أخلاق إسلامية

عودة للموسوعة

أخلاق إسلامية

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه الموضوعة جزء من سلسلة:

الأخلاق الإسلامية جزء لا يتجزأ من الشريعة الإسلامية. السؤال الذي قد يتبادر إلى الذهن هو: هل تقوم الأخلاق على أساس ديني أم يقوم الدين على أساس أخلاقي وأيهما أسبق،يا ترى؟ والإجابة على هذا السؤال تضمنها قول الله تعالى لرسوله محمد ³: ﴿ وإنك لعلى خُلق عظيم﴾ القلم:4. ذلك هوالرسول فما الرسالة،يا ترى؟ وكانت الإجابة منه ³ هي: (إنما بُعثت لأتـمِّم مكارم الأخلاق ) حديث سليم ورد في الأدب المفرد للبخاري. فالرسالة إذن هي رسالة الأخلاق النافعة الصالحة.

أهمية الأخلاق في الإسلام

كانت قريش قبل الإسلام تصف الرسول ³ بالأمين وهذه الصفة الأخلاقية وغيرها من الصفات الكريمة هي التي أهّلت الرسول ³ لحمل الرسالة، وهنا تكمن أهمية الأخلاق في الإسلام، إذ إذا هذه الرسالة الأخلاقية لا يحملها إلا إنسان ذوخُلق حسن وصفات كريمة طيبة لأن فاقد الشيء لا يعطيه. فالذي لا يحمل أخلاقًا حسنة لا يصلح لحمل الرسالة الإسلامية. ولذلك وردت أحاديث كثيرة عنه ³، تجعل كمال الإيمان في حُسن الخُلق. فعن أبي ذر نطق: قلت يا رسول الله، أيّ المؤمنين أكمل إيمانًا،يا ترى؟ نطق: أحسنهم خُلقًا . وعن أبي هريرة عن النبي ³ نطق: (أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خُلقًا ).

هذا من الناحية النظرية العامة، أما من الناحية العملية، فهناك فضائل عملية كثيرة حَثّ الإسلام عليها، بل إذا الرسول ³ أقرّ بعض الأخلاق الطيبة التي كانت سائدة في الجاهلية كفضيلة الكرم؛ لدرجة حتى رسول الله ³ أمر في إحدى المعارك بفكّ أسر بنت حاتم الطائي لأن أباها كان يحب مكارم الأخلاق. وقد وردت أحاديث كثيرة في الحَثِّ على هذه الفضائل، من ذلك ما اتى في حفظ الأمانة وذم الخيانة، عن أنس بن مالك نطق: ما خطبنا رسول الله ³ إلا نطق: (لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له ). ففي هذه الوصية يقرن ³ بين الدين والوفاء بالعهد وينفي الإيمان عن الذي لا أمانة له.

وعن أبي هريرة نطق: نطق رسول الله ³: (أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخُن من خانك ) رواه البخاري. وهذا خُلق من الأخلاق الكريمة النبيلة النادرة لا يعمله إلا أبيّ النفس طيِّبها، أي حتى يؤدي الإنسان الأمانة إلى من ائتمنه وألا يعامل من خانه بالمثل. هذا على سبيل المثال لا الحصر وهناك كثير من الفضائل العملية كحُسن الجوار وصلة الأرحام، والإحسان إلى المُسيء، وإطعام البائس الفقير، وسيد هذه الفضائل جميعها هوالحياء لقوله ³ : (إن لكل دين خُلقًا، وإن خُلق هذا الدين الحياء ).

وعلى هذه الفضائل العملية تقوم الحياة الاجتماعية ويرتبط أعضاء المجتمع المسلم بروابط الإخاء الإسلامي ويتعاونون على البرّ والتقوى، وتقوّى الأواصر الاجتماعية، وتغمر حياة الإنسان الفضائل الإنسانية التي تزكيه وتسموبه إلى مصاف الملائكة الكرام. ولذلك نطقت النسوة اللاتي جمعتهن امرأة العزيز عن يوسف عليه السلام: ﴿ إذا هذا إلا مَلَك كريم﴾ يوسف: 31. وقد فُضِّل الإنسان على المَلَك لأن الإنسان يسموببشريته إلى درجة أعلى من رتبة المَلَك الكريم فيضع جميع الشرور والرذائل تحت قدميه، والمَلَك لا يعصي الله ما أمره ويعمل ما يؤمر والإنسان الصالح يقدر على عمل الشر ولكنه لا يعمله.


