الانشقاق الغربي

عودة للموسوعة

الانشقاق الغربي

خريطة تبين التأييد لأڤنيون بالأحمر والتأييد لروما بالأزرق خلال الانشقاق الغربي وحتى مجمع پيزا في 1409 عندما ظهر تأييد لمدع ثالث

الانشقاق العظيم للمسيحية الغربية Western schism أوالانشقاق الباباوي أوالغربي هوانشقاق في كنيسة الروم الكاثوليك وقع بين 1378 و1417. عند نهايته كان هناك ثلاثة أشخاص يدعي جميع منهم أنه البابا الحقيقي. كانت دوافع الانشاق سياسية وليست بسبب خلافات دينية. انتهى الانشقاق بمجمع كونستانس (1414-1418). وقد سببت انادىءات ثلاثة أشخاص للمنصب الباباوي ضرراً بسمعته.


الأصول

أعاد جريجوري الحادي عشر البابوية إلى روما؛ ولكن هل تستطيع البابوية البقاء فيها،يا ترى؟ وكان المجمع الذي انعقد لاختيار من يخلفه مؤلفاً من ستة عشر كاردينالا، لم يكن منهم إيطاليين غير أربعة، وقدم إليهم ولاة الأمور في المدينة معروضاً يطلبون إليهم فيه حتى يختاروا رجلاً من أهل روما ، فإن لم يكن فلا أقل من حتىقد يكون إيطالياً؛ وأرادوا حتى يؤيدوا هذا المطلب فاجتمعت طائفة منهم خارج الفاتيكان، وأنذرت المجتمعين بأنها ستقتل جميع الكرادلة غير الإيطاليين إذا لم ينتخب للبابوية أحد أبناء روما؛ وارتاع لذلك المقدس، فأسرع باختيار بارتولميوپرينيانوBaratolommao Prignano، (1378) كبير أساقفة باري وتسمى باسم اوربان السادس، ثم ولوا هاربين طلباً للنجاة، ولكن روما قبلت هذه الترضية(1).

وحكم اوربان السادس المدينة والكنيسة بنشاط استبدادي عنيف، فعين هوأعضاء مجلس الشيوخ وكبار موظفي البلدية، وأخضع العاصمة الثائرة المضطربة للطاعة والنظام، وروع الكرادلة بأن أعرب عزمه على إصلاح الكنيسة، وانه سيبدأ هذا الإصلاح من أعلى؛ وبعد أسبوعين من هذا الإعلان ألقى عظة عامة حضرها الكرادلة أنفسهم ندد فيها بفساد أخلاقهم وأخلاق كبار رجال الدين، ولم يهجر نقيصة إلا رماهم بها. وقد أمرهم ألا يقبلوا معاشاً، وأن يقوموا بجميع الأعمال التي تحال إلى المحكمة البابوية دون أجور أوهدايا أيا كان نوعها. ولما تذمر الكرادلة وأخذوا يتهامسون مستائين نطق لهم: "إياكم وهذا اللغو"، فلما احتج عليه الكردنال أرسيني Orisini نطق له البابا إنه أبله لا يعقل، ولما اعترض عليه كردنال ليموج Limoges هجم عليه إربان يريد حتى يضربه. وسمعت القديسة كترين بهذا فبعثت إلى البابا الثائر تحذره وتقول له: "اعمل ما ترغب حتى تعمله باعتدال... وحسن نية، وقلب مسالم، لأن التطرف يدمر ولا يبني؛ وإني أستحلفك بحق الرب المصلوب حتى تكبح بعض الشيء جماح هذه الحركات السريعة التي تدفعك إليها طبيعتك"(2). واصم إربان أذنه عن سماع هذا النداء، وأعرب عزمه على تعيين عدد من الكرادلة الإيطاليين يكفي لأن يجعل لإيطاليا أغلبية في مجلس الكرادلة.


