محمود تيمور

محمود تيمور (12 محرم 1312هـ/16 يونيو1894 - 26 رجب 1393هـ = 25 أغسطس 1973) مصري، من رواد السيرة العربية.

يُعدُّ محمود تيمور أحد الرواد الأوائل لفن السيرة العربية، ويعتبر واحد من القلائل الذين نهضوا بهذا الفن الذي شهد نضوجًا مبكرًا على يديه، واستطاع حتى يقدم ألوانًا مختلفة من القصص الواقعية والرومانسية والتاريخية والاجتماعية، كما برع في فنون السيرة المتنوعة؛ سواء كانت السيرة القصيرة، أوالرواية، وتأثَّر به عدد كبير من الأدباء والروائيين الذين أفادوا كثيرًا من ريادته الأدبية وإبداعاته القصصية؛ فساروا على دربه، ونسجوا على منواله.

ولد محمود أحمد تيمور في أحد أحياء مصر القديمة في (12 محرم 1312هـ/16 يونيو1894)، ونشأ في أسرة عريقة على قدر كبير من الجاه والفهم والثراء؛ فقد كان أبوه أحمد تيمور باشا واحدًا من أبرز أعلام عصره ومن أقطاب الفكر والأدب المعدودين، وله الكثير من المؤلفات النفيسة والمصنفات الفريدة التي تكشف عن موسوعية نادرة وعبقرية فريدة.

وكان درب سعادة -وهوالحي الذي وُلد فيه محمود تيمور- يتميز بأصالته الشعبية؛ فهويجمع أشتاتًا من الطوائف والفئات التي تضم الصناع والتجار وأرباب الحرف من جميع فن ولون.

وقد تَشربَّت نفسه وروحه بتلك الأجواء الشعبية منذ نعومة أظفاره، واختزنت ذاكرتُه الكثيرَ من صور الحياة الشعبية والشخصيات الحية التي سقطت عيناه عليها، وأعاد رسمها وعبر عنها -بعد ذلك- في الكثير من أعماله القصصية.

وما لبثت أسرته حتى انتقلت إلى ضاحية عين شمس؛ فعاش في ريفها الساحر الجميل الذي كان ينبوعًا لوجدانه، يغذيه بالجمال والشاعرية، ويفجر فيه ملكات الإبداع بما فيه من مناظر جميلة وطبيعة خلابة ساحرة.

نقطة التحول

وقد تفهم محمود تيمور بالمدارس المصرية الابتدائية والثانوية الأميرية، والتحق بمدرسة الزراعة العليا، ولكن حدثت نقطة تحول خطيرة في حياته وهولم يتجاوز العشرين من عمره بعد؛ فقد أصيب بسقم التيفود، واشتدت وطأة السقم عليه؛ فانبتر عن دراسته الزراعية، ولزم الفراش ثلاثة أشهر، قضاها في القراءة والتأمل والتفكير، وسافر إلى الخارج للاستشفاء بسويسرا، ووجد في نفسه ميلاً شديدًا إلى الأدب؛ فألزم نفسه بالقراءة والاطلاع، وهناك أتيحت له دراسة عالية في الآداب الأوربية؛ فدرس الأدب الفرنسي والأدب الروسي، بالإضافة إلى سعة اطلاعه في الأدب العربي.

واتسعت قراءاته لتضم روائع الأدب العالمي لعدد من مشاهير الكتاب العالميين، مثل: "أنطون تشيكوڤ"، و"إيڤان تورجنيڤ"، و"گي ده موپاسان".

خطواته الأدبية الأولى

وكان شقيقه محمد خير مرشد له بما يسديه إليه من النصائح والتوجيهات والآراء السديدة، وبما لديه من ثقافة واسعة، وموهبة أدبية رفيعة.

وقد تأثر محمود تيمور بأخيه في اتجاهه نحوالممضى الواقعي في الكتابة القصصية، والذي ظهر واضحًا في مجموعته القصصية الأولى "ما تراه العيون"، فأعجب بها محمود إعجابًا نادىه إلى حتى يؤلف على غرارها؛ فخط باكورته القصصية "الشيخ جمعة" سنة (1344 هـ = 1925م).

وفجأة تُوفِّي أخوه محمد وهوفي ريعان الصبا وشرخ الشباب؛ فشعر محمود بانهيار آماله، وفقد حماسه، وأصابه اليأس، وانزوى حزينًا مستسلمًا للأسى والإحباط.

ولكن بمرور الأيام بدأ الجرح يندمل في قلبه، وأقبل من حديث على الحياة، وراح ينفض عن نفسه الفشل والإحباط، واعتمد على نفسه مهتديًا بهُدى شقيقه الراحل، ومترسمًا خطاه في عالم الأدب والإبداع، وأقبل على الكتابة بنشاط وروح جديدة.

رومانسية تيمور

ومما لا ريب فيه حتى تيمور الابن قد ورث عن أبيه الكثير من الملكات والصفات؛ فقد كان مغرمًا بالأدب واللغة، شغوفًا بالقراءة والبحث والاطلاع، محبًا للكتابة والتأليف.

وقد عُني أبوه منذ سن مبكرة بتوجيهه إلى القراءة والاطلاع، وتنشئته على حب فنون الأدب واللغة؛ فأقبل الابن على مخطة أبيه العامرة بنَهَمٍ شديد، ينهل منها، ويَعُبّ من ذخائرها، ويجني من مجانيها.

