السوق السوداء

عودة للموسوعة

السوق السوداء

سوق سوداء في بالگرافيتي، خاركوڤ، 2008.

السوق السوداء black market أوالاقتصاد التحتي underground economy، هوسوق يتم فيه الاتجار فيه بالسلع الغير قانونية. نظراً لطبيعة هذه السلع، فالسوق نفسه فهوخارج الاقتصاد الرسمي للدولة.

خلفية

يتزايد اهتمام الاقتصاديين، حالياً، بالبحث في ظاهرة السوق السوداء، ويعهد حالياً بالاقتصاد الخفي. ويرجع هذا الاهتمام إلى عدة مسببات أهمها:

الأموال السوداء هي أحد النشاطات الخفية، فهي تشكل نسبة متزايدة في الناتج المحلى الإجمالي، سواء في اقتصاديات الدول المتقدمة، أواقتصاديات الدول النامية. والتطور الضخم في المعلومات، ووسائل نقلها عبر الشبكات والأقمار الصناعية، ومجالات التجارة الإلكترونية، طورت البيئة الاقتصادية لرجال الأعمال المسجلين رسمياً، في نشاطات معلن عنها، وأتاحت في نفس الوقت إمكانيات أكبر، للقائمين بالأعمال الخفية، في الاستفادة من المعلومات، والسرعة، والإخفاء، والبريد الإلكتروني، والحسابات السرية في البنوك، والأرقام السرية للملفات، والشفرات، وإمكانية عرض المواد السوداء، عبر التجارة الإلكترونية، وكذلك تجارة النادىرة، وتجارة السلاح. تسحب الأموال السوداء جزءاً من السيولة النقدية المتاحة، استطراداً، تتزاحم مع النشاطات الرسمية في الحصول على أجزاء من السيولة بالنقد المحلي، والنقد الأجنبي. وتشكل جزءاً من الطلب على هذه العملات، فتؤثر في أسعار الصرف.

برامج الإصلاح الاقتصادي، التي طبقت في الكثير من دول العالم، ومن أهمها دول أمريكا اللاتينية، ودول جنوب شرق آسيا، أفرزت جوانب سلبية، حيث استغل البعض الحرية الاقتصادية في تهريب الأموال، وتهريب البضائع، عبر المنافذ الجمركية، واستغلال ما قدم لهم من قروض لتمويل نشاطات سوداء، تحت مسميات نشاطات رسمية.

الاقتصاد الخفي وهوجزء من الاقتصاد القومي للدولة، ولكنه غير مسجل في الحسابات الوطنية وميزان المدفوعات. من ثم، لا تستطيع الحسابات الوطنية حتى تفصح عن الدخل، والناتج، والإنفاق، والصادرات، والواردات الحقيقية. ومشكلات الاقتصاد الخفي وانعكاساتها على الاقتصاد الوطني غير متاح معالجتها، ومن ثم، قد تتم معالجة لمشكلات نشاطات الرسمية، مثل الانكماش والتضخم، الرواج والكساد، ولكن لا تؤتي النتائج المتسقطة منها؛ بسبب المشاكل المرتبطة بالاقتصاد الخفي وغير المحسوبة. ويتحصل الاقتصاد الخفي على موارد اقتصادية من رؤوس أموال، وأراضٍ، ومبانٍ، وعمالة، تستثمر في عمليات سوداء، غير منتجة اقتصادياً للاقتصاد المدني.


السلع والخدمات

التسعيرة الجبرية

تعد التسعيرة الجبرية، هي الصورة التقليدية التاريخية من صور السوق السوداء، وهى المعنى الضيق لمفهوم السوق السوداء. حيث تعهد السوق السوداء بأنها سوق خفية Invisible Market، تباع فيها السلعة، بثمن أعلى من الثمن القانوني، المحدد لها بواسطة السلطة الحكومية، وتنشأ بسبب تدخل الحكومة في سياسات التسعير. كما تنشأ السوق السوداء نتيجة الالتفاف حول الاعتبارات غير الاقتصادية. وتهدف السوق السوداء إلى منع تأثير فائض الطلب على الثمن. وبتعبير آخر، فإن السوق السوداء تنشأ نتيجة الاختلال بميكانيكية الأسعار، وهي مظهر لحتمية تفاعل قوى السوق.

ويمكن القول إذا السوق السوداء، قد نشأت تاريخياً، في أثناء الحرب العالمية الثانية، حين عاشت دول العالم اقتصاديات الحرب، التي اتسمت بتوجيه الموارد الاقتصادية نحوآلية الحرب، مما قلص من حجم السلع المتاحة للاستهلاك المدني، ونقص المعروض منها. وقد تطلب ذلك تقنين الطلب الفردي، واستخدام نظام الكوبونات "حصص الاستهلاك"، الصادرة من الحكومة على مستوى التجار، وعلى مستوى المستهلكين، حيث يتم التوزيع بنظام البطاقات، والحصص التموينية. ولكن، مع زيادة الطلب الفردي، والحاجة الماسة إلى الاستهلاك، والتخوف من توقف العرض مستقبلاً، بدأت تتكون أسواق سوداء، حيث تباع السلعة خارج نطاق السوق الرسمية، بأسعار، أعلى بكثير من الأسعار التي حددتها الحكومة. وساعد التهريب على تكوين السوق السوداء.

تعرضت الولايات المتحدة الأمريكية، لضغط اقتصادي زائد، خلال الحرب العالمية الثانية. وحاول الفنيون أوالاختصاصيون التقنيون، الباحثون عن المجال الكفء للموارد النادرة في أثناء الأزمات، في وقت الحرب، اتباع أساليب عديدة لمراقبة الأسعار، خاصة في نشاطين مهمين للمعيشة اليومية هما:

  • صناعة اللحوم.
  • صناعة البنزين.

وعلى رغم الاهتمام الواسع من قبل وسائل الإعلام، والكونجرس، والمحامين، والهيئات الحكومية القوية، فإن نظام الرقابة الاقتصادية كان الدفاع عنه متعذراً في أثناء الحرب العالمية الثانية، وبعدها.

ومن الأمثلة على ذلك:

السوق السوداء، التي تظهر نتيجة الأسعار الجبرية، هي ردة عمل على تدخل الحكومات في آلية السوق، حيث يعمل السقف الثمني، المحدد من قبل الحكومة، على إيجاد فرق بين العرض والطلب كما هومشروح في (شكل السقوف العليا لأسعار السلع). فرضا حتى الحكومة حددت ثمن بيع السلعة أ عند أَ التي هي أقل من P0، وهوالثمن الذي تتعادل عنده قوى العرض والطلب للسلعة أ. نتيجة لهذا التدخل، يفترض أن يتوقف عدد من المنتجين عن إنتاج تلك السلع، كما حتى عدد المستهلكين يفترض أن يزداد؛ نظراً لانخفاض الثمن عن PO. لذا فإن، من البديهي، حتى ينشأ طلب أكثر من العرض على تلك السلعة، ويسبب ذلك إرباكاً في سوق تلك السلعة، ويعني ذلك حتى الطلب على تلك السلعة لن يتم الوفاء به بشكل تام.

ومن الأمثلة على ذلك، في أعقاب حرب 1973، سعى الرئيس المصري محمد أنور السادات إلى وضع حد أقصى لأسعار اللحوم المذبوحة محلياً، "في حدود ثلاثة جنيهات للكيلو"، ووضع وسائل عديدة للرقابة على الأسعار، من أهمها تحديد أيام الذبح، وفتح محال الجزارة ثلاثة أيام في الأسبوع، مع استثناءات للفنادق والمناطق السياحية. وعلى رغم أهمية هذا الإجراء، فإنه لم يحل دون فعاليات السوق السوداء في اللحوم، وارتفاع أسعار السلع البديلة، مثل الدواجن والأسماك.

الدخول الخفية

الدخول الخفية الناتجة عن أعمال غير رسمية

هناك مسببات عديدة تؤدي بالكثير من الموظفين العاملين بالحكومة، إلى الحصول على دخول خفية، بممارستهم أعمالاً لحسابهم الخاص، سواء بالتغيب عن أعمالهم الرسمية، أوخلال أعمالهم الرسمية، منها:

  • انخفاض مستوى المعيشة، ولقاءة أعباء التضخم، وعدم القدرة على الهجرة للخارج، والاضطرار إلى ممارسة أعمال خفية.
  • السرقات من الجهات الحكومية، التي يعملون بها، وشركات القطاع العام.
  • الاختلاسات.
  • الرشاوى الحكومية، وخاصة التوريدات الحكومية.

ولقد غزت "النشاطات السوداء" جميع النشاطات الاقتصادية، منها النشاطات الحرفية، وتجارة التجزئة، والنقل، وخدمات الأعمال، والخدمات المهنية والشخصية.

إن هذه النشاطات الخفية لا تدرج ضمن البيانات الإحصائية المتعلقة بالمحاسبة القومية، ويترتب على عدم تسجيل المعاملات، والصفقات المتعلقة بإنتاج وتداول السلع والخدمات "المحظورة"، عدم إدراج قيمة المشتريات لهذه السلع والخدمات، ضمن بنود استهلاك القطاع العائلي، ومن ثم، فهي غير مسجلة ضمن بنود الإنفاق القومي.

ويعرض (ملحق النشاطات الخفية غير المسجلة ضمن الحسابات القومية) تطور هيكل النشاطات الاقتصادية الخفية وغير المسجلة ضمن إطار الحسابات القومية، حسب نوع النشاط الاقتصادي.


الدخول الناتجة عن التستر على أعمال غير مرخص لها

تعتبر الدخول الناتجة عن التستر، نوعاً جديداً من الدخول غير المشروعة، في بعض الدول العربية الخليجية، التي تفرض قيوداً على عمالة الأجانب داخل البلاد، حيث يلجأ الأجانب إلى بعض رجال الأعمال، من مواطني الدول الخليجية، ويقدمون لهم راتباً شهرياً، أوسنوياً، أونسبة من الأرباح، أوما يتم الاتفاق عليه بين الطرفين، ويصبح المواطن متستراً على الأجنبي، حيث يتنازل له عن حقه في استخدام تراخيص مزاولة النشاط الاقتصادي. وبذلك يحصل المواطن على ولج غير مشروع، كما يقوم الأجنبي المتستر عليه، بتحقيق أرباح طائلة من استغلال التراخيص الممنوحة للمواطنين، والتي ترصد لها موازنة الدولة مبالغ كبيرة في خططها التنموية.

وعادة، تكون تفاصيل العلاقة بين (المواطن)، والمتَسَتَّر عليه (الأجنبي المستثمر) سرية، ومحصورة بينهما. وفي بعض الحالات يقوم الأجنبي بأخذ صك أوتعهد على المواطن لضمان أمواله المستثمرة في البلاد، يعترف فيه المواطن فيه بأنه مدين للأجنبي بمبلغ كبير جداً، وأنه مستعد لتسديده إليه عند الطلب، أوعند مغادرة البلاد، من دون أي مماطلة؛ أومن دون حاجة إلى مراجعة المحاكم الوطنية. ويرجع ذلك إلى خوف الأجنبي من حدوث أي منازعات من جانب المواطن في المستقبل، قد تكون راجعة إلى استغلاله، في لقاءة السلطات المحلية.

ويلاحظ أنه في بعض الحالات، يقوم الأجنبي (المتَسَتَّر عليه) بالحصول على بضائع وائتمان باسم (الوطني) المتَسَتِّر، من دون سداد ما يستحق عليه، ويغادر البلاد فيتجه الخصوم إلى المتَسَتِّر الوهمي ويقيمون عليه الدعوى القضائية، ولا يستطيع السداد، بينما يهرب المتستَّر عليه بالأموال خارج البلاد.

وقد صدر قرار هيئة كبار الفهماء، في المملكة العربية السعودية، برقم 91 بتاريخ 22/5/1402هـ، بتحريم التَسَتُّر، باعتبار حتى المبلغ الذي يحصل عليه المواطن من الأجنبي (المتستَّر عليه)، يعتبر مالاً بلا عوض لا يستحقه، حرَّمه الحق سبحانه في محكم كتابه حيث نطق: )وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ((البقرة: 188). وتوضح الدراسات، التي أجريت عن ظاهرة التستر في المملكة العربية السعودية، حتى اكثر النشاطات التي ترتبط بها هذه الظاهرة هي كما يلي:

  • في المجال التجاري:

البنطقات، ومحلات بيع الأقمشة، ومحلات بيع الفواكه والخضراوات، والسوبر ماركت، والمخابز، والمطاعم.

  • في المجال الصناعي:

ورش ميكانيكا السيارات، وكهربة السيارات، ومحطات خدمة السيارات وتغيير الزيوت، ومغاسل السيارات، والخراطة، والسمكرة، والحدادة.

  • المحلات الحرفية:

السباكة، والهجريبات الكهربية، والحلاقة والتزيين، والكي ومغاسل الملابس.

وتعد نشاطات استقدام واستخدام العمالة، والمقاولات، ثم الخدمات المهنية، والمجال الزراعي أكثر النشاطات الاقتصادية، التي تحدث فيها ظاهرة التستر، التي يحقق منها المواطنون دخولاً غير مشروعة في الدول العربية الخليجية، والتي يمكن أيضا حتى يحقق منها الأجانب (المتستَّر عليهم)، دخولاً غير مشروعة، يتم تحويلها خارج البلاد لتصبح دخولاً مشروعة هناك.