أڤينيون روما
فرنسا، أراگون، قشتالة وليون، قبرص، برگندي، ساڤوا، ناپولي، واسكتلندة اعترفوا بمدعي أڤنيون; الدنمارك، إنگلترة، الفلاندرز، الامبراطورية الرومانية المقدسة، المجر، شمال إيطاليا، أيرلندا، النرويج، پولندا، والسويد اعترفوا بالمدعي الروماني.


التبعات

Habemus Papam في مجمع كونستانس.

واجتمع الكرادلة الفرنسيون في أنانيي Anagni، ودبروا الثورة، فلما كان اليوم التاسع من أغسطس عام 1379 أصدروا منشوراً يعلنون فيه حتى انتخاب إربان باطل لأنه تحت ضغط غوغاء روما، وانضم إليهم جميع الكرادلة الطليان، وأعرب المجمع على بكرة أبيه في يوم 20 سبتمبر حتى روبرت من جنيڤ هوالبابا الحق. واتخذ روبرت مقامه في أفنيون وتسمى باسم حدثنت السابع، أما إربان فقد تمسك بمنصبه الديني الأعلى وظل مقيماً في روما. وكان الانقسام البابوي الذي بدأ على هذه الصورة نتيجة أخرى من النتائج التي أسفر عنها قيام الدولة القومية، فقد كان في واقع الأمر محاولة من جانب فرنسا للاحتفاظ بعون البابوية الذي لا غنى لها عنه في حربها مع إنجلترا وفي جميع نزاع مقبل مع ألمانيا أوإيطاليا. وحذت نابلي، وأسبانيا، واسكتلندة حذوفرنسا، ولكن إنجلترا، وفلاندرز، والمانيا، وبولندة، وبوهيميا، والمجر، والبرتغال رضيت بإربان، وأضحت الكنيسة ألعوبة في أيدي المعسكرين المتنافسين. وبلغ هذا الاضطراب غايته، وأثار ضحك الإسلام الآخذ في الانتشار وسخريته؛ فقد كان نصف العالم المسيحي يرى حتى النصف الآخر زنادقة مجدفون، خارجون على الدين. ونددت القديسة كاترين بحدثنت السابع ونطقت إنه هويهوذا؛ وأطلق القديس ڤنسنت فرر St. Vincent Ferrer الاسم عينه على اوربان السادس(3). وادعت كلتا الطائفتين حتى القربان المقدس الذي تقمه الطائفة الأخرى باطل، وأن الأطفال الذين تعمدهم، والتائبين الذين تتلقى اعترافهم، والموتى الذين تمسحهم، يبقون في حالة من الخطيئة الأخلاقية، ملقين في الجحيم أوفي الأعراف إذا عاجلهم الموت. وبلغت العداوة بين الطائفتين درجة لا تعادلها إلا العداوة في أشد الحروب مرارة وعنفاً، ولما حتى ائتمر كثيرون من كرادلة إربان الجدد عليه ليقتلوه لأنه عاجز شديد الخطورة أمر بالقبض على سبعة منهم، وعذبهم، ثم أعدمهم (1385).