وكان له شغف خاص بالمنفلوطي الذي غرس فيه نزعته الرومانسية، كما تأثر بعدد من الشعراء، خاصة شعراء المهجر، وعلى رأسهم "جبران خليل جبران"، الذي كان لكتابه "الأجنحة المتكسرة" بنزعته الرومانسية الرمزية تأثير خاص في وجدانه.

بين المحن والمنح

لم يكن السقم هومأساة تيمور الوحيدة؛ فقد كان فقدُهُ لأخيه محمد مأساةً أخرى، صبغت حياته بحالة من الحزن والتشاؤم والإحباط، لم يستطع الخروج منها إلا بصعوبة بالغة.

وكان على موعد مع مأساة ثالثة أشد وطأة على نفسه ووجدانه، زلزلت حياته، وفجعته في ولده الذي اختطفه الموت وهوما زال في العشرين من عمره؛ وقد هجرت تلك المأساة في نفسه مرارة لا تنتهي، وحزنًا لا ينقضي.

وكان ملاذه الوحيد وسلواه في جميع تلك المحن والأحداث هوالكتابة، يَهرع إليها ليخفف أحزانه، ويضمد جراحه، ويتناسى آلامه. وقد انعكس ذلك في غزارة إنتاجه وكثرة مؤلفاته.

مكانة تيمور الأدبية

وقد حظي محمود تيمور بحفاوة وتقدير الأدباء والنقاد، ونال اهتمام وتقدير المحافل الأدبية ونوادي الأدب والجامعات المتنوعة في مصر والوطن العربي، كما اهتمت به جامعات أوروبا وأمريكا، وأقبل على أدبه الأدباء والدارسون في مصر والعالم.

ومثَّلَ محمود تيمور مصر في الكثير من المؤتمرات الأدبية، مثل: مؤتمر الأدباء في بيروت سنة (1373هـ = 1954م)، ومؤتمر القلم ببيروت سنة (1373هـ = 1954م) أيضًا، ومؤتمر الدراسات الإسلامية في جامعة بشاور بباكستان، ومؤتمر الأدباء في دمشق.

كما نال إنتاجه القصصي جائزة مجمع اللغة العربية بمصر سنة (1366هـ = 1947م)، وما لبث حتى عُيِّن عضوا فيه عام (1368هـ = 1949م).

وحصل على جائزة الدولة للآداب سنة (1369هـ = 1950م)، وجائزة "واصف غالي" بباريس سنة (1370هـ = 1951م)، ومُنِح جائزة الدولة التقديرية في الأدب سنة (1382هـ = 1963م) من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب. واحتفلت به جامعات روسيا والمجر وأمريكا، وكرمته في أكثر من مناسبة.

مؤلفات تيمور

يتميز إنتاج محمود تيمور بالغزارة والتنوع؛ فقد ضم السيرة والمسرحية والسيرة القصيرة والبحوث الأدبية والدراسات اللغوية.

وقد لاقت مؤلفاته اهتمامًا كبيرًا من الأدباء والنقاد والدارسين؛ فتُرجم كثيرٌ منها إلى عديد من اللغات: كالفرنسية، والإنجليزية، والألمانية، والإيطالية، والعبرية، والقوقازية، والروسية، والصينية، والإندونيسية، والإسبانية.

قائمة مؤلفاته

اقرأ نصاً ذا علاقة في

محمود تيمور

اتجاهات الأدب العربى	إحسان لله	المخبأ رقم 13
المصابيح الزرق	النبي الإنسان ومنطقات أخرى	الوثبة الأولى
حواء الخالدة	دنيا جديدة	سلوى في مهب الريح
سهاد أواللحن التائه	شباب وغانيات	شفاه غليظة
شمس وليل	عوالي	معبود من طين
نداء المجهول	الأعمال الكاملة، ج1، وميض الروح	الأعمال الكاملة، ج2، حياتنا التمثيلية
الأعمال الكاملة، ج3، حياتنا التمثيلية	الشيخ جمعة	عم متولي
الشيخ سيد العبيط	رجب أفندي	الأطلال
أبوعلي الفنان	الشيخ عفا الله	قلب غانية
فرعون الصغير	نداء المجهول	مكتوب على الجبين
نطق الراوي	المنقذة	بنت الشيطان
كليوباترا في خان الخليلي	خلف اللثام	كل عام وأنتم بخير
أبوالشوارب	ثائرون	شمروخ
نبوت الخفير	تمر حنا عجب	إلى اللقاء أيها الحبيب
أنا القاتل	إنتصار الحية	البارونة أم أحمد
إنتصار الحياة	أبوعوف	زوج في المزاد
دراسات في السيرة والمسرح	ضبط الكتابة العربية	مشكلات اللغة العربية

وفاته

واستمر محمود تيمور يواصل رحلة العطاء بالحب والإصرار، حتى تُوفِّي عن عمر بلغ نحوثمانين عامًا في (26 رجب 1393هـ = 25 أغسطس 1973)، بعد حتى أثرى المخطة العربية والأدب العربي بأكثر من سبعين كتابًا في السيرة والرواية والمسرحية والدراسات اللغوية والأدبية وأدب الرحلات.