الإسلام رسالة أخلاقية

إذا كانت رسالة الإسلام أخلاقية، فهل سبقت الأخلاق الدين،يا ترى؟ إذا التاريخ الإنساني يحدثنا عن المجتمعات البشرية قبل نزول الرسالات السماوية، فينقل لنا صورة من الفوضى والاضطراب الاجتماعي الذي كان سائدًا في تلك المجتمعات، ومن أوضح الأمثلة على ذلك حياة الإنسان في الجزيرة العربية قبل بعثة الرسول ص، فقد كانت نموذجًا للفوضى والفساد والتحلل الاجتماعي، وقد استحكم الشر وصار هوالقانون والقاعدة الاجتماعية، وقلّ أعوان الخير وانفردت ثلة من المجتمع من الحُنفاء الذين لم تكن تستهويهم حياة الجاهلية وضلال القوم، واعتزلوا الحياة الاجتماعية لما فيها من الشرور والآثام، وهذه الفترة من تاريخ الجزيرة العربية تعبّر عن الانحراف البشري عن الفطرة الإنسانية السليمة ﴿ فطرةَ الله التي فـطـر النـاس عليهـا لا تبديـل لخَلْـق اللـه ذلـك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يفهمون﴾ الروم: 30. وهي أيضًا ﴿ صِبغةَ الله ومَنْ أحسنُ من الله صِبغةً ونحن له عابدون﴾ البقرة: 138. وعندما انحرف الإنسان وحاد عن الفطرة وعن الأخلاق الفطرية التي هي الأخلاق الإسلامية، هبط الوحي بأخلاق السماء ليقوّم ما اعوج من أخلاق الناس وليردهم إلى أخلاق الفطرة مرة أخرى، وهي الأخلاق الأصيلة، أخلاق الإنسان السويّ، لأن الذي يعتدي ويضرب ويقتل ويزني ويسرق قد تعدّى على حقّ غيره في حتى يحيا حياة آمنة دون اعتداء وقتل وسرقة وخيانة وخديعة، ولذلك فهوغير سوي، لأن السوي هوالذي يحفظ نفسه ويحفظ غيره وهذا هوالأساس الذي تقوم عليه الحياة الطبيعية في جميع المجتمعات البشرية أي حفظ النفس وحفظ الغير من جميع ما يُسيء إلى الإنسان بوصفه إنسانًا، وهذا هوعينه مقصد الشريعة الإسلامية، إذ إذا مقاصد الشريعة الإسلامية ثلاثة وهي تحقيق الضروريات والحاجيات والتحسينات أي الكماليات للإنسان في هذه الحياة.

الضروريات

هي الأمور التي لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا، بحيث لوفُقدت لم تستقم مصالح الدين والدنيا، والضروريات خمسة، وهي حفظ الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل. أما الحاجيات فهي الأمور التي يحتاج إليها الإنسان في هذه الحياة لحمل الضيق والحرج والمشقة التي تكون نتيجة عدم تحقيق بعض المطالب كتحقيق حاجيات الإنسان كلها بشيء من السعة والرفاهية من المأكل والمشرب والملبس والمسكن وإزالة ما يؤدي إلى الضيق والحرج في بعض الظروف كالتخفيف عن الإنسان في بعض التكاليف بالرُّخَص وذلك في حالات الاضطرار.

التحسينات

هي اتباع أجمل وأحسن الأساليب في حياة الناس. وبعبارة أخرى هي الأخذ بما يليق من محاسن العادات، وتجنب الأحوال المدنسات التي تأنفها العقول الراجحات. إلى غير ذلك نرى حتى الإسلام قد ارتبطت جوانبه برباط أخلاقي لتحقيق غاية أخلاقية، وهوالأمر الذي يؤكد حتى الأخلاق هي روح الإسلام، وأن النظام التشريعي الإسلامي هوصورة مجسمة لهذه الروح الأخلاقية. ومهمة الدين على هذا هي تنظيم الحياة الإنسانية، ووضع الضوابط الإلهية التي تحفظ للإنسان ضرورياته وتساعده على تحقيق حاجياته وكمالياته. وخالق الإنسان هوفي هذا وغيره أدرى من الإنسان ﴿ ألا يفهم من خلق وهواللطيف الخبير﴾ الملك: 14.

وإذا كانت الأخلاق هي جسد الفضائل فإن الدين هوالروح الذي يحرك هذه الفضائل ويزكيها وينميها ويزيدها، ﴿ وقد خاب من دسّاها﴾ الشمس: 10. أي حرمها من ممارسة الفضائل وذلك بإعراضه عن الدين وعدم اتباعه لهديه. وليست الفضائل كالمعادلات الرياضية، تعمل بمقتضى المنطق الرياضي بل هي روح من الله، والإنسان لا يستطيع السير بدون نفحات إلهية وهدي رباني يوجهه حيثقد يكون الصلاح والفلاح. ولذلك فإن الإيمان والكفر لا يخضعان لمواصفات عقلية محددة، يؤمن من توافرت لديه ويكفر من لم تتوافر لديه، بل الإيمان نور يُستضـاء به عنـد الحوالك، يستـضيء به العـقل فيصـل إلى الحق، وعندما يعرض عنه فتكون الغلبة للباطل. فنور العقل يهدي إلى نور الحق واليقين.

الأخلاق بين الإسلام والعقائد الأخرى

الأديان السماوية

نجد أنَّ القرآن، بالمقارنة مع التوراة، ركّز على نفس المعالم الأخلاقية التي اتىت في التوراة. مثال ذلك حتى بعض الوصايا التي وردت في التوراة تكرر ورودها في القرآن الكريم، من ذلك: لا تقتل، في التوراة يقابلها في القرآن: ﴿ ولا تقتلوا أنفسكم﴾ النساء:29. لا تَزنِ، في التوراة يقابلها في القرآن ﴿ ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا﴾ الإسراء: 32. وقد وردت في التوراة وصية لا تسرق، يقابلها في القرآن ﴿ والسارقُ والسارقةُ فابتروا أيديهما﴾ المائدة: 38. ووردت في التوراة لا تشهد على قريبك شهادة الزور، يقابلها في القرآن ﴿واجتنبوا قول الزور﴾ الحج: 30.