ولم يحسم موته (1389) هذا النزاع، ذلك حتى الأربعة عشر من الكرادلة الذين بقوا في معسكره اختاروا پييروتوماچلي Piero Tomacelli لمنصب البابوية، وتسمى بعد اختياره بونيفاس التاسع، وأطالت الأمم المنقسمة انقسام البابوية هذا، ولما توفي حدثنت السابع (1394) رشح كرادلة أڤنيون پييروده لونا Piero de Luna ليكون هوبندكت الثالث عشر، واقترح شارل السادس ملك فرنسا حتى يستقيل البابوان كلاهما، ولكن بندكت لم يقبل هذا الاقتراح. فلما كان عام 1399 أعرب بونيفاس التاسع إقامة عيد عام في السنة التالية؛ وإذ كان يفهم حتى كثيرين ممن ينتظر منهم حتى يقدموا للاشتراك في هذا العيد سيبقون في أوطانهم بسبب ما يسود تلك الأيام من فوضى وأخطار، خول وكلاءه في الأنطقيم ـ حتى يمنحوا جميع ما يترتّب على الحج للاحتفال بالعيد من غفران للذنوب وامتيازات لكل مسيحي يعترف بذنوبه، ويتوب، ثم يهب الكنيسة الرومانية المال الذي يتطلبه السفر إلى روما. ولم يكن جباة هذه الأموال رجال دين ذوي ضمائر حية نزيهة، فقد كان كثيرون منهم يعرضون الغفران دون حتى يتلقّوا اعترافاً ما؛ ولامهم بونيفاس على عملتهم، ولكنّه كان يحس بأنه ما من أحد غيره يستطيع حتى يفيد من المال الذي جمع بهذه الطريقة أحسن مما يفيده منه هو، ولم "يروبونيفاس تعطّشه إلى المضى"(4) كما يقول أمين سرّه وسط ما كان يعانيه من آلام الحصوة المبرحة. ولمّا أراد بعض الجباة حتى يغتالوا بعض هذا المال أمر بتعذيبهم حتى يردوه إليه. ومزقت جماهير روما الغاضبة غيرهم من الجباة لأنهم سمحوا لبعض المسيحيين حتى ينالوا الغفران دون حتى يأتوا الى روما لينفقوا فيها نقودهم(5). وبينا كانت الاحتفالات قائمة على قدم وساق حرضت أسرة كولنا الشعب على حتى يطالب بعودة الحكم الجمهوري، فلما رفض بونيفاس هذا الطلب، قادت هذه الأسرة جيشاً مؤلفاً من ثمانية آلاف محارب هجمت بهم عليه؛ وقاوم البابا الطاعن في السن الحصار بعزيمة ماضية في سانتا أنجيلو، وانقلب الشعب على آل كولنا، وتفرق جيش المتمردين، وزج واحد وثلاثين من زعماء الفتنة في غيابة السجون. ووعد واحد منم بالعفووالابقاء على حياته إذا رضى بأنقد يكون جلاد الباقين؛ فرضى بهذا العمل وشنق الثلاثين الباقين ومنهم أبوه وأخوه(6).

وشبت نار الفتنة من حديث لما توفي بونيفاس واختير إنوسنت السابع لمنصب البابوية (1404) وفر إنوسنت إلى ڤيتربوViterbo وهجم الغوغاء من أهل روما بقيادة جوڤاني كولنا على قصر الفاتيكان، وأعملوا فيه السلب والنهب، ولطخوا شارات إنوسنت بالوحل، وبعثروا السجلات البابوية والقرارات التاريخية في شوارع المدينة (1405)(1) ثم تراءى للشعب حتى روما إذا خلت من البابوات حل بها الخراب والدمار ، فعقد للشعب حتى روما إذا خلت من البابوات حل بها الخراب والدمار، فعقد صلحا مع إنوسنت، فعاد إلى روما ظافراً ومات فيها بعد أيام قليلة من عودته (1406).

ونادى خلفه جريجوري الثاني عشر بندكت الثالث عشر إلى الاجتماع به في مؤتمر. وعرض بندكت حتى يستقيل إذا رضى جريجوري حتى يقوم هوأيضاً بنفس العمل، ولكن أهل جريجوري أشاروا عليه بألاّ يوافق على هذا الاقتراح؛ فما كان من بعض الكرادلة إلا حتى انسحبوا إلى بيزا، ودعوا إلى عقد مجلس عام يختار بابا بترضية العالم المسيحي قاطبة. وحث ملك فرنسا مرة أخرى بندكت على حتى يستقيل، فلما رفض ذلك للمرة الثانية أعربت فرنسا عدم ولائها له، واتخذت موقف الحياد بين الطرفين المتنازعين. ولما تخلى كرادلة بندكت عنه فر إلى أسبانيا، وأنضم هؤلاء الكرادلة إلى الذين تخلوا عن جريجوري، وأصدروا جميعاً دعوة إلى مؤتمر بعقد في بيزا في الخامس والعشرين من شهر مارس عام 1409.

