بردة البوصيري ـ دراسة تاريخية

المؤلف: محمد خالد ثابت
الناشر: دار المقطم للنشر والتوزيع
المقر: القاهرة
الطبعة الأولى: 2006
الترقيم الدولي: 4-65-5732-977
مسقط الدار:http://www.dar-almokattam.com/

بردة البوصيرى - دراسة تاريخية كتاب صغير الحجم، ينقسم الكتاب إلى قسمين رئيسيين:
الأول مقدمة, وهي دراسة تاريخية بقلم محمد خالد ثابت.
والثاني متن القصيدة كاملاً (167 بيت) مشكولا شكلاً كاملاً.
والكتاب من نشر دار المقطم للنشر والتوزيع بالقاهرة.

مقدمة

قدم المحرر لهذه الدراسة بمقدمة عن مدح النبى، الذي تمثل قصيدة البردة واحدة من أشهر معالمه, وعن أهمية المديح يقول: "إن مدح المصطفى باب من أعظم أبواب الخير, وأوثقها, وأجملها, وأيسرها, وأوسعها.. باب للترقى لا ينتهى عند حد.. يكفى صاحبه حتى قدوته فيه هورب العزة جل وعلا, حيث أنه سبحانه وتعالى أول من مدح النبى, فكان مدحه له قبل حتى يخلق الخلق بزمان.. "

وتحدث أيضاً عن مقام المادحين, وأنه مقام عال جداً, لأنهم ما مدحوا النبى إلا لغلبة محبته عليهم, وأهل المحبة -كما يقول المحرر-: "هم أعلى الناس مقاما عند الله رب العالمين, الذي جمع المتحابين إلى بعضهم بعضا, ورجح ميزان الحب على سائر الموازين"

ثم يبين كيف من الممكن أن حتى النبى لا حد لفضائله, ولا نهاية لكمالاته, ويقول: "وحق لمن اشتغلوا بمدحه حتى يحاروفي أمره, ويشعروا أنهم مهما نطقوفي مدحه, فإنهم -في الحقيقة- ما نطقوا شيئا".. ويستشهد بأقوال الشعراء في هذا المعنى, منهم لسان الدين الخطيب الذي نطق:

يا مصطفى من قبل نشأة اّدم

والكون لم تفتح له أغلاف

أيروم مخلوق ثنــائك بعدما

أثنى على أخــلاقك الخــلاق

مجالس البردة

يقول المحرر إذا البردة كانت دائما للعاكفين عليها في مجالس الذكر والمديح كنزاً من كنوز الصلاة على النبى الذي نطق:

"أقربكم منى منزلاً يوم القيامة أكثركم على صلاة"..ونطق:
"من صلى على صلاة صلى الله عليه بها عشرا ومن صلى على عشرا صلى الله عليهه بها مائة"

ثم يبين كيفية قرائتها في بعض المجالس حيث يتولى واحد من الحضور قراءتها بيتاً بيتاً أوبيتين بيتين وبينهما تردد الجماعة - بصوت واحد - أنشاد هذا البيت:

مولاى صلى وسلم دائما أبدا

على حبيبك خير الخلق كلهم

ويقول إذا سبب اختيار هذا البيت بالذات له سيرة ذكرها زكى مبارك في كتابه: "المدائح النبوية" ,حيث نطق إذا الإمام البوصيرى لما أنشأ هذه القصيدة رأى النبى في المنام, فأنشدها بين يديه إلى حتى بلغ قوله: "فمبلغ الفهم فيه أنه بشر" ثم توقف, ولم يتمكن من إكمال البيت, فأكمله له النبى. فنطق له: قل : "وأنه خير خلق الله كلهم".

قصيدة "البردة" المباركة

ثم يتحدث عن اسم القصيدة الذي اشتهرت به وهو"البردة". والبردة نسبة إلى بردة النبى التي خلعها على كعب بن زهير عندما مدحة بقصيدته الشهيرة: "بانت سعاد". وبين كيف من الممكن أن عظم المسلمون هذه القصيدة لمحبة النبى لها, وبين سيرة كعب بن زهير الذي كان النبى قد أهدر دمه, فلما مدحه بتلك القصيدة خلع عليه بردته تكريما له.

واسترسل المحرر مع تاريخ هذه البردة حتى أصبحت شعاراً للخلافة, يلبسها الخلفاء في المناسبات العظيمة..
ثم لما نظم البوصيرى قصديته كوفئ عليها بأن خلع النبى عليه بردته في رؤيا رآها، فأصبحت هي المشهورة بين الناس بالبردة من ذلك اليوم.