وكذلك الحال في الوصايا التي وردت في الإنجيل نجد أنها تصدر جميعا من نفس المنبع، اللهم إلا ما تعرّض منها للتحريف. من ذلك ما ورد في الإنجيل، قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تزن وأما أنا فأقول لكم إذا جميع من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زَنى بها في قلبه (متىَّ 275-29) يقابلها في القرآن ﴿ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ¦ وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن﴾ النور: 30، 31. وكذلك ورد في الإنجيل اسألوا تُعطوا (متىَّ 7-7) يقابلها في القرآن ﴿ وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا نادىنِ﴾ البقرة: 186. وزاد القرآن كثيرًا على ما ورد في التوراة المحرَّفة، خاصة في القضايا التي كانت اليهودية تُميز فيها بين اليهودي وغير اليهودي. من ذلك ما ورد في هذه التوراة: (للأجنبي تقرض بربا ولكن لأخيك لا تقرض بربا)، وقد أسقطت النصرانية هذا الحاجز العرقي واستبدلت به مبدأ، واتى القرآن بمبدأ آخر مغاير تمامًا لما ورد في التوراة والإنجيل ذلك هومبدأ المساواة بين جميع الناس في التعامل الأخلاقي المسلم وغير المسلم لأن العبرة بإنسانية الإنسان وليست بدينه أوعرقه، نطق تعالى: ﴿ ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا، اعدلوا هوأقرب للتقوى﴾ المائدة:8. فكان هذا المبدأ ناسخًا لما ورد في التوراة والإنجيل مذيبًا للفوارق والحواجز بين بني آدم.

وقد ورد في حديث الرسول ³: (أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخُن من خانك ). حديث سليم، ورد في التاريخ للبخاري وسنن أبي داؤد، وسنن الترمذي ومستدرك الحاكم والدارقطني. كما اتى في خطبته ³ في حجة الوداع (كلكم لآدم وآدم من تراب )، ترسيخًا لمبدأ عدم التمايز العرقي بين الناس. وكان الإسلام حريصًا على ذلك المبدأ السامي الذي يؤكد على معاملة الناس بالعدل دون تمييز بين دين أولون أوجنس. من أجل ذلك كان الإسلام خاتمًا للأديان ومتممًا لمكارم الأخلاق.


العقائد غير السماوية

المقارنة ليست واردة بين الإسلام وبين العقائد غير السماوية لانتفاء وجه المقارنة أصلاً، لكن لا بأس من ذكر أوجه اللقاءة بين الإسلام وأحد الاعتقادات الحديثة غير السماوية كالماركسية لنرى الفارق بين النمط الديني والنمط غير الديني في المعاملات الاقتصادية والسياسية الاجتماعية، والمفارقة الواضحة بين المنهج الأخلاقي والمنهج غير الأخلاقي. فالماركسية تؤسس فرضياتها وتبني نظرياتها في تفسير التاريخ وتغيير المجتمع مدعية أنها نظرية فهمية وبذلك تلغي الدين والأخلاق بداية لأنهما ليسا من الفهم في شيء ـ على حد زعمهم ـ وتنطلق في بناء المجتمع من قاعدة حتى الحياة مادة فقط، فلا روح ولا دين ولا أخلاق. وقد أدت بهم هذه المقدمات غير الأخلاقية كما يقول روبرت كونكوست في كتابه حصاد الأسى إلى حتى أعدادًا ضخمة من الأطفال والنساء والشيوخ قد أعدموا لأنهم غير مرغوب فيهم إما لانتمائهم للمزارعين الذين رفضوا فكرة المزارع الجماعية أولانتمائهم لمجموعات دينية مسلمة أونصرانية. لذلك عزلهم النظام وأبادهم إبادة تامة، ليستأصل وجودهم الاجتماعي بالكلية. وبعد مضي سبعين عاما من التطبيق الشيوعي عادت هذه المجموعات إلى معتقداتها بأشد مما كانت عليه عند قيام الثورة الروسية. وهذا يعني حتى سبعين عاما من القهر لم تمح العقائد الدينية الأخلاقية لأنها تحمل المسوغ الأخلاقي لوجودها. وباللقاء انهار المبدأ المادي الشيوعي غير الأخلاقي وذلك بانهيار النظام السوفييتي سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا لأنه فقد أي مبرر أخلاقي لوجوده.

فقد استكان الناس للقهر الشيوعي والنظام الاشتراكي نتيجة للوعود البرّاقة من سدنة النظام بإشاعة العدل والمساواة بين الناس وإخراجهم من الفقر إلى الغنى ومن الذل والمسكنة إلى الحرية والكرامة. فما زادهم بعد سبعين عامًا إلا فقرًا إلى فقرهم وذلاً إلى ذلهم، وفقدوا أبرز مقومات الوجود الإنساني وهوالحرية، وأصبحوا عالة على غيرهم، ولا يجدون قوت يومهم. وسقط النظام السوفييتي لأنه حاد عن الفطرة السليمة والمنهج الأخلاقي في بناء الإنسان. كانوا يريدون الوصول إلى الشيوعية التي تساوي بين الناس ـ كما يزعمون ـ في جميع شيء، وكذبوا بل جهلوا طبيعة الوجود الإنساني الذي أقامه الله على تنوع القدرات واختلاف الدرجات لتستقيم الحياة وينتفع الناس بعضهم ببعض غنيهم بفقيرهم وفقيرهم بغنيهم، ويتخذ جميع فريق من الفريق الآخر عونًا على تحقيق مقاصده، ولوكانوا متساوين في جميع شيء لما أمكن شيء من ذلك ولفسدت الحياة البشرية واختل نظام المجتمع الإنساني. وإلى هذا أشار الله تعالى في محكم كتابه فنطق: ﴿ نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا وحملنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضًا سخريًا﴾ الزخرف: 32. كانوا يريدون الوصول إلى الشيوعية على أجساد الأطفال والنساء والشيوخ فسقطت الشيوعية على أشلاء سدنتها لأنها كانت ضد الفطرة الإنسانية وضد الأخلاق وضد الدين.