الحل

كان الفلاسفة الثائرون قد وضعوا منذ قرن أويكاد أساس " الحركة المجلسية". ذلك حتى وليام من أوكام William of Occam قد احتج على القول بأن الكنيسة هي رجال الدين؛ ونطق إذا الكنيسة في اعتقاده هي جماعة المؤمنين، وإن الكل ذوسلطان على أي جزء من أجزائه؛ وإن في مقدور هذا الكل حتى يعهد بسلطانه إلى مجلس عام يجب حتىقد يكون له حق اختيار البابا، أوتعذيره، أوخلعه(8). ونطق مرسيليوس Marsillius أحد رجال الدين في بدوا إذا المجلس العام هوعقل العالم المسيحي مجتمعاً؛ ومن ذا الذي يجرؤ بمفرده على حتى يضع عقله وحده فوق هذا العقل العالمي،يا ترى؟ وأضاف حتى هذا المجلس يجب ألاّ يؤلّف من رجال الدين وحدهم، بل يجب حتى يضم إليهم غير رجال الدين يخترهم الشعب نفسه؛ ويجب حتى تكون مناقشاته متحررة من سيطرة البابوات(9). وطبق هاينريش فون لانگن‌شتاين Heinrich von Langenstein أحد فهماء اللاهوت في جامعة باريس هذه الآراء إلى الانشقاق البابوي في رسالة له عنوانها مجالس السلام (1381). ونطق هنريخ في هذه الرسالة إنه مهما يكن من قوة المنطق في حجج البابوات الذين يؤيدون بها سلطتهم العليا المستمدة من الله نفسه، فإن أزمة قد نشأت لم يجد المنطق نفسه سبيلاً للنجاة منها، وليس ثمة وسيلة لإنقاذ الكنيسة من الفوضى التي أخذت تدك قواعدها إلاّ قيام سلطة غير البابوات، تعلوعلى سلطان الكرادلة، وليست هذه السلطة إلاّ سلطة المجلس العام. ونطق جان جيرسن Jean Gerson مدير جامعة باريس في موعظة له ألقاها في ترسكون Tarascon أمام بندكت الثالث عشر نفسه إنه وقد عجزت قوة البابا وحده عن عقد مجلس عام يقضي على انشقاق البابوية، فإن هذه القاعدة يجب إلغاؤها في هذه الأزمة الحاضرة، وأن يعقد مجلس عام بغير هذه الطريقة، يعهد إليه بالسلطة التي يستطيع بها القضاء على هذه الأزمة(10).

وعق مجلس بيزا بالنظام الذي وضع له. فقد اجتمع في الكنيسة الفخمة ستة وعشرون من الكرادلة، وأربعة من البطارقة، واثنا عشر من رؤساء الأساقفة، وثمانون أسقفاً، وسبعة وثمانون من رؤساء الأديرة،ورؤساء جميع طوائف الرهبان الكبرى،ومندوبون عن جميع الجامعات الكبيرةـ وثلاثمائة من رجال القانون الكنسي، وسفراء من قبل جميع الحكومات الأوربية ماعدا حكومات هنغاريا، ونابلي، وأسبانيا، واسكنديناوة، واسكتلندة، وأعرب المجلس أنه كنسي (مشروع حسب قانون الكنيسة) ومسكوني عالمي (أي أنه يمثل العالم المسيحي على بكرة أبيه) ـ وهي دعوى أغفلت الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية والروسية. ونادى هذا المجلس بندكت وجريجوري إلى المثول أمامه، فلمّا لم يلبّ كلاهما الدعوة، وأعرب المجلس خلعهما، ونادى بكردنال ميلان بابا باسم اسكندر الخامس (1409). وطلب هذا المجلس إلى البابا الجديد حتى يدعوإلى الانعقاد مجلساً عاماً آخر قبل شهر مايومن عام 1412 ثم أعرب تأجيل جلساته.

