أبوالهذيل العلاف
أبوالهذيل العلاَّف، محمد بن الهذيل بن عبد الله بن مكحول العبدي (135-235 هـ/753-850م)، مولى عبد القيس، من فهماء الكلام، وشيخ المعتزلة البصريين في القرن الثاني الهجري (والمعتزلة اثنتا عشرة فرقة) ومقدم الطائفة، ومقرر الطريقة، والمناظر عليها، ولد في البصرة، وكان حسن الجدل، قوي الحجة، سريع الخاطر، كفَّ بصره في آخر عمره، وتوفي في أول خلافة المتوكل بسـامرّا، لـه خط كثيرة، منها كتاب سـماه «ميلاس» على اسم مجوسي أسلم على يده.
وكان يقول: «إرادة الله غير مراده، وغير أمره، وإرادته لمفعولاته ليست بمخلوقة على الحقيقة، بل هي مخلوقة مع قوله لها «كن»، وإرادته للإيمان ليست بخلق له، وهي غير الأمر به، وإرادة الله قائمة لا في مكان».
من أصحابه أبويعقوب الشحام (ت 267هـ) وكان رئيس معتزلة البصرة في عصره. اشتهر أتباعه بـ«الهُذَيلية» وهي الفرقة الثانية بعد «الواصلية» من فِرَق المعتزلة، أخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطويل، عن واصل بن عطاء. وانفرد عن أصحابه بعشر قواعد:
الأولى: حتى الباري تعالى عالم بفهم، وفهمه ذاته، قادر بقدرة، وقدرته ذاته. حي بحياة، وحياته ذاته، وإنما اقتبس هذا الرأي من الفلاسفة الذين اعتقدوا حتى ذاته واحدة، لا كثرة فيها بوجه، والمعنى أنه وبقية المعتزلة يقولون: صفات الله تعالى هي عين ذاته لا غير الذات، فهم يثبتون الصفات لله، ولكنها هي بعينها ذات، خلافاً لمن يقول: الله عالم بذاته لابفهم، فهؤلاء نفوا الصفات، والمعتزلة أثبتوها.
الثانية: أنه أثبت إرادات لا محل لها،قد يكون الباري تعالى مريداً بها، أي إذا إرادة الله غير مراده وغير أمره، وإرادة الله سبحانه لكون الشيء هي غير الشيء المكوَّن.
وليست الإرادة أمراً ولا حكماً ولا خبراً، والإرادة لتكوين الشيء والقول له: «كن» خلق للشيء.
الثالثة: نطق في كلام الباري تعالى: إذا بعضه لا في محل، وهوقوله: «كن» وبعضه في محل كالأمر والنهي والخبر والاستخبار، وأمر التكوين غير أمر التكليف.
الرابعة: قولـه في القدر كغيره من المعتزلة، إلا أنه قَدَري الأولى، جبري الآخرة، أي إذا حركات الناس في الآخرة كلها ضرورية، لا قدرة للعباد عليها، وكلها مخلوقة لله تعالى، إذ لوكانت مكتسبة للعباد لكانوا مكلفين بها.
الخامسة: إذا حركات أهل الخلود في الآخرة تنبتر، وإنهم يصيرون إلى سكون دائم.
السادسة: قولـه في الاستطاعة: إنها عَرَض (طارئ) من العوارض غير السلامة والصحة. وهناك فرق بين أفعال القلوب وأفعال الجوارح (الأعضاء) فالأولى توجد طالما العمل، والثانية تتقدم على العمل.
السابعة: قوله في المكلف قبل ورود السمع (قبل مجيء الرسالة النبوية): إنه يجب عليه حتى يعهد الله تعالى قبل رسالة النبي؛ لأنه يدرك بعقله حُسْن الحسن، وقُبح القبيح، ويجب عليه الإقدام على الحَسَن كالصدق والعدل، والإعراض عن القبيح كالكذب والجور.
الثامنة: قوله في الآجال والأرزاق: إذا الرجل إذا لم يقتل توفي في ذلك الوقت، ولا يجوز حتى يزاد في العمر أوينقص. والأرزاق على وجهين:
أحدهما: ما خلق الله تعالى من الأمور المنتفع بها يجوز حتى ينطق: خلقها رزقاً للعباد.
والثاني: ما حكم الله به من هذه الأرزاق للعباد، فما أحل منها فهورزقه، وما حرَّم فليس رزقاً، أي ليس مأموراً بتناوله.
التاسعة: إذا إرادة الله غير المراد، فإرادته لما خلق هي خلقه له، وخلقه للشيء - عنده - غير الشيء، بل الخلق عنده قول لا في محل.
العاشرة: الحجة لا تقوم إلا بخبر عشرين؛ فيهم واحد من أهل الجنة أوأكثر، ولا تخلوالأرض عن جماعة هم أولياء الله، معصومون لا يكذبون، ولا يرتكبون الكبائر، فهم الحجة لا جماعة التواتر (وهم عدد من الناس).
المصادر
- وهبة الزحيلي. "أبوالهذيل العلاَّف (محمد بن الهذيل)". الموسوعة العربية.
انظر أيضاً
- أهل السنة
- المعتزلة
للاستزادة
- ابن العماد الحنبلي، شذرات المضى في أخبار من مضى، أشرف على تحقيقه عبد القادر الأرناؤوط (دار ابن كثير، دمشق، بيروت 1410هـ/1989م).
- الشهرستاني، الملل والنحل (شركة مخطة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر 1381هـ/1961م).