منظومة الأخلاق الإسلامية

أ – فطرية

ب- شمولية

جـ- كلية (تتجاوز الزمان والمكان).

الفطرية

ومعناها حتى التمييز بين الخير والشر إلهام داخلي مركوز في النفس الإنسانية وفق شريعة سماوية، وأن الفضيلة في نهاية المطاف إنما تتخذ تدرجها من طبيعتها الخاصة ومن قيمتها الذاتية، وعلى هذا فإن الوحي والعقل ليسا سوى ضوء هاد، مزدوج لواقع واحد أصيل تمتد جذوره في أعماق الأمور. فقد تفهمنا من القرآن حتى النفس الإنسانية قد تلقت في تكوينها الأول الإحساس بالخير والشر ﴿ ونفس وما سوّاها ¦ فألهمها فجورها وتقواها﴾ الشمس :سبعة ، 8.

ولا تعارض بين هذه الفطرة وبين الوحي الذي هبط مرشدًا لهذه الفطرة ودالاً عليها وموجهًا لها حتى لا تنحرف، فالنوران: الفطري والموحى به ينبثقان من مصدر واحد. ولهذا لابد حتى نسلم بأن الله سبحانه هوالذي يرشدنا دائمًا إلى واجبنا، ماظهر منه وما بطن، لأنه هوالذي فطر الفطرة وخلق النفس، وهوالذي يفهم خباياها وما تنطوي عليه من خير أوشر، وفطرها أيضًا على الخير كما ورد في حديث الرسول جميع مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أوينصرانه أويمجّسانه ) والفطرة هي الإسلام، والإسلام هوالخير وفيه الخير وبه يُنال الخير في الدنيا والآخرة. ولذلك يمكن القول بأن أخلاق الإسلام فطرية.

الشمولية

إنها تضرب في جميع شعاب الوجود الإنساني من اقتصاد وسياسة واجتماع وحضارة، وتعالج مشكلات الحياة الإنسانية منذ ميلاد الإنسان إلى وفاته، وتوجه الفرد المسلم منذ حتى يستيقظ من نومه إلى حتى يعود إلى فراشه آخر اليوم. وهذا يعني حتى التوجيهات الفطرية القرآنية تلازم الإنسان المسلم في جميع شئون حياته ويستظل بظلها في جميع حال.

وتكتسب الأخلاق الإسلامية هذه الشمولية من الدين نفسه، لأن الإسلام ليس رداء يرتديه الإنسان ليضلل به الناس وليس مادة مخدرة تخدر جماهير الناس عن مطالبها المادية. بل هودين تام يُعنى بجسد الإنسان قبل روحه، لأن الجسد إذا لم يكن سليمًا معافى لا يستطيع حتى يؤدي ما تمليه عليه الروح والإرادة من واجبات وتكاليف أومسؤوليات وتبعات.

فالأخلاق الشمولية هي الروح الذي يتجه به الإنسان في جميع شعاب الحياة لأنه خلق للحياة كلها ولا يقبل منه حتى ينصرف للواجبات الدينية دون الواجبات الدنيوية وخُلق ليعمر الدنيا كما خُلق ليعمل للآخرة. فالدنيا مغرسة للآخرة والحياة الدنيا هي الجسر الذي يعبر به الإنسان إلى الحياة الآخرة. والواجبات والتكاليف الدينية والشرعية مساندات للفطرة ومعضِّدات لها، وهذا هوالذي يزكي النفس فتعمل بمقتضى الفطرة فتصدر عنها الأفعال الأخلاقية.


الكلية

والأخلاق الإسلامية أخلاق كلية لأنها موجّهة إلى جميع بني آدم في أي زمان أومكان، لا تختص بقوم دون قوم ولا بمكان دون مكان ولا زمان دون زمان. فالأصل واحد والمنبع واحد والرب واحد، ولذا فلابد للتوجه الأخلاقي حتىقد يكون واحدًا لا يختلف باختلاف الأزمنة أوالأمكنة. سليم حتى أوعية الحياة تختلف من زمان إلى زمان ومن مكان إلى مكان لكن جوهر الحياة يظل واحدًا كما حتى النفس الإنسانية تظل كما هي، والفطرة التي أودعها الله النفس تحمل نفس السمات والصفات على اختلاف الأمكنة والعصور، وتمضي حياة الإنسان في تنوعها وتعددها وتلونها ويظل الإنسان هوالإنسان. وقد يسأل سائل، ألا يعني تعدد صور الحياة وأشكالها تعدد الصور والوسائل التي يشبع بها الإنسان حاجاته في الحياة؟

إن التغير الذي يطرأ على الحياة المادية لا يسري بالضرورة على النفس الإنسانية وأفعالها، لأن المفاهيم المادية الجزئية هي بالضرورة مفاهيم متغيرة لتغير المادة ولواحقها، لكن المفاهيم الكلية غير المادية، كالحق والخير والشر من وجهة النظر الإسلامية لا يعتريها التغير بل تتميز بالثبات. فالقتل ظلمًا مثلاً هورمز الشر عند الإنسان ولا يمكن حتى يأتي على الناس زمان يفرحون فيه بالقتل أويمجدون فيه اغتال الناس بغير حق اللهم إلا إذا انحرفوا عن الفطرة أوحادوا عنها. من هنا نرى حتى منظومة الأخلاق الإسلامية متسقة متوائمة مترابطة كحبات العقد لا ينبوفيه صغير ولا كبير، بل تلتقي في أنها من الله وتتفق مع الشرع والعقل.