وكان هذا المجلس يرجوحتى يقضي على الانشقاق البابوي؛ ولكن بندكت وجريجوري كلاهما رفضا حتى يعترفا بسلطانه، فإن النتيجة لم تسفر إلاّ عن وجود ثلاثة بابوات بدلاً من اثنين. ولم يساعد موت إسكندر الخامس (1410) على إصلاح ذات البين، فقد اختار كرادلته خلفاً له يوحنا الثالث والعشرين، أسلس الرجال قياداً، منذ أيام سلفه وسميه للجلوس على عرش البابوية. وكان بونيفاس التاسع قد عيّن بلدسارى من كوسا Baldassare of Cossa مندوباً بابوياً على بولونيا؛ فحكمها، كما يحكم رؤساء الجند المغامرون، حكماً مطلقاً لم يراع فيه ذمة ولا ضميراً، فرض فيه الضرائب على جميع شيء، بما في ذلك العهر، والميسر، والربا، ويتّهمه أمين سره الخاص بأنه أغوى مائتي عذراء وامرأة متزوجة، وأرملة، وراهبة(11). ولكنه كان ذا مواهب عالية في شئون السياسة والحرب، جمع أموالاً طائلة، وقاد بنفسه قوة من الجند تدين له هونفسه بالولاء. ولعله كان يستطيع حتى يستولي على الولايات البابوية من جريجوري، وأن يرغم جريجوري نفسه على الخضوع لسلطانه خضوع المفلس الذليل.

وتباطأ يوحنا الثالث والعشرون في دعوة المجلس العام إلى الانعقاد في پيزا أكثر ما يستطيع. ولكن سجسمند أصبح في عام 1411 ملكاً على الرومان والرئيس غير المتوج، ولكنه الرئيس المعترف به، للدولة الرومانية المقدسة. وقد أرغم يوحنا على حتى يدعومجلساً عاماً إلى الانعقاد، واختار مدينة كونستانس مكاناً لانعقاده لتحررها من الإرهاب الإيطالي وقابليتها للتأثر بالنفوذ الإمبراطوري. واتخذ سجسمند الكنيسة سنداً له ونادىمة كما عمل قسطنطين آخر من قبله، فنادى جميع الأحبار، والأمراء، واللوردة، ورجال القانون في العالم المسيحي إلى حضور المؤتمر. وأجاب الدعوة جميع من كان منهم في أوربا عدا البابوات الثلاثة وأتباعهم. وبلغ عدد من لبوا الدعوة واتىوا حين سمحت لهم بذلك مراكزهم العالية، من الكثرة مبلغاً اقتضى جمعهم نصف عام. ولمّا رضى يوحنا الثالث والعشرون آخر الأمر حتى يفتتح المجلس في اليوم الخامس من نوفمبر عام 1414، لم يكن قد قدم إلاّ جزء صغير من البطارقة الثلاثة؛ والتسعة والعشرين كردنالاً، والثلاثة والثلاثين من رؤساء الأساقفة، والمائة والخمسين أسقفاً، والمائة من رؤساء الأديرة، والثلاثمائة من فهماء اللاهوت، والأربعين من مندوبي الجامعات، والستة والعشرين من الأمراء، والمائة والأربعين من النبلاء، والأربعة الآلاف من رجال الدين، نقول إنه لم يكن قد قدم إلاّ عدد صغير من هؤلاء. ولوأنهم حضروا جميعاً لكان هذا المجلس أكبر المجالس في التاريخ المسيحي، ولكان أعظم شأناً بعد مجلس نيقية (325) الذي قرر عقيدة الكنيسة المسيحية. وبينا كان سكان كونستانس في الأوقات العادية حوالي سنة آلاف نسمة، فقد أفلحت وقتئذ في حتى تأوي وتطعم خمسة آلاف مندوب حضروا المجلس، وأن تمدهم فوق ذلك بحاجاتهم، وبجيش من الخدم، والأمناء، والأطباء، والبائعين الجائلين. والدجالين،والشعراء المداحين، وبألف وخمسمائة من العاهرات(12).