وتشير التقديرات إلى حتى عدد القضايا، التي يتم التحقيق فيها بخصوص ظاهرة التستر، في المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، بلغت بين 40 ـ60 قضية، يومياً، تضم 19 مدينة سعودية، تقوم لجان مكافحة التستر بالتحري والتحقيق فيها، وتحمل اللجنة تقريراً شهرياً لأمير المنطقة، مرفقاً به الكشوف، التي تقوم بإعدادها لاتخاذ اللازم.

وفي حالة ثبوت واقعة التستر، تقوم لجان التستر بالتوصية بما يلي:

  • التصفية للمحل، مهما كان نوع النشاط موضوع التستر، تجارياً أوصناعياً.
  • منع الأجنبي من مغادرة البلاد، حتى يقوم برد جميع الأموال المستحقة إلى الحكومة، وإلى الآخرين، ما لم يقدم كفيل غرامً وأداء.
  • إبعاد الأجنبي المتَسَتَّر عليه من الأراضي السعودية، بعد إخلاء ذمته.
  • الإحالة إلى الجهات المختصة، بتوقيع العقوبات المقررة، والتي تصل إلى السجن، والغرامة، وإلغاء العمل التجاري، وتسديد الديون التي على المتَسَتِّر، والترحيل من البلاد دون عودة للمتَسَتَّر عليه.

إلى غير ذلك، نجد حتى مجالات الاقتصاد الخفي، غير المشروع، تعددت وتنوعت، ويزداد حجمها، يوماً بعد يوم، مع جميع زيادة تحدث في النموالاقتصادي، وفي الانفتاح على العالم الخارجي، وتوسع حجم النشاط الاقتصادي بصفة عامة، وما يرتبط به من زيادة في حجم الدخل القومي، وفي استخداماته في مختلف دول العالم.

وتشير بعض التقديرات، إلى حتى نسبة تتراوح بين 50 %، 70 %، من هذه الأموال غير المشروعة، تجري عليها عمليات الغسيل في البنوك العالمية، بحيث يمكنها إزالة البصمات غير المشروعة عنها، والعودة مرة أخرى للاستخدام داخل البلاد بصورة مشروعة، من دون حتى تخضع للتجريم أوتتعرض للمخاطر القانونية. ويتم ذلك، عادة، من خلال القنوات المصرفية والمؤسسات المالية، عن طريق سلسلة من العمليات المالية، والتحويلات المصرفية، لتغيير معالم النقود غير المشروعة، وتعذر تعقبها، أوالتعهد على مصادرها من جانب أجهزة مكافحة التهريب، ثم تعود هذه النقود إلى أوطانها بصفة شرعية، وعادة، تساعد بعض النظم المتبعة، في بعض البنوك، على ذلك، عن طريق فتح حسابات سرية، تسمح للمودعين بعدم الكشف عن أسمائهم أوهويتهم، وتفويض أشخاص آخرين، يمثلونهم في التعامل، يستترون خلفهم.

الرشاوى والفساد

تمثل الرشاوى دخولاً خفية، يتحصل عليها موظفون رسميون، نظير تأدية خدمات، وتسهيل إجراءات تراخيص، والحصول على عقود، وتوريدات لأصحاب نفوذ، يمثلون مصالح "جماعات ضغط" في المجتمع، على حساب تجاهل أفرادٍ وشركات أخرى.

وعملية الرشوة "الفساد"، تعد إحدى صور ممارسات السوق السوداء، بل هى الطابع العصري لهذه السوق، من حيث أسلوب الممارسة والآثار التي تحدثها. بل إنها فاقت في أهميتها الصور الأخرى، مثل البيع خارج نطاق التسعيرة الجبرية وغيرها، ويمكن عقد مقارنة بين الصورتين، لتأكيد حتى الرشاوى تعمل في نطاق السوق السوداء (انظر ملحق المقارنة بين التسعير الجبري والرشاوى).

أهم الآثار التي تتولد عن السوق السوداء، في مجال الرشاوى "الفساد":

  • زيادة تكلفة السلع والخدمات، والمشروعات، والتعاقدات، والتوريدات موضوع الرشوة.
  • طرح هذه السلع والخدمات، بأقل من المواصفات القياسية لها، وكذلك انخفاض مستوى الصيانة والضمان.
  • المتحصلون على الرشاوى، لا ينفقونها بما يخدم التنمية الاقتصادية، ولا يضعون أموالهم على هيئة ودائع ادخارية في البنوك المحلية، وغالباً ما تدور أموالهم في عمليات غسيل الأموال.
  • انتشار الفساد الاقتصادي، متمثلاً في الرشاوى، يؤدي إلى مزيد من الفساد، للميل إلى المحاكاة، واعتبار الرشوة تكلفة لازمة، وإن كانت غير منتجة؛ للحصول على الموافقات الحكومية، وزيادة دخول المرتشين.
  • انتشار الفساد بين صغار وكبار المسؤولين الحكوميين، يزعزع الاستقرار السياسي، ويفقد الثقة في مصداقية الحكومات الوطنية، وفي مصداقية الأنظمة الاقتصادية، والقانونية، والسياسية، وفي الأحزاب السياسية، وفي التشريعات، والسياسات النقدية، حتى في جزء من مصداقية برامج الإصلاح الاقتصادي.
  • الرشاوى الدولية، التي تقدمها الشركات متعددة الجنسيات، لكبار المسؤولين، نظير إنشاء مشروعات قومية، تمتص جزءاً من المعونات الدولية المقدمة من بعض المنظمات الدولية.
  • لا تعكس الحسابات القومية القيم الحقيقية للتدفقات النقدية، والسلعية، والخدمية.
  • عدم تضمين الرشاوى في حسابات التكاليف، يفقد مصداقية شفافية قوائم الدخل وقوائم المركز المالي.
  • في ظل نظم الخصخصة، يسهل المرتشون لأصحاب المصالح، بيع أصول مشروعات حكومية بأقل من قيمتها الحقيقية. ثم يخططون لبيعها في المستقبل، واستغلالها بقيم أكبر بكثير مما تم شراؤها به، ويحققون ثروات طائلة من خلال هذه الصورة للسوق السوداء.

ونظراً لأن صور البيع خارج نطاق التسعيرة الجبرية، وغيرها من الصور التقليدية للسوق السوداء، قد أخذت في الانطواء، وحلت محلها صور وأشكال أخرى للفساد الأسود، في شكل الرشاوى المحلية والدولية، بصفتها جزءاً من الاقتصاد الخفي، فسوف تعطي هذه الصور الأخرى مساحة أكبر في هذه الدراسة.

والجدير بالذكر، حتى الثورة التكنولوجية في إطار المعلومات، وأجهزة الاتصالات الحديثة عبر الأقمار الصناعية، قد ساهمت، بشكل كبير، في ممارسات الرشاوى المحلية والدولية، وساهمت في عمليات الإخفاء، ونقل الدخول الخفية بسرعة الضوء، فبنقرة واحدة على الفأرة Mouse، تتم تحويلات متداخلة وعديدة بين عدة مصارف عالمية.

وباللقاء، ساهمت هذه الثورة التكنولوجية، أيضاً في كشف تورط الكثير من الشركات والبنوك والمسؤولين، سواء بدون قصد أوبتعمد بعض الشركات الدولية تسريب معلومات للصحافة، بعيداً عن ذكر اسمها، بغرض استبدال بعض عملائها من المسؤولين، أوللمنافسة والصراع، مع شركات دولية أخرى. وعليه يمكن القول إذا ثورة المعلومات أصبحت ذات جانبين للمسؤولين المتورطين في سوق الرشوة السوداء، جانب يتمثل في الأموال السوداء الضخمة، التي يحصلون عليها، والجانب الآخر يتمثل في المخاطر، التي يتعرضون لها.

- الطابع الشمولي الدولي للرشاوى "الفساد" بصفتها صورة للسوق السوداء

تكاد الصحافة تذكرنا، يومياً، بأن السلوك الفاسد لا يزال يتسم بطابع عالمي. إذ إنه يحدث في النظم الديمقراطية، وفي الديكتاتوريات العسكرية، ويحدث على جميع مستويات التنمية، وفي جميع أنواع النظم الاقتصادية، من الاقتصاديات الرأسمالية المفتوحة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، إلى الاقتصاديات المخططة مركزياً، مثل الاتحاد السوفيتي السابق. بيد حتى ما شهدته التسعينيات من التحرر الاقتصادي، والإصلاحات الديمقراطية، والتكامل العالمي المتزايد، قد اجتمع على فضح الفساد وزيادة الوعي بالتكاليف المترتبة عليه. وقد أشعلت هذه الاتجاهات، بدورها، موجة مناهضة للفساد، تنتشر في جميع أنحاء العالم.

إن عدد وتنوع البلدان، التي تعاني من فضائح الرشاوى "الفساد"، في السنوات الأخيرة، يبرز حقيقة، مفادها حتى الفساد يختلف إلى حد واسع في أشكاله، وتغلغله، وعواقبه. ففي البلدان الفقيرة، قد يخفض الفساد من النموالاقتصادي، ويعوق التنمية الاقتصادية، ويقوض الشرعية السياسية. وهي عواقب، تؤدي بدورها إلى تفاقم الفقر وعدم الاستقرار السياسي.وفي البلدان المتقدمة النمو، قد تكون الآثار الاقتصادية للفساد أقل حدة، بيد أنه، حتى في البلدان الغنية، لن تستخدم الموارد المسربة في تحسين مستويات المعيشة.

كما يميل الفساد إلى سوء توزيع الثروة، عن طريق زيادة نفوذ أولئك الذين لديهم استعداد ومقدرة على دفع الرشاوى، بما يلحق الضرر بمن لا يستطيع الإقدام على ذلك، وتثير القضية انشغالاً متزايداً في الكثير من البلدان المتقدمة والنامية في الوقت الحالي. وأخيراً يمكن للفساد حتى يقوض الشرعية السياسية في البلدان الديمقراطية الصناعية، وفي البلدان النامية على حد سواء، عن طريق إقصاء المواطنين العاديين من دوائر قيادتها السياسية، وجعل قيام حكومة فعالة مسألة أكثر صعوبة. ومن الممكن حتى يحدث الفساد أذىً كبيراً في البلدان، التي تمر بفترة انتنطق، مثل روسيا، حيث يستطيع، إذا ما هجر طليق السراح، حتى يقوض التأييد، الذي تحظى به الديمقراطية واقتصاد السوق.

غير حتى السجل يكشف أيضاً، حتى الفساد يبتلي البلدان، التي كان أداء اقتصادياتها طيباً نسبياً، مثل كوريا الجنوبية، واليابان، والمكسيك، حتى وقت قريب العهد، وكذلك إيطاليا.

وفي بعض النماذج، يظهر حتى الفساد في صورة المحسوبية السياسية، كان يمثل عاملاً في الاستقرار السياسي القصير الأجل، بأكثر مما يمثله في زعزعة الاستقرار، إلا حتى الفساد، الذي كان يظهر أنه ساهم في وقت من الأوقات في الاستقرار، يمكن حتى يسفر عن عكس ذلك بالضبط، بمرور الزمن، حسبما تشهد عليه الاضطرابات الكبيرة، التي حدثت مؤخراً في كوريا الجنوبية، واليابان، وإيطاليا، والسخط المتزايد، الذي يحدث في المكسيك. والأقرب إلى الصحة من ذلك، القول إنه يمكن للفساد حتى يعمل على تثبيت أحوال سياسية تتصف بالقهر، والظلم، ويفتقد فيها الجميع، باستثناء نخبة ثرية، الإمكانيات اللازمة لحماية أنفسهم من الاستغلال. وتشير الشواهد إلى حتى الفساد المتغلغل، والطليق، يعتبر موهناً من الناحية الاقتصادية في المعتاد.

- الفرص الاقتصادية، التي تتيحها الرشاوى في السوق السوداء

يتوقف الطلب على الخدمات الفاسدة ـ أي المعروض من الرشاوى ـ على حجم الدولة وهيكلها. فالرشاوى تدفع لسببين: للحصول على المنافع الحكومية، ولتجنب التكاليف. وينبغي حتى تعمل أي إستراتيجية فعالة لمناهضة الفساد على تقليل جميع من المنافع والتكاليف الخاضعين لسيطرة الموظفين العموميين، والحد من السلطة في تخصيص المكاسب وفرص الإضرار.

أ- السبب الأول :الدفع للحصول على منفعة حكومية

تقوم الحكومة بشراء وبيع السلع، والخدمات، وتوزيع الدعم، وتنظيم خصخصة الشركات الحكومية، وتقديم الامتيازات. وكثيراً ما يحتكر المسؤولون المعلومات الثمينة في هذا الشأن. وكل هذه النشاطات تخلق حوافز للفساد، وتساعد على تكوين السوق السوداء.

وعندما تكون الحكومة مشترية أومتعاقدة، تكون هناك مسببات عديدة لتقديم رشاوى للمسؤولين. فأولاً، قد تدفع شركة ما؛ لكي تدرج في قائمة مقدمي العطاءات المؤهلين. وثانياً، قد تدفع الشركة؛ لكي تجعل المسؤولين يضعون شروط العطاءات، بشكل يجعل الشركة الفاسدة هي المورد الوحيد المستوفي للشروط. وثالثاً، قد تدفع الشركة؛ ليقع عليها الاختيار للفوز بالعقد. وأخيراً، ما إذا يتم اختيار الشركة، حتى تدفع؛ للحصول على أسعار مضخمة، أولكي تتحايل على الإهمال في الجودة.