العـقل مناط التكليف

الإلزام الأخلاقي عقائدي وعقلي

مناط التكليف في الواجبات الدينية والأخلاقية هوالعقل. فلا يكلَّف غير عاقل بالغ أم صبي، فالمجنون والصبي الذي لم يبلغ الحلم يخرجان عن دائرة التكاليف الإسلامية للحديث الذي ورد في سليم البخاري (رُفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يبرأ، وعن الصبي حتى يكبر ) ومدار التكليف في الإسلام هوالعقل، والأخلاق الإسلامية جزء لا يتجزأ من الشريعة الإسلامية، والإلزام الأخلاقي على هذا جزء من التكليف الشرعي، والعقل هومحك التفرقة بين ما أخلاقي وغير أخلاقي، لأن العقل ابتداءً هومحل النظر والتدبر والتأمل والتفكر، بل هومحل القبول أوالرفض للإيمان واليقين، نطق تعالى: ﴿ لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم﴾ البقرة: 256. فالإيمان لاقد يكون قهرًا بلقد يكون طواعية واختيارًا، والاختيار لاقد يكون إلا من عاقل راشد. نطق تعالى: ﴿ الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور﴾ البقرة: 257. فالظلمات هي ظلمات الجهل والكفر، والنور هونور الإيمان والهداية والعقل.

والمخاطبون بالتكاليف الإسلامية هم المخاطبون بالإيمان ابتداءً، لقوله تعالى: ﴿ إنما يتذكر أولوالألباب﴾ الزمر: 9. وقوله: ﴿ كتاب أنزلناه إليك مبـارك ليدبـروا آياته وليتذكـر أولوالألبـاب﴾ ص: 29. وقوله: ﴿ أفمن كان على بينة من ربه كمن زُيِّن له سوء عمله واتبعوا أهواءهم﴾ محمد: 14. وقوله: ﴿ إذا في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أوألقى السمع وهوشهيد﴾ ق: 37. وقوله: ﴿ أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أوآذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور﴾ الحج: 46. فخطاب الإيمان وخطاب التكليف الشرعي والأخلاقي موجهان للإنسان العاقل، المميَّز بفطرته. والإنسان العاقل هوالذي يلقى جزاء أعماله إحسانا بإحسان وإساءة بإساءة.

والإلزام الأخلاقي لا ينتهي فقط عند النصوص الشرعية أي الأوامر والنواهي والمندوبات التي وردت في شأنها نصوص في القرآن أوالسنّة، بل يتجاوزها إلى ما لم يرد فيه نص، لأن النصوص محدودة ووقائع الأنام غير محدودة، وتختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة. لذلك كان الإلزام الأخلاقي هاجسًا نفسيًا عقليًا فرديًا يؤرق ضمير المسلم ويسبب له قلقًا حتى يؤديه، مثال ذلك القضية التي يفصل فيها القضاء لمصلحة المدعي ويفهم المدعي حتى المدعى عليه بريء وأن القضاء أخذ جزءًا من ملكية المدعى عليه وأعطاها إياه، فيظل المدعي قلقًا ويفهم أنه كان ألحن في حجته من صاحبه فحكم له القضاء بالملكية التي هي أصلاً ليست له، ورد في السليمين عن أم سلمة نطقت: نطق رسول الله ³ (إنكم تختصمون إليَّ، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فأقضي له بنحومما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا، فلا يأخذه، فإنما أبتر له بترة من النار… ). وعندئذ يعيد الحق إلى صاحبه بعيدًا عن القضاء، لأن الإلزام الأخلاقي أملى عليه واجبًا دينيًا أخلاقيًا ليس وراءه جزاء أوثواب دنيوي لكنه لن يعدم ثواب الآخرة، فإعادة الملكية إلى صاحبها كانت محض التزام أخلاقي يبتغي به فاعله وجه الله وإحقاق الحق وإرساء العدل المطلق الذي ليس وراءه نزعة مادية أوشهوة فردية أوميل عرقي جماعي. وهذا نموذج إسلامي نسيج وحده لا شبيه له ولا مثيل في الاعتقادات السماوية المحرفة أوالمذاهب الوضعية.

فالإنسان يفي بما لا يُلزم به من غيره لأنه يريد ذلك لا لأن المجتمع يرغمه عليه. فالعقل يحرك الضمير والضمير يستجيب للعقل، فيغالب الإنسان هوى نفسه فيختار الوفاء امتثالاً لنداء أخلاق الإسلام، وامتثالاً لواجب الديانة الذي استجاب له العقل ثم الضمير.يختار الوفاء أيضًا طمعًا في الثواب لا خوفًا من العقاب، بُعدا عن الشهوة التي تحرك الرغبة في التملك، واقترابًا من السلوك الأخلاقي المثالي، وتقربًا إلى الله وتزلفًا إليه، استجابة لنداء الإيمان وتحقيقًا لأهداف العقيدة الدينية الأخلاقية.

