تاريخ اليهود في النمسا

يعود استقرار أعضاء الجماعات اليهودية في النمسا إلى أيام الغزوالروماني. ومع العصور الوسطى، أصبح تاريخ يهود النمسا هوتاريخ يهود فيينا. وتحدَّد ووضع اليهود بوصفهم أقنان بلاط وجماعة وظيفية وسيطة في تلك الآونة شأنهم في هذا شأن جميع الجماعات اليهودية في أوربا. وقد أصدر الدوق فريدريك الثاني (عام 1244) ميثاقاً يمنح اليهود مزايا ويحدد حقوقهم كيهود بلاط، وأصبح هذا الميثاق نموذجاً للمواثيق المماثلة في المجر وبوهيميا وسيليزيا وبولندا.

ومع صدور الفرمان المضىي عام 1356، وُضع اليهود تحت حماية الحكام الإمبراطوريين المنتخبين «إليكتورز Electors»، فأصبح لهم حق فرض الضرائب على أعضاء الجماعات اليهودية وحمايتهم أوطردهم دون تَدخُّل الإمبراطور. وطُرد اليهود جميعاً من النمسا عام 1421، ولكنهم مع هذا لم يختفوا تماماً.

سمح فريدريك الثالث (1440 ـ 1493) لليهود بالعودة، ولذا سُمِّي «ملك اليهود».ولكن ماكسيميليان الأول (1493 ـ 1519) أصدر أمراً بطردهم،وخصوصاً حتى بعض المقاطعات وعدت بتعويض الإمبراطور عما سيحيق به من خسائر مالية نتيجة لذلك، وظل هذا هوالنمط العام السائد:يُطرَد أعضاء الجماعات اليهودية من بعض المقاطعات فيدخلون غيرها،ثم يُسمَح لهم بالعودة، إلى غير ذلك.

وفي القرن السابع عشر، ظهر يهود البلاط ومن أهمهم سامسون فرتايمر وصموئيل أوبنهايمر. وظل وضع الجماعة اليهودية كجماعة وظيفية وسيطة قائماً ولكن قلقاً، وقد وصفتهم الإمبراطورة ماريا تريزا بأنهم « وباء » وبأنهم « مرابون غشاشون »، وفرضت عليهم ضرائب ثقيلة. كما أصدرت عام 1744 أمراً بطردهم من بوهيميا حينما انتشرت شائعة بأنهم خانوا النمسا أثناء حربها مع فريدريك الأكبر إمبراطور بروسيا. ولكن السلطات المحلية وجدت حتى لليهود نفعاً كبيراً، فتوسطت لإلغاء قرار الطرد، وتم ذلك عملاً عام 1748.

وفي عام 1760، أصدرت ماريا تريزا مرسوماً بأن يرتدي اليهـود غير الملتحـين شـارة اليهود ولكنهـا منعـت تعميد الأطفال بالقوة. ويبدوحتى محاولة إصلاح اليهود بدأت في عهدها، فأصدرت أمراً بتيسير عملهم كصباغين وجواهرجية وبائعي ملابس يصنعونها بأنفسهم، وإن كان من الواضح حتى هذه هي بعض الحرف التي عملوا فيها نظراً لارتباطها بالوظائف التي تضطلع بها الجماعة الوظيفية الوسيطة.

وبدأت المحاولات الجادة لدمج اليهود والقضاء على عزلتهم وخصوصيتهم في عهد جوزيف الثاني الذي أصدر عام 1782 براءة التسامح، وهي من أبرز الوثائق في تواريخ الجماعات اليهودية في الغرب والتي تهدف إلى تحويل اليهود إلى عنصر نافع للدولة. وقد مُنح اليهود بالعمل حقوقهم الكاملة عام 1867، فأُتيحت لهم فرص التعليم والحراك الاجتماعي. ثم تصاعد دمج اليهود في المجتمع النمساوي وفي جميع أراتى الإمبراطورية النمساوية المجرية، فاشهجر كبار المموِّلين اليهود ومن بينهم أسرة روتشيلد في عملية التصنيع، وانتُخب أعضاء يهود في المجالس النيابية، وأُعيد تنظيم الجماعة اليهودية بحيث أصبح لكل منطقة جماعة يهودية واحدة بغض النظر عن الخلافات الدينية بين أعضائها.