وكثيراً ما تبيع الحكومات سلعاً أوخدمات بأقل من أسعار السوق. وكثيراً ما توجد أسعار ثنائية ـ ثمن حكومي منخفض وثمن سوق حر أعلى ـ وحينئذ تدفع الشركات رشاوى للمسؤولين للتوصل إلى الحصول على الإمدادات الحكومية، التي تقل عن ثمن السوق. ففي الصين، مثلاً، يباع الكثير من المواد الخام بأسعار الدولة المدعمة، وبأسعار السوق الحرة على حد سواء.

وعندماقد يكون تقديم الائتمان وثمن الفائدة خاضعين لسيطرة الدولة، فقد تدفع الرشاوى لقاء تسهيل سبل الحصول على الائتمان. وتبين اللقاءات الشخصية، التي أجريت مع المشتغلين بنشاط الأعمال في أوروبا الشرقية وروسيا، أنه كثيراً ما تكون الرشاوى مطلوبة؛ للحصول على الائتمان. وفي لبنان، كشف مسح مماثل عن حتى القروض لا تتاح بدون دفع رشاوى.

وبالمثل، فإن أسعار الصرف المتعددة لا تعكس الثوابت الاقتصادية الأساسية، في كثير من الأحيان، ومن ثم، فإنها تفرز حوافز لدفع الرشاوى؛ للحصول على النقد الأجنبي الشحيح بأسعار طيبة. وتشير مذكرة تفاهم للبنك الدولي، بشأن باراجواي، على سبيل المثال، إلى حتى نظام ثمن الصرف المتعدد، الذي قام في ذلك البلد في الثمانينيات، أدى إلى ظهور الفساد. كما حتى تخصيص تراخيص الاستيراد والتصدير الشحيحة، يعتبر أيضاً مصدراً متكرراً للرشاوى والمحسوبية، حيث ترتبط الرشاوى بقيمة المنافع الاحتكارية الممنوحة.

كما يمكن حتى يحدث الفساد، عندماقد يكون مستوى الدعم، والمنافع المقدمة لمستحقيها، أقل بكثير من حتى تلبي حاجة جميع المستوفين للشروط، أوعندما يتوجب على المسؤولين حتى يستخدموا تقديرهم، عند اتخاذ قرار بشأن المستوفي لشروط الحصول على استحقاق ما. وقد تكون الخدمة شحيحة، لدرجة حتى يدفع الناس أموالاً لقاء إدراج أسمائهم ضمن من يحصلون عليها، أوقد تكون الخدمة بمثابة استحقاق لكل من تنطبق عليه الشروط، بحيث يدفع الناس؛ لكي يدرجوا في المجموعة المستحقة. ملحق تحليل عواقب الفساد يوضح مقارنة بين الرشاوى الطوعية والرشاوى المبتزة.

لقد تم إلغاء مفاجئ للقيود التنظيمية، التي كانت تفرضها بعض الدول على ممارسة بعض النشاطات الخاصة لإشرافها. وترتب، على هذا الإلغاء، فتح الباب أمام بعض الشركات، للقيام بعمليات تدليس، وممارسة مساوئ عديدة (ملحق فرص الفساد وعواقبه). ومن الممكن حتى يصبح المسؤولون الحكوميون، المناط بهم خصخصة الأصول العامة، من أصحاب الثروات الفاحشة، فوراً، عن طريق بيع تلك الأصول بأسعار منخفضة لقاء رشاوى، أوحتى حيازتها عن طريق أسرهم وأصدقائهم. وحقيقة، يمكن حتى تكون الفرص المتاحة أمام المسؤولين العموميين لسلوك التكسب، وتعاطي الأموال المكتسبة، خلال هذا الانتنطق، متعددة حقيقة.

ومن الممكن بيع الأسعار المحددة للمرافق المخصخصة حديثاً: الهاتف، والكهرباء، وما شابه، بشكل مربح جداً. وتصل هذه الفرص إلى ذروتها في المراحل المبكرة من الانتنطق إلى اقتصاد السوق، عندما تخصخص الشركات الاحتكارية، في كثير من الأحيان، في غيبة إطار تنظيمي فعالٍ، أوعندما يحرر النظام المصرفي، بدون وجود إشراف وافٍ من قبل السلطات النقدية.

هذا ويمكن حتى تحسن خصخصة الشركات المملوكة للدولة، من أداء الاقتصاد، وأن تقلل الفساد، في غضون ذلك. بيد حتى تحويل أصول الدولة، إلى ملاك من القطاع الخاص، يمكن حتى يخلق في حد ذاته حوافز للفساد؛ فبيع شركة كبيرة، شبه حكومية أوعامة، يماثل طرح مشروع بنية أساسية لمشروعٍ عامٍ كبير العطاءات. ولذلك فإن حوافز الانحراف الوظيفي متماثلة. فقد تدفع شركة ما؛ لكي تدرج في قائمة مقدمي العطاءات المؤهلين، أولتقييد عددهم. وقد تدفع؛ للحصول على تقويم منخفض للممتلكات العامة، التي سيتم تأجيرها أوبيعها، أولكي تفضل في عملية الاختيار. وقد تقوض بعض المعاملات الفاسدة، من منطق الكفاءة، الذي تستند إليه المبررات الاقتصادية للخصخصة، إلى غير ذلك، فلوحتى الشركات دفعت؛ للمحافظة على السلطة الاحتكارية للمنشأة، بعد انتنطقها إلى أيدي القطاع الخاص، فقد تكون النتيجة، ببساطة، حتى تتحول الأرباح من الدولة إلى الملاك الجدد، وعندئذ، قد يقابل العاملون في الشركة المخصخصة حديثاً، طلبات من الموردين والعملاء، الساعين إلى المشاركة في المنافع الاحتكارية.

ويرى البعض حتى عمليات الخصخصة في الأرجنتين كانت تتحيز لصالح بعض العملاء، الذين لديهم صلات داخلية ببعض المسؤولين، ومن المفترض حتى الخصخصة في تايلاند انطوت على دفع إتاوات وعمولات، وانطوت بعض الخصخصات في الكتلة الشرقية السابقة، على تحويلات فاسدة مماثلة. بإيجاز، فإن الرشاوى، التي تم سردها، اتىت نتيجة لتدخل الحكومات في النشاطات الاقتصادية سواء كان هذا التدخل مباشراً أوغير مباشر. لذا، فإن من أبرز الدروس المستفادة مما ذُكر، العمل على تقليص تدخل الحكومات في النشاطات الاقتصادية قدر الإمكان، والعمل على تفعيل آلية السوق؛ لحمل الكفاءة الاقتصادية.

ب- السبب الثاني: الدفع لتجنب تكبد التكاليف:

تقوم الحكومات بفرض القواعد التنظيمية، وجباية الضرائب، وإنفاذ القوانين الجنائية، ويستطيع المسؤولون تأخير من يتعاملون معهم، ومضايقتهم. وبوسعهم حتى يفرضوا التكاليف، بطريقة انتقائية، تؤثر على الموقف التنافسي للشركات في صناعة ما.

وفي ظل البرامج التنظيمية العامة، قد تدفع الشركات؛ للحصول على تفسير أفضل للأحكام، أوللحصول على تقدير في مصلحتها؛ وقد تدفع؛ لتجنب الأعباء التنظيمية أوتخفيفها، أولتوضيح الاشتراطات التنظيمية، عندما تكون القوانين غير واضحة. وقد تكون حوافز الفساد مرتفعة، بشكل خاص بالنسبة للشركات الحكومية المخصخصة حديثاً، والتي تتعامل مع وكالات تنظيمية حديثة العهد، ليس لديها سجل إنجازات طيبة. إلى غير ذلك، فإن من يقدمون المشورة إلى الاقتصاديات النامية، وتلك التي تمر بفترة انتنطق، بشأن إنشاء وكالات تنظيمية للمرافق العامة، يؤكدون على ضرورة وجود عمليات شفافة وعلنية.

وفي الحكومات الاتحادية، يمكن، للأحكام المتباينة، حتى تجعل الرشاوى مسألة يصعب تجنبها. وتروي دراسة للبنك الدولي، عن المنشآت الخاصة في البرازيل، سيرة، يحتمل حتى تكون منتحلة، وهي حتى أحد أصحاب المشاريع، الذي ذكر بأنه تلقى زيارة من مفتشين تابعين لحكومة الولاية وللحكومة الاتحادية في الوقت نفسه. وكان الهدف من الزيارة المشهجرة هوالتأكد من ضبط الشركة، وهي تنتهك واحداً، على الأقل، من قوانين الحكومتين المتباينة، بشأن هجريب أجهزة لإطفاء الحريق.

دائما ما تكون الضرائب مرهقة، ولذلك فقد تتواطأ بيوت الأعمال والأفراد، مع محصلي الضرائب؛ لتخفيض المبالغ المحصلة. وتقسم الوفورات فيما بين دافع الضرائب والمسؤول. وفي بعض أراتى أوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتي السابق، حيث تعتبر معدلات الضرائب الرسمية مرتفعة جداً، يذكر المشتغلون بالأعمال دفع رشاوى مرتفعة. وينطوي كثير من المزاعم الخاصة بالفساد على الدفع لمفتشي الضرائب. ومن المحتمل، حتى ينغمس مسؤولوالجمارك، على وجه الخصوص، في الفساد، بالنظر إلى أنهم يتحكمون في شيء، له قيمته عند الشركات، وهوسبل الوصول إلى العالم الخارجي. وتستخدم الرشاوى لتقليل التعهدات الجمركية، ورسوم التصدير، والحصول على تراخيص الاستيراد والتصدير. وقد كشفت الإصلاحات الجمركية في إندونيسيا والمكسيك، عن وجود أدلة واسعة النطاق على الفساد، "فجمارك الموانئ الجوية تعرقل ثلاثة مليارات بيزومكسيكي سنوياً". وههنا، تتطابق الوصفات العلاجية لرجل الاقتصاد ذي التوجه السوقي، مع وصفات المصلح المناهض للفساد. فسياسات التجارة الحرة تعمل على تحسين الكفاءة في معظم الظروف، وعلى تقليل مصادرة الريع الاقتصادي المتاح للمسؤولين الفاسدين. والتسامح مع الفساد، الذي يعمل على التحايل على سياسات التجارة التقييدية، يؤدي إلى اتساع نطاق التفاوتات وقلة الكفاءة. وتبين الدراسات أنه، مع ازدياد معدلات الرسوم الجمركية، تنخفض التعويضات المحصلة كحصة من التعريفات الاسمية، ويزيد التفاوت في المعدلات المدفوعة بالعمل، وتتسق هذه النتائج مع الرأي القائل بأن حوافز الفساد ترتفع مع ازدياد معدلات الضرائب والرسوم الجمركية.

- مسببات السوق السوداء في مجال الرشاوى "الفساد"

تبرز الأدبيات الأصلية الخاصة بالتكسب على قيود التجارة، باعتبارها نموذجاً رئيسياً لمصادر الريع، التي تستحثها الحكومة، فمثلاً، تؤدي القيود الكمية المفروضة على الواردات، إلى جعل تراخيص الاستيراد بالغة القيمة. وقد يحدث المستوردون، حينئذ، مستعدين لرشوة المسؤولين، الذين لهم صلة بذلك؛ من أجل الحصول عليها، وعلى الأعم، فإن حماية الصناعات المحلية من المنافسة الدولية، تولد ريعاً، قد يحدث أصحاب المشاريع المحلية على استعداد لدفع لقاء له، في شكل رشاوى.

إن وجود قدر كبير من الانفتاح في اقتصاد ما، يقاس بما يماثله من مجموع الواردات والصادرات كحصة من الناتج المحلي الإجمالي، يرتبط بشكل مهم بانخفاض درجة الفساد.

ويمكن حتىقد يكون الدعم الحكومي مصدراً للريع. ويفسر أديس ودي تيلا "1995 " الفساد باعتباره دالة للسياسة الصناعية، تبين حتى الدعم المقدم للتصنيع "مقاسه كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي"، يرتبط بالمؤشرات القياسية للفساد.

كما حتى تحديد الأسعار، "التي يمكن قياسها استناداً إلى مؤشرات مثل تلك التي كانت تستخدم في البنك الدولي في عام 1983"، يُعد مصدراً محتملاَ للريع، ومن ثم للسلوك التكسبي. فمثلاً، قد يحدث أصحاب المشاريع على استعداد لرشوة المسؤولين الحكوميين؛ للمحافظة على توفير المدخلات بأسعار أقل من ثمن السوق.

وبالمثل، فإن نظم ثمن الصرف المتعدد، ومخططات تخصيص النقد الأجنبي، التي يجوز حتى يقوم مقامها في الأهمية علاوات سوق صرف موازية، مثل تلك التي استخدمها ليفين ورينيلت 1992، تفضي إلى الريع. فمثلاً، فرضا أنه في بلد معين، عمل مديروالمصارف التجارية المملوكة للدولة، على تخصيص النقد الأجنبي، وفقاً لأوليات وضعوها بأنفسهم؛ فحينئذ قد يحدث أصحاب المشاريع في البلد، على استعداد لرشوة المديرين للحصول على النقد الأجنبي الضروري لشراء المدخلات المستوردة.

كما حتى الأجور المنخفضة في الخدمة المدنية، بالمقارنة مع أجور القطاع الخاص، أوحصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، تعتبر مصدراً محتملاً للفساد ذي "المستوى المنخفض"، تبعاً لآليات الكفاءة. أي أنه، عندما لا تدفع، للموظفين المدنيين، أجور كافية للوفاء باحتياجاتهم، فقد يضطرون إلى استخدام مناصبهم لجمع الرشاوى، وبخاصة عندما تكون التكلفة المتسقطة لضبطهم وفصلهم منخفضة. وينبغي حتى تأخذ البلدان مثل هذه الاعتبارات في حسبانها، عندما تقابل بالاختيار الصعب المتعلق بتخفيض فاتورة أجور الخدمة المدنية المفرطة، عن طريق تخفيض الرواتب أوتقليل عدد الموظفين. وتحذر إدارة الشؤون المالية، في صندوق النقد الدولي، من مخاطر التخفيض الكامل لأجور الخدمة المدنية، الذي يمكن حتى يفضي إلى ازدياد في السلوك الفاسد.