وما كاد المجلس يضع جدول أعماله حتى فوجئ بانسحاب البابا الذي نادىه إلى الانعقاد انسحاباً أشبه ماقد يكون بالأعمال المسرحية. ذلك حتى البابا يوحنا الثالث والشرين قد هاله حتى يفهم حتى أعداءه كانوا يتأهبون لأن يعرضوا على المجلس سجلاً يحوي تاريخ حياته، وجرائمه، وتبذله.وأشارت عليه إحدى اللجان بأنه يستطيع النجاة من هذه الفضيحة إذا وافق على الانضمام إلى جريجوري وبندكت وأن ينزل الثلاثة عن عرش البابوية في وقت واحد(13). ووافق يوحنا على ذلك، ولكنه فر على حين غفلة من كنستانس متخفياً في زي سائس (20 مارس عام 1415) ووجد له ملجأ في قصر في شافهوزن مع فردريك أرشيدوق النمسا وعدوسجسمند. ثم أعرب في التاسع والعشرين من شهر مارس حتى جميع الوعود التي بترها على نفسه في مدينة كنستانس قد أرغم عليها إرغاماً بالقوة الجبرية، وأنها ليست لها من القوة ما يلزمه بالوفاء بها. وفي اليوم السادس من إبريل أصدر المجلس قراراً مقدساً وصفه أحد المؤرخين بأنه "أشد الوثائق الرسمية ثورية في تاريخ العالم"(14):

"إن مجلس كنستانس المقدس، الذي هومجلس عام، والمنعقد انعقاداً قانونياً في الروح المقدس، لحمد الله، وللقضاء على الانشقاق القائم الآن، ولتوحيد كنيسة الله وإصلاحها بما في ذلك رأسها وأعضاؤها- إذا هذا المجلس يأمر؛ ويعلن، ويقرر ما يأتي: أولاً، يعلن حتى هذا المجلس المقدس... يمثل الكنيسة المجاهدة، ويستمد معونته من المسيح رأساً، وعلى جميع الناس مهما تكن طبقتهم ومنزلتهم، بما فيها البابوات أيضاً، حتى يطيعوا هذا المجلس في جميع ما له صلة بشئون الدين، وفي القضاء على هذا الانشقاق، ولإصلاح الكنيسة إصلاحاً شاملاً في رياستها وأعضائها. وهويعلن كذلك حتى أي إنسان مهما تكن مرتبته، أوصفته، أومنزلته، بما في ذلك البابا أيضاً، يأبى حتى يطيع الأوامر، والقوانين، والفروض، والقواعد التي يقرّها هذا المجلس المقدس، أوأي مجلس آخر ينعقد انعقاداً سليماً بقصد القضاء على الانشقاق أوإصلاح الكنيسة، يضع نفسه طائلة العقاب الحق... وستتخذ إذا اقتضى الأمر وسائل أخرى للاستعانة بها في تطبيق العدالة(15)".

واحتج كثيرون من الكرادلة على هذا القرار، فقد خشوا حتىقد يكون فيه قضاء على حق مجمع الكرادلة في انتخاب البابا؛ ولكن المجلس تغلب على معارضتهم، ولم يكن لهم بعد ذلك إلاّ شأن صغير في نشاطه.

