منطق تاريخ
ديداكتيك التاريخ
منطق للدكتورة ثورية ابوفاطمة
عهدت المنظومة التعليمية بالمغرب ، تحولا نوعيا في حقل التربية والتكوين ، وذلك بتبني مقاربة الكفايات الذي تعتبر كأحد المقاربات الأساسية لتفعيل مضامين الميثاق الوطني للتربية والتكوين ، رغبة في الارتقاء بالمتفهم وتحسين العملية التعليمية التفهمية. لذا وجب الاعتماد على الطرق الفعالة النشيطة التي تتناسب مع مدخل الكفايات والتي تهجر للمتفهم فرصة التفهم الذاتي على اعتبار المتفهم لب العملية التعليمية- التفهمية ومحورها, كما يجب ان تحقق تلك الكفايات أهدافا اجتماعية مهمة مثل الاعتماد على الذات والقدرة على اخذ القرارات, وتتعدد الطرق البيداغوجية , وفي مقدمتها طريقة حل المشكلات. فمثلا كيف من الممكن أن يستطع المتفهمين التوصل تحليل دور الازمات الدولية في اندلاع الحرب العالمية الاولى؟ والبيداغوجيا أوفهم التربية تتكون حدثة " بيداغوجيا " في الأصل اليوناني، من حيث الاشتقاق اللغوي، من شقين، هما : Péda وتعني الطفل، وAgôgé وتعني القيادة والسياقة، وكذا التوجيه.
وكان البيداغوجي Le pédagogue هوالشخص المكلف بمراقبة الأطفال ومرافقتهم في خروجهم للتكوين أوالنزهة، والأخذ بيدهم ومصاحبتهم. وقد كان العبيد يقومون بهذه المهمة في العهد اليوناني القديم. والبيداغوجيا ذات بعد نظري ، وتهدف إلى تحقيق تراكم معهدي ، أي تجميع الحقائق حول المناهج والتقنيات والظواهر التربوية ؛ أما التربية فتحدد على المستوى التطبيقي لأنها تهتم ، قبل جميع شيء ، بالنشاط العملي الذي يهدف إلى تنشئة الأطفال وتكوينهم.
واما مفهوم البيداغوجيا، يستعمل للدلالة على الحقل المعهدي الذي يهتم بالممارسة التربوية في أبعادها المتنوعة .. وبهذا المعنى نتحدث عن البيداغوجيا النظرية أوالبيداغوجيا التطبيقية أوالبيداغوجيا التجريبية .. وتستعمل للإشارة إلى توجه orientation أوإلى نظرية بذاتها، تهتم بالتربية من الناحية المعيارية normative ومن الناحية التطبيقية، وذلك باقتراح تقنيات وطرق للعمل التربوي، وبهذا المعنى نستعمل المفاهيم التالية : البيداغوجيا المؤسساتية، البيداغوجيا اللاتوجيهية ويمكننا حتى نضيف كذالك، للتميز بين التربية والبيداغوجيا، حتى البيداغوجيا حسب اغلب تعريفاتها درس نظري، أما التربية فهي ممارسة وتطبيق . مفهوم الديداكتيك La didactique : تنحدر حدثة ديداكتيك، من حيث الاشتقاق اللغوي، من أصل يوناني didactikos أوdidaskein، وتعني حسب قاموس روبير الصغير Le Petit Robert، " درٌّس أوعلٌّم " enseigner. ويقصد بها اصطلاحا، جميع ما يهدف إلى التثقيف، وإلى ما له علاقة بالتعليم الديداكتيك هي فرع من البيداغوجيا موضوعه التدريس. ونهج وأسلوب معين لتحليل الظواهر التعليمية تقابل نوعين من المشكلات : مشكلات تتعلق بالمادة الدراسية ( وبنيتها ومنطقها .. ومشاكل ترتبط بالفرد في وضعية التفهم، وهي مشاكل منطقية وسيكولوجية. ولقد عهد الدكتور محمد الدريج الباحث في علوم التربية والمتحصص في بناء المناهج التعليمية، الديداكتيك في كتابه " تحليل العملية التعليمية "، كما يلي : " هي الدراسة الفهمية لطرق التدريس وتقنياته، ولأشكال تنظيم مواقف التعليم التي يخضع لها المتفهم، قصد بلوغ الأهداف المنشودة، سواء على المستوى العقلي المعهدي أوالانفعالي الوجداني أوالحس حركي المهاري. كما تتضمن البحث في المسائل التي يطرحها تعليم مختلف المواد.