- الآثار الاقتصادية السلبية للسوق السوداء في مجال الرشاوى "الفساد"

للفساد، عدد من العواقب المعاكسة، وتشير الأدلة التجريبية الحديثة العهد، على وجه الخصوص، إلى حتى الفساد يخفض النموالاقتصادي، وقد يحدث ذلك من خلال أي قناة من نطاق عريض من القنوات.

وحيثما يوجد فساد، فإن أصحاب المشاريع يعون حتى المسؤولين الفاسدين قد يدعون حقا لهم في بعض عوائد استثماراتهم في المستقبل، وكثيراً ما يشترط دفع رشاوى، قبل إصدار التصاريح الضرورية؛ ولذلك فقد ينظر المستثمرون إلى الفساد، على أنه ضريبة ـ ولها طابع مؤذ بوجه خاص، بالنظر إلى الحاجة السرية، وإلى الريب، التي تصحبها ـ تقلل من حوافز الاستثمار. ويقدم ماورو"1995" دليلاً تجريبياً مؤقتاً، على حتى الفساد يخفض الاستثمار والنموالاقتصادي. فالآثار الإشارة هائلة في ضخامتها، ففي تحليل يستخدم مؤشرات الفساد، التي رصدتها شركة "أعمال إنترناشيونال"، تسبب تحسن في انحراف معياري واحد في مؤشر الفساد، في حتى يرتفع الاستثمار بنسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وأن يرتفع المعدل السنوي لنموحصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنصف نقطة مئوية. ويبين الدليل حتى معظم التأثيرات، التي تلحق بالنموالاقتصادي تحدث من خلال التأثيرات، التي تلحق بالاستثمار. واستخرج، كيفر وكناك "1995"، باستخدام مؤشرات قياسية للكفاءة المؤسسية، مأخوذة من "الدليل الدولي للمخاطر القطرية"؛ نتائج مماثلة بشكل عريض. وللمتغيرات المؤسسية في تقديراتهما تأثير مباشر مهم على النمو، إضافة إلى التأثير غير المباشر، الذي يحدث من خلال الاستثمار.

ويحاج مورفي وشيلفر وفيشني "1991"، أنه في الحالات، التي يوفر فيها التكسب فرصاً أجزى مما يوفره العمل المنتج، فإن تخصيص المواهبقد يكون أسوأ. فمن المحتمل، حتى ينغمس الأفراد الموهوبون الحاصلون على تعليم عالٍ، في التكسب بأكثر من انغماسهم في الأعمال الإنتاجية، بما لذلك من عواقب معاكسة، على معدل نموبلادهم.

ومن بين الأمور المهمة الوثيقة الصلة بذلك، بالنسبة للبلدان النامية على وجه الخصوص، إمكانية تقليل الفساد لفعالية تدفقات المعونة. وذلك حتى الفساد يؤدي إلى تحويل وجهة الأموال عن مشاريعها المستهدفة. وقد استطلعت الأدبيات الهائلة، الموضوعة عن تدفقات المعونة، هل قابلية موارد المعونة للاستبدال بمستحقات مماثلة، تسفر، في نهاية الأمر، عن استخدام تدفقات المعونة في تمويل مصروفات عامة غير إنتاجية. ومن المحتمل حتىقد يكون الكثير من البلدان المانحة قد ركز، بشكل متزايد، نتيجة لهذا الحوار المستمر، على قضايا أساليب الحكم الصالحة، وأن بعض المانحين قاموا بتخفيض مساعداتهم تدريجياً، في بعض الحالات، التي اعتبرت فيها أساليب الحكم سيئة جداً.

كما حتى الفساد قد يحدث خسائر في الإيرادات الضريبية، عندما يتخذ شكل التهرب من الضرائب، أوإساءة استخدام الإعفاءات الضريبية. ولا تدخل هذه الظاهرة، على وجه الدقة، في تعريف الفساد، إلا عندما يدفع مبلغ نظير للمسؤول الضريبي المعني.

ومن الممكن حتىقد يكون للفساد، عواقب معاكسة على الميزانية، من جراء تأثيره على الحصيلة الضريبية أوعلى مستوى الإنفاق العام. ومن ناحية أخرى، فحيثما يأخذ الفساد شكل إساءة استخدام مؤسسات القطاع العام المالية للإقراض الموجع، المشفوع بثمن فائدة أقل من ثمن السوق، فإنه قد يسفر عن وضع نقدي رخوغير مستحب.

وقد يفضي تخصيص عقود التوريدات العمومية، عن طريق نظام فاسد، إلى تدني البنية الأساسية والخدمات العمومية. فمثلاً، قد يسمح البيروقراطيون الفاسدون باستخدام مواد رخيصة، من دون المعايير المحددة في تشييد المباني أوالجسور.

كما تتسبب بعض أشكال الفساد الحكومي إلى إلحاق الضرر بميزان المدفوعات، إذا كانت الشركات المتعاقدة مع الحكومة أجنبية. حيث يتم ترسية العقود عليها بمبالغ عالية، وهذا يعمل على إحداث خلل في الميزان التجاري، بزيادة الواردات عن القيمة الحقيقية لها، والذي يؤدي إلى إلحاق الضرر في ميزان المدفوعات.

وأخيراً، قد يؤثر الفساد على بنية الإنفاق الحكومي. فقد ينتهي الأمر، بالمسؤولين الحكوميين الفاسدين، إلى تفضيل تلك الأنواع من الإنفاق، والتي تسمح لهم بجمع الرشاوى والمحافظة على سريتها. ويلمح إلى حتى الإنفاق الكبير على بنود متخصصة، مثل القذائف والجسور، والتي يصعب تقدير قيمتها السوقية المضبوطة، يفضي إلى إتاحة مزيد من الفرص المربحة للفساد. كما قد تكون فرص جبي الرشاوى أوفر، فيما يتعلق بالبنود، التي تنتجها شركات، تعمل في أسواق احتكار القلة، حيث يتوافر الريع. وقد يتسقط المرء بداهة، حتىقد يكون جمع الرشاوى الضخمة أسهل في مشاريع البنية الأساسية الكبيرة، أومعدات الدفاع ذات الطابع التكنولوجي المرتفع؛ منه، فيما يتعلق بالخط المدرسية ورواتب المدرسين. فمثلاً، يحاج هاينز "1995" بأن التجارة الدولية في الطائرات عرضة للفساد بوجه خاص. والصورة الأقل جلاء في مجالات أخرى، مثل الصحة، فقد تكون فرص جمع الرشاوى وافرة في توريد مباني المستشفيات وأحدث المعدات الطبية، ولكنها قد تكون محدودة، بشكل أكبر، في دفع رواتب الأطباء والمسقمين.

والأعمال التجريبية المتعلقة بالروابط المحتملة، بين الفساد وبنية الإنفاق الحكومي، محدودة للغاية. ومن بين المساهمات القليلة في هذا الصدد، يحلل راوش "1995" كلا من محددات بنية الإنفاق الحكومي وآثاره، في عينة من مدن الولايات المتحدة الأمريكية؛ فيجد حتى موجة الإصلاحات البلدية، خلال "العهد التقدمي"، زادت من الحصة المخصصة للاستثمار في الطرق والصرف الصحي، في إجمالي الإنفاق البلدي، وهوما زاد بدوره، من النموفي العمالة في التصنيع في تلك المدن. ويحلل البعض هذه القضية غير المستكشفة نسبياً، من خلال البيانات المجمعة من قطاع مستعرض من البلدان، ويتوصل إلى مرشد مؤقت على حتى الفساد قد يقلل من الإنفاق الحكومي على التعليم، كحصة من الناتج المحلي الإجمالي.

- التعاون الدولي لمكافحة الرشاوى "الفساد"

الرشاوى "الفساد" أصبحت معضلة دولية، تتطلب عملاً وجهداً كبيرين، من جانب الكثير من البلدان والمنظمات الدولية. والمتعارف عليه عالمياً هوانتشار الفساد في البلدان النامية، حيث تكون الأجهزة التشريعية والرقابية محددة الصلاحيات، وغالباً ما تكون أقل نفوذاً من مثيلاتها في البلدان المتقدمة. وفيما يلي، نعرض أبرز ما تم اتخاذه على المستوى الدولي لمكافحة الفساد:

أ- في نهاية مارس 1996 أقرت منظمة الدول الأمريكية اتفاقية البلدان الأمريكية لمكافحة الفساد، والتي سقطتها حتى نهاية السنة الحالية 23 دولة أعضاء المنظمة.

ب- وفي مارس أيضاً، اعتمد المجلس التطبيقي لغرفة التجارة الدولية، تقريراً يقترح فرض قواعد سلوك صارمة؛ من أجل التقيد التنظيمي الذاتي للشركات، ويتضمن توصيات تكميلية، بشأن الإجراءات، التي تتخذها الحكومات والمنظمات الدولية.

ج- وفي يونيه 1996، أعرب البنك الدولي التنقيحات، التي أدخلها على مبادئه التوجيهية؛ بهدف التحوط من الفساد في التوريدات المقدمة للمشاريع، التي يمولها. وأدان جيمس ولفنسون رئيس البنك الدولي، وميشيل كاماديسو، المدير التطبيقي لصندوق النقد الدولي، الفساد علانية، خلال الاجتماعات السنوية المشهجرة، في أواخر تلك السنة، وتعهدا بإعطاء أولوية أكبر لمكافحته في برامجهما.

د- وفي ديسمبر، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلاناً، يطلب، إلى الدول الأعضاء، حتى "تتخذ إجراءات فعالة وملموسة لمكافحة جميع أشكال الفساد والرشوة، وما يتصل بذلك من الممارسات المحرمة في المعاملات التجارية الدولية".

هـ- وفي ديسمبر أيضا، وافقت منظمة التجارة العالمية، في اجتماعها الوزاري الأول في سنغافورة، على الاضطلاع بدراسة عن الشفافية والإجراءات الواجبة، في إرساء عقود التوريدات الحكومية، كخطوة أولى صوب تقليل الفساد في تلك الأسواق.

و- وفي مايو1997، اعتمدت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، توصية تلزم الدول الأعضاء بالتفاوض بنهاية عام 1997، حول اتفاقية، تجرم الرشوة الدولية، وتدعوها إلى حتى تنفذ على الفور التوصية السابقة، التي تطالب بإنهاء إمكانية خصم الرشاوى من الضرائب.

ومن العلامات الإضافية على المعارضة المتنامية للفساد، ذلك النموالسريع في منظمة "الشفافية الدولية"، وهي منظمة غير حكومية، مقرها في برلين، أنشئت في عام 1993م؛ لمكافحة الفساد الدولي. ففي أقل من أربع سنوات، أقامت المنظمة شبكة تضم أكثر من 60 فرعاً وطنياً في جميع أنحاء العالم.

ومن السمات اللافتة للنظر، في الجهود الأولية المبذولة لمكافحة الفساد في مختلف أنحاء العالم، ذلك الدور، الذي تقوم به البلدان النامية والاقتصادات، التي تمر بفترة انتنطق، والتي أدركت الخطر، الذي يخلفه الفساد بالنسبة لإصلاحاتها السياسية والاقتصادية الحديثة العهد. بيد حتى الكثير من هذه البلدان يشعر بالقلق أيضاً؛ لأن قضايا الفساد استخدمت لحرمانها من سبل الوصول إلى الأسواق الدولية أورؤوس الأموال.

لهذا السبب، تعارض بعض البلدان النامية، إدراج اتفاق عن الشفافية في التوريدات الحكومية في منظمة التجارة العالمية، وتعرب عن قلقها، بشأن مدى ما ينبغي حتى تعلق به قروض البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، على اشتراط الإصلاحات المناهضة للفساد. كما كانت هناك مقاومة، في البلدان الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، لتجريم الرشوة؛ لأن بعض الشركات تكره حتى تنبذ ما تعتبره أداة مفيدة في المنافسة التجارية الدولية والمبادرات المعدة آنفاً، أومجرد خطوات أولى مفيدة. ولذلك فلا يزال الطريق إلى التطبيق الكامل والمخلص طويلاً وشاقاً.


تهريب رؤوس الأموال

إن هروب رؤوس الأموال من الدول النامية، يؤدي إلى تعقيد معضلة المديونية بالنسبة إليها، فمن ناحية يصبح من الصعب إقناع الدول الدائنة بزيادة الإقراض الجديد لهذه الدول، ومن ناحية أخرى يصبح أيضا من الصعب إقناع الدائنين بخفض الديون القائمة، وذلك حينما تهجر هذه الدول نسباً جوهرية من الإقراض الجديد، لتعود مرة أخرى إلى الدول الدائنة في شكل هروب لرأس المال.

إن السبب الرئيسي في هروب رأس المال إلى الخارج، هوالتدخل الحكومي في حركة رأس المال، حيث تلجأ بعض الحكومات، في الدول النامية، إلى فرض قيود على حركة رأس المال، دخولاً وخروجاً. ومن المعلوم حتى رأس المال يبحث، دائماً، عن العائد الأعلى في أي مكان في العالم. لذا فإن قيوداً على حركة رأس المال في بلد ما، مع وجود فرص أفضل في أماكن أخرى من العالم؛ ستفضي حتماً إلى تهريب رأس المال.