ووصلت أعداد كبيرة من يهود اليديشية من المجر وجاليشيا وبكوفينا إلى النمسا، واستوطنوا فيينا التي تزايد عدد سكانها من اليهود لهذا السبب. وقد كان عدد يهود فيينا عام 1846 نحو3.739، زاد إلى 9.731 عام 1850 وإلى 15.000 عام 1854. وفي عام 1923، كان عددهم 201.513. وساعد هذا الوضع على ظهور الصهيونية التوطينية. وكانت فيينا المدينة التي يعمل فيها هرتزل مؤسِّس الصهيونية، والتي قضى فيها معظم حياته. كما أدَّى تزايد اليهود إلى تزايد معدلات معاداة اليهود، فظهرت أحزاب معادية لليهودية مثل الحزب الاجتماعي المسيحي الذي كان زعيمه كارل ليوجر. ولكن الحكومة اتخذت موقفاً معادياً لهذه الأحزاب.

وبعد الحرب العالمية الأولى، كان عدد اليهود 300 ألف منهم 201.011 في فيينا. وكان أعضاء الجماعة اليهودية يشكلون الأغلبية في عدة قطاعات استهلاكية، فكانت نسبتهم تتراوح بين 100% و65% من مالكي المصارف والمطاعم وتجارة الخمور والأحذية والفراء والمنسوجات والأخشاب وصناعة الأثاث والصحف وشركات الإعلانات ومحطات الإذاعة وقطاع السينما وصالونات التجميل. وهجرزوا كذلك في تجارة البترول والزيوت والقبعات. وكانت النسبة تصل أحياناً إلى 94% (المطاعم) بل إلى 100% (تجارة الخردة). وهجرزوا كذلك في مهن بعينها دون غيرها، فكانوا يشكِّلون 70% من جملة الفهماء و51% من جراحي الأسنان والأطباء و23% من أساتذة الجامعة (منهم 45% في كليات الطب) و62% من جملة المحامين و55% من جملة الصاغة.

كان هذا هوالوضع الاقتصادي الذي تَحدَّث عنه هرتزل حينما وصف اليهود بأنهم طبقة وسطى ومثقفون، وهوما يبين جهله الشديد بوضع يهود شرق أوربا أي يهود اليديشية. وقد بيَّن إحصاء عام 1923 حتى عدد اليهود في النمسا هو220.208، أما إحصاء عام 1934 فيبين حتى عددهم هو191.481، أي 2.8% من جملة السكان، أي حتى عدد اليهود نقص 28.727 في نحوعشرة أعوام. ولعل هذا كان بسبب تناقص نسبة المواليد. وكان عدد المواليد في فيينا 2.733 نسمة عام 1923، هبط إلى 1.362 عام 1928 ثم إلى 900 عام 1933 وإلى 757 عام 1936. وفي الوقت نفسه، زاد معدل الوفيات، ففي عام 1923 كان عدد الوفيات 2.571 في فيينا، زاد إلى 2.669 عام 1928 وإلى 2.689 عام 1933 وإلى 2.751 عام 1936، أي حتى عدد الوفيات زاد عن عدد المواليد بنحوألفي نسمة عام 1936. وهذه الأرقام قد تفيد في تحديد عدد ضحايا الإبادة الحقيقي.