ومن هنا تأتي تسمية " تربية خاصة " أي خاصة بتعليم المواد الدراسية (الديداكتيك الخاص أوديداكتيك المواد) أو" منهجية التدريس المطبقة ( في مراكز تكوين المفهمين والمفهمات)، في لقاء التربية العامة (الديداكتيك العام)، التي تهتم بمختلف القضايا التربوية، بل وبالنظام التربوي برمته مهما كانت المادة الملقنة ".
ويجب التميز في تعريفنا للديداكتيك، حسب .Legendre بين ثلاث مستويات:
- الديداكتيك العامة : وهي التي تسعى إلى تطبيق مبادئها وخلاصة نتائجها على مجموع المواد التعليمية وتنقسم إلى قسمين : القسم الأول يهتم بالوضعية البيداغوجية، حيت تقدم المعطيات القاعدية التي تعتبر أساسية لتخطيط جميع موضوع وكل وسيلة تعليمية لمجموع التلاميذ؛ والقسم الثاني يهتم بالديداكتيك التي تدرس القوانين العامة للتدريس، بغض النظر عن محتوى مختلف مواد التدريس .
- الديداكتيك الخاصة : وهي التي تهتم بتخطيط عملية التدريس أوالتفهم لمادة دراسية معينة .
- الديداكتيك الأساسية : ( Didactique .Fondamentale ) وهي :
جزء من الديداكتيك ، يتضمن مجموع النقط النظرية والأسس العامة ، التي تتعلق بتخطيط الوضعيات البيداغوجية ـ دون أي اعتبار ضروري لممارسات تطبيقية خاصة ـ وتقابلها تعبير ( الديداكتيك النظرية ) قبل الحديث عن ديداكتيك مادة التاريخ يجب تعريف مفهوم الديداكتيك، فالديداكتيك هوفن التدريس ويشكل خطة ترمي إلى تحقيق أهداف تعليمية أواستراتيجية تعليمية تقابل مشكلات كثيرة: مشكلات المتفهم, مشكلات المادة, أوالمواد وبنيتها, المعهدية مشكلات الطرائق, مشكلات الوضعيات التعليمية التفهمية ودراسة مادة التاريخ تكتسي أهمية قصوى بالنظر إلى الدور الخطير الذي يلعبه التاريخ والذي يمنحنا معلومات التاريخية تعطينا خلفية جيدة لفهم العلاقة بين السياسة والمجتمع ، وهذه المعلومات تمكننا من ممارسة السياسة الجيدة في زمن الحاضر وتكوين مواطن يؤمن بقضاياه واع بمسؤولياته ولهذا فان كتابة التاريخ هي عملية متجددة ومستمرة، تتجدد بتجدد هموم ومشكلات الإنسان في الحاضر. فالإنسان لا يعيش حاضره مفصولا عن ماضيه. فالإنسان لا يفكر في تاريخه باعتباره زمن غابر تملأه الأحـداث والـوقائع ذات علاقة خارجية وموضوعية به فحسب، بل بوصفه صيرورة في الزمن لها كبير الأثر على حياته اليومية .إن تفسير الماضي وتأويله وتكوين معنى عنه شكل دوما هاجسا للإنسان.
العناصر الأساسية في تدريس مادة التاريخ :
-1 الإشكالية: قد أصبح التفكير التاريخي المعاصر ينطلق من تحديـد إشكالية مـا (مشكلة تاريخية ) قبل تحديد الوثائق . لأن قيـمة الوثـائق لا تتحدد إلا من خلال قيمة المشكلـة التاريخية المطروحة.إن المـنهج التاريخي السليم هوالذي يبدأ بطرح أسئلة توجه المؤرخين إلى التنقيب المنظم والمكثف الجماعي. فدراسة التـاريخ انطلاقا من دراسة المشكلات، أصبح مطلبا ضروريا عند جميع المـؤرخين المعاصرين ووضع اشكالية من خلال العمليات الفكرية التالية:
- طرح المشكل ووضع سؤال مركزي
- تفريعه الى تساؤلات فرعية
- وضغ فرضية لكل سؤال
وينطلق السؤال المركزي من خلال الوثائق التي تعتبر مصدرا للمعلومات وبرهانا لاتبات وجهة نظر اونفيها مع مراعات الابعاد الثلاثة الزمن -المجال والمجتمع ومن خلال دراسة الوثائق نقترح لكل سؤال جواب يسمى فرضية فابلة للتاكيد اوالنفي اوالتعديل واثنا الدراسة لابد من استعمال الأدوات المنهجية : التعريف -التفسير -الهجريب .
