^ رحلة الغرناطي | تحفة الألباب ونخبة الاعجاب ورحلة إلى أوروبا وآسيا مقاطع من المقدمة، تاريخ الولوج 23-05-2009