وتوجد سبل عديدة لهروب رأس المال إلى الخارج. فقد يتم الهروب بشكل مباشر، أوبشكل غير مباشر. كما قد تتضمن العملية أكثر من طرف، وفي بعض الأحيان أكثر من دولة، وذلك قبل حتى تصل رؤوس الأموال إلى الدولة المقصودة، ولعل أبسط أشكال هروب رؤوس الأموال إلى الخارج هوالهروب في شكل نقدي، سواء في صورة عملة محلية أوأجنبية، وربماقد يكون الدافع الأساسي للتهريب بهذه الطريقة هوالسرية، حيث قد تتمثل المصادر الرئيسية لهذه الأموال في المعاملات التجارية غير القانونية، أوالرشاوى، أوالتهرب الضريبي. كما قد يتم هروب رؤوس الأموال من خلال التهريب السلعي. كذلك، من المتعارف عليه، حتى الرشاوى والعمولات على الصفقات الضخمة من الأمور الشائعة في الأعمال التجارية الدولية، والتي غالباً ما تجد طريقها إلى الخارج؛ خشية انكشاف أمرها. كذلك فقد يشارك المصدرون والمستوردون في عملية تهريب الأموال، وذلك من خلال عمليات تزييف الفواتير في معاملات التجارة الخارجية، إما من خلال المغالاة في قيمة الواردات، أومن خلال إبخاس قيمة الواردات. كما قد تتم عمليات الهروب، من خلال الترتيبات المتبادلة بين المقيمين في دولتين أوأكثر، وذلك من خلال الإقراض والاقتراض، في آن واحد، بين طرفين داخل وخارج الدولة. ويضاف إلى هذه الأدوات أداة أخرى لهروب رؤوس الأموال، وهي هروب رؤوس الأموال إلى الخارج، من خلال استيراد السلع المعمرة. ذلك حتى المغالاة في معدل الصرف الأجنبي، مع وجود قيود على تحركات رؤوس الأموال، تؤدي إلى زيادة التسقطات حول نقص قيمة العملة مستقبلاً، واستجابة لهذه التسقطات، يقوم المستثمرون، في هذه الدول، بزيادة وارداتهم من السلع المعمرة، والسلع الرأسمالية؛ لتحقيق أرباح حينما تتحقق تسقطاتهم.

وعلى الرغم من حتى هروب رؤوس الأموال يتم أساساً بدافع الاستثمار في أصول خارجية، فإنه، عادة، ينظر إليه على أنه معاملة غير قانونية، وقد يرجع ذلك إلى حتى هروب رؤوس الأموال يعد مخالفة لقوانين الرقابة على انتنطقات رأس المال المفروضة بواسطة السلطات.

عهد هروب رؤوس الأموال بأنه يضم جميع الأصول الخارجية المسجلة وغير المسجلة، بما في ذلك مشتريات الأصول المالية الأجنبية والاستثمار الأجنبي المباشر، إضافة إلى الأصول الحقيقية المملوكة للقطاعات البنكية وغير البنكية، سواء كانت عامة أوخاصة، وهوما يسمى بالمفهوم الواسع للهروب.

ويعهد هروب رؤوس الأموال بأنه الأصول الخارجية المملوكة بواسطة القطاع الخاص، والتي لا تولد دخلاً مسجلاً في ميزان المدفوعات للبلد، وهوالمعيار الذي استخدم للتفرقة بين ما يمكن اعتباره تدفقاً عادياً لرأس المال، وما يمكن اعتباره هروباً له. باعتبار حتى هروب رأس المال يعود، في أحد أسبابه، إلى عمليات تعديل محفظة الأوراق المالية، والناتجة عن تدهور غير عادي في عوائد و/أوالمخاطرة المرتبطة بمحفظة الأوراق المالية، الخاصة بالأصول الموجودة في الداخل والخارج.

-الآثار السلبية لهروب رؤوس الأموال:

1- الأثر على الاستثمار وفرص النموفي المستقبل

يعكس هروب رؤوس الأموال فروقاً بين معدلات العائد الخاص والعائد الاجتماعي على رأس المال المستثمر.

ومما لا ريب فيه، حتى رأس المال يعد من العناصر الحيوية للتنمية في الدول النامية، وهروب مثل هذا العنصر النادر، لن يساعد هذه الدول على حتى تقابل الاحتياجات التمويلية لبرامج الاستثمارات اللازمة للتنمية الاقتصادية. كذلك من المعلوم حتى نقص موارد الصرف الأجنبي سمة من السمات الشائعة للاقتصاديات النامية. وحينما يستخدم النقد الأجنبي لتمويل عمليات هروب رؤوس الأموال إلى الخارج، فإن مستويات الواردات يفترض أن تتأثر، سواء كانت ورادات رأسمالية أووسيطة. وهذا ما يؤثر على مستويات نموالناتج القومي لهذه الدول.

وقد قدم باستور "1990" دليلاً عملياً على حتى هروب رؤوس الأموال كان من الممكن حتى يزيد معدل النموفي المكسيك، بمعدل 2% ـ 4%، وذلك إذا ما تم الاحتفاظ بهذه المدخرات في الداخل، ولم تخرج في صورة هروب لرأس المال.

2- الأثر على القاعدة الضريبية

يؤدي هروب رؤوس الأموال إلى الإقلال من الإيرادات الحكومية من نواح عديدة. فالآثار السلبية للهروب على النموتقلل من القاعدة الضريبية، ومن حصيلة الضرائب. وكذلك فإن هروب رؤوس الأموال يقلل من رصيد الثروة والدخول، مما يعني تآكل القاعدة الخاضعة للضريبة.

ويؤدي انخفاض القاعدة الضريبية إلى مزيد من عجز الميزانية العامة للدولة، ومن ثم الميل نحوالمزيد من الاقتراض؛ للوفاء باحتياجات الإنفاق العام. وإذا لم تكن مصادر الاقتراض المحلي كافية، فقد تلجأ الحكومة إلى فرض المزيد من الضرائب سهلة التحصيل، مثل ضريبة المبيعات، أوقد تلجأ الحكومة إلى التمويل التضخمي، على حتى لجوء الحكومة إلى التمويل التضخمي، يفترض أن يؤدي إلى مزيد من هروب رؤوس الأموال إلى الخارج.

3- الأثر على السياسة النقدية

قد يحدث الأثر الكامن لهروب رؤوس الأموال على السياسة النقدية خطيراً، خصوصاً في أوقات الأزمات، فالأزمات السياسية أوالاقتصادية يفترض أن يترتب عليها مزيد من هروب رؤوس الأموال. وللقاءة هذا الهروب قد تتخذ مجموعة من الإجراءات؛ لتعديل أدوات السياسة النقدية، بما فيها التعديل السريع لمعدلات الفائدة والصرف الأجنبي، فإذا كان معدل الفائدة حراً يخضع لظروف العرض والطلب، فإن التسقطات المتزايدة حول تخفيض قيمة العملة، يفترض أن تدفع معدلات الفائدة إلى الارتفاع، وذلك لمحاولة تقليل هروب رؤوس الأموال. كما قد يترتب على ذلك تدهور الاحتياطات الدولية للدولة لمحاولة تثبيت معدل الصرف، وما يصاحب ذلك من انخفاض في عرض النقود.

الآثار التوزيعية لهروب رؤوس الأموال

يمكن توضيح الآثار التوزيعية لهروب رؤوس الأموال، من خلال تحركات معدل الصرف الأجنبي. فمن المعلوم، حتى معدل الصرف الأجنبي، بشكل عام، مغالى فيه، في حالة الدول النامية، ويفرض هروب رؤوس الأموال ضغوطاً نحوتعديل معدلات الصرف؛ لتخفيض قيمة العملة المحلية، والعكس في حالة الأصول المقدمة بالعملة المحلية.

كذلك يمكن توضيح هذه الآثار من الناحية الضريبية، حيث يؤدي هروب رؤوس الأموال إلى جعل النظام الضريبي غير عادل في توزيع الأعباء الضريبية، إذ سيقع معظم العبء الضريبي على الأفراد ذوي الدخول المنخفضة.

الأشكال المتنوعة لهروب الأموال إلى الخارج:

  • إيداع الأموال الناتجة عن عمليات أونشاطات ممنوعة قانوناً، في البنوك الخارجية، مثال ذلك الأموال الناتجة عن التهريب والمتاجرة في السلع الممنوعة قانوناً، ومعاملات الأسواق السوداء وغيرها.
  • إيداع مبالغ نقدية من قيمة الديون الخارجية المقترضة من الخارج، بأسماء أفراد في بنوك خارجية في شكل عمولات أورشاوى، في حالة صفقات استيراد المواد الغذائية، وصفقات السلاح، والبترول وغيرها.
  • إنشاء فروع لشركات خارجية وهمية؛ لتحويل الأموال إلى الخارج.
  • التلاعب في قيم فواتير الصادرات والواردات، بالاتفاق بين المصدرين والمستوردين، وإيداع الفرق بين القيم الحقيقية المدونة بالفواتير في حسابات أفراد بالبنوك الأجنبية. ولا يخفى حتى ذلك ينعكس بشكل مباشر على قيمة حصيلة الصادرات والمدفوعات، فتقل عن الواردات في ميزان المدفوعات.
  • إيداع بعض أموال حصيلة مدخرات العاملين بالخارج في بنوك خارجية، وعدم استفادة الدولة من هذه الأموال، التي لم تدخل إلى البلاد من البداية، ومن ثم لم تخرج منها، إلا أنها تبدوفي حكم الأموال الهاربة، لعدم قدرة البلاد على الاستفادة منها، سواء بشكل مباشر أوغير مباشر.

أسباب هروب الأموال:

  • انتشار الفساد السياسي والإداري، والرشوة، ومصادر الكسب غير المشروع، وضعف أجهزة الرقابة، واستغلال النفوذ السياسي، والعمولات، والسمسرة، والتربح من الوظائف العامة؛ وهذا ما يدعوإلى إبعاد هذه الأموال عن المخاطرة الداخلية، التي يمكن حتى تتعرض لها في حالة تعقب السلطات الأمنية والرقابية لها في المستقبل.
  • تدخّل الحكومة في النشاطات الاقتصادية، وخاصة في فرض قيود على حركة رأس المال من الدولة وإليها، مع وجود فرص أفضل، ومشجعة للاستثمار في الدول الأجنبية، مثل الأمان من المخاطر، وارتفاع معدلات الأرباح والفوائد على الودائع، ووجود نظم تأمين على الودائع، ونظم سرية الحسابات المصرفية، وتعدد وتنوع فرص الاستثمار، وعدم وجود ضرائب مرتفعة على دخول غير المقيمين، مع وجود استقرار سياسي، واقتصادي، واجتماعي، ومناخ مناسب للاستثمار بشكل عام.
  • وجود ركود أوكساد اقتصادي في الدول النامية، وارتفاع أعباء الفائدة على القروض، وانخفاض العائد الحقيقي على الودائع في ظل التضخم، وعدم استقرار السياسات الاقتصادية، وارتفاع أعباء الضرائب المباشرة وغير المباشرة... الخ.
  • تضاؤل فرص الاستثمار، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وانخفاض قيمة العملة الوطنية، ووجود نظم الرقابة على النقد، والأسواق السوداء للعملات الحرة وغيرها، مما يؤدي إلى عزوف المدخرين عن توظيف أموالهم داخل البلاد، وتفضيل توظيفها خارج الحدود للاستثمار في الأصول الأجنبية.
  • المعوقات الإدارية، والإجراءات المتشددة للحصول على التراخيص وتخليص الجمارك، والمحاسبة الضريبية، وتعسف أجهزة التفتيش، والرقابة، والمتابعة، وتعددها وتضارب اختصاصاتها، والتعرض لمخاطر تنازع الجهات السياسية، على حقوق التراخيص بمزاولة النشاط، واحتمالات إزالة المشروع الاستثماري، والانتظار طويلاً لإجراءات التقاضي والمنازعات المدنية حول الحيازة والملكية... الخ.


النقد الأجنبي

تنشأ السوق السوداء للنقد الأجنبي، عندما تتدخل الحكومة في سوق ثمن الصرف، وتقيم عملتها بثمن يفوق الثمن السوقي، أوبعبارة أخرى، تقوم بتحديد سقف ثمني للعملات الأجنبية لقاء العملة المحلية (انظر شكل التسعيرة الجبرية للعملات). افترض حتى قوى العرض والطلب تتعادل، عندماقد يكون ثمن صرف العملة المحلية لقاء الدولار الأمريكي مساوياً So والكمية Mo. افترض حتى الحكومة حددت ثمن الصرف ليصبح S والذي هوأقل من So، أي حتى العملة المحلية أصبحت أغلى من الثمن، الذي تتعادل عنده قوى العرض والطلب. هذا بدوره يؤدي إلى خلق طلب أعلى من العرض، الذي توفره الحكومة للدولار الأمريكي، مما يعمل على نشأة سوق سوداء لتلك العملة،قد يكون فيها تقويم الدولار الأمريكي أعلى من تقييم الحكومة له، والفارق بين الثمن الحكومي وثمن السوق السوداء هوS - So.

