أبومحجن الثقفي (توفي 15هـ/ 19 نوفمبر 636م) شاعر وفارس عربي مسلم مغوار من بني ثقيف،وكان رجل من المسلمين قد ابتلى بشرب الخمر وطالما عوقب عليها ويعود ويعاقب ويعود ، بل كان من شدة تعلقه بالخمر يوصى ولده ويقول :
إذا مت فادفني إلى جنب كرمة
|
|
تروي عظامي بعد موتي عروقها
|
ولا تدفنني في الفلاة فإننــــــي
|
|
أخاف إذا ما مت حتى لا أذوقهـا
|
فلما تداعى المسلمون للجهاد ولقتال الفرس في معركة القادسية خرج معهم أبومحجن. وحمل زاده ومتاعه. ولم ينس حتى يحمل خمراً. دسها بين متاعه. فلما وصلوا القادسية، طلب رستم لقاءة سعد بن أبي وقاص قائد المسلمين.
وبدأت المراسلات بين الجيشين. عندها وسوس الشيطان لأبي محجن فاختبأ في مكان بعيد وشرب الخمر. فلما فهم به سعد غضب عليه وحرمه من دخول القتال. وأمر حتى يقيد بالسلاسل ويغلق عليه في خيمة.
فلما ابتدأ القتال وسمع أبومحجن صهيل الخيول وصيحات الابطال لم يطق حتى يصبر على القيد واشتاق للشهادة، بل اشتاق إلى خدمة هذا الدين، وبذل روحه لله، وإن كان عاصياً، وإن كان مدمن خمر، إلا أنه مسلم يحب الله ورسوله.
وأخذ يترنم قائلا:
كفى حزنا حتى تدخل الخيل بالقنى
|
|
وأهجر مشدودا علي وثاقي
|
إذا قمت عناني الحديد وغلقت
|
|
مصاريع دوني تصم المناديا
|
يُقَطِّع قلبي حسرةً حتى أرى الوغى
|
|
ولا سامعٌ صوتي ولا من يَرَانيا
|
وأن أشهدَ الإسلام يدعومُغَوِّثاً
|
|
فلا أُنجدَ الإسلام حينَ نادىنيا
|
وقد كنت ذا مال كثير وإخوة
|
|
وقد هجروني واحدالاأخى ليا
|
فلله عهد لاأحيف بعهده
|
|
لإن فرجت لاأزور الحوانيا
|
ثم أخذ ينادي بأعلى صوته إلى حتى يلتفت إلى زوجة القائد سعد ويناشدها حتى تطلق سراحه ليشهد المعركة معلناً توبته قائلا هذه الابيات
سُلَيْمى دعيني أروِ سيفي من العدا
|
|
فسيفيَ أضحى وَيْحَهُ اليومَ صاديا
|
دعيني أَجُلْ في ساحةِ الحربِ جَوْلَةً
|
|
تُفَرِّجُ من همّي وتشفي فؤاديا
|
وللهِ عهدٌ لا أَحيفُ بعهده
|
|
لئن فُرِّجت أَنْ لا أزورَ الحوانيا
|
فسألته امرأة سعد ماذا ترغب
فنطق فكي القيد من رجلي وأعطيني البلقاء فرس سعد، فأقاتل فإن رزقني الله الشهادة فهوماأريد وإن بقيت فلك علي عهدالله وميثاقه حتى أرجع حتى تضعي القيد في رجلي، وأخذ يرجوها ويناشدها حتى فكت القيدوأعطته البلقاء فلبس درعه وغطى وجهه بالمغفر ثم قفز كالأسد على ظهر الفرس والقى بنفسه بين يدي الكفار علق نفسه بالآخرة ولم يفلح ابليس في تثبيطه عن خدمة هذا الدين
وحمل على القوم برقابهم بين الصفين برمحه وسلاحه، وتعجب الناس منه وهم لايعهدونه ولم يروه بالنهار ومضى أبومحجن يقاتل ويبذل روحه رخيصة في ذات الله عز وجل. نعم مضى أبومحجن.
أما سعد بن أبي وقاص فقد كانت به قروح في فخذيه فلم ينزل ساحة القتال .. لكنه كان يرقب القتال من بعيد فلما رأى أبا محجن عجب من قوة قتاله ، ونطق الضرب ضرب أبي محجن والكركر البلقاء وأبومحجن في القيد ،والبلقاء في الحبس ..!! فلما انتهى القتال عاد أبومحجن إلى سجنه ووضع رجله في القيد ، ونزل سعد فوجد فرسه يعرق فنطق : ما هذا ،يا ترى؟
فذكروا له سيرة أبي محجن فرضي عنه وأطلقه ونطق : والله لا جلدتك في الخمر أبدا ،فنطق أبومحجن : وأنا والله لا شربت الخمر أبدا
فلله در أبي محجن لم تمنعه معصيته من الجهاد في سبيل الله.
مواقع خارجية