المسؤولية

يقابل الإلزام الديني الأخلاقي في الإسلام المسؤولية بصورها المتنوعة الدينية والأخلاقية والاجتماعية. أما المسؤولية الدينية الأخلاقية فلا تخلومنها التكاليف الشرعية جميعًا، بل هي في التحليل النهائي مسؤولية دينية أخلاقية سواء أكانت التكاليف أمرًا أم نهيًا أم ندبًا لأن التكليف لا يتم إلا باختيار الإنسان العاقل.

والشروط التي يجب توافرها في المسؤولية الدينية الأخلاقية أولها: الصفة الشخصية في تحمل المسؤولية، أي حتى المسؤولية تقع على عاتق الإنسان المكلف بصفته الشخصية كما أنها قد تقع عليه بصفته الاعتبارية كأنقد يكون موظفًا أومدرسًا أوطالبًا أوتاجرًا أوأميرًا أووزيرًا أوحاكمًا أورئيسًا، إلى غير ذلك تتعدد المسؤولية بتعدد الوظائف الاجتماعية، فالشخص هنا مسؤول عما يتولى رعايته من أمانة اجتماعية كما ورد في حديث الرسول ³: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهومسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده وهومسؤول عن رعيته… ). أخرجه الإمام أحمد في المسند.

أما المسؤولية الشخصية فهي تقابل التكليف الشرعي الديني والأخلاقي باعتبار الإيمان وباعتبار الإسلام الذي هوسبب من مسببات التكليف لقوله تعالى: ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تفهمون﴾ الأنفال: 27. فهذه الآية قد ضمت أنواع المسؤولية الدينية والأخلاقية والاجتماعية.

والشرط الثاني من شروط المسؤولية هوالصفة القانونية التي يترتب على هجرها جزاء، مما يجعل الوفاء بها لازمًا على من التزم بها. وهذا مع مراعاة التفريق بين المسؤولية الأخلاقية البحتة والمسؤولية القانونية القضائية. والشرط الثالث هوالإرادة. فالعمل الذي يخلومن العمل الإرادي لا تندرج تحته مسؤولية أويترتب عليه جزاء أخروي، هذا بخلاف الضمانات والجزاءات الدنيوية. فمن أتلف شيئًا عمليه ضمانه ولوكان غير مريد. فالأعمال غير الإرادية جسمية كانت أوعقلية يمكن تصنيفها ضمن هذا النوع من الأعمال ﴿ لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت﴾ البقرة: 286. وقد ورد الحديث السليم في هذا الشأن في قوله ³: (إن الله تعالى تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) أخرجه الإمام أحمد في المسند. أما الشرط الرابع فهوالحرية. ومن الواضح حتى أي عمل إرادي يدخل في إطار الحرية، لأن العمل الإرادي إذا قُيد أصبح قهرًا وإكراهًا، وهذا يخرج بالضرورة عن إطار المسؤولية الدينية والأخلاقية والاجتماعية. والمسؤولية الدينية والأخلاقية مسؤولية فردية، ولا تكون اجتماعية إلا في الحالات التي يعجز فيها الفرد عن الوفاء بمسؤولياته الدينية والأخلاقية حيث يتحمل المجتمع تبعات الأفراد، مثال ذلك حتى الغارمين الذين لا يجدون ما يوفون به ما في ذمتهم من ديون، جُعلت لهم أنصبة في الزكاة وجُعل الغُرْم بهذا غرمًا اجتماعيًا يؤديه المجتمع عن الفرد.

أما المسؤولية الاجتماعية فهي مسؤولية المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بصفته ممثلاً لمجموع الأفراد الذين ينتمون إليه، والدولة أوالحاكم هوالذي يتحمّل هذه المسؤولية بصفته الاعتبارية لا بصفته الشخصية. مثال ذلك حتى الملكية العامة في النظام الاقتصادي الإسلامي هي مسؤولية اجتماعية أوملك عام، والمالك الحقيقي هوالمجتمع كله ممثلاً لكل أفراده، لكن الذي يتولى الملكية نيابة عن المجتمع هوالحاكم بصفته الاعتبارية، وعليه تقع تبعات المسؤولية وواجبات القيام بها.

الواجب الأخلاقي ديني وعقلي

المسؤولية التي تتم بالاختيار الطوعي الشخصيقد يكون الالتزام بها واجبًا دينيًا وأخلاقيًا. وهذه المسؤولية الدينية والأخلاقية مصدرها التكليف الإلهي في القرآن الكريم أوما ثبت في سُنة الرسول ³ أوما ثبت في الذمة وحال حائل دون الوفاء به، فهوواجب ديني أخلاقي إلزامي، لأن مقتضى عقيدة التوحيد يجعل هذا الواجب التزامًا شرعيًا لا التزامًا وضعيًا. من أجل ذلكقد يكون الالتزام الخلقي والواجب الديني جزءًا لا يتجزأ من مفهوم الشريعة الإسلامية؛ فإنها شاملة جميع ما شرعه الله لعباده من العقائد والعبادات والأخلاق والمعاملات ونظم الحياة المتنوعة لتحقيق سعادتهم في الدنيا والآخرة.