-2 السيرورة؛ ؛ طبيعة السيرورة أي خاصية عملية الحل الأكثر ملائمة للمشكلة أي السمات المحددة سلفا للعمليات التي سنقوم بها للوصول إلى الحل أي تطورها وطبيعتها ويمكن الاعتماد على الخرائط التاريحية مثلا عند دراسة تكوين الدول اوعلى المبيانات عند دراسة مثلا مظاهر التحولات الاقتصادية والمالية التي عهدها النظام الراسمالي خلال القرن 19م . وأما إذا كانت السيرورة تعبر عن ترابط العمليات وهدف المشكلة ترابطا واضحا ينطق عنها إنها سيرورة متقاربة مثال ؛ تحديد السبب المباشر لوقيعة ما . مثلا السبب المباشر لحرب تطوان 1860 سنة -3 الوضعية النهائية: الحل للمشكلات المطروحة.
ومن الادوات المنهجية في ديكتاكتيك التاريخ : 1 – التعريف : خلال هذه العملية ننطلق من الوثائف لاجل تمحيص الفرضيات المقترحة وتتم هذه العمليات من خلال فهم الوثائق بوضغها في سياقها التاريخي وانتقاء المعطيات التاريخية من الوثائق وفق الاشكالية المطروحة والفرضيات المقترحة كما تتطلب نقد الوثائق من اجل بناء احداث تاريخية داث مصداقية فهمية 2- التفسير: أصبح المؤرخون يتسألون عن الأسباب والعوامل المتحكمة في صناعة الأحداث والوقائع التاريخية اي علاقات السببـية التي تربط الأحداث بأسبابها.بل اجتهد بعضهم في دراسة العوامل الفاعلة في التاريخ
والتفسير مرتبط بمجال الإشكالية التي توجه عمله منذ بدايته. وعليه يمكن القول إذا التفسير التاريخ كآلية فكرية مرتبط أشد الارتباط بالتساؤلات التي ينطلق منهاالمدرس . كما حتى أهمية العملية التفسيرية في التاريخ مرهونة بأهمية وقيمة الإشكالية المنطلق. غاية التحليل هي الكشف عن بنية الموضوع قيد الدراسة، وتقسيم الظواهر المعقدة وتفكيكها الى عناصر أقل تعقيداً بحيث يتمكن الباحث من إنجاز مهمته والخروج من دراسته بتفسير محدد للأحداث التاريخية المدروسة وبعد استفراء الوثائق وتحليلها نقوم بعملية التفسيبر والهدف هوالاجابة عن السؤال المطروح من خلال تصنيف العوامل المتسبب في الحدث حسب طبيعتها ( عامل سياسي - اجتماعي افتصادي) اوخسب فعاليتها ومدتها ويمكن ايضا ان نفسر الحدث بالرجوع فبل وقوعه للتمكن من فهم السياق التاريخي للحدث لنضعه في اطاره الزمني والموضوعي والمجالي
- معيار الزمني: اسباب قريبة –بعيدة – مباشرة – غير مباشرة
- معيار موضوعاتي: اسباب سسياسية - اقتصادية - اجتماعية - ثقافية دينية,,,,,,
- معيار مجالي اسباب داخليى - خارجية - وطنية - دولية...
3 - الهجريب التاريخي بعد معالجة الوقائع . ينتقل المدرس إلى فترة الهجريب ، حيثيتم التوصل من خلالها إلى الاستنتاجات النهائية، من خلال ربط الجزء بالكل والخاص بالعام. والهجريب يكتسي طابعا خاصا يقوم على سرد الاحداث والوقائع تبعا لتغاقبها الزمني والفائم على سرد الاحداث كما وفعت لكن هذا الهجريب لا يرقى الى نفد الاحداث فيكتفي عند التحليل والتحقيق لا يرقى الى اعطاء دلالة وفهم ومعنى للوافع والاحداث وذلك عبر اعادة بنائه وربطه مع احداث اخرى,والهجريب مسالة ضرورية لانها تمكن المتفهم من التوصل الى استنتاجات والخروج باقتراحات اساسية في بناء الفهم واكتساب مفاهيم جديدة والتدرب على منهجية البحث التاريخي.