وأوفد المجلس وقتئذ لجنة إلى يوحنا الثالث والعشرين تدعوه إلى النزول عن عرش البابوية، فلمّا لم تتلقّ منه جواباً صريحاً قبلت (في 25 مايو) ما عرض عليها من التهم الأربع والخمسين التي وجّهت إليه والتي تنص على أنه كافر، كاذب، متجر بالمقدسات والمناصب الكهنوتية، خائن، غادر، فاسق، لص(16)؛ وكانت هناك ست عشرة تهمة أخرى استبعدت لشدة قسوتها(17).وفي اليوم التاسع والعشرين من مايوقرر المجلس خلع يوحنا الثالث والعشرين، وقبل هوالقرار بعد حتى تحطمت آخر الأمر جميع آماله. وأمر سجسمند بأن يسجن في قلعة هايدلبرگ طوال فترة انعقاد المجلس، وأفرج عنه في عام 1418، ووجد في شيخوخته ملجأ ومقاماً عند كوزيموده مديتشي.

واحتفل المجلس بفوزه باستعراض طاف جميع أنحاء مدينة كنستانس، فلما عاد إلى العمل عثر نفسه في مأزق حرج؛ ذلك أنه إذا اختار باباً آخر عاد إلى ما كان في العالم المسيحي من انقسام ثلاثي، لأن كثيراً من أنطقيمه كانت لا تزال تطيع بندكت أوجريجوري. وأنقذ جريجوري المجلس من ورطته بعمل دل على دهائه وشهامته: فقد وافق على حتى يستقيل بشرط حتى يسمح له بأن يدعوالمجلس مرة أخرى ويخلع عليه الصفة الشرعية بما له من سلطة بابوية. ونادى المجلس إلى الانعقاد بهذه الصفة الجديدة، وقبل استنطقته جريجوري في الرابع من شهر يوليه سنة 1415، وأيد صحة من عيّنهم في مناصبهم، واختاره حاكماً من قبل البابا على أنكونا حيث عاش هدوء طيلة السنتين الباقيتين من حياته.

أمّا بندكت فقد أصرّ على المقاومة، ولكن كرادلته تخلّوا عنه وتصالحوا مع المجلس، ولمّا حلّ اليوم السادس والعشرون من يوليه خلعه المجلس، فآوى إلى القصر الحصين الذي تقيم فيه أسرته في بلنسية، حيث توفي في سن التسعين، وهولا يزال يعد نفسه بابا بحق. وأصدر المجلس في شهر أكتوبر قراراً يحتم دعوة مجلس عام آخر إلى الانعقاد في خلال خمس سنين، وفي اليوم السابع عشر من نوفمبر اختارت لجنة المجلس الانتخابية الكردنال أودونى كولونا Oddone Colonna لمنصب البابوية، وتسمّى باسم البابا مارتن الخامس Martin V؛ وارتضاه العالم المسيحي بأجمعه، وبذلك انقضى عهد الانشقاق الأعظم بعد فوضى دامت تسعاً وثلاثين سنة.

إلى غير ذلك وصل المجلس إلى غرضه الأول، ولكن نجاحه في هذه النقطة حال بينه وبين تحقيق غرضه الآخر وهوإصلاح المسيحية. ذلك أنه لمّا جلس مارتن الخامس على عرش البابوية استمسك بكل ما لها من سلطان وامتيازات، فأغضب بذلك سجسمند الذي هوالرئيس الأعلى للمجلس، ثم لجأ إلى المجاملة والدهاء فأخذ يخاطب جميع طائفة من الجماعات القومية الممثلّة في المجلس ويفاوضها في عقد معاهدة معها على حدة خاصة بإصلاح الكنيسة.

وعمل على إثارة المنافسة بين جميع طائفة والأخرى حتى اقنع جميع واحدة منها بقبول أقل قدر من الإصلاح، صاغه في تعبير غامضة يستطيع جميع حزب حتى يفسرها تفسيراً يدّعي فيه أنه هوالفائز، وأنه صاحب الفضل في جميع إصلاح. واستسلم المجلس له لأنه ملّ النزاع، فقد ظل يكدح ثلاث سنين، حنّ أعضاؤه بعدها إلى أوطانهم،وشعروا بأن مجلساً مقدساً يعقد فيما بعد يستطيع حتى يحل معضلة الإصلاح بتفاصيل أوفى وأكثر دقّة من هذا المجلس. وفي الثاني والعشرين من شهر أبريل عام 1418 أعرب المجلس فض جلساته.