قبل اتباع سياسات الإصلاح الاقتصادي في مصر، وجدت سوق سوداء لكل شيء، تقريباً، يقع تحت سيطرة الحكومة. ولعل أبرز هذه الأشكال هي السوق السوداء للنقد الأجنبي، والتي ضمت عدداً ضخماً من المتعاملين، الذين انتشروا عبر أراتى مصر كلها، كما كانوا يتعاملون بكل أنواع العملات الأجنبية، وبصفة خاصة الدولار الأمريكي. ولقد كانت السوق السوداء للنقد الأجنبي أكبر نشاطات الأعمال في مصر، وكذلك أكثرها ربحا حقيقياً. أكثر من ذلك، فإنه على الرغم من الصفة غير القانونية للسوق، فإنها كانت تعمل في ظل ظروف معقولة، من حيث درجة الأمان المحيطة بالمتعاملين في السوق، وذلك بسبب انخفاض درجة السيطرة، فضلاً عن صعوبة الرقابة على مثل هذه المعاملات غير القانونية من جانب السلطات. وقد بدأت السوق السوداء للنقد الأجنبي في أعقاب تبني سياسة الرقابة على الصرف الأجنبي، بعد قيام الحرب العالمية الثانية. ولقد مثلت المناطق الحضرية الرئيسية، وكذلك مناطق الجذب السياحي الرئيسي في البداية، المراكز الأساسية التي يوجد فيها المتعاملون، بالنقد الأجنبي في السوق السوداء، للنقد الأجنبي في مصر. غير أنه بحلول منتصف السبعينيات، بدأت الهجرة على نطاق واسع إلى الدول العربية النفطية، والتي ضمت مهاجرين من جميع أنطقيم مصر، ومن مختلف الأعمار، والمستويات المهنية، والوظيفية. ولقد أخذ هؤلاء المهاجرون يضخون كميات ضخمة من النقد الأجنبي في جميع الأنطقيم الجغرافية، مما أدى إلى اتساع السوق بدرجة كبيرة.

واستجابة لهذا النمو، في حجم المعاملات في السوق السوداء للنقد الأجنبي، قامت الحكومة باتخاذ مجموعة من الإجراءات هي:

  • إلغاء حرية الحيازة، والتعامل في النقد الأجنبي.
  • زيادة العقوبات على التعامل في السوق السوداء.
  • استخدام أدوات السياسة الاقتصادية الملائمة للحد من التعامل بالنقد الأجنبي.

ففي عام 1968، حدثت بعض التحولات في السياسة الاقتصادية، من حيث السماح للأفراد والأعمال باستيراد احتياجاتهم من الخارج، في حدود معينة باستخدام مواردها الخاصة من النقد الأجنبي، من دون التزام من جانب الحكومة بتوفير النقد الأجنبي اللازم لعملية الاستيراد، وهوما عهد، فيما بعد، بنظام الاستيراد من دون تحويل عملة. وعندما تبنت الدول سياسة الانفتاح الاقتصادي، تم إعادة حق حيازة النقد الأجنبي والتعامل به، من خلال البنوك المسموح لها بذلك. ففي عام 1973م، تم إنشاء السوق الموازية للنقد الأجنبي، لجذب تحويلات المصريين العاملين في الخارج، وكذلك توجيه الإنفاق السياحي نحوالقنوات الرسمية للنقد الأجنبي، وذلك عن طريق منح هذه المعاملات معدلات صرف تشجيعية، من خلال إضافة علاوة تشجيعية إلى معدل الصرف الرسمي. إلا حتى عملية إدارة معدل الصرف في السوق الموازية للنقد الأجنبي، سارت على نفس نمط إدارة معدل الصرف الرسمي في السابق؛ ولذلك فشلت السوق الموازية في تعبئة موارد النقد الأجنبي المتاحة لدى المصريين العاملين في الخارج، وكذلك فشلت في جذب السائحين نحواستخدام السوق الرسمية، في تحويل ما لديهم من نقد أجنبي. فقد كانت معدلات الصرف في السوق الموازية ثابتة تقريباً، وفشلت في حتى تجاري تحركات معدل الصرف في السوق السوداء. وإذا ما نظرنا إلى مصادر العرض للنقد الأجنبي في السوق السوداء، فإننا نجد حتى إنفاق السائحين كان هوالمصدر الرئيسي لموارد النقد الأجنبي في السوق السوداء، وذلك استجابة للفروق بين معدلات الصرف الرسمية ومعدل الصرف في السوق السوداء. كذلك فقد مثلت عمليات تزييف فواتير التجارة الخارجية، سواء خلال المغالاة في قيمة الواردات، أومن خلال إبخاس الواردات، أي إظهار الصادرات بأقل من قيمتها الحقيقية، مصدراً مستمراً لتدفقات النقد الأجنبي في السوق السوداء، وذلك إذا ما استثنينا فترة الستينيات، حيث تقلصت أهمية هذا المصدر؛ بسبب احتكار الحكومة لعمليات التجارة الخارجية في هذه الفترة. غير أنه، مع تبني سياسة الانفتاح الاقتصادي، تم إرخاء احتكار الحكومة لمعاملات التجارة الخارجية بصورة متتابعة، مما أدى إلى عودة عمليات التزييف بصورة أكبر مما سبق. حتى أصبحت أبرز المشاكل، التي تقابلها هيئة الرقابة على الصادرات والواردات. ومنذ منتصف السبعينيات، أصبحت تحويلات المصريين العاملين في الخارج أبرز مصادر النقد الأجنبي، والتي قدرت بحوالي 30 مليار جنيه سنوياً، كان يتدفق منها 10 % فقط في المتوسط، من خلال القنوات الرسمية. أما النسبة الباقية فإنها وجدت طريقها إلى السوق السوداء للنقد الأجنبي. غير أنه، مع تبني سياسات الإصلاح الاقتصادي، بصفة خاصة، فيما يتعلق بمعدل الصرف الأجنبي، ومعدلات الفائدة على الجنيه المصري، فإن تحويلات المصريين العاملين في الخارج أخذت في التزايد، حتى بلغت 11 مليار جنيه حالياً.

أما فيما يتعلق بمصادر الطلب على النقد الأجنبي في السوق السوداء، فإن مصدر الطلب الرئيسي يتمثل في تمويل عمليات الاستيراد السلعي من الخارج، سواء لتمويل عمليات التهريب السلعي، أوما كان يطلق عليه سابقاً تجارة الشنطة، أولتمويل عمليات الاستيراد، بدون تحويل عملة. فوفقاً لنظام الاستيراد بدون تحويل عملة، يتم منح تراخيص الاستيراد للمستوردين، الذين يثبتون حتى لديهم كميات كافية من النقد الأجنبي، بدون مساءلة عن مصادر هذه الأموال.

ومما لاشك فيه، حتى عمليات تمويل تجارة المخدرات، تتم أساساً بالاعتماد على السوق السوداء للنقد الأجنبي. كذلك فإن، هناك، طلباً قوياً على النقد الأجنبي، من جانب الأفراد، الذين يرغبون في شراء أصول مالية مقومة بالنقد الأجنبي، حيث ازداد الطلب على النقد الأجنبي؛ لأغراض الاستثمار في محفظة الأوراق المالية، في الفترات، التي كانت فيها معدلات الفائدة على الجنيه المصري ثابتة وسالبة من الناحية الحقيقية، كإحدى إستراتيجيات تنويع المخاطر المالية للمستثمرين المصريين. كذلك فإن الطلب على النقد الأجنبي؛ لأغراض تهريب الأموال، قد تزايد بصورة واضحة في أعقاب فترة الانفتاح، والذي قدر بحوالي 500 مليون دولار سنوياً.


تزييف العملة

يعتبر نشاط تزييف الدولارات الأمريكية من المصادر المتاحة، للحصول على دخول غير مشروعة بواسطة عصابات دولية، تتولى الطبع، والتزييف، والترويج في دول متعددة في مختلف أنحاء العالم، تعمل في نشاط السوق السوداء، على الرغم من حرص جميع دولة، على تضمين عملتها السليمة في مراحل صنعها، عناصر أمن تقابل ماكينات تصوير المستندات متعددة الألوان. ويمثل تزييف العملة بطريقة الطباعة بأكلاشيهات مصطنعة، أخطر طرق التزييف، بسبب اعتماد العملات السليمة في إنتاجها على أسلوب الطباعة أيضاً، وبذلكقد يكون التزييف قد اقترب من المستوى العالمي للإتقان، الذي يمكن به خداع الشخص العادي وقبول الأوراق المزيفة، على أساس أنها سليمة، ويجني المزورون أموالاً ضخمة تتحقق في السوق السوداء.

ويعتبر الدولار الأمريكي أكثر عملات العالم، التي يتم تزييفها على المستوى الدولي، نظراً لعدم توافر الإجراءات الأمنية الفعالة، التي تقابل عملية تقليد الدولار؛ حيث يتكون من لونين فقط هما اللون الأسود واللون الأخضر، ولا يوجد تداخل بينهما في أي مكان من الورقة المالية. وذلك إضافة إلى حتى الدولار الأمريكي يعتبر أكثر العملات قبولاً في جميع دول العالم، باعتباره عملة عالمية قابلة للتحويل، ومقبولة من جميع الأفراد، والبنوك، والمشروعات في جميع دول العالم حالياً، بسبب القوة الاقتصادية للاقتصاد الأمريكي، ومن ثم العملة الأمريكية.

وتصدر الولايات المتحدة، سنوياً، ما يزيد على أربعمائة مليار دولار أمريكي، منها 23% فقط يتداول داخل الولايات المتحدة الأمريكية، أما الـ 77% الباقية، فيتم طرحها للتداول خارج الولايات المتحدة الأمريكية، وقد استطاعت مصر ضبط بعض العصابات الدولية، التي تتولى تقليد وتزييف الدولار الأمريكي من فئة الدولار الواحد، وضبطت ماكينات الطباعة والأدوات المستخدمة في عملية التقليد، وتم التحفظ على 1.5 مليون دولار أمريكي مزور عام 91ـ1992.

ونظراً لأن العملات الدولارية من فئات مائة دولار، و50 دولاراً تعتبر أكثر الفئات تعرضاً للتزييف، فقد لجأت وزارة المالية الأمريكية إلى اتخاذ بعض الإجراءات الجديدة؛ للحد من سهولة عمليات طباعة النقد المزيف، وذلك عن طريق وضع سلك من البولياستر مدمج داخل نسيج الورقة، على يسار ختم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ومطبوع على الخيط اختصار اسم الولايات المتحدة الأمريكية باللغة الإنجليزية U. S. A.، مع كتابة قيمة الورقة بجانب هذه الحروف في نسق عمودي متكرر، وغير قابل للتصوير بواسطة ماكينات النسخ الملونة.

كما لجأت وزارة المالية الأمريكية كذلك، إلى كتابة اسم الولايات المتحدة الأمريكية باللغة الإنجليزية، معادة بحروف صغيرة جداً حول صورة الرئيس الأمريكي المطبوعة على الورقة المالية، ولا يمكن قراءة هذه الحروف بالعين المجردة.

وتشير التقارير الحديثة إلى حتى التزوير يتحول من الدولار، أوالمارك، أوالين إلى تزوير الشيكات، والسندات والأوراق المالية الأخرى؛ حيث وجه الإنتربول الدولي تحذيراً إلى الأسواق المالية في دول الخليج، من انتشار سندات مزورة صادرة عن النرويج، قيمتها 15 مليون دولار صادرة في شهر يونيه 1994م، وتحمل أرقاماً تبدأ من 95501 إلى 100000، إضافة إلى 94 سنداً، تحمل أرقاماً من 401 إلى 494.

ونطق الإنتربول الدولي إذا شركات وهمية تتولى ترويج هذه السندات، وكذلك الحال بالنسبة لتزوير الشيكات المصرفية، خاصة شيكات الرواتب والتعويضات، التي تضاعفت عملية تزويرها خمس مرات عام 1994م، وارتفعت بمعدل 50% في نيويورك عام 1993.


التهرب الضريبي

إن أول وأهم الآثار السلبية المترتبة على وجود الاقتصاد الخفي، هي حتى جانباً من الدخل، الذي يتم توليده داخل الاقتصاد لا يدفع عنه ضرائب. ويحدث ذلك عندما لا يقوم الأفراد بالكشف عن دخولهم وطبيعتها، أوطبيعة وظائفهم، التي يقومون بها، أوكليهما للسلطات الضريبية. كذلك فإن هناك بعض أشكال الضرائب، مثل ضريبة القيمة المضافة وضريبة المبيعات، لا يتم تحصيلها نتيجة التهرب الضريبي، وعندما يصبح حجم الاقتصاد الخفي جوهرياً، فإنه يؤدي إلى فقد جوهري في الإيرادات العامة. ويترتب، على الفقد في الإيرادات الناتج عن التهرب الضريبي، زيادة مستويات الضرائب على النشاطات التي تتم في الاقتصاد الرسمي، أي حتى معدلات الضرائب، التي يتم جمعها على الدخول المسجلة تصبح أكثر من اللازم. كذلك فإن الإيرادات الحكومية ستكون أقل من القدر، الذي يجب حتى تكون عليه. ومن ثم يزداد عجز الموازنة العامة للدولة. وبهذا يصبح النظام الضريبي القائم على الضرائب على الدخل، في ظل وجود حجم كبير للاقتصاد الخفي، غير عادل، وهذا ما يولد ضغوطاً كبيرة نحوتبني نظم للضرائب غير المباشرة. كذلك، فإن هناك مخاطرة من حتى انتشار عملية التهرب الضريبي يفترض أن تدفع الآخرين على التهرب الضريبي.