والنصوص الواردة في ذلك كثيرة، من ذلك قول الله تعالى: ﴿ فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته﴾ البقرة: 283. ومنها قوله تعالى: ﴿ لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل﴾ النساء: 29. ومنها قوله تعالى: ﴿ أوفوا بالعقود﴾ المائدة:1. ومنها قوله تعالى: ﴿ إذا الله يأمركم حتى تؤدوا الأمانات إلى أهلها﴾ النساء: 58. ومنها قوله تعالى: ﴿ وأحل الله البيع وحرّم الربا ﴾ البقرة: 275. وفي حديث الرسول ³ (لا ضرر ولا ضرار ). رواه أحمد وابن ماجة. وهذا نص في وجوب رد الحقوق مطلقًا سواء أقصد الإنسان الإضرار بالغير أم لم يرد ذلك، فإن الإسلام لا يقر الضرر. واتى في الحديث القدسي عن رب العزة والجلال (… فلا تظالموا …).

فالأخلاق جزء من عقيدة التوحيد، فلا عقيدة في الإسلام إذا لم تستند تلك العقيدة إلى أخلاق الإسلام مصداقًا لوصف الله لنبيه بقوله تعالى: ﴿ وإنك لعلى خُلق عظيم﴾ القلم: 4. ولقوله ³ (إنما بُعِثتُ لأُتمم مكارم الأخلاق ). رواه البخاري. ولحديث عائشة رضي الله عنها لمّا سُئلت عن خلقه ³ نطقت: (كان خلقه القرآن ) رواه مسلم.

إن الأخلاق جزء من واجبات الدين ولا يعني عدم محاسبة المرء أمام القانون أنه غير مسؤول أمام الله عن واجبه الديني والأخلاقي. وليست الأخلاق في الإسلام أدبًا يُجمّل صاحبه بل هي التزام وواجب ديني. وهذا العمل الأخلاقي يحركه الضمير ويُعهد بالعقل، وهذا لا ينافي حقيقة أنه معلوم عن طريق الوحي، فنور الوحي ونور العقل يلتقيان ولا يتضادان، لذلك نطق الله تعالى: ﴿نور على نور﴾ النور:35.

الفضائل العملية والتربية الأخلاقية

روافد دوافع الخير

الفضائل العملية هي توجيهات القرآن أوالسنة لعمل الخيرات وهجر المنكرات، والحث على فضائل الأعمال والصفات الخلقية الحسنة، والقرآن كتاب الله تعالى يفيض بهذه التوجيهات، بل كله توجيه أخلاقي لحديث عائشة رضي الله عنها ـ الذي تقدم ـ عن خلق رسول الله ³ (كان خُلقه القرآن ). وهذه بعض التوجيهات من السنة المطهرة لأن السنة شارحة للقرآن ومبيّنة له. من ذلك ما أورده مسلم في كتاب الإيمان من قوله ³ لأشج عبد القيس: (إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة ). وعن أبي هريرة رضي الله عنه حتى رجلاً نطق للنبي ³: (أوصني. نطق: لا تغضب. فردد مرارًا. نطق: لا تغضب ) رواه البخاري.

وعن أبي هريرة مرفوعاً (من أنطق مسلمًا عثرته أنطقه الله يوم القيامة ). وعن أنس نطق: لقد خدمت رسول الله ³ عشر سنين، فوالله ما نطق لي أُفٍ قط، ولا نطق لشيء عملته: لِم عملت كذا، ولا لشيء لم أعمله: ألا عملت كذا .

فهذه الأحاديث ترفد الخير ودوافعه عند المسلمين وتحضهم على عمله كالحلم والكرم وتنهاهم عن الشر ومقدمات الشر كالغضب وإساءة معاملة الغير ولوكان أجيرًا أوخادمًا، وتُحبب إليهم العمل الديني الأخلاقي والواجبات الدينية باعتبار حتى هذه الفضائل تصفي النفوس والنيات وتربي عند المسلم النية الطيبة الصافية لعمل الخير. والنية أساس من أسس الأعمال الصالحة لقوله ³: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ). رواه البخاري ومسلم. والنية بدورها ترفد دافع الخير عند المسلم وهذا الدافع يحرك المسلم إلى القصد والعزم والعمل، هكذا تتضافر النوايا والدوافع في تربية المسلم الأخلاقية وتهذب النفس والنية والدافع والقصد، وتجعل عمل الخير سجية عند المسلم يأتيه عن طيب نفس راضيًا عن نفسه سقمياً عند ربه.

روافد الكمال الإنساني

تساعد الفضائل العملية في بناء شخصية الفرد المسلم والجماعة المسلمة والدولة المسلمة في قمة الهرم الاجتماعي. لكن أساس البناء هوالفرد المسلم والنموذج الذي يُحتذى في البناء الأخلاقي. والكمال الإنساني هوالرسول الكريم ³ لقوله تعالي: ﴿ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوالله واليوم الآخر﴾ الأحزاب:21. ففي عمله ³ النموذج المثالي للإنسان الكامل، والمسلم يحاول قدر طاقته حتى يقترب من ذلك المثال وأن يُحصِّل شيئًا من الكمال، وهذا يتم بتقليد الرسول ³ والاقتداء به. ومن ذلك ما رواه أنس (أن النبي ³ مرّ على غلمان فسلّم عليهم ) رواه البخاري ومسلم. وعن أسماء بنت يزيد نطقت: (مرّْ بنا النبي ³ في نسوة فسلم علينا ) رواه أبوداود والترمذي. وهذا في غير حالة المرأة الشابة، أما الشابة فلا يسلم عليها الرجال الأجانب.

