عبد الرحمن الخازني
عبد الرحمن الخازني | |
---|---|
شخصية | |
ولد | 1115م |
توفي | 1155م |
أبرز الاهتمامات | الفلسفة والرياضيات الفيزياء والكيمياء والأحياء |
أبرز الأفكار | ألّف كتاب الحكمة، ووضع الموائد السنجارية في زيجه. |
أبرز الأعمال | اختراع الآلات الفهمية، والساعة المائية |
مناصب رفيعة | |
تأثر بـ
| |
أثر على
|
أبوالفتح وينطق أبوالمنصور، عبد الرحمن المنصور الخازن أوالخازني (1115-1155) نسبة إلى علي الخازن المروزي الذي عاش عنده أبوالفتح رقيقاً في مدينة مروفي شرقي خراسان حيث تلقى علومه في مجالس شيوخها وفهمائها وتابعها بتشجيع من مولاه، فنبغ وبلغ شأواً عظيماً في ميادين علوم الفيزياء والفلك والحركة وتوازن السوائل والميكانيك والهندسة.
يعد مصطفى نصيف أول باحث عربي اهتم بدراسة أعمال عبد الرحمن الخازن وانكب على دراسة منجزاته وإبداعاته وأبرز نظرياته (نظرياته في الميل والانحدار والاندفاع في الحركة) والتي لا تزال تدرس في بعض الجامعات العربية حتى اليوم.
كما اهتم فهماء الغرب وفي طليعتهم المستشرق الألماني (فيدمان 1852م-1928م) الذي أبرز الخازن في درس له بعنوان (ميزان التبادل عند الخازن ونظرية التناسب بحسب البيروني).
وترجم بعض أعمال الخازن ونشرها وعلق عليها ولاسيما في فهم الطبيعة والحركة.
إبداعات الخازن
أولاً: أبدع جهازاً لفهم الثقل النوعي لبعض الأحجار الكريمة والمعادن ووضع نسباً لها. ومعظمها تتقارب مع النسبة الحديثة وبعضها تتساوى معها، والجدول 1 يبين الأرقام التي توصل إليها الخازن مقارنة مع الأرقام الحديثة.
وطريقة العمل بهذا الجهاز غاية في البساطة (الشكل-1) وهي كما يأتي:
1ـ يملأ الوعاء بالماء حتى غاية مصبه.
2ـ توزن المادة التي يطلب تعيين ثقلها النوعي وزناً دقيقاً.
3ـ تدخل المادة موضوع القياس إلى داخل الوعاء.
4ـ عند تمام انغمار المادة في ماء الوعاء،قد يكون حجم الماء المزاح الذي ينصب في الميزان، مساوياً لحجم المادة الجاري تعيين ثقلها النوعي وبذلكقد يكون قد تم قياس حجم المادة.
5ـ يوزن الماء الذي قامت المادة المغمورة بإزاحته من الإناء المخروطي الشكل.
6ـ يجرى حساب الوزن النوعي للمادة بإيجاد النسبة بين وزن المادة التي أدخلت في الإناء المخروطي، ووزن كمية الماء التي أزاحتها المادة عند تمام غمرها في ماء الإناء.
ثانياً: ابتكر ميزاناً لوزن الأجسام في الهواء وفي الماء (الشكل-2) له خمس كفات تتحرك إحداها على ذراع مدرج - انظر الرسم - وقد تجاوز الخازن الفيزيائي الإيطالي توريتشلي (ت. 1647)، وباسكال الرياضي الفرنسي (ت. 1664) وبويل الكيميائي الإيرلندي (ت. 1691) بهذا الابتكار ووزن الجسم في الهواء.
|
|
ثالثاً: ابتكر جهازاً لفهم الثقل النوعي لبعض السوائل، ووضع نسبها كان الخطأ فيها بالمقارنة مع الأرقام الحديثة لا يتجاوز (6%) من الگرام في جميع أربعين ومئتي گرام. ويظهر ذلك بالجدول 2.
رابعاً: يُعدُّ الخازن من أوائل الفهماء الذين مهدوا بأبحاثهم إلى اختراع ميزان الضغط -البارومتر- فقد نطق: «إن قاعدة أرخميدس (287 ق.م.-215 ق.م.) لا تسري على السوائل فحسب بل تسري على الغازات والأجسام الطافية في السوائل.
وقد مهدت أبحاثه إلى اختراع مفرغات الهواء والمضخات.
خامساً: درس في مقاومة السوائل للحركة، فيقول في كتابه (ميزان الحكمة): «إذا تحرك جسم ثقيل في أجسام رطبة - سائلة - فإن حركته فيها تكون بحسب رطوبتها، فتكون حركته في الجسم الأرطب أسرع أي أكثر سيولة».
سادساً: درس في الجاذبية فيقول: (إن التثاقل واتجاه قواه إلى مركز الأرض دائماً) ثم أظهر العلاقة بين سرعة الجسم والمسافة التي يبترها والزمن الذي يستغرقه قبل (گاليليو) بخمسة قرون.
ثم يقول: «إن هناك قوة جاذبية على جميع جزيئات الجسم، وإن هذه القوة هي التي تبين صفة الأجسام». وقد كانت هذه المقولة ذات أثر كبير في عمليات التحليل الكيميائي.
مؤلفاته
من أبرز مؤلفاته: كتاب «الآلات المخروطية» ( آلات الرصد)، وكتاب «الفجر والشفق» وكتاب «جامع التواريخ»، وكتاب «ميزان الحكمة» يعد من أبرز خطه، انتهى من تأليفه عام 516هـ/1122م، وكان مفقوداً عثر عليه حديثاً في تبريز وتناولته أبحاث الفهماء في أوربة والولايات المتحدة، ونشرت بعض المجلات مقتطفات منه في فهم الحركة والميكانيك والتثاقل وتوازن السوائل، رتبه الخازني في مقدمة وثماني منطقات تضم: الموازين وفوائدها، وبيان الوزن واختلاف أسبابه في صنعة ميزان الحكمة وهجريبه وامتحانه. وفي النسب بين الفلزات والجواهر. ولهذا الكتاب نسخ خطية في الهند ولنينگراد (پطرسبورگ) واصطنبول.
الموائد السنجارية
تم ذكر الموائد السانجارية في كتاباته التفصيلية للحسابات الفلكية الدقيقة في كتابه الزيج، ومنح الخازني وصفاً لهجريب الساعة المائية صممت لاستخدامها في أغراض الحسابات الفلكية، وتعتبر الساعة المائية مثالاً مبكراً على الساعات الفلكية. كما استخدمت الساعة المائية لحساب مواقع 46 جرم سماوي باستخدام التاريخ المعطى من كتاب المجسطي للسنة 500 هـ (والذي يقابل 1115- 1116 للميلاد).
كما أنه قام بحساب الموائد عن طريق ملاحظة الأجسام النسبية في أفق مدينة مرو.
فيما بعد تم ترجمة الزيج السانجاري للخازني إلى اللغة الإغريقية من قبل گرگوري تشونياديز في القرن الثالث عشر ودراسته في الإمبراطورية البيزنطية.
كتاب ميزان الحكمة
يعهد الخازني بمساهماته في فهم الفيزياء في كتابه ميزان الحكمة، وقد أنهى تأليفه سنة 1121 للميلاد، والذي بقي جزءً مهماً من منجزات الحضارة الإسلامية في فهم الفيزياء. يحتوي الكتاب على دراساته في قوى إتزان الموائع الساكنة، هجريبها واستخداماتها؛ وطوّر نظريات قوى الاحتكاك والموائع التي تكمن فيها، كما تم تطويرها من قبل سابقيه ومعارفه. كما احتوى الكتاب على أوصاف للآلات التي قام بهجريبها سابقيه من قبل، ويضم القياس المتري بابوس، والدورق المكثف للبيروني (وهونوع خاص من الأدوات المخبرية، يشبه دورقاً زجاجياً يحتوي بداخله على أنبوب يحبس السوائل بداخله بعمل تأثير ضغط الهواءالجوي)، كما ضم أيضاً على آلالاته الخاصة بإتزان الموائع والموزاين المتخصصة والموازين القياسية (وهي التي تكون فيها نقطة الارتكاز بين ذراعين أحدهما أطول من الآخر والذراع الأطول هوالذي ينزلق عليه مراكز القوة).
يعتبر البيروني والخازني هما من أول الفهماء الذين طبقوا الطرق الفهمية في إجراء التجارب على القوى الساكنة والقوى المتحركة، وبشكل خاص في حساب الوزن النوعي، واعتمد بناء النظرية على الموازين وقياس الوزن. لقد قام الخازني والفهماء المسلمين الذين سبقوه بتوحيد القوى الساكنة والقوى المتحركة في فرع واحد من العلوم، يسمى: فهم ميكانيكا الحركة، كما قاموا بضم وتجميع قوى إتزان الموائع الساكنة مع القوى المتحركة ليؤدي بذلك إلى ولادة فهم حديث يسمى: قوى إتزان الموائع المتحركة.
كما قاموا بتطبيق النظريات الرياضية المتعلقة بحساب النسب وطرق حساب المشتقات التفاضلية اللانهائية باستخدام القانون العام للاشتقاق في التفاضل والتكامل، كما خطوا المستوى الأولى نحواستخدام طرق الحل باستخدام الجبر والتفاضل والتكامل السليم في حساب القوى الساكنة. وكانوا أيضاً أول من قاموا بتعميم نظرية مركز الجاذبية الأرضية، وأول من قاموا بتطبيقها على الأجسام ثلاثية الأبعاد. كما أنهم أوجدوا نظرية ذراع القوة لحمل الأوزان ونقلها، وأنشئوا فهم الجاذبية الأرضية والذي تم تطويره إلى حد كبير في العصور الوسطى المظلمة في أوروبا. أدت مساهمات الخازني والفهماء المسلمين الذين سبقوه في ميكانيكا الحركة إلى بناء الأسس للتطور اللاحق في ميكانيكا الحركة الكلاسيكية في نهاية العصور الوسطى المظلمة في أوروبا.
تعالج الأجزاء الثمانية الأولى من هذا الكتاب نظريات الفهماء المسلمين الذين سبقوه، ويضم هؤلاء: الرازي، وأبوالريحان البيروني، وعمر الخيام. كما حتى الخازني أوضح باهتمام بالغ فشل الإغريقيين القدماء في التمييز بين القوة والكتلة والوزن. كما أنه توجه إلى إظهار الفهم بوجود كتلة الهواء، وتناقصها في الكثافة والارتفاع. كما حتى التعريف الدقيق للوزن النوعي تم إعطاؤه من قبل الخازني في مؤلفه: كتاب ميزان الحكمة، كما تقرأ في النص الآتي:
" هومقدار وزن جسم صغير مكون من أي مادة بنفس النسبة إلى حجمه مساوٍ لمقدار وزن جسم كبير مكون من أي مادة بنفس النسبة إلى حجمه".
بعد إجرائه التجارب المخبرية المكثفة، سجل الخازني الأوزان النوعية لخمسين مادة، ويضم ذلك: الصخور المتنوعة والمعادن والسوائل والأملاح والعنبر والصلصال. كانت دقة قياساته مطابقة للقياسات الحديثة وجديرة بالاحترام. في تجربة أخرى، اكتشف الخازني حتى هناك كثافة أكبر للماء عندماقد يكون قريباً إلى مركز الأرض، وتم إثبات ذلك فيما بعد من قبل روجر باكون في القرن الثالث عشر للميلاد.
عرّف الخازني الثقل بالمفردات الأرسطوطالية التقليدية كخاصية ضمنية في الأجسام الثقيلة، كما يقول في النص الآتي:
" الجسم الثقيل هوالجسم الذي يتحرك بواسطة قوة ضمنية، وبشكل ثابت، بإتجاه مركز العالم. إنه لمن الكافي القول: أني أعني حتى الجسم الثقيل هوالجسم الذي لديه قوة تحركه بإتجاه النقطة المركزية، وبشكل ثابت بإتجاه المركز، ودون حتى يتحرك من قبل هذه القوة في أي إتجاه مختلف؛ وهذه القوة المرجعية هي ضمنية في الجسم، لا تشتق بدونه، ولا تنفصل عنه".
بالاعتماد على النقطة الأساس بأن الهواء يصبح أكثر كثافةً عندماقد يكون أقرب إلى مركز الأرض (مشتق من قاعدة أرخميدسٍ)، وأن وزن الأجسام الثقيلة يزداد حدثا ابتعد عن مركز الأرض (مشتق من نظريات الكوهي وابن الهيثم بأن الوزن يختلف باختلاف بعد المسافة عن مركز الأرض)، برهن الخازني على حتى الجاذبية الأرضية لجسم تختلف باختلاف بعد المسافة عن مركز الأرض، كما يقول في النص الآتي:
" لكل جسم ثقيل معروف الوزن وموضوع على مسافة معينة من مركز العالم، فإن جاذبيته الأرضية تعتمد على تأثيره عن بعد من قبل مركز العالم. لهذا السبب، تعتمد الجاذبية الأرضية للأجسام على المسافات التي تبعد بها عن مركز العالم. حيث انه حدثا ازداد بعد الجسم عن مركز العالم، أضحى أكثر ثقلاً؛ وحدثا اقترب من مركز العالم، أصبح أخف ثقلاً".
كما أنه يظهر ماذا أراد الخازني بمعنى الجاذبية الأرضية (الحدثة مرادفة لحدثة الثقل في اللغة العربية) وكلا الحدثتين لهما نفس الفكرة في المبدأ الحديث لطاقة الوضع الأرضية ومتجه القوة نسبة إلى نقطة (وكلا المعنيين تم اشتقاقهما من الكوهي وابن الهيثم). في إحدى الحالتين، أظهر الخازني أنه أول من اقترح حتى الجاذبية الأرضية لجسم يختلف باختلاف بعد المسافة عن مركز الأرض. في أول إحساس له لحدثة (الجاذبية الأرضية)، إلا حتى المبدأ لم يتم الأخذ به بعين الاعتبار مرةً أخرى حتى اتى نيوتن بقانون الجذب العام في القرن الثامن عشر للميلاد. ولكن في ثاني إحساس له بالحدثة، تم الأخذ بالمبدأ بعين الاعتبار مرةً أخرى من قبل جوردانوس دي نيمور في القرن الثالث عشر للميلاد.
لخص ن. خانيكوف (المترجم الباكر والمعلق لعمل الخازني) أفكاره بالنسبة لموضوع الجاذبية الأرضية في النص التالي: "... ولكن أفكار الفلاسفة العرب بالنسبة لموضوع الجذب هو، في رأيي، أكثر جدارة بالملاحظة بكثير؛ أنا لن أسميها الجذب العام، ولكن لمحاولات مؤلفنا للشرح بالتفصيل سبب إعفاء الأجسام السماوية من تأثير هذه القوة، ولكن بسبب قوة الجذب الأرضي. لم يكن هذا القانون العظيم للطبيعة حاضراً بنفسه في أذهاننا على صورة من الجذب المتبادل لجميع الأجسام الموجودة- كما أعرب نيوتن بعده بخمسة قرون- هوتماماً قانون طبيعي. وفي الوقت التي تم فيه استعراض المبادئ من قبل مؤلفنا وخطوالمراحل الأمامية لتقديمها، كانت الأرض تعتبر في ذلك الوقت ثابتة وغير قابلة للتحرك في مركز العالم، وحتى ولولم تكن قوة الدوران مكتشفة في حينها.
ولكن ما أكثر إذهالاً هوحقيقة أن: ما ورث عن الإغريقيين القدماء من المعتقد السائد بأن الأجسام كلها تنجذب نحومركز الأرض، ويتم تمثيل هذا الجذب بصورة نسبة مباشرة من الكتلة، ووأكثر بكثير لمقد يكونوا قد فشلوا في ملاحظة حتى الجذب هووظيفة المسافة التي تبعد به الأجسام المنجذبة نحومركز الأرض، كما أنهم أحاطوا بوعيهم أنه لوكان مركز الأرض محاطاً بالقطاعات الكروية المركزية، فإن جميع الأجسام ذات الكتل المتساوية الموضوعة فوق هذه الأسطح الكروية يفترض أن تضغط بالتساوي على نفس الأسطح، وبصورة مختلفة لكل سطح كروي. وبهذا- وعلى الرغم من جميع ذلك- فإنهم دعموا بصورة مباشرة حتى الوزن هونفسه الكتلة وأن المسافة عن مركز الأرض- دون أدنى شك- تبدوبعيدة أكثر مما هوفي الظاهر، وأن هذا الجذب من الممكنقد يكون متبادلاً بين الجسم الجاذب والأجسام المنجذبة. وهذا القانون الذي رسخ من قبلهم كان متناقضاً مع المبدأ الذي اعترفوا به، وهوحتى السطح الذي يحتوي على السائل في حالة إتزان هوسطح كروي".
انظر أيضاً
- منجزات الحضارة الإسلامية الفهمية
- منجزات الحضارة الإسلامية في فهم الفلك
- عصر الإسلام المضىي
- اختراعات المسلمين
- الزيج
المصادر
- زهير حميدان. "الخازني (عبد الرحمن ـ)". الموسوعة العربية.
للاستزادة
- ظهير الدين البيهقي، تاريخ حكماء الإسلام، تحقيق محمد كرد علي (منشورات المجمع الفهمي العربي، دمشق 1365هـ).
- عمر فروخ، تاريخ العلوم (دار الفهم للملايين، بيروت 1984م).
- زهير حميدان، أعلام الحضارة العربية الإسلامية في العلوم الأساسية والتطبيقية (وزارة الثقافة، دمشق 1995).