التأريخ

پاپوات الانشقاق العظيم
Antipope John XXIII Antipope John XXIII Antipope Alexander V Pope Gregory XII Pope Innocent VII Pope Innocent VII Pope Boniface IX Pope Urban VI Avignon Pope Benedict XIII Avignon Pope Clement VII Pope Martin V Pope Gregory XI

الهامش

المصادر

  • The Three Popes: An Account of the Great Schism, by Marzieh Gail.
  • The Great Schism: 1378, by John Holland Smith (New York 1970).
  • The Origins of the Great Schism: A study in fourteenth century ecclesiastical history, by Walter Ullmann (Hamden, Conn: Archon Books, 1967 (rev. of 1948 original publication)).

وصلات خارجية

  • THE AGE OF THE GREAT WESTERN SCHISM in "btm" format
  • Catholic Encyclopedia article
تاريخ النشر: 2020-06-04 14:00:46
التصنيفات: صفحات تستخدم خطا زمنيا, صفحات تستعمل قالبا ببيانات مكررة, صفحات تستخدم وسوم HTML غير صالحة, Portal templates with all redlinked portals, بابوية أڤنيون, الانشقاق الغربي

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

انتداب المعمل الجنائى لمعاينة حريق شقة سكنية فى الخصوص

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-24 00:20:59
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 68%

حبس المتهمين بالاتجار فى المواد المخدرة بالمطرية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-24 00:21:00
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 66%

الاستعلام عن تأشيرة السعودية برقم الجواز 2022

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-24 00:21:03
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 52%

3 آلاف سائح يزورون معبد الكرنك بينهم 500 مصري - المحافظات

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-24 00:20:18
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 54%

محمد العدل: «القاهرة السينمائى» احتوى على أفلام مميزة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-24 00:21:06
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 67%

أمطار متقطعة على شوارع قرى ومدن دمياط.. وحملات لكسح المياه

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-24 00:20:54
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 53%

تشييع جثمان ضحايا غرق تروسيكل فى مشروع ناصر بالبحيرة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-24 00:20:55
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 68%

سقوط قتيل وإصابة 14 شخصًا فى انفجارين بمحطات حافلات بالقدس

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-24 00:21:13
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 65%

قائد غانا: ما يحدث لـ رونالدو ليس مشكلتنا.. ويمكن أن تحدث مفاجآت

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-24 00:20:48
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 52%

عقب رفض المحكمة استفتاء اسكتلندا.. هل تنفصل الأخيرة عن بريطانيا؟

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-24 00:20:37
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 65%

رانيا فريد شوقى: فوجئت بحذف دورى من أعمال فنية دون إبلاغى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-24 00:21:07
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 69%

مواعيد صرف معاشات شهر ديسمبر 2022

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-24 00:21:04
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 54%

موعد مباراة الزمالك والمصرى فى ربع نهائى كأس مصر والقنوات الناقلة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-24 00:20:38
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 62%

كأس العالم 2022.. بلجيكا تتفوق على كندا بهدف فى الشوط الأول "فيديو"

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-24 00:20:20
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 64%

الأقباط يحتفلون بعشية عيد مارمينا فى دير العجايبى بالإسكندرية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-24 00:20:56
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 52%

بلجيكا تستهل مشوارها فى كأس العالم 2022 بفوز صعب على كندا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-24 00:20:49
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 64%

كيفن دى بروين رجل مباراة بلجيكا وكندا فى كأس العالم 2022

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-24 00:20:48
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 59%

تحميل تطبيق المنصة العربية