وعن ابن عمر: (نطق النبي ³ إذا اليهود إذا سلَّم عليكم أحدهم فإنما يقول السام عليكم فقولوا وعليكم ) رواه أبوداود والترمذي. والسام هوالموت.

انظر أيضاً

  • سلام اسلامي
  • الفلسفة الاسلامية المبكرة
  • ديموقراطية اسلامية
  • العصر المضىي الاسلامي
  • فضيلة
  • الأخلاق في الدين
نقد
  • نقد الأخلاقيات الاسلامية
  • الاسلام والرق
  • المرأة في الاسلام
  • الاسلام والعنف المنزلي
  • Homosexuality and Islam
  • Islam and antisemitism
  • إرهاب اسلامي
  • Islamofascism
  • Apostasy in Islam
  • Censorship by religion
  • نقد محمد
  • نقد القرآن
Controversies
  • Sudanese teddy bear blasphemy case
  • Pope Benedict XVI Islam controversy
  • Jyllands-Posten Muhammad cartoons
  • فتنة (فيلم)

المصادر

  • الموسوعة المعهدية الكاملة

وصلات خارجية

Islamic Ethics - Relationship between Pillars of Islam & Development of Excellent Moral & Character
Islamic Human Resource Management - Islamic view of human resource management

المراجع

  • Becker, L.C. and Becker, C.B. (ed.). Encyclopedia of ethics. Routledge New York. Missing or empty |title= (help)CS1 maint: multiple names: editors list (link)
  • P.J. Bearman, Th. Bianquis, C.E. Bosworth, E. van Donzel, W.P. Heinrichs (ed.). Encyclopaedia of Islam Online. Brill Academic Publishers. ISSN 1573-3912. Missing or empty |title= (help)CS1 maint: multiple names: editors list (link)
  • Ghamidi, Javed (2006). "Morals and Morality". Mizan (html)|format= requires |url= (help) (in الإنگليزية). Al-Mawrid.CS1 maint: unrecognized language (link)
  • Maududi, Abul Ala (1971). The Meaning of the Qur'an. Lahore: Islamic Publications. OCLC 7849929.
  • Islahi, Amin. Tadabbur-i-Qur’an (1st ed.). Lahore: Faran Foundation. OCLC 60341215.
  • Youssef, Hanafy A.; Fatma A. Youssef & T. R. Dening (1996), "Evidence for the existence of schizophrenia in medieval Islamic society", History of Psychiatry 7: 55-62
  • Weeramantry, Judge Christopher G. (1997), Justice Without Frontiers: Furthering Human Rights, Brill Publishers, ISBN 9041102418


تاريخ النشر: 2020-06-04 10:46:02
التصنيفات: Pages with citations lacking titles, CS1 maint: multiple names: editors list, Pages using citations with format and no URL, CS1 maint: unrecognized language, بوابة:إسلام/مقالات واصلة, فقه

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

رضا البلتاجي: فيكتور جوميز حكم نهائي أفريقيا مميز

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-06 00:24:49
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 70%

طرح 9 مشروعات عبر «استطلاع» لأخذ المرئيات حولها

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-02-06 00:25:07
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 42%

كيليان مبابي يعبر عن تضامنه مع الشعب المغربي بعد وفاة الطفل ريان

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-02-06 03:15:37
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 68%

زفاف

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-02-06 00:25:03
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 38%

«همسات» يطلع أمين الأحساء على إنجازاته خلال 8 سنوات

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-02-06 00:24:59
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 47%

الصحة: 700 ألف حصلوا على الجرعات التنشيطية

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-06 00:24:53
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 63%

الرئيس السيسى يعود إلى أرض الوطن بعد زيارته للصين

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-06 00:24:49
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 56%

19 دورة تدريبية لمنسوبي الأمن العام في جامعة بيشة

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-02-06 00:25:01
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 37%

نقيب المهن التمثيلية يتقدم بمبادرة للم الشمل في أزمة محمد صبحي

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-06 00:24:51
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 53%

نادي برشلونة: "تلقينا نبأ وفاة الطفل ريان ‏ببالغ الأسى والحزن"

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-02-06 03:15:36
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 54%

عمرو أديب عن وفاة الطفل ريان: اختبار للإنسانية

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-06 00:24:47
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 50%

شيخ الأزهر ينعى الطفل المغربى ريان

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-06 00:24:48
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 55%

الأخضر واستمرار الثقة!!

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-02-06 00:25:13
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 47%

محمد خليل بطل التصنيفية الثالثة

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-02-06 00:25:14
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 35%

«موان» يبحث تحفيز الاستثمار بالاقتصاد الدائري في الشرقية

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-02-06 00:25:06
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 50%

تولو يواصل التميز في بطولة البرازيل

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-02-06 00:25:16
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 40%

قران

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-02-06 00:25:04
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 35%

1.707 تريليون ريال أصول المملكة الاحتياطية بالخارج في ديسمبر2021

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-02-06 00:25:08
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 37%

273.6 ألف مهندس أجنبي مسجل في المملكة

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-02-06 00:25:09
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 35%

اعتقال 55 محتجا على قيود كورونا وارتفاع أسعار البنزين في هلسنكي

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-06 03:15:16
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 49%

تدريب 10 موهوبين على تنمية مهارات البحث العلمي بالنابية الابتدائية

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-02-06 00:25:00
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 48%

أخضر الطاولة في بطولة تونس الدولية

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-02-06 00:25:15
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 39%

تحميل تطبيق المنصة العربية