تاريخ سويسرا

عودة للموسوعة

تاريخ سويسرا

جزء من عن
التاريخ المبكر
ما قبل التاريخ
الفترة الرومانية (200 ق.م–400)
ألـِمانيا · برگنديا (400–900)
سوابيا · برگنديا (900–1300)
الكونفدرالية السويسرية القديمة
النمو(1291–1516)
الاصلاح (1516–1648)
النظام القديم (1648–1798)
الفترة الانتنطقية
عهد ناپليون (1798–1814)
الإحياء (1814–1847)
التاريخ المعاصر
الدولة الفدرالية (1848)
الحروب العالمية (1914–1945)
موضوعات
التاريخ العسكري
خط زمني
بوابة سويسرا

كانت المنطقة التي تدعى سويسرا حالياً كانت تعهد قديماً باسم هلفتيا نسبة للسكان الهلفتيون (السويسريون) الذين كانوا يقطنونها، وأصبحت هذه المنطقة خاضعة لحكم روما عام 58 ق.م.، وغدت في عام 962م جزءاً من الامبراطورية الرومانية المقدسة. وخاض السويسريون عدة حروب استقلال في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، وتحقق لهم الاستقلال فترة، واعترفت الامبراطورية الرومانية المقدسة رسمياً باستقلال سويسرا عام 1648.

التاريخ المبكر

ديڤيكوويوليوس قيصر بعد معركة بيبراكته


خريطة سويسرا أثناء العصر الروماني.


سويسرا 1066-1300

وكانت سويسرا في العصور القديمة موطن عدد من القبائل المتنوعة- الهلفيتي Helvetii، والرئيتي Raeti، والليبنتي Lepouti- وهم خليط من الأصول الكلتية، والتيوتونية، والإيطالية. واحتلت قبائل الألماني Alemani الهضبة الشمالية وصبغتها بالصبغة الألمانية؛ ثم قسمت البلاد بعد انهيار الدولة الكارولنجية إلى إقطاعيات خضعت للدولة الرومانية المقدسة. غير حتى استعباد سكان الجبال من أشق الأعمال، ولذلك فإن أهل سويسرا سرعان ما حرروا أنفسهم من الاسترقاق الإقطاعي وإن ظلوا يؤدون بعض الالتزامات الإقطاعية. وكان أهل القرى المجتمعون في جمعيات ديمقراطية يختارون موظفيهم، ويحكمون أنفسهم بمقتضى الشرائع الألمانية القديمة شرائع الألماني Alemanni والبرگنديين. وألف الفلاحون المجاورون لبحيرة لوسرن Lucerne "مستوطنات غابية Waldstätte" للدفاع المتبادل- وهذه المدن هي: اوري Uri، ونيدڤالدن Nidewalden، وشويز Schwyz. ومن هذه المدينة الأخيرة اشتق اسم دولة سويسرا. وكان الأهلون الأشداء سكان المدن التي نشأت عند ممرات الألب- جنيف، وكنستانس، وفرايبورگ، وبرن، وبازل- ينتخبون موظفيهم، وينفذون قوانينهم الخاصة بهم، ولم يكن سادتهم الإقطاعيون يعترضون على هذا الأسلوب من الحكم، ما دامت الضرائب الإقطاعية الأساسية تؤدي لهم.

غير حتى كونتات آل هابسبورگ الذين كانوا يسيطرون على الأنطقيم الشمالية منذ عام 1173 لمقد يكونوا يسيرون على هذه القاعدة، ولما حتى حاولوا فرض الالتزامات الإقطاعية بأشد ضروب القسوة، أغضبوا أهل شويز، فألفت الثلاث المقاطعات الغابية في عام 1291 "حلفاً أبدياً" وأقسم أهلها حتى يتعاونوا على صد الغارات الأجنبية، والقضاء على الفتن الداخلية، وأن يفضوا جميع منازعاتهم بالتحكيم، وألا يعترفوا بقاض يُنصب عليهم إذا كان من غير أهل واديهم، أوكان قد ابتاع منصبه. وسرعان ما انضمت مدائن لوسرن، وزيورخ، وكونستانس إلى هذه الجامعة. وسير أدواق هابسبورگ في عام 1315 جيشين على سويسرا ليرغموا أهلها على أداء جميع الالتزامات الإقطاعية، ولكن مشاة شويز وأوري المسلحين بالرماح ذات البلط في رؤوسها هزموا الفرسان النمساويين في "ماراثون سويسرا"، هزيمة انسحبت على أثرها القوات النمساوية، وجددت المقاطعات الثلاث يمين المساعدة المتبادلة (9 ديسمبر سنة 1315)، وأنشأت الاتحاد السويسري القديم. ولم تكن سويسرا قد أصبحت بعد دولة مستقلة، فقد كان المواطنون الأحرار يعترفون ببعض الالتزامات الإقطاعية، وبسيادة إمبراطور الدولة الرومانية المقدسة. ولكن السادة الإقطاعيين والأباطرة المقدسين عهدوا كيف من الممكن أن يحترمون أسلحة المقاطعات والمدن السويسرية وحرياتها، ومهد فوز مورگارتن السبيل لقيام أكثر الديمقراطيات استقراراً وأعظمها تمسكاً بالعقل والاتزان في التاريخ كله .

الكونفدرالية القديمة (1291–1523)

معركة لاوپن (1339) between Swiss forces and an army of the Dukes of Savoy (Diebold Schilling the Elder, 1480s).


الاصلاح (1523–1648)

آنشيان ريجيم (1648–1798)

ليونارد اويلر (1707–83)، واحد من أبرز فهماء عصر التنوير.

في معاهدة وستفاليا عام 1648، حصلت سويسرا على استقلال قانوني عن الإمبراطورية الرومانية المقدسة. The Valtellina became a dependency of the Drei Bünde مرة أخرى بعد المعاهدة وبقت كذلك حتى تأسيس Cisalpine Republic بواسطة ناپليون بوناپرت في عام 1797.

في 1742 تساءل صموئيل جونسن "بأي سياسة عجيبة، أوبأي توافق سعيد بين المصالح، أمكن تجنب الفتن العنيفة في دولة تتألف من شتى المجتمعات ومختلف الأديان، رغم حتى في أهلها من الولع بالحرب ما يجعل من تقرير جيش ومن حشده شيئاً واحداً؟.

هذا المركب الغريب من ثلاثة شعوب، وأربع لغات، وممضىين، ظل في سلام مع العالم الخارجي منذ 1515. فبمقتضى ضرب من الميثاق المبرم بين اللصوص أمسكت الدول عن مهاجمته، ولقد كان مطمعاً غاية في الصغر (بلغ 227 ميلا في أقصى طوله، و137 في أقصى عرضه) فقيراً جداً في موارده الطبيعية، شديد الوعورة في أرضه، اتصف أهله بشجاعة تثبط همة المعتدى. واستمر السيسرون ينجبون خيرة الجنود في أوربا، ولكن الاحتفاظ بهم كان غالي الكلفة، لذلك كانوا يؤجرون لشتى الحكومات بثمن للجندي. وفي 1748 كان هناك ستون ألفاً من هؤلاء الجنود "الجوالين" في خدمة الدول الأجنبية. وقد أصبحوا في بعضها جزءاً دائماً من المؤسسة العسكرية؛ وكانوا أحب الحرس للبابوات والملوك الفرنسيين وأحوزهم لثقتهم؛ والعالم كله يعهد كيف من الممكن أن قضى الحرس السويسري لآخر رجل منهم دفاعاً عن لويس السادس عشر فيعشرة أغسطس 1792.

وفي 1715 كانت ثلاثة عشرة مقاطعة تؤلف الاتحاد السويسري: أبنتسيل، وبازل، وجلاروز، وشافهاوزن، وزيورخ-وكانت في أغلبها ألمانية وبروتستنتية؛ ثم لوسرن، وشفيتس، وزولوتورن، وأونترفالدن، وأورى، وبتسوج-كلها ألمانية وكاثوليكية، ثم برن، وكانت ألمانية وفرنسية، بروتستنتية وكاثوليكية؛ ثم فريبورج، وكانت فرنسية وكاثوليكية. وفي 1803 ضم الاتحاد إليه مقاطعات أراجاو، وسانت جالين، وتورجاو(ألمانية بروتستنتية)، وتيتشينو(إيطالية وكاثوليكية)، وفو(فرنسية وبروتستنتية). وفي 1815 أضيفت ثلاث مقاطعات جديدة هي جنيف (فرنسية وبروتستنتية تنقلب الآن كاثوليكية بسرعة)، وفاليه (فرنسية، وألمانية، وكاثوليكية) والأنطقيم المعروف للفرنسيين باسم جزيزون وللألمان باسم جراوبوندن تغلب عليه البروتستنتية، ويتحدث الألمانية أوالرومانش، وهي لاتينية أثرية.

وكانت سويسرا جمهورية النظام، ولكنها لم تكن ديمقراطية بمعناها المعروف، ففي جميع مقاطعة تنتخب أقلية من السكان الذكور البالغين، الذين ينتمون عادة للأسر العريقة، مجلساً صغيراً يتألف من أربعة وعشرين إلى أربعة وستين عضواً. وكان المجلس الصغير يعين مجلساً خاصاً أصغر منه وعمدته وهوأكبر موظفي المقاطعة. ولم يكن هناك فصل للسلطات، فالمجلس الصغير هوأيضاً المحكمة العليا. وقصرت المقاطعات الريفية (وهي أوري، وشفيتس، وأونتفالدن، وجلاروز، وتسوج وأبنتسيل) حق الانتخاب على الأسر الوطنية، أما غيرها من المقيمين بها، مهما طال مقامهم، فيحكمون بوصفهم طبقة تابعة. ومثل هذه الأولجركيات كانت شائعة في سويسرا. فلوسرن مثلا قصرت صلاحية التعيين في الوظائف الحكومية على تسع وعشرين أسرة، ولم تسمح لأسرة جديدة بدخول هذه الدائرة إلا إذا انقرضت إحدى الأسر القديمة. وفي برن كانت 243 أسرة صالحة للتعيين في الوظائف، ولكن نحوثمان وستين منها فقط هي التي تقلدت المناصب بصفة دائمة. وفي 1789 لاحظ المؤرخ الروسي نيكولاي كارامزين حتى مواطني زيورخ "يفخرون بلقبهم فخر ملك بتاجه" لأن "أحداً من الأجانب لم يحصل على حق المواطنة منذ نيف و150 سنة." (وعلينا حتى نذكر أنفسنا بأن جميع الديمقراطيات تقريباً أوالأولجركيات، لأن الأقليات يمكن تنظيمها للحركة والسلطة، أما الأغلبيات فلا).

وكان في حكومة المقاطعة نزوع إلى النظام الأبوي الذي يحتاج الطاعة لأولي الأمر. مثال ذلك حتى المجالس في زيورخ أصدرت القوانين المنظمة للأكل، والشرب، والتدخين. وقيادة العربات، وحفلات الزفاف، واللباس، والتزين، وقص الشعر، وأجور العمل، ونوعية المنتجات، وأسعار الضروريات، وكانت هذه الأوامر من مخلفات القوانين البيئية أوالنقابية القديمة، والواقع حتى "مفهمي" النقابات الحرفية الأثنى عشرة في زيورخ كانوا يكتسبون عضوية المجلس الصغير تلقائياً، بمعنى حتى هذه المقاطعة كانت إلى حد كبير دولة نقابية. وقد خط جوته في أخريات القرن حتى شواطئ بحيرة زيورخ تعطي "فكرة جذابة مثالية عن أروع وأسمى حضارة".

أما "مدينة وجمهورية" برن فكانت أكبر وأقوى المقاطعات. فهي تضم ثلث سويسرا، وتتمتع بأغنى اقتصاد، وحكومتها محط الإعجاب عموماً لما تتميز به من تدبير وطفاية؛ وقد شبهها مونتسكيوبروما في أزهى عصور الجمهورية. أما وليم كوكس، وهوقسيس بريطاني ومؤرخ عالم، فقد وصف المدينة كما رآها في 16 سبتمبر 1779 بهذه العبارات:

حين دخلت برن أدهشني ما تميزت به من نظافة وجمال. شوارعها الرئيسية عريضة طويلة، ليست مستقيمة، بل منعطفة انعطافاً هينا، وتكاد بيوتها تكون متماثلة، وهي مبنية بحجر تغلب عليه الشهبة ومن تحتها البواكي. ويجري وسط الشوارع نهير نشيط، ماؤه شديد الصفاء، في مجرى صخري، وهناك نافورات عديدة تضفي على المدينة جمالا يعدل نفعها لأهلها. ويكاد نهر آر يحيط بالمدينة، إذ يلتف مجراه فوق قاع صخري أوطأ كثيراً من مستوى الشوارع.. والريف المجاور غني بالغرس، فيه تنويع لطيف من تلال ومروج وغابات ومياه... وترسم على الأفق البعيد سلسلة شديدة الانحدار من جبال الألب الوعرة المكللة بالثلوج".

أما الخطأ الفادح الذي ارتكبه نبلاء برن ففي معاملتهم لمقاطعة فو. فهذا الفردوس الأرضي كان يمتد بحذاء الضفة السويسرية لبحيرة جنيف من أرباض مدينة جنيف حتى لوزان (العاصمة) ويصل شمالا إلى بحيرة نيوشاتل. على هذه الضفاف الجميلة والتلال الزاخرة بالكروم استمتع فولتير وجيبون بحياة غاية في التحضر، وشب روسووتعذب، واختار بيت جولي الفاضل (في كلارنس، قرب فيفي). وقد خضع الإقليم لسيادة برن في 1536، ففقد مواطنوه حقهم في تقلد المناصب الحكومية، واشتد تبرمهم بالحكم البعيد عنهم، وتكررت ثوراتهم دون جدوى.

وكانت المقاطعات شديدة الحرص على استقلالها الذاتي. جميع منها تعتبر نفسها دولة ذات سيادة، لها الحرية في خوض الحرب أوإبرام الصلح أوالدخول في أحلاف أجنبية، مثال ذلك حتى المقاطعات الكاثوليكية ارتبطت بفرنسا طوال حكم لويس الخامس عشر. ورغبة في التخفيف من الصراع بين المقاطعات كانت جميع منها ترسل مندوبين عنها إلى مجلس سويسري (ديت) ينعقد في زيورخ. ولكن هذا المجلس الاتحادي (الكونجرس) كانت سلطاته محدودة جداً، فهولا يستطيع فرض قراراته على أي مقاطعة ترفضها. ويجب حتى توافق جميع المقاطعات على هذه القرارات لكي تكون قانونية. وكانت حرية التجارة مقبولة من حيث المبدأ، ولكن حروب المكوس بين المقاطعات انتهكت هذا المبدأ. ولم تكن هناك عملة مشهجرة، ولا إدارة مشهجرة للطرق التي تربط المقاطعات.

على حتى الحياة الاقتصادية زكت رغم العوائق الطبيعية والحواجز التشريعية. وكان رق الأرض قد زال في بضع مناطق على الحدود الألمانية أوالنمساوية، فملك الفلاحون كلهم تقريباً الأرض التي يغرسونها. وكان الفلاحون فقراء في "مقاطعات الغابات" (وهي أوري، وشفايتس، وأونترفالدن، ولوسرن) وذلك لظروف جغرافية؛ أما حول زيورخ فازدهرت أحوالهم، وفي برن جمع الكثير من الفلاحين ثروات بالفلاحة التي اتسمت بالعناية والمثابرة. وقد اضطر كثير من السويسريين إلى الجمع بين الزراعة والصناعة لطول الشتاء وصعوبة النقل؛ فالأسرة التي تغزل القطن أوتصنع الساعات تغرس الحدائق أوتغرس الكروم. واشتهرت فريبورج بجبها الجروبير (جرافيرا)، وزيورخ بدنتللتها، وسانت جالين بقطنها، وجنيف بالساعات، ونيوشاتل بالدنتيللا، وسويسرا كلها بالأنبذة. وكانت المالية السويسرية حتى في ذلك الحين مثار حسد أوربا، والتجار السويسريون نشيطين في جميع بلد. وأثرت بازل من الاتجار مع فرنسا وألمانيا، وزيورخ من الاتجار مع ألمانيا والنمسا. ونافست بازل وجنيف ولوزان، أمستردام ولاهاي مراكز للنشر. وبعد حتى أشاد هاللير وروسوبجمال البحيرات السويسرية المتألق وجبال الألب السويسرية المهيب، أمدت السياحة الاقتصاد الاتحادي بدعم متزايد.

أما مستوى الأخلاق فلعله كان في سويسرا أرقى منه في أي بلد آخر باستثناء إسكندناوة، حيث أنتجت الظروف المماثلة نتائج مماثلة. فكانت أسرة الفلاح مثالاً للجد، والعفة، والوحدة، والتدبير. وكان في المدن بعض الفساد في السياسة وبيع المناصب، ولكن حتى في هذه الأماكن أعانت الخشونة التي ولدها المناخ القاسي، والإقليم الجبلي، والآداب البروتستنتية، على الاستقرار الخلقي. وكان اللباس محتشما سواء عند الأغنياء أوالفقراء. وظلت قوانين الإنفاق صارمة مرعية الجانب في سويسرا.

أما الدين فكان نصف الحكم ونصف الصراع. فالحضور إلى الكنيسة إجباري، والمدن من الصغر بحيث يستحيل على الخوارج المتمردين حتى يجدوا ملاذا في زحمة الجماهير. ويوم الأحد يوم تعبد لا هوادة فيه، ويروى إذا الحانات في زيورخ كانت تهتز بالمزامير ترتل فيها في يوم الرب(12). ولكن الممضىين المتنافسين - الكلفني والكاثوليكي- ضربا أسوأ أمثلة السلوك، لأنهما أطلقا العنان للحقد والكراهية وقيدا العقل بالأغلال. وحظرت بعض المقاطعات الكاثوليكية جميع تعبير إلا الكاثوليكية، وبعض المقاطعات البروتستنتية جميع عبادة إلا البروتستنتية. وحرم القانون الخروج على الكنيسة الرسمية وتأليف مذاهب مستقلة. وفي لوسرن عذب ياكوب شمدلن في 1747 ثم شنق لمحاولته تنظيم حركة "تقوية" مستقلة عن الكنيسة. وكان حلف يمين الالتزام بالكلفنية شرطاً لشغل المناصب السياسية أوالكنسية أوالتعليمية في لمقاطعات البروتستنتية. وفرضت الكنيسة والدولة رقابة شديدة على المطبوعات. وفي مقاطعات الغابات تضافر فقر الفلاحين، والعواصف، وإنزلاقات الأرض، وانهيارات الثلوج، وآفات الغرس، والفيضانات، والرهبة من الجبال المحيطة بالسكان- كلها اجتمعت تولد فيهم خوفاً خرافياً من الأرواح الشريرة الساكنة في القمم المحملة والرياح المدومة، ولكي يقهر الفلاحون المكروبون أعداءهم الخارقين للطبيعة كانوا يتوسلون إلى قساوستهم حتى يخرجوا الأرواح النجسة ويمنحوا بترانهم البركة في مراسم دينية. وقد انتهى حرق المتهمين بالسحر في جنيف عام 1652، وفي برن عام 1680، وفي زيورخ عام 1701، وفي المقاطعات الكاثوليكية عام 1752، ولكن امرأة في جلاروز بتر رأسها عام 1782 وكانت تهمتها أنها سحرت طفلاً.

وانبثق النور وسط هذه الظلمة بفضل المدارس الحكومية والمخطات العامة. وكانت جامعة بازل تعاني اضمحلالا من جراء التعصب الديني، فلم تكد تقدر منجزات يوهان وياكوب ودانيال برنولي، وأكرهت ليونارد اويلر على الهروب إلى قاعات أكثر سماحة لضيوفها. ولكن سويسرا رغم هذا أنجبت الأدباء والشعراء والفهماء في تناسب تام مع عدد سكانها. وقد ذكرنا من قبل العالمين الزيورخيين يوهان ياكوب بودمير ويوهان ياكوب برايتنجر، وقد كان لهما أثر دائم على الأدب الألماني لأنهما عارضا إعجاب جوتشيد المفرط ببوالووالأشكال الكلاسيكية؛ ودافعا عن حقوق الوجدان، والعناصر الغيبية، بل اللامعقولة، في الأدب والحياة؛ وأشادوا بالشعر الإنجليزي وفضلا على الفرنسي، وقدما شكسبير وملتن لقراء الألمانية، وبعثا الأغاني القديمة (1751) وشعراء العصر الوسيط الغنائيين الألمان minnesungers وانتقل ممضىهم إلى ليسنج، وكلوبشتوك، وشيلر، والشاب جوته، وفتح الطريق للحركة الرومانسية في ألمانيا ولإحياء الاهتمام بالعصور الوسطى. وسار على هذا الدرب شاعر زيورخي يدعى سالومون جسنر، وأصدر قصائد"رعوية" (1756) فيها من فتنة الريف ما جعل أوربا بأسرها تترجمها، وشعراء مثل فيلاند وجوته يحجون إلى بيته.


السويسريون 1754-1798

إن الذي استمتعوا منا بالهدوء وسط جنة الطبيعة في سويسرة، وبالإلهام من شجاعة شعبها وأمانته، يشق عليهم حتى يدركوا حتى من تحت الخلق الهادئ، والفلاحة الصابرة، والصناعة المستقرة التي أعجبت بها أوربا وتعجب بها الآن، كانت تمكن الصراعات الطبقية-صراعات بين الجنس والجنس، وبين اللغة واللغة، وبين العقيدة والعقيدة، وبين الإقليم والإقليم، وبين الطبقة والطبقة. وكان السويسريون في نطاقهم المتواضع قد اقتربوا جداً من تحقيق ذلك المثل الأعلى الذي صوره الأب سان-بيير وحلم به بروسووكانط: وهوالاتحاد الكونفدرالي يعقد بين دويلات مستقلة في شئونها الداخلية، ملتزمة بالعمل الموحد في علاقاتها بالعالم المحيط بها. في 1760 تكون الاتحاد الهلفيتي لدعم الولاء للأمة أكثر من الإقليم، ولتوحيد الحركات المبعثرة للإصلاح السياسي.

وقد قدر فولتير-الذي كان يعيش عن كثب-سكان سويسرا في 1767 بـ 720.000 نسمة(1). وكان أكثرهم يفلح الأرض أويغرس الكروم، ويسطب المنحدرات إلى ما يقرب من قمم الجبال. وكانت صناعة النسيج في نمومطرد لا سيما في إقليم سانت جالن وكانتون زيوريخ؛ وكانت مراكز صناعية أخرى بسبيلها إلى التشكل في جلاروس، وبرن، وبازل؛ أما جنيف ونويشاتل فكانتا المركزين العظيمين لصناعة الساعات. وأنشأ الوكلاء المنتشرون في أراتى أوربا من لندن إلى الآستانة (التي كان بها ثمانية وثمانون منهم) لجنيف تجارة صادر حققت الثراء السريع للمدينة الواقعة على الرون. وكثرة المصارف لأن الماليين السويسريين كانوا قد اكتسبوا سمعة دولية بالأمانة.

وكانت أغلب الكفاءات، كما هي الحال في جميع بلد، مركزة في أقلية الرجال، فأدى هذا إلى هجريز الثروة. وكانت الكانتونات بصفة عامة تحكمها أولجركيات تسلك مسلك أي طبقة حاكمة. فلإشراف رعاة أسخياء للآداب والعلوم والفنون ولكنهم يقاومون جميع خطوة للتوسع في حق الانتخاب. وقد اتهم جبون، الذي يسكن لوزان، أولجركية برن بأنها تثبط الصناعة في الأنطقيم التابعة لها، وتبقى على هبوط مستوى المعيشة فيها عملاً بالمبدأ اللائق "إن الرعايا الفقراء المطيعين خير من الأغنياء المتمردين"(2). وقد نظمت جماعات لإلغاء الامتيازات الاقتصادية أوالسياسية غير مرة، ولكنها صدرت بقوة الدولة والكنيسة المتحالفتين(3). واضطربت أحوال جنيف آناً بعد آن نتيجة حرب الطبقات طوال القرن الثامن عشر. وساد فها سلام نسبي من 1737 إلى 1762، ولكن إحراق المجلس البلدي لكتاب إميل (1762) فجر الدعوة لتوسيع حق التصويت. وعضد الحركة روسووفولتير، بعد جدل كثير نزلت طبقة الإشراف للطبقات الوسطى عن قسط صغير في الحكم.

وقد خلف هذا ثلاثة أرباع السكان مجردين تماماً من حق التصويت-الوطنيون (أوالأهالي) وهم الأشخاص المولودون في جنيف ولكن الأبوين من غير الوطنيين. وهؤلاء حرموا أيضاً من معظم المهن، ومن المناصب الحربية، ومن الارتقاء مفهمين في النقابات الحرفية؛ وقد منعوا من توجيه الملتمسات إلى المجلس الأكبر والمجلس الأصغر اللذين يحكمان الجمهورية. غير أنهم أثقلوا بالضرائب. وفي أربعة أبريل 1766 مضى وفد من "الوطنيون" إلى فرنيه وطلبوا إلى فولتير حتى يساعدهم في نيل حق التصويت. فنطق لهم: "يا أصدقائي، إنكم تؤلفون أكثر الطبقات عدداً في مجتمع مستقل كادح، وأنتم ترسفون في العبودية ولا تطلبون إلا حتى تتمتعوا بميزاتكم الطبيعية، أي حتى تمنحوا هذا الطلب المتواضع لا أكثر. وسأعنيكم بكل ما أملك من نفوذ...

فإذا أكرهتم على الرحيل عن وطن يثري على حساب كدكم، فسأستطيع تقديم العون لكم وحمايتكم في مكان آخر"(4). ولكن الطبقتين الأرستقراطية والبورجوازية اتحدتا في مقاومة نداء "الوطنيين"، وكل ما استطاعه فولتير هوحتى يرحب في مستعمرته الصناعية بكل من وفد عليه من الصناع الساخطين (1768). وفي 1782 هب الوطنيين في ثورة أطاحت بطبقة الإشراف وأقامت حكومة نيابية. ولكن النبلاء استنجدوا بفرنسا وبرن سردينيا؛ فتدخلت هذه الدول، وأخمد التمرد، وردت الأولجركية إلى الحكم. وكان على الوطنيين حتى ينتظروا مجيء الثورة الفرنسية لتأتيهم بالحرية.

وأنجبت الكانتونات في ثلث القرن الذي نحن بصدده بعض الشخصيات ذات الشهرة الدولية. فكان يوهان هاينريش بستالوتسي أحد الأفراد النادرين الذين يتخذون العهد الجديد مرشداً للسلوك. وقد اتفق مع روسوعلى حتى المدنية أفسدت الإنسان، ولكنه أحس حتى الإصلاح يمكن حتى يأتي لا عن طريق القوانين والنظم الجديدة، ولكن بإعادة تكوين السلوك الإنساني بالتربية. ومن ثم كان طوال حياته يرحب بالأطفال لا سيما الفقراء منهم، وخصوصاً المشردين؛ يؤويهم ويفهمهم، ويطبق في تعليمهم المبادئ التحررية التي احتواها كتاب روسو"إميل"، مع أفكار من عنده. وقد بسط آراءه في كتاب كان أكثر الخط انتشاراً بين قراء ذلك الجيل. فالبطلة في كتابه "ليونهارد وجرترود" (1781-85) تصلح قرية بأسرها بمحاولة معاملة الناس كما لوكان المسيح يعاملهم، وبتعليم أطفالها في مراعاة صابرة لغرائزهم واستعداداتهم الفطرية. ومن رأي بستالوتسي حتى يعطي الأطفال من الحرية القدر الذي تسمح به حقوق الآخرين. فينبغي حتى يبدأ التعليم المبكر بالقدوة، وأن يفهم الطفل بالأمور والحواس، والخبرة، لا بالحدثات أوالأفكار أوالصم. وقد مارس بستالوتسي طرائقه في مدارس سويسرية شتى، ولا سيما في ايفردون. وهناك زاره تاليران، ومدام دستال، وغيرهما؛ ومنها انتشرت نظرياته في طول وأوربا وعرضها. على حتى جوته شكا من حتى مدارس بستالوتسي تكون أشخاصاً فرديي النزعة، وقحاء، مغرورين، متمردين(5).

وهناك انجليكا كاوفمان، المولودة في كانتون جريزون، والتي نافست مدام فيجيه لبرون بوصفها أشهر فنانة في جيلهما. فكانت تجيد الرسم، فضلاً عن إتقانها العزف، حتى وهي في الثانية عشرة، إجادة حملة الأساقفة والنبلاء على حتى يجلسوا إليها لتصورهم. وفي الثالثة عشرة (1754) اصطحبها أبوها إلى إيطاليا حيث واصلت دراساتها، واحتفى بها القوم أينما مضىت تقديراً لمهاراتها وإعجاباً بسحر شخصها. وحين دعت إلى إنجلترة عام 1766 أثارت ضجة بتصويرها جاريك. وأغرم السير جوشوا رينولدز جداً بـ "الآنسة اينجل"، وصورها، فصورته بدورها. وقد شاركت في إنشاء الأكاديمية الملكية للفنون، التي كلفتها هي وغيرها في 1773 بتزيين كتدرائية القديس بولس. وفي 1781 قفلت إلى روما، حيث (1788) سلكت جوته في عداد أصدقائها الأوفياء. وماتت هناك في 1807، وكان مأتمها الذي نظمه كانوفا حدثاً من أحداث العصر، وشيعها مجتمع الفنانين بأكمله إلى مثواها الأخير.

أما أبرز شخصيات الجيل السويسرية بعد روسوفهويوهان كاسبار لافاتر. ولد في زيورخ في 1741، وأصبح راعياً بروتستنتياً، واحتفظ طوال حياته بأحر الولاء للمسيحية التقليدية. وقد رأينا محاولاته لهداية جوته ومندلسون. ولكنه لم يكن دجماطيقياً، فقد احتفظ بصداقاته عبر الحدود الدينية والقومية، واحترمه جميع من عهده، وأحبه الكثيرون(6). وقد ألف خطاً فيها ورع صوفي، وشرح سفر الرؤيا شرحاً مغرباً في الخيال، وآمن بالقوى المعجزية للصلاة ولكاليوسترو، ومنح زوجته علاجات "تنويمية" عملاً بإرشادات مزمير. وكان أخص نادىواه حتى خلق الإنسان يمكن الحكم عليه من ملامح وجهه ومحيط دماغه. فأثار اهتمام جوته وهردر بآرائه، وقد أسهما بمنطقات لكتابه "شذرات في الفراسة" (1775-78) وقد تفهم نظرات الأفراد البارزين، وأدمغتهم، وأشكالهم، وربط بين ملامح الجمجمة والوجه وصفات نوعية للعقل والخلق. وقد قبلت تحليلاته واستنتاجاته على نطاق واسع، ولكنها الآن مرفوضة بوجه عام. على حتى المبدأ العام الذي نادى به، وهوحتى الصفات السيكولوجية تشارك (مع الهواء والبيئة والغذاء والمهنة الخ..) في تشكيل الجسم والوجه، مازال يحوي قدراً كبيراً من الحقيقة، فكل وجه إنما هوترجمة ذاتية.

وكان لافاتر جزءاً من حركة إزهار ضمت روسو، والشاعر والعالم ألبرشت فون هالر، والشاعر والمصور سلومون جسنر، والمؤرخ يوهان فون مولر، وهوراس دسوسير، الذي بدأ رياضة تسلق الجبال بارتقائه جبل مون بلان في 1787 بعد محاولات اتصلت سبعة وعشرين عاماً. وأحست الكنتونات خلال ذلك برياح الثورة تهب عليها عبر الحدود من فرنسا. وفي 1797 انضم فردريك سيزار ولاهارب، الذي كان مفهماً خاصاً لحفيدي كاترين الكبرى، إلى بيتر أوخس عضونقابة التجار في بازل، في دعوة حكومة الثورة الفرنسية لتساعدهما على إنشاء جمهورية ديمقراطية في سويسرة. وقد مهدت الطريق لهذه المستوى ثورة محلية في برن وفو(يناير 1798)؛ فعبر جيش فرنسي الحدود في 28 يناير، ورحب به أكثر السكان السويسريين محرراً لهم من الأولجركية، وفي 19 مارس أعربت "جمهورية هلفيسية واحدة لا انقسام لها". فأطاحت بكل امتيازات الكانتونات والطبقات والأشخاص، وجعلت سويسرة كلها سواء أمام القانون. وكان زيورخ أطول الأنطقيم مقاومة، وفي الهياج الشديد الذي تلا ذلك أصيب بطلق ناري الشيخ الأمين لافاتر (1799)، فمات في 1801 متأثراً بجرحه تأثراً بطيئاً.

العصر النابليوني (1798–1848)

شعرت سويسرا بنبص الثورة الفرنسية بكل مودة الجار. لقد رحب الليبراليون السويسريون بالثورة الفرنسية كدعوة للحرية، وأعرب جوهان (يوهان) فون ميلر Muller (2571 - 9081) أشهر المؤرخين المعاصرين في 41 يوليو9871 حتى يوم قيام الثورة الفرنسية هوأفضل يوم في تاريخ أوربا منذ سقوط الإمبراطورية الرومانية، وعندما تولى اليعاقبة زمام الأمر، خط لأحد أصدقائه الذي لا ريب فيه أنك تشاركني أسفي أنه في الجمعية الوطنية (الفرنسية) نجد الفصاحة والبلاغة تطغى على الفهم السليم، وربما تفهم أنه نظراً لرغبتهم في حتىقد يكونوا أحرارا إلى أقصى درجة فلنقد يكونوا أحرارا أبداً. ومع هذا لابد حتى تتمخض الأيام عن شيء لأن هذه الأفكار تسكن في جميع قلب(1).

فريدريك-سيزار دلا هارپ Frédéric-César de La Harpe - الذي كان قد عاد في سنة 6971 إلى موطنه سويسرا - بعد حتى أشرب عقل القيصر ألكسندر الأول بالليبرالية - انضم مع پيتر اوكس Peter Ochs وغيره من الثوار السويسريين ليكونوا النادي السويسري (الهلفيتي Helvetic) الذي عمل على الإطاحة بحكم الأوليجاركيات Oligarchies (الأوليجاركية نظام يقوم على حكم الأقلية) التي تحكم الكانتونات (الولايات) السويسرية. وعندما كان نابليون يمر عبر سويسرا بعد غزوته الأولى لإيطاليا، لاحظ هذه الومضات فلفت نظر حكومة الإدارة في فرنسا أنها ستجد أعوانا كثيرين إذا اختارت لقاءة النشاطات المعادية للثورة الفرنسية التي يقوم بها المهاجرون الفرنسيون الذين هجروا فرنسا إثر أحداث الثورة فيها، والذين - أي هؤلاء المهاجرون - يجدون ملجأ عند الأرستقراطية السويسرية التي لهم العون. وأدركت حكومة الإدارة في فرنسا القيمة الاسترايتجية لسويسرا في الصراع بين فرنسا والأمراء الألمان، فأوفدت جيشا إلى الكانتونات (الولايات السويسرية) وضمت جنيف وقضت على حكم الأوليجاركات، وأقامت - بعون متحمس من الثوريين السويسريين - الجمهورية السويسرية (الهلفتية Helvetic) تحت الحماية الفرنسية (8971).

وانقسمت الحكومة السويسرية الجديدة إلى يعاقبة (وطنيين) ومعتدلين، وفيدراليين. وقد تعاركوا وحبك جميع منهم انقلابا، ولما خشوا مغبة الفوضى والحرب الداخلية طلبوا من نابليون (كان في منصب القنصل الأول في هذا الحين) حتى يعطيهم دستورا جديدا. وفي سنة 1081 أوفد لهم دستورا Constitution of Mailmaison كان رغم ما به من قصور أفضل دستور كانت تأمل فيه سويسرا(2) رغم أنه - أي هذا الدستور - احتفظ بسويسرا تحت الوصاية الفرنسية. وبعد مزيد من المعارك الداخلية أطاح الفيدراليون بالحكومة الجمهورية ونظموا جيشا جديدا واقترحوا تجديد حكم الأوليجاركية (حكم الأقلية) فتدخل نابليون وأوفد جيشا من ثلاثين ألف مقاتل لإعادة السيطرة الفرنسية على سويسرا. وطلبت الفرق المتنازعة من نابليون مرة أخرى حتى يتوسط بينها. فصاغ مرسوم الوساطة الذي قبلته جميع الفرق الكبيرة المتنازعة. لقد أنهى هذا المرسوم الجمهورية السويسرية (الهيلفتية) وأقام الفيدرالية السويسرية التي تشبه في خطوطها الأساسية ما عليه سويسرا الآن فيما عدا التزام سويسرا بالاستمرار في تقديم عدد من بنيها جميع سنة للجيش الفرنسي. ورغم هذا العبء فقد كان مرسوم الوساطة هذا دستورا جيدا(3) وأطلقت الكانتونات (الولايات) السويسرية على نابليون (معيد الحرية).

وعلى أية حال فقد كانت سويسرا رغم بهاء مناظرها تعتبر مجالاً ضيقا ليس به إلا مرح صغير وعدد قليل من القراء والمستمعين مما لا يرضي طموح المؤلفين والفنانين والفهماء الذين راحوا يبحثون عن بلاد أوسع ذوات ميدان أرحب وفرص أكبر. فمضى جوهان (يوهان) فوسلى Fussli إلى إنجلترا ليرسم، ومضى أوجسطين دي كاندول de Candolle (8771 - 4181) إلى فرنسا وقدم هناك وصفا للنباتات وتصنيفا لها. أما جوهان (يوهان) بستالوزى Pestalozzi (6471 - 7281) فبقي في سويسرا ولفت انتباه أوربا بتجاربه في حقل التعليم. وفي سنة 5081 أسس في فيردون Yverdun مدرسة داخلية لفها على وفق مبدأ أنه - على الأقل بالنسبة إلى الناشئة - لاقد يكون للأفكار معنى إلا إذا ارتبطت بأشياء حسية، وأن تعليم الأطفالقد يكون أفضل أي ذا ثمار أحسن إذا كان من خلال أنشطة جماعية. وقد جذبت المدرسة انتباه المدرسين فقدموا إليها من اثنتي عشرة دولة وأثرت في التعليم في الفترة الابتدائية في أوربا والولايات المتحدة. ووضعها فيشته في خطته لإعادة تربية الشباب وتعليمهم.

وقضى يوهان فون مولر Muller اثنين وعشرين عاما (6871 - 8081) في تأليف كتابه متعدد الأجزاء (تاريخ الاتحاد الكونفدرالي السويسري Geschichten (Schweitzerischer Eidgenossenschaft ولم يتابع السرد التاريخي إلا إلى سنة 9841 ولكنه ظل كلاسيا في جوهره وأسلوبه. ولأنه كتاب ممتاز فقد أضفى على مؤلفه لقب تاسيتوس السويسري Swiss Tacitus وقد كان لوصفه الكانتونات (الولايات) السويسرية في العصور الوسطى بشكل يجعلها مثالية، بالإضافة إلى الفوزات العسكرية أثر كبير في حمل الروح المعنوية للسويسريين. وقد استوحى شيلر Schiller من قصته ذات الطابع الأسطوري (وليم تل) الخطوط العريضة لمسرحيته الشهيرة. وفي سنة 0181 وكان قد بلغ الثامنة والخمسين بدأ ميلر Muler كتابة تاريخ عام (Vier und Zwanzig Bucher allgemeiner Geschichten). وانجذب إلى ألمانيا بسبب قرائه فعمل في خدمة الناخب (الأمير) الكاثوليكي في مينز (مينتس Mainz) وانتقل إلى العمل في خدمة المستشار الإمبراطوري في النمسا وانتهى به الأمر مديراً للتعليم في وستفاليا التي كان يحكمها وقتئذ جيروم بونابرت. وعندما توفي خطت مدام دي ستيل عنه: لا نستطيع حتى ندرك كيف من الممكن أن يمكن لرأس رجل واحد حتى يحوي مثل هذا الكم الضخم من الحقائق والتواريخ dates.. إننا إذ نفتقده نبدووكأننا افتقدنا أكثر من واحد(4).

ولا يليه في فن كتابة التاريخ سوى جان-شارل-ليونارد دي سيسموندي de Sismondi (3771 - 2481) الذي كان أحد مرافقي (وعشاق) المدام. ولد في جنيف وهرب إلى إنجلترا تخلصا من العنف الثوري ومنها إلى إيطاليا، ثم عاد إلى جنيف بعد استتباب الأمر فيها، وقابل جرمين Germaine في سنة 3081 وصحبها إلى إيطاليا وراح في وقت لاحق يتردد على صالونها بالقرب من كوبت Coppet. وفي هذه الأثناء راح يخط بشكل مدهش ومتواصل وأسهمت مجلدات كتابه تاريخ الجمهوريات الإيطالية في العصور الوسطى Histeire des republiques italienne on Moyenage (9081 - 8181) البالغة ستة عشر مجلدا في إلهام مانزوني Manzoni ومازيني Massini وكافور Cavour وغيرهم من زعماء توحيد إيطاليا. وظل طوال ثلاث وعشرين سنة (1281 - 4481) يعمل في تأليف كتابه ذي الواحد والثلاثين مجلدا (تاريخ الفرنسيين الذي ظل لفترة ينافس كتابات ميشيل Michelet فيما ناله من تقريظ.

وزار إنجلترا مرة أخرى في سنة 8181 وتأثر كثيراً بقوة اقتصادها حتى إنه خط ونشر في سنة 9181 كتابا جديرا بالملاحظة ذا طابع تنبئي (مبادئ جديدة للاقتصادي السياسي Nouveaux Principles d'economie Poiltique). لقد ساق الأدلة على حتى القضية الأساسية في الكساد الاقتصادي في إنجلترا كانت في فتور القوى الشرائية العامة مع زيادة الإنتاج زيادة سريعة نتيجة المخترعات (الحديثة)، ودلل على حتى هذا الفتور في القوى الشرائية يرجع في الأساس إلى نقص الأجور، وقد تتكرر أزمات مماثلة بسبب قلة الاستهلاك طالما بقي النظام الاقتصادي دون تغيير.

وكانت اقتراحات سيسموندي Sismondi راديكالية بشكل يثير المخاوف. فرفاهية السكان لابد حتى تكون هي الهدف الرئيسي للحكومة. ولابد من إلغاء القوانين المناهضة لاتحادات العمال. ولابد من تأمين العمال ضد البطالة، وحمايتهم من الاستغلال. ولايجب التضحية بمصالح الأمة أوالإنسان لصالح الجشع... إذ يجب حماية الأثرياء من جشعهم ورغم هذه الماركسية التي سبقت الماركسية، فقد رفض سيسموندي Sismondi الاشتراكية (التي كانت تسمي وقتئذ بالشيوعية) لأنها قد تضع السلطة السياسية الهيمنة الاقتصادية في مطال الأيدي نفسها، وقد تضحي بالحرية الفردية لصالح هيمنة الدولة فيصبح سلطانها مطلقا(5).


أعاد مؤتمر ڤيينا في 1815 تأسيس استقلال سويسرا التام ووافقت القوى الاوروبية على الاعتراف بالحياد السويسري الدائم. وحينئذ انضمت ڤاليه، نوشاتل وجنيڤ إلى سويسرا ككانتونات جديدة، وبذلك وسعوا أراضي سويسرا لآخر مرة.


سويسرا كدولة اتحادية (1848–1914)

توزيع الديانات في عام 1800 (البرتنطقي: پروتوستانت، الأخضر: كاثوليك).
خط گوتهارد في عام 1882

الحربان العالميتان (1914–45)

The major powers respected Switzerland's neutrality during الحرب العالمية الأولى, though the Grimm-Hoffmann Affair did come close into calling it into question.


وفي بداية الحرب العالمية الأولى 1914م، تبنت سويسرا سياسة الحياد المطلق، واستمرت على حيادها.

مؤتمر عصبة الأمم في جنيڤ (1926)

ولم تنضم سويسرا إلى الأمم المتحدة حتى عام 2003م، غير أنها لم تنضم إلى الاتحاد الأوربي.


بعد 1945

انظر أيضاً

  • خط زمني لتاريخ سويسرا
  • تاريخ الألپ
  • النمسا
  • تاريخ اوروپا
  • تاريخ فرنسا
  • تاريخ ألمانيا
  • History of the Grisons
  • تاريخ إيطاليا
  • تاريخ ليختنشتاين
  • تاريخ زيورخ
  • قائمة رؤساء سويسرا
  • سياسة سويسرا
  • الطوابع البريدية والتاريخ البريدي لسويسرا

الهامش

  1. ^ "سويسرا". جريدة الشرق الأوسط. Retrieved 2011-12-19. Unknown parameter |authot= ignored (help)

ترتيب انضمام الكانتونات

  • 1291 – اوري، شڤيتس، Unterwalden (انقسمت الآن إلى اوبڤالدن ونيدڤالدن)
  • 1332 – لوسرن
  • 1351 – زيورخ
  • 1352 – گلاروس, تسوگ
  • 1353 – برن
  • 1481 – Fribourg, سولوتورن
  • 1501 – Basel-Stadt, Basel-Landschaft, Schaffhausen
  • 1513 – Appenzell Außerrhoden, Appenzell Innerrhoden
  • 1803 – St. Gallen, Graubünden, Aargau, Thurgau, Ticino, Vaud
  • 1815 – Valais, Neuchâtel, جنيڤ
  • 1979 – جورا (قسم من برن)

وصلات خارجية

Wikisource has the text of the 1911 Encyclopædia Britannica article Switzerland/History.
  • History of Switzerland on swissworld.org
  • Swiss Diplomatic Documents (DDS)
  • History of Switzerland: Primary Documents
  • Swiss American Historical Society
تاريخ النشر: 2020-06-04 14:35:01
التصنيفات: Pages with citations using unsupported parameters, صفحات بها أخطاء في البرنامج النصي, صفحات تستخدم وسوم HTML غير صالحة, Commons category link from Wikidata, تاريخ سويسرا, تاريخ الشعوب الجرمانية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

مقتل 3 وإصابة 11 باقتتال عشائري بين فصائل موالية لأنقرة برأس العين

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-25 12:16:44
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 92%

"لقد رحلت".. لحظات مؤلمة لأهالٍ اكتشفوا مصير أولادهم الأسود

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-25 12:16:47
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 87%

بماذا يفكر كوشّي الذي لا يموت؟

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-25 12:16:21
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 92%

سوريا.. المتحدث باسم "قسد": تهديد تركيا بشنّ هجوم وشيك جاد

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-25 12:16:43
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 99%

الولايات المتحدة تحاول دفع روسيا نحو "إفلاس مصطنع"

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-25 12:16:17
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 97%

"عقدة أمه وكحل العين".. معلومات جديدة عن حياة سفاح مجزرة أطفال تكساس

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-25 12:16:46
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 85%

تونس.. غرق قارب مكتظ بالمهاجرين وفقدان 76 قبالة ساحل صفاقس

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-25 12:16:53
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 92%

الصين: أجرينا تدريباً عسكرياً حول تايوان لتحذير أميركا

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-25 12:16:31
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 89%

"يا أطفال يجب أن تخافوا".. منشورات مرعبة لمنفذ مجزرة تكساس

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-25 12:16:47
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 95%

أردوغان ينذر الغرب

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-25 12:16:22
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 97%

بولندا تقترح رسوما إضافية على من يشترون النفط الروسي!

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-25 12:16:18
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 99%

الخارجية الفلسطينية تدين "الجرائم الإسرائيلية" في نابلس

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-25 12:16:17
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 91%

زوجة مقاتل من كتيبة "آزوف": محتجزون بظروف مقبولة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-25 12:16:15
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 86%

الطبلة.. ملكة آلات الإيقاع الشرقية تستقطب العازفات بمصر

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-25 12:16:42
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 92%

سريان الدفء بين إسرائيل والسعودية يبدأ بنقل الجزر

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-25 12:16:23
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 96%

Guggenheim: سلاسل الإمداد ستنتقل لدول أخرى بدلا من هيمنة الصين فقط

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-25 12:16:30
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 97%

رسميا.. أرسنال يعلن تجديد عقد لاعبه المصري النني

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-25 12:16:19
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 93%

الهدف القادم للعملية الروسية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-25 12:16:22
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 94%

زيلينسكي يندد بغياب "وحدة الصف" بين الدول الغربية

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-25 12:16:30
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 100%

إسرائيل وتركيا "تفتحان فصلاً جديداً" من العلاقات

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-25 12:16:30
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 95%

تحميل تطبيق المنصة العربية