ينقل المؤلف عن العلامة حاجى خليفة في كتابه "كشف الظنون عن أسامى الخط والفنون" قوله عنها:

"هى المشهورة بين الأنام، ويتبرك بها الخواص والعوام حتى قرئت قدام الجنائز وبالمساجد، واستشفى بها من الأمراض والأسقام، وخطوا عليها التخميسات والتسبيعات والنظائر مالا يُعد.. ولا يزال الناس يتبركون بها في أقطار الأرض".

الإمام شرف الدين محمد البوصيرى (696 هـ)

ثم ترجم المؤلف للبوصيرى، وقدم للترجمة بقوله إنه قد يشير الشئ على صاحبه أعظم دلالة فيغنى عن كثرة الكلام عن فضائله، والبوصيرى إذا نسبته إلى بردة المديح المباركة فذلك يكفيه، فلوسأل سائل: من البوصيرى،يا ترى؟ فقيل هوصاحب البردة المباركة فقد أُجيب بأوفى إجابة وعُرف به أعظم تعريف، ووصف من فضائله مالا شيء بعده..

وفى سبب نظم القصيدة نقل عن كتاب "فوات الوفيات" للخطى حتى البوصيرى أصيب بالفالج وهوشلل نصفى عانى منه مدة من الزمن حتى عجز عن الانقلاب من جنب إلى جنب في الفراش، فعزم على حتى ينظم قصيدة في مدح رسول الله يستشفع بها إلى الله، عساه ينجيه مما به. فلما نظمها أنشدها مرارًا وأكثر من النادىء والبكاء، ونام فرأى النبى في المنام ومسح على ما به من الوجع، ثم ألقى عليه بردته. فانتبه وقد عوفى من فوره.

وشاع خبر القصيدة والمنام في مصر حتى حتى وزير الظاهر بيبرس نسخها ونذر حتى لا يسمعها إلا وهوقائم على قدميه حافيا مكشوف الرأس..

ثم اشتهرت في سائر بلاد الإسلام.

البردة في قلوب المسلمين

نقل المحرر عن الإمام ابن حجر الهيتمى قوله: ".. وقد ازدادت شهرتها إلى حتى صار الناس يتدارسونها في البيوت والمساجد كالقرآن".

وعن زكى مبارك قوله: "والبوصيرى بهذه البردة هوالأستاذ الأعظم لجماهير المسلمين، ولقصيدته أثر في تعليمهم الأدب والتاريخ والأخلاق..".

نطق المحرر إذا المسلمين قد دأبوا عبر القرون على تحفيظ الأطفال البردة المباركة مع القرآن الكريم في ممحرر تحفيظ القرآن..ويقول:

" كأنهم أرادوا بذلك حتى يجمعوا في عقول وقلوب الصغار القرآن الكريم الذي هوجماع العلوم مع البردة التي اجتمعت فيها مشاعر الحب الخالص للنبى، وبذلك تنشأ فيهم قاعدة الدين المتينة التي لا تقوم إلا على أساس من المحبة".

خالد محمد خالد والشيخ محمد الغزالى وبردة البوصيرى

حكى المؤلف واقعة حدثت بين والده – خالد محمد خالد – وصديقه الحميم الشيخ محمد الغزالى حين حدثه -الشيخ الغزالى- على التليفون ليطمئن على صحته ثم نصحه بقراءة بردة البوصيرى فإنه يستشفى بها على حد قوله..
ثم يعلق المحرر على ذلك فيقول: "لم يكن مثل هذا الكلام مما يصدر عن الشيخ، الذي كان طول عمره عقلانيا، لا يقبل إلا ما يرجح عنده في ميزان العقل.
ترى لوأعطى الله في عمره – وقد توفى بعد والدى بأسبوع واحد – أتراه كان ينضم لصاحبه في فهم فضل التصوف – وحب رجاله وفتيانه، والتعلق بمفرداته وأدواته؟

نعم سرى طيف من أهوى فأرقني

والحب يعترض اللذات بالألم

ويحكى عن تجارب أخرى – مع البردة أيضا – مع شيخ الأزهر السابق الشيخ سيد طنطاوي والدكتور أحمد عمر هاشم، ويصف أيضا كيف من الممكن أن كانت جنازة والده بقريته "العدوة" بالشرقية، حيث سارت من المسجد إلى المقابر يتقدمها شيوخ القرية وهم ينشدون أبياتامن البردة.. وكيف رثته محررة مصرية مسيحية وهى الدكتورة سهير اسكندر فختمت رثائها ببيتين من البردة وهما:

وكيف يدرك في الدنيا حقيقة

قوم ينام تسلوا عنه بالحلم

ومبلغ الفهم فيه أنه بشر

وأنه خير خلق الله كلهم