لقد قدرت إدارة الضرائب I. R. S. في الولايات المتحدة مستوى الخسارة الناتج عن التهرب الضريبي، بسبب وجود الاقتصاد الخفي، بحوالي 40ـ42 مليار دولار عام 1976م. أما في عام 1981م، فقد قدرت خسارة الضريبة على الدخل، الناتج عن وجود الاقتصاد الخفي، ما بين 86 و90 مليار دولار، وهوما يعني حتى خسارة الضريبة من الدخل الناتجة عن وجود الاقتصاد الخفي، تمثل 30 %، تقريباً، من إجمالي حصيلة الضرائب على الدخل.


الاستغلال الجنسي والعمل القسري

المخدرات

In the U.S., cannabis has been termed as a cash crop.


النادىرة

الأسلحة


الأخشاب


الحيوانات والمنتجات الحيوانية


الكحول

التبغ

تجارة الأعضاء

الابتزاز

موردوالنقل

الأدوية، بتر غيار الطائرات والسيارات


المواد الإعلامية ذات حقوق الطبع



العمل



الوقود

حجم الأسواق السوداء العالمية

أكبر الأسواق السوداء العالمية السوق السنوي
(بليون دولار)
الإجمالي 1,829
الأدوية 200
نادىرة 187
الإلكترونيات 169
الماريجوانا 142
الكوكايين 85
المخدرات 73
الأفيون والهيروين 68
قرصنة البرمجيات 59
قرصنة الأفلام 58
الغاز والنفط 53
السيجار 50

يتضح حتى نسبة الأموال المهربة إلى إجمالي الزيادة في المديونية الخارجية، تتناسب طردياً مع حجم الأموال المهربة إلى الخارج، حيث ترتفع في الدول، التي تزيد فيها قيمة الأموال المهربة إلى الخارج، وتقل في الدول، التي يقل فيها حجم الأموال المهربة إلى الخارج، وذلك فيما يتعلق بالحدود الدنيا لتلك النسبة، أما الحدود العليا فنجد حتى العلاقة معكوسة، حيث تقل النسبة في مجموعة الدول مرتفعة التهريب عنها في بقية المجموعات. كما حتى النسبة تبلغ أقصى ارتفاع، في مجموعة الدول متوسطة التهريب، ولعل ذلك يرجع إلى حتى هذه الدول يرتفع فيها حجم الاقتصاد الخفي أوالسري، بالمقارنة بغيرها من مجموعات الدول الأخرى.



الجريمة المنظمة

الظهور والاختفاء

الآثار السلبية للسوق السوداء

لا يؤدي وجود الاقتصاد الخفي إلى تشويه بيانات الناتج القومي فقط، وإنما يؤثر على معلوماتنا، حول معظم جوانب النشاط الاقتصادي، مثل مستويات التشغيل، والبطالة، وأنماط الدخل، ومستويات الادخار الحقيقي في المجتمع. ونعرض فيما يلي هذه الآثار:

1- فقدان حصيلة الضرائب

إن أول وأهم الآثار السلبية المترتبة على وجود الاقتصاد الخفي، هي حتى جانباً من الدخل، الذي يتم توليده داخل الاقتصاد، لا يدفع عنه ضرائب. ويحدث ذلك، عندما يقوم الأفراد بالكشف عن دخولهم أوطبيعة وظائفهم، التي يقومون بها أوكليهما للسلطات الضريبية. كذلك فهناك بعض أشكال الضرائب، مثل ضريبة القيمة المضافة، وضريبة المبيعات، لا يتم تحصيلها نتيجة للتهرب الضريبي. وعندما يصبح حجم الاقتصاد الخفي جوهرياً، فإنه يؤدي إلى فقد جوهري في الإيرادات العامة. ويترتب على الفقد في الإيرادات، والناتج عن التهرب الضريبي، زيادة مستويات الضرائب على النشاطات، التي تتم في الاقتصاد الرسمي، بمعنى حتى معدلات الضرائب، التي يتم جمعها على الدخول المسجلة تصبح أكبر من اللازم. كذلك فإن الإيرادات الحكومية ستكون أقل من القدر، الذي يجب حتى تكون عليه، ومن ثم، يصبح عجز الموازنة العامة للدولة أكبر مما يجب، وبهذا الشكل، يصبح النظام الضريبي، القائم على الضرائب على الدخل، في ظل وجود حجم كبير للاقتصاد الخفي غير عادل. وهذا ما يولد ضغوطاً أكبر نحوتبني نظم للضرائب غير المباشرة.

2- فشل سياسات الاستقرار الاقتصادي

فقد يؤدى النموالسريع للاقتصاد الخفي، إلى فشل سياسات الاستقرار الاقتصادي، حيث يؤدي هذا الجانب من الاقتصاد إلى تشويه المؤشرات الخاصة بسياسة الاستقرار الاقتصادي، فنموالاقتصاد الخفي ينتج عنه، نوع من المغالاة في المؤشرات الرسمية للتضخم، والبطالة، ومعدلات نموالناتج. ومن ثم، فإن سياسة الاستقرار قد تستجيب لمشكلات غير واقعية، وإذا ما حاولت سياسة الاستقرار الاقتصادي اتخاذ إجراءات مضادة للقاءة هذه المشكلات، فإن سياسة الاستقرار الاقتصادي، سينشأ عنها إجراءات تحدث نوعاً من عدم الاستقرار في الاقتصاد الرسمي، لدرجة حتى المشكلات غير الحقيقية تصبح مشكلات حقيقية، يتحول بمقتضاها الاقتصاد الخفي من خلال التضخم والبطالة إلى اقتصاد ذي حجم كبير.

3- اختلاف معدل النموالاقتصادي

عندما يوجد الاقتصاد الخفي، فإن معدلات النموالحقيقي في الاقتصاد، يفترض أن تختلف عن معدل النموالمسجل، فإذا كان جميع من الاقتصاد الرسمي والخفي ينموان بصورة متوازية، فإن التحيز في المؤشرات عن النموالعملي، يصبح صفراً، أما إذا تعدى معدل نموالاقتصاد الخفي معدل النموالخاص بالاقتصاد الرسمي، فإن معدل النموالاقتصادي العام في الاقتصاد بصفة كلية، يصبح أقل من الواقع، والعكس. ومن ثم، يظهر تشوه المؤشرات الاقتصادية في صورة تقديرات أقل من الواقع، أوتقديرات مغالى فيها عن معدل النموالاقتصادي؛ وعلى ذلك، فإن قياسات الناتج القومي، التي لا تأخذ الاقتصاد الخفي في الحسبان، تصبح غير مناسبة.

4- المغالاة في معدلات التضخم

يعني وجود الاقتصاد الخفي حتى معدل التضخم، سيكون مغالى فيه؛ حيث تميل الأسعار في الاقتصاد الخفي، إلى التزايد، بمعدلات أقل من تلك السائدة في الاقتصاد الرسمي، بصفة خاصة عندماقد يكون الاقتصاد الخفي منافسا للاقتصاد الرسمي، في تقديم نفس السلع والخدمات. فأحد جوانبه الاستجابة للزيادة في الأسعار، وهوزيادة حجم النشاط في الاقتصاد الخفي. إذ إنه، من المتسقط، حتى تكون أسعار السلع في الاقتصاد الخفي أقل من الأسعار في الاقتصاد الشرعي، بأعبائه الضريبية والإجرائية.

وعلى العكس من ذلك فإنه، أيضاً من المتسقط، في حالة الدول النامية، حينما تكون معظم السلع مدعمة، أوتخضع للتسعير الجبري، أوحتى تكون الخدمات محددة، مع وجود فائض كبير في الطلب على السلع والخدمات. مثال ذلك الدقيق، والأسمنت، والخشب، وحديد التسليح، أوالمساكن المؤجرة في مصر. ففي مثل هذه الحالات، يحدث تحيز في بيانات التضخم؛ لأن سلة السلع، التي يحسب على أساسها الرقم القياسي لتكاليف المعيشة، لا تتعامل مع الاقتصاد الخفي بصفته حقيقة واقعة، وإنما يتم الحساب على أساس الأسعار الرسمية لهذه السلع.

5- التأثير على السياسة النقدية

إن وجود الاقتصاد الخفي، يفترض أن يعني حتى الطلب على النقود لأغراض إجراء المعاملات في الاقتصاد الخفي لا بد حتى يضاف إلى الدوافع الأساسية للاحتفاظ بالنقود. كذلك فإن وجود الاقتصاد الخفي يؤثر على السياسة النقدية، من خلال سلوك الأساس النقدي، أي احتياطيات البنوك والنقود السائلة، والتي يفترض أنها تحت تحكم وسيطرة البنك المركزي. وبما حتى نسبة النقود السائلة المستخدمة في الاقتصاد الخفي، تعتبر مرتفعة، فإن سياسة البنك المركزي ليس لها أي تأثير مباشر على ذلك الجزء من الأساس النقدي. ولهذا الحد فإن سياسة البنك المركزي، لا بد حتى يتم تحليلها في ضوء آثارها على احتياطيات البنوك، والجزء المتبقي من النقود السائلة فقط، بعد استبعاد النقود السائلة المستخدمة بواسطة الاقتصاد الخفي. فإذا ما كانت السياسة النقدية متشددة، فإن ذلك يؤدي إلى تقليل احتياطيات البنوك، وكذلك الكمية المحتفظ بها من النقود السائلة المستخدمة في الاقتصاد الرسمي. بإيجاز، فإن تأثير الإجراءات، التي يتخذها البنك المركزي على السوق النقدية، سيكون أقل مما هومتصور، وهذا سيعمل على تقليل فعالية السياسات النقدية المتخذة.

6- التأثير على توزيع الموارد

يؤثر وجود الاقتصاد الخفي، على أداء الاقتصاد بطرق عدة، ومن المحتمل حتىقد يكون له آثار سلبية على الكفاءة الاقتصادية. فعندما تكون هناك منافسة غير عادلة بين الاقتصاد الخفي والاقتصاد الرسمي، بالشكل الذي يمكن الاقتصاد الخفي من اجتذاب قدر أكبر من الموارد، فسيستمر هذا التدفق من الموارد الممولة من الاقتصاد الرسمي، نحوالاقتصاد الخفي، طالما حتى معدلات العائد الصافي "بدون الضريبة" أعلى في الاقتصاد الخفي، منه في الاقتصاد الرسمي.

كذلك، فإن الاقتصاد الخفي، عادة، يستخدم أنواعاً معينة من التكنولوجيا، بصفة خاصة تكنولوجيا المشروعات ذات الحجم الصغير، كذلك، فإنه يقوم على أساس نظام محدد للإدارة، يعتمد بصفة أساسية، على نظام الاتصال المباشر، والتي يترتب عليها تكلفة أكبر للعمليات. أما الاقتصاد الرسمي فيستخدم نظم التكنولوجيا واسعة المجال ونظم اتصال أقل تكلفة.

مما سبق، نستخلص حتى مدى سلامة التحليل يعتمد على فروق الكفاءة في استخدام الموارد بين الاقتصاد الرسمي والخفي. ويلاحظ حتى معظم التحليل في أدبيات الاقتصاد الخفي، يقوم على افتراض حتى كفاءة استخدام الموارد في الاقتصاد الخفي أقل منها في الاقتصاد الرسمي، وهوافتراض قد لاقد يكون سليماً في بعض الأحيان، وخصوصاً في الاقتصاديات، التي تعاني من تشوهات ناجمة عن عدم صحة السياسات الاقتصادية المطبقة. ففي مثل هذه الحالة، يترتب، على عملية تحويل بعض الموارد نحوالاقتصاد الخفي، وضع الاقتصاد عند مستوى توازن أفضل مما لوتم توجيه الموارد نحوالاقتصاد الرسمي.

وفيما يلي، بعض آثار هذا الاقتصاد على عملية صناعة وأداء السياسات الرامية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي:

1- تشوه المعلومات

عندماقد يكون حجم الاقتصاد الخفي كبيراً، فإن درجة اعتمادية البيانات الرسمية ستنخفض، وتكون المؤشرات الاقتصادية غير مناسبة لعملية خلق السياسة الاقتصادية. وعندما تكون الإحصاءات الاقتصادية متحيزة، ويكون مستخدموهذه الإحصاءات على غير فهم بهذا التحيز، فإن الاقتصاديين يقومون بإجراء تسقطات خاطئة، وتقديم تحليل غير سليم لصانعي السياسة، الذين، بدورهم، يأخذون سياسات خاطئة للتعامل مع المشاكل المتنوعة. والنتيجة الطبيعية للبيانات غير السليمة والسياسات غير المناسبة، هي تطبيق سياسات غير مثلى، ستترتب عليها آثار اقتصادية غير مناسبة. ومن ثم، فإن النتائج المترتبة على السياسة، يفترض أن تكون أقل مما هومطلوب، أوقد تكون النتائج معاكسة. يعتمد ذلك على مستوى المسحوبات بين الاقتصاد الرسمي والاقتصاد الخفي، ومستوى أدائهما الاقتصادي.

2- معدلات البطالة

يعتبر معدل البطالة من الأمور الحيوية من الناحية السياسية؛ ومن هنا تبدوأهمية الاقتصاد الخفي، في قدرته على التأثير في فرص العمل لهؤلاء الذين لم يوفقوا في الحصول على فرصة عمل في الاقتصاد الرسمي. وبما حتى هذه العمالة، عادة، تكون غير مسجلة، فإن الأرقام الرسمية عن معدلات البطالة في الاقتصاد تصبح مغالى فيها. على سبيل المثال، فإن هناك انادىء بأن معدلات البطالة في مصر تضم جميع خريجي الجامعات والمعاهد الفنية، هذا إضافة إلى جانب من المتسربين من النظام التعليمي، إلا أنه يمكن القول إذا هناك نوعاً من المغالاة في هذه الأرقام.


الحروب

المال أسود الهندي


الحظر

مكافحة السوق السوداء

لاشك حتى السياسات الاقتصادية يفترض أن تكون أكثر فعالية، إذا ما كان حجم الاقتصاد الخفي صغيراً. ومن ثم، فقد اقترحت عدة إجراءات؛ للتعامل مع ظاهرة الاقتصاد الخفي، في محاولة للقضاء عليه، أوالتخفيف من حدة الآثار المترتبة على وجوده. لقد أثبتت الدراسات حتى التهرب الضريبي يلعب دوراً أساسياً في نموالاقتصاد الخفي. غير حتى التهرب الضريبي يرتبط بمعدل الضريبة. فإذا مال هذا المعدل إلى الارتفاع، فإن معدل التهرب الضريبي يرتفع، ويرتفع، استطراداً، حجم الاقتصاد الخفي. إذا معالجة الاقتصاد الخفي الناجم عن ازدياد مستوى التهرب الضريبي أوازدياد معدل التهرب الضريبي، لا بد حتى ترتبط بالآتي:

ـ إعادة إصلاح النظام الضريبي.

ـ مراجعة أساس حساب الضريبة، ومعدل الضريبة، والتصاعد الضريبي.

ـ مراجعة أشكال الكشف عن مصادر الدخل، وأساليب التحصيل.

ـ تقليل المستندات والأوراق المطلوبة للمراجعة الضريبية، وتبسيط الإجراءات، خصوصاً بالنسبة للمشروعات الصغيرة ذات الإمكانيات المحاسبية المحدودة.

ـ مراجعة مدى حدة العقوبات على التهرب الضريبي.

ـ مراجعة مدى ملاءمة النظام الضريبي بصفة عامة.

لاشك حتى تخفيض عملية التهرب الضريبي، من خلال زيادة عمليات المراجعة الضريبية، عملية مكلفة. أكثر من ذلك، فإن منع التهرب الضريبي قد يحمل آثاراً سلبية وليس إيجابية. ذلك حتى القضاء على التهرب الضريبي بشكل تام أمر شبه محال، ومن ثم،قد يكون من الأفضل ألا نقضي على التهرب الضريبي بالكامل، ولكن حتى نحاول التوصل إلى وضع أمثل، حيث تتساوى فيه التكلفة الحدية للقضاء على الاقتصاد الخفي مع الإيراد الحدي، الذي ينتج عن هذه العملية. والسلطات لديها الكثير من الأسلحة، التي يمكنها اللجوء إليها؛ لمكافحة الاقتصاد الخفي، على سبيل المثال، تكثيف عمليات التفتيش الضريبي، وزيادة العقوبات، وخفض معدلات الضرائب. ويحتاج تحقيق الوضع الأمثل إلى عملية إجراء موازنة دقيقة بين هذه الأدوات.

وقد تساعد عملية تعديل معدلات الضرائب، بالتخفيف منها؛ لتتلاءم مع معدلات التضخم، على التخفيف من الاتجاه نحوالاقتصاد الخفي. إذ إذا هذه العملية يفترض أن يترتب، عليها، التقليل من الشعور بأن التضخم سيؤدى إلى نوع من عدم العدالة في توزيع الدخل، أوحتى دافعي الضرائب يفترض أن ينتقلون إلى شرائح أعلى مع ازدياد الأسعار، بما يدفعهم إلى تفضيل التهرب الضريبي.

وللقضاء على ظاهرة الاقتصاد الخفي، في مجال الدخول الخفية، يجب زيادة الغرامات على هؤلاء الذين يعملون في صورة خفية، وعلى الذين يقومون بتوظيفهم، وكذلك زيادة أعداد المراقبين والمفتشين، وإظهار درجة أكبر من التحكم والسيطرة على هذه الأشكال من العمالة الخفية، والعمل على تنمية الوعي الجماهيري بأهمية الظاهرة وآثارها السلبية على الاقتصاد والمجتمع، وأهمية الحاجة إلى تحجيم هذا الاقتصاد.

وكذلك إدخال قوانين وإجراءات جديدة للتعامل مع هذه الظاهرة، مثل تخفيض، أوعلى الأقل تثبيت، مستويات الضرائب، وتقليل اشتراكات التأمينات الاجتماعية، وتغيير بعض قوانين العمل أوإلغاؤها، والتشدد في تطبيق الإجراءات الموجودة، أوإدخال إجراءات جديدة؛ للحد من العمالة المنزلية، والأعمال المؤقتة، والتعاقدات من الباطن، وغيرها من الأشكال، التي تسمح بازدهار الاقتصاد الخفي.

يجب، على صانع السياسة الاقتصادية، حتى يحاول البحث عن علاج يناسب طبيعة الأسباب، التي تقف وراء الظاهرة، والتي تنصب أساساً على تخفيض الحوافز نحوالانضمام إلى هذا الاقتصاد، وزيادة درجة جاذبية الاقتصاد الرسمي، بالشكل الذي يجعل حجم الاقتصاد الخفي هامشياً. وذلك في إطار من وزن التكاليف والعوائد المرتبطة بوجود هذا الاقتصاد، وتلك المرتبطة بالقضاء عليه، بحيث نصل إلى ما يمكن حتى نطلق عليه الحجم الأمثل للاقتصاد الخفي، الذي يسمح له بأن يتعايش مع الاقتصاد الرسمي، وبالشكل الذي يقلل من الآثار السلبية للاقتصاد الخفي إلى أدنى مستوى ممكن. وأساليب العلاج هي:

ـ تقليص دور الحكومة في النشاطات الاقتصادية قدر الإمكان، والحد من تدخلها في آلية السوق لتحديد الأسعار.

ـ تكثيف برامج التوعية ضد أخطار المخدرات، لصغار السن، الذين اتجهوا إلى العمل مبكراً، وذلك لتعرضهم لمخاطر استخدام العقاقير والإدمان عليها.

ـ زيادة البرامج لشغل أوقات الفراغ للنشء والشباب؛ للتقليل من فرص تعرضهم لأخطار المخدرات، وخاصة في فصل الصيف، وتشجيع الشباب على المشاركة الإيجابية في برامج مكافحة المخدرات، والتبصير بأضرارها.

ـ تكثيف وتشديد الرقابة في النوادي والتجمعات الشبابية؛ لمنع انتشار ظاهرة ترويج المخدرات فيها.

ـ التأكيد على دور القطاع الخاص، بجانب دور الحكومة والقطاع العام، في خلق الكثير من فرص العمل في المجالات المتنوعة؛ للقضاء على ظاهرة البطالة المنتشرة بين قطاع عريض من الشباب، وذلك للقضاء على حدة ظاهرة الإدمان.

ـ وضع خطة إعلامية وتربوية لغرس القيم الدينية، والتوعية بأضرار المخدرات، بشرط حتى تكون تلك البرامج والخطط بعيدة عن المبالغة والتهويل، ومبنية على دراسات متخصصة، على حتى يؤخذ، في الاعتبار، ألا تكون المادة الإعلامية ذات تأثير سلبي على المتلقي.

ـ قيام الإعلام بالتوعية؛ لتعميق الشعور بالمسؤولية، تجاه خطورة المخدرات، واستنهاض المشاركة الشعبية تجاه المشكلة، وتناول الموضوع بشكل، لا يثير إضفاء البطولة أوالشجاعة على المهربين والمدمنين.

ـ تشجيع الأدباء والفنانين على إنتاج مواد فنية وأدبية، لدعم الوعي القومي ضد أخطار المخدرات، وإنشاء جوائز تشجيعية لأفضل إنتاج فني وأدبي في هذا الصدد.

ـ وضع برامج للتبصير بأضرار المخدرات، بطريقة عملية مبسطة، تبين آثارها المدمرة للجهاز العصبي للإنسان، لا في صورة تحذيرات وعبارات عامة.

ـ مناشدة أجهزة الإعلام بأن تحجب، جميع من يثبت عنه تعاطي المخدرات، عن الظهور في أي أعمال تعرض على الشاشة أوغيرها من وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، ومناشدة وزارة الثقافة حتى تمنعهم من المشاركة في أعمالها الفنية، التي تقدم للجماهير، أما الجماهير فمن حقها حتى تقاطع هذه الفئة.


انظر أيضاً

  • Agorism
  • أخلاقيات العمل
  • Counter-economics
  • السوق الرمادي
  • Household electricity approach
  • Hunger's Rogues – black market in post WWII Europe
  • اقتصاد غير رسمي
  • Silk Road (marketplace) – a method to deliver contraband at home
  • Unreported employment
  • Wide boy

المصادر

  1. ^ "السوق السوداء". مقاتل من الصحراء. Retrieved 2013-07-12.
  2. ^ ولقد جذب مفهوم الرقابة الثمنية لوقت الحرب انتباه الخبير المالي لسوق المال Bernard Baruch ، وفي منطق له عام 1941م، ألقى الضوء على ما سمي بأعمال هارفارد لـ`للأقليات`، ناقش فيه الرقابة ومقترحات الإنفاق لخطة التوزيع. كما فسر Baruch التوزيع خلال الرقابة، بأنه يعني ` دوراناً قصيراً لقانون العرض والطلب، لوهجر لنفسه .. النتيجة ستعني التضخم.
  3. ^ "Black Market Products Index". Havocscope. Retrieved 2013-01-10. (Calculated by adding up the various black market activities that are currently being monitored [1])
  4. ^ Silk road used as an online black market

قراءات إضافية

  • Breusch, Trevor. "Estimating the Underground Economy using MIMIC Models" (PDF). Ideas.repec. Retrieved 2005. Check date values in: |accessdate= (help)
  • Feige, Edgar L. (1989 and 2007). . Cambridge: Cambridge University Press. p. 378. ISBN . Check date values in: |year= (help)
  • Feige, Edgar L. (December 11, 2003). "Defining And Estimating Underground And Informal Economies: The New Institutional Economics Approach". World Development. Elsevier,. 18 (7): 989–1002.CS1 maint: extra punctuation (link)
  • Schneider, Friedrich; Enste, Dominik H. (2000). "Shadow Economies: Size, Causes, and Consequences". Journal of Economic Literature. American Economic Association. 38 (1): 77–114. JSTOR 2565360..

وصلات خارجية

  • Havocscope Black Markets - Database and statistics on black market activities
  • Official March 2000 French Parliamentary Report on the obstacles on the control and repression of financial criminal activity and of money-laundering in Europe by French MPs Vincent Peillon and Arnaud Montebourg, third section on "Luxembourg's political dependency toward the financial sector: the Clearstream affair" (pp. 83–111 on PDF version)
  • from National Center for Policy Analysis (1998)
  • by Jim McTague (2005)
  • (1997)
  • The Effects of a Black Market Using Supply and Demand
  • A lengthening shadow: Shadow economies have grown since the financial crisis began 11.August.2010 The Economist
  • The Secret Strength of Pakistan's Economy April 5, 2012 BusinessWeek
تاريخ النشر: 2020-06-04 12:25:38
التصنيفات: CS1 errors: missing periodical, CS1 errors: dates, CS1 maint: extra punctuation, مناهضة العولمة, فساد, جريمة, Ethically disputed business practices, جرائم مالية, اقتصاد غير رسمي, مصطلحات الجريمة المنظمة, Price controls, أسواق التجزئة, Tax evasion, ثقافة تحتية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

الاستخبارات التركية: نعمل ليلًا ونهارًا لوقف الهجمات على غزة

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-01-11 00:24:10
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 50%

مدرب منتخب بورندي إيتيان ندايريجيج للنصر: هذا ما أعجبني في منتخبكم

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-11 00:25:55
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 70%

مستشار نتنياهو: مقترح تهجير الفلسطينيين ليس جديا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-01-11 00:23:54
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 60%

تعقد أول جلسة اليوم الخميس

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-11 00:25:44
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 67%

الرسام الشاب توفيق صبيحي

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-11 00:25:48
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 63%

بعد الإعلان عن عرض قطر.. عائلات الأسرى تُطالب حكومة الاحتلال

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-01-11 00:23:42
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 63%

رحلة استعادة التاج تنطلق: بعثة الخضر تصل بواكي وتدخل في أجواء الكان

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-11 00:25:09
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 54%

قالمة: 80 خطا جديدا لتغطية العجز في النقل

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-11 00:25:37
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 51%

يرفض تكرار سيناريو بلوزداد: مدرب السنافر يفاضل بين بن شاعة وطمين

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-11 00:25:59
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 64%

لم تسميه..الجزائر تأسف ل"تصرفات عدائية ضدها من طرف بلد عربي شقيق"

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-11 00:23:54
مستوى الصحة: 64% الأهمية: 81%

البطولة الأفريقية لدراجة المضمار بمصر

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-11 00:26:04
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 50%

تحقيقات بشأن الحرب على غزة تشعل أزمة دبلوماسية بين إسرائيل و

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-01-11 00:24:03
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 63%

الرابطة المحترفة: سوسطارة وبارادو للتأكيد والسنافر للتدارك

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-11 00:25:56
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 57%

تهمة جديدة تهددها بالحبس..«النيابة» تستدعي شيرين ! - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-01-11 00:26:03
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 70%

كندية تزرع 52 شريحة ذكية في جسدها ! - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-01-11 00:26:00
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 55%

مذيعة تبكي على الهواء لإصابتها بالسرطان - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-01-11 00:26:05
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

تنافس سلع تركيا والصين

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-11 00:25:22
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 60%

تحميل تطبيق المنصة العربية