وبعـد الحـرب العـالمية الثانية، بلغ عدد يهود النمسا نحو12 ألفاً. ويبلغ عددهم في الوقت الحاضر 3000 من مجموع السكان البالغ عددهم 7.805.000، وهم مندمجون تماماً في مجتمعهم. ومن أبرز يهود النمسا المستشار كرايسكي، وهويهودي معاد للصهيونية. ويقوم كثير من يهود الاتحاد السوفيتي بالتوقف في النمسا وتغيير مسارهم، فيتجهون إلى الولايات المتحدة بدلاً من إسرائيل.

وتضم النمسا تنظيمات ومؤسسات ينتظم فيها أعضاء الجماعة اليهودية من أهمها: اتحاد الجماعات اليهودية في النمسا. وهي المنظمة المركزية التي تمثل الجماعات اليهودية المتنوعة في النمسا، والجهة التي تمثلهم لدى المؤتمر اليهـودي العالمي. كما تُوجَد منظمـات صهيونية مختلفـة.

وتضم فيينا المعبد اليهودي الأساسي، كما توجد حجرات مخصصة للعبادة للجماعة السفاردية والجماعات الأرثوذكسية. كما توجد معابد أخرى في مدن بادن ولنز وسالزبورج. ويترأس الجماعة اليهودية من الناحية الدينية كبير الحاخامات، إلا أنه لا يحظى باعتراف الجماعة الأرثوذكسية.

انظر أيضاً

List of Austrian Jews
Jewish history of Salzburg
History of the Jews in Vienna

References

Literature

Eveline Brugger, Birgit Wiedl. Regesten zur Geschichte der Juden im Mittelalter. Band 1: Von den Anfängen bis 1338. Institut für Geschichte der Juden in Österreich. StudienVerlag, Innsbruck. 2005. ISBN 3-7065-4018-5).
Michaela Feurstein, Gerhard Milchram. Jüdisches Wien. Boehlau Verlag, Vienna. 2001. ISBN 3-205-99094-3
Josef Fraenkel (ed.). "The Jews of Austria: Essays on their Life, History and Destruction". Valentine Mitchell & Co., London. 1967. ISBN 85303-000-6
Sabine Hödl, Peter Rauscher, Barbara Staudinger (ed.) Hofjuden und Landjuden. Jüdisches Leben in der Frühen Neuzeit. Philo Verlag, Vienna. 2004. ISBN 3-8257-0352-5
Martha Keil, Elke Forisch, Ernst Scheiber. (ed.) Denkmale. Jüdische Friedhöfe in Wien, Niederösterreich und Burgenland Club Niederösterreich, St. Pölten. 2006. ISBN 3-9502149-0-9.
Christoph Lind. "Der letzte Jude hat den Tempel verlassen": Juden in Niederösterreich 1938–1945. Mandelbaum Verlag, Vienna. 2004. ISBN 3-85476-141-4
Barbara Staudinger. "Gantze Dörffer voll Juden": Juden in Niederösterreich 1496-1670. Mandelbaum Verlag, Vienna. 2005. ISBN 3-85476-165-1
Thomas E. Schärf. Jüdisches Leben in Baden: Von den Anfängen bis zur Gegenwart. Mandelbaum Verlag, Vienna. 2005. ISBN 3-85476-164-3
Werner Sulzgruber. Die jüdische Gemeinde Wiener Neustadt: Von ihren Anfängen bis zu ihrer Zerstörung. Mandelbaum Verlag, Vienna. 2005. ISBN 3-85476-163-5
Nicht in einem Bett - Juden und Christen in Mittelalter und Frühneuzeit. Reihe: Juden in Mitteleuropa, Ausgabe 2005.

وصلات خارجية

Jews in Austria from the Middle Ages to 1970. How the kings played with Jewish emancipations and expulsions - Toleranzedict - emancipation - holocaust - victim theory after 1945 (from Encyclopaedia Judaica)
Institute for the History of Jews in Austria
Holocaust Victims' Information and Support Center
Republic of Austria|Historikerkommission
Jewish community of Vienna
DAVID newsletter
Ordinary exile |Austrian Jewish refugees in France and Belgium
Databases of Austrian Jewish